أفريقيا... «ساحة صراع على النفوذ» بين واشنطن وموسكو وبكين

أميركا اعتمدت استراتيجية جديدة تُركز على «دبلوماسية التنمية»

بلينكن لدى وصوله إلى مطار جوهانسبرغ السبت (أ.ف.ب)
بلينكن لدى وصوله إلى مطار جوهانسبرغ السبت (أ.ف.ب)
TT

أفريقيا... «ساحة صراع على النفوذ» بين واشنطن وموسكو وبكين

بلينكن لدى وصوله إلى مطار جوهانسبرغ السبت (أ.ف.ب)
بلينكن لدى وصوله إلى مطار جوهانسبرغ السبت (أ.ف.ب)

مرة أخرى تبرز أفريقيا بوصفها ساحة للصراع على النفوذ بين القوى العظمى، ممثلة في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، عبر زيارات لمسؤولي الدول الثلاث إلى القارة، بحثاً عن دعم، وحفاظاً على النفوذ في ظل تزايد حدة الصراعات الدولية تحت ما يسمى بـ«الحرب الباردة الجديدة» في أعقاب الأزمة الروسية - الأوكرانية، وبوادر الأزمة الأميركية - الصينية.
وفي إطار الصراع على النفوذ، بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، جولة أفريقية تشمل جنوب أفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، في خطوة توصف بأنها محاولة لـ«تكثيف النشاط الدبلوماسي الأميركي في القارة»، حيث إنها تتزامن مع زيارة سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، لغانا ورواندا، وتأتي في أعقاب جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في أفريقيا الشهر الماضي، والتي شملت كلاً من مصر وإثيوبيا والكونغو وأوغندا، وجولة وزير الخارجية الصيني التي شملت إريتريا وكينيا وجزر القمر بداية العام الحالي.

                                                  لافروف برفقة رئيس أوغندا بعنتيبي في 26 يوليو (أ.ب)

تأكيد على الشراكة
وبينما حاول لافروف خلال زيارته لأفريقيا حشد الدعم لبلاده في الأزمة الأوكرانية والتأكيد على «أفريقيا كشريك أساسي لموسكو»، مشيراً لـ«دور بلاده التاريخي في دعم حركات التحرر الوطني في دول القارة»، مع الحديث عن «خطط ومشروعات تعتزم موسكو تنفيذها لدفع جهود التنمية في القارة»، يأتي بلينكن بأجندة مماثلة تتضمن التأكيد على أن «الدول الأفريقية شريك أساسي في أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا، من تعزيز نظام دولي مفتوح ومستقرّ، والتطرق إلى تداعيات التغيّر المناخي وانعدام الأمن الغذائي والأوبئة العالمية، وتشكيل مستقبلنا التكنولوجي والاقتصادي»، بحسب بيان للخارجية الأميركية.
الصراع على النفوذ في القارة الأفريقية ليس جديداً، بحسب الدكتور عطية العيسوي الخبير في الشؤون الأفريقية، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الأزمة الروسية - الأوكرانية وأزمة تايوان كانت بمثابة عود الثقاب الذي أشعل الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي على أفريقيا»، مشيراً إلى أن أسباب الصراع تتلخص في «كون أفريقيا مصدراً للمواد الخام، إضافة إلى أنها سوق كبيرة لتصدير المنتجات المختلفة». ويقول العيسوي إن «أميركا وفرنسا لا تريد أن تنفرد الصين وروسيا بقارة أفريقيا، فالصراع دائم ومستمر، وإن كان يخبو في فترات، ثم يعود للواجهة مرة أخرى حسب اهتمامات الإدارة الأميركية».
تأتي زيارة بلينكن بالتزامن مع الإعلان عن استراتيجية جديدة بشأن القارة الأفريقية، كشفت عنها مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، في تقرير نشرته الجمعة، قالت فيه إن «الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى إحياء المشاركة الأميركية في جميع أنحاء القارة، والتركيز على الدبلوماسية والتنمية بدلاً من العسكرة، في إطار التنافس مع الصين وروسيا». وأوضحت أن «الاستراتيجية الجديدة تتضمن التأكيد على تعزيز الديمقراطية والحكم والأمن، والتركيز على التعافي من جائحة (كوفيد – 19). ومعالجة أزمة المناخ»، وتابعت أن «واشنطن ستغير أولوياتها في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل الأفريقي، من الدعم العسكري إلى دبلوماسية التنمية»، خاصة بعد أن «أنفقت الولايات المتحدة وشركاؤها مليارات الدولارات لدعم العمليات العسكرية ضد الجهات الإرهابية، دون أن تحقق النتائج المرجوة».
ويرجع إبراهيم إدريس، الباحث الإثيوبي المقيم في الولايات المتحدة الأميركية، الصراع بين الدول الثلاث إلى زمن الحرب الباردة بين معسكر الشرق والغرب. ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الدول الثلاث تتنافس على إيجاد مراكز قوى في عدة دول، من بينها جيبوتي وإريتريا والصومال وإثيوبيا»، مشيراً إلى أن «الصراع على الوجود العسكري يبرز بشكل رئيسي في دول القرن الأفريقي».
وتتعدد أوجه الصراع على القارة بين محاولة لفرض النفوذ العسكري عبر مجموعة من القواعد العسكرية الأجنبية المنتشرة في عدة دول أفريقية أبرزها جيبوتي، التي تضم وحدها 9 قواعد عسكرية، أو عبر التسليح، وهو مصدر قوة روسيا في القارة، أو من خلال مؤتمرات القمة الروسية - الأفريقية، والصينية - الأفريقية، أو عبر تعزيز النفوذ الاقتصادي والذي تتفوق فيه الصين. وهنا يقول العيسوي إن «الصين منذ عشر سنوات أصبحت صاحبة أعلى معدل تبادل تجاري مع القارة الأفريقية، والذي بلغ 190 مليار دولار عام 2020. إضافة إلى تغلغل الصين في تنفيذ المشروعات الاقتصادية ومشروعات البنية التحتية في مختلف دول القارة».
على الصعيد الرسمي، تحاول الولايات المتحدة الأميركية تبرير وجودها في القارة بأنه لخدمة التنمية وليس في إطار صراع مع الصين وروسيا، وهو ما أكدته سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، في تصريحات لها الأربعاء على هامش زيارتها لغانا، بقولها إن «الولايات المتحدة تركز على تقديم المساعدات لغانا وأوغندا في مواجهة أزمة الغذاء، وليس المنافسة مع الصين وروسيا».
لكن كاميرون هدسون، الخبير في العلاقات الأميركية - الأفريقية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يقول في تصريحات نشرتها «فورين بوليسي»، إنه «ينبغي الاعتراف بأن هناك منافسة خاصة مع الصين في أفريقيا، وأن واشنطن غالباً ما تكون في الطرف الخاسر».

مناطق النفوذ
وفي محاولة لتقسيم مناطق النفوذ بين الدول الثلاث، يقول العيسوي إن «الصين تتمتع بنفوذ قوي في جميع دول القارة، لأنها لا تبدي رغبة في فرض نفوذ سياسي، ولا تضع شروطاً سياسية للتعاون كما تفعل الولايات المتحدة الأميركية. من هنا نجد بكين موجودة في جميع الدول، حتى تلك التي تخضع للنفوذ الغربي مثل أنغولا، التي توجد بها قاعدة عسكرية أميركية».
أما روسيا فتعتمد في وجودها في القارة على العلاقات التاريخية، ومشاركتها في دعم حركات التحرر من الاستعمار، لذلك يتسع نفوذها في عدد كبير من الدول الأفريقية، وخاصة زيمبابوي، وأنغولا، وجنوب أفريقيا، وأفريقيا الوسطى، ونيجيريا، وحتى إثيوبيا، خاصة في أعقاب توتر العلاقات بين أديس أبابا وواشنطن على خلفية أزمة سد النهضة وتيغراي.
ويقول العيسوي إن «إثيوبيا تستخدم هذا التقارب الحالي مع روسيا وسيلة للضغط على واشنطن لرفع العقوبات، واستئناف المساعدات الأمنية»، مشيراً إلى أن «موسكو استطاعت بدعمها للدول الأفريقية تحييد هذه الدول عند التصويت على الأزمة الأوكرانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تراوحت مواقف دول القارة بين الاعتراض أو الامتناع عن التصويت ضد روسيا».
ويمتد النفوذ الأميركي في أكثر من 40 دولة أفريقية، مع اختلاف الدرجة حسب المساعدات وشدة الاتهامات التي توجهها واشنطن لأنظمة الحكم. ويقول العيسوي إن «جميع الدول الأفريقية تدرك أنه لا يمكن الاستغناء عن دور أميركا، خاصة مع سيطرتها على الجهات المانحة والعلاقات الدولية».
وتسعى واشنطن من خلال زيارة بلينكن إلى «التأكيد على أن الدول الأفريقية شريك مهم»، بحسب الباحث في معهد بروكينغز لاندري سين، الذي يقول إن «زيارة بلينكن تأتي في لحظة فريدة تتشكل فيها الضغوط الاقتصادية والصحية والجيوسياسية، ومن المرجح أن تعيد ترتيب الأولويات واتخاذ المزيد من الإجراءات، لافتة إلى أن «الزيارة تأتي بعد أيام من زيارة لافروف لأربع دول أفريقية، لتوسيع الوجود الروسي في أفريقيا، وفي أعقاب إعلان إدارة بايدن عن قمة قادة الولايات المتحدة وأفريقيا التي ستعقد في واشنطن العاصمة نهاية العام الحالي».
ويتركز الصراع في الدول ذات الاحتياطيات البترولية الكبيرة، أو التي تضم مناجم للذهب والنحاس مثل أنغولا ونيجيريا والكونغو ودول أفريقيا الوسطى، وزامبيا، وجنوب أفريقيا، إضافة إلى الدول التي تنشط فيها جماعات إرهابية مثل دول شرق أفريقيا، ودول الساحل.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
TT

ترمب يختار بوندي بعد انسحاب غايتز لوزارة العدل

صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)
صورة مركّبة لبوندي وترمب وغايتز (أ.ف.ب)

اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مساء الخميس، بام بوندي المقرّبة منه والعضوة في فريق الدفاع عنه خلال محاولة عزله الأولى عام 2020، لتولي منصب وزيرة العدل، بعد انسحاب مرشحه المثير للجدل النائب السابق مات غايتز.

وكتب الرئيس المنتخب على منصته «تروث سوشيال»، بعد ساعات قليلة على انسحاب غايتز: «يُشرفني أن أعلن اختيار المدعية العامة السابقة لفلوريدا، بام بوندي، لتكون وزيرة العدل المقبلة»، مضيفاً: «لفترة طويلة جداً، استخدمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن. ستعيد بام تركيز وزارة العدل على هدفها المقصود المتمثّل في مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مرة أخرى. لقد عرفت بام لسنوات عديدة - إنها ذكية وقوية، وهي مقاتلة في (حركة) أميركا أولاً، وستقوم بعمل رائع بصفتها وزيرة للعدل».

من هي بام بوندي؟

وفي عام 2010، أصبحت بوندي أول امرأة تُنتخب لمنصب المدعي العام لولاية فلوريدا وشغلته لفترتين، من 2011 إلى 2019، وهي تشغل مناصب قيادية في مركز التقاضي ومركز القانون والعدالة في «معهد أميركا أولاً» للسياسة الذي لعب دوراً كبيراً في المساعدة على تشكيل السياسات لإدارة ترمب المقبلة.

وتُعد من الداعمين الأساسيين لترمب منذ فترة طويلة؛ حيث دعّمت ترشيحه للرئاسة عام 2016 ضد سيناتور ولايتها ماركو روبيو. وكانت جزءاً من فريق الدفاع عن ترمب خلال محاولة عزله الأولى، التي اتُّهم فيها بالضغط على أوكرانيا لإجراء تحقيق فساد بحق جو بايدن، منافسه الرئاسي آنذاك، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها.

هيغسيث وكينيدي تحت المجهر

وكان غايتز قد أعلن، الخميس، انسحابه من الترشح لمنصب وزير العدل، بعد تصاعد الضغوط عليه، جراء أدلة بدت دامغة، تُظهر تورّطه في تجاوزات أخلاقية، كانت لجنة الأخلاقيات في مجلس النواب قد فتحت تحقيقاً فيها منذ عام 2021. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، إن «ترشيحه أصبح مصدر إلهاء». وعُد انسحاب غايتز أول ضربة سياسية لمرشحي ترمب، لشغل مناصب في إدارته المقبلة، واختبار قدرته في الدفاع عن مرشحيه من الذين يواجهون تُهماً مماثلة.

كينيدي متوسّطاً تولسي غابارد ومايك جونسون خلال عرض مصارعة حضره ترمب في نيويورك 16 نوفمبر 2024 (إيماجن)

ويواجه ترمب ضغوطاً لإعادة النظر على الأقل في ثلاثة مرشحين آخرين، هم: بيت هيغسيث لمنصب وزير الدفاع والمتهم كذلك بتجاوزات أخلاقية، وروبرت كينيدي لمنصب وزير الصحة الذي يخشى بعض الجمهوريين مواقفه المتشددة في اللقاحات، وتولسي غابارد المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، التي وصفتها نيكي هايلي المندوبة السابقة لدى الأمم المتحدة بـ«المتعاطفة مع الصينيين والإيرانيين والروس».

وحتى الآن، يُشدد الجمهوريون على دعم هيغسيث وكينيدي وغابارد. وأعلنوا استعدادهم في الوقت الحالي على الأقل، لتثبيتهم في مناصبهم، في جلسات الاستماع التي ستبدأ بعد تنصيب ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. وقال السيناتور الجمهوري، كيفن كرامر، إن ترمب بصفته «ضحية للحرب القانونية» يدرك تماماً أن الملاحقات القضائية غير عادلة، وأن غايتز والآخرين لم تتم إدانتهم بأي جرائم.

وقال السيناتور الجمهوري، جون كينيدي، إنه لن يحكم على أي من المرشحين بناءً على «الشائعات»، ويريد عقد جلسات استماع لفحص اختيارات ترمب. وقال السيناتور ماركوين مولين: «نحن نعيش في عصر يتم فيه الكشف عن ماضي الجميع، بغض النظر عن ظروفهم، ويستخلص الناس رأيهم قبل أن يكون لديهم الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة».

ارتياح جمهوري

بام بوندي تتحدّث خلال فعالية انتخابية داعمة لترمب في أغسطس 2020 (إ.ب.أ)

وعقد غايتز اجتماعات متعددة مع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، لاختبار فرصه في الحصول على تأكيد ترشحه. لكنهم أبلغوه، بمن فيهم أولئك الذين دعّموه، أنه قد يخسر على الأقل 3 أصوات جمهورية، مما قد يؤدي إلى رفض ترشحه، في ظل الأغلبية الضيقة للجمهوريين على مجلس الشيوخ الجديد.

وفور إعلانه الانسحاب، بدا العديد من أعضاء مجلس الشيوخ مرتاحين لقراره. وقالت السيناتورة الجمهورية سينثيا لوميس: «أعتقد (...) أنه شعر أن هذا سيكون مصدر إلهاء كبير، ومن الجيد أن يدرك ذلك، وأن يكون على دراية بنفسه». وقال بعض أعضاء مجلس الشيوخ إنهم يريدون رؤية تقرير لجنة الأخلاقيات بمجلس النواب الذي طال انتظاره، والذي يُفسّر بعض هذه الادعاءات.

وكان النائب الجمهوري مايكل غويست الذي يرأس اللجنة، قد رفض التعليق، قائلاً إنه «لم يكن هناك اتفاق من جانب اللجنة على إصدار التقرير». وفي الأسبوع الماضي، ضغط رئيس مجلس النواب مايك جونسون على اللجنة لعدم نشر التقرير بشأن غايتز، بحجة أن ذلك سيشكّل «خرقاً فظيعاً للبروتوكول» للقيام بذلك بعد استقالة غايتز، مما يجعله خارج اختصاص اللجنة. وحثّ جونسون النائب غويست بشكل خاص على عدم نشر النتائج.