انخفاض مخزون القمح الاستراتيجي لأكبر 8 مصدرين يهدد الأمن الغذائي العالمي

اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط»: آثار مدمرة للأزمة الروسية الأوكرانية تتزايد مع تنامي أعداد الفقراء

تخوف من استمرار تداعيات نقض الغذاء رغم الانفراجة في حركة الموانئ الأوكرانية لنقل الحبوب عالميا (رويترز)
تخوف من استمرار تداعيات نقض الغذاء رغم الانفراجة في حركة الموانئ الأوكرانية لنقل الحبوب عالميا (رويترز)
TT

انخفاض مخزون القمح الاستراتيجي لأكبر 8 مصدرين يهدد الأمن الغذائي العالمي

تخوف من استمرار تداعيات نقض الغذاء رغم الانفراجة في حركة الموانئ الأوكرانية لنقل الحبوب عالميا (رويترز)
تخوف من استمرار تداعيات نقض الغذاء رغم الانفراجة في حركة الموانئ الأوكرانية لنقل الحبوب عالميا (رويترز)

بينما تبرز بوادر انفراجة جزئية لحركة نقل الحبوب من الموانئ الأوكرانية في خضم الحرب الروسية الجارية، حذر اقتصاديون من أن الأزمة تؤثر بشكل مباشر في تصدير الدول المنتجة للقمح إلى العديد من البلاد المستوردة، في ظل احتراق العديد من الأراضي الزراعية في عدد من أنحاء العالم، مؤكدين على أن انخفاض مخزون القمح الاستراتيجي لأكبر 8 مصدرين للمنتج سيهدد الأمن الغذائي العالمي، ويوقع مجاعة عالمية في الكثير من أنحاء العالم، لا سيما دول شرق وشمال أفريقيا.
ورغم توصل روسيا وأوكرانيا، أخيراً، إلى اتفاق يسمح لسفن الشحن بنقل القمح من الموانئ الأوكرانية إلى بقية دول العالم، الذي يراه مراقبون للأمم المتحدة أنه سيستغرق عدة أسابيع لتحرك البواخر من موانئ البحر الأسود، فإن الظرف القائم لا يغير من واقع المستقبل غير المطمئن للأمن الغذائي العالمي.
وأوضح الدكتور خالد رمضان، رئيس المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحرب الروسية الأوكرانية فاقمت أزمة ثلاثية الأبعاد؛ أزمة غذاء وأزمة طاقة وأزمة اقتصاد، مبيناً أن هذا الأمر ستكون له آثار مدمرة على الأمن الغذائي وتنامي أعداد الفقراء.
وتوقع رمضان، انخفاض مخزون القمح الاستراتيجي لدى أكبر ثمانية مصدرين بنهاية الموسم الحالي إلى أدنى مستوى في تسعة أعوام، مرجحاً انكماش عرض الحبوب القابل للتصدير نسبياً على المدى المتوسط، وبرأيه الأمر نفسه ينسحب على الكثير من المنتجات الزراعية كالزيوت واليوريا، وبالتالي فإن فرص بقاء التضخم القياسي لفترات أطول تتزايد.
وبين رمضان، أن روسيا تتزعم الدول المصدرة للقمح في العالم بنحو 37.3 مليون طن، تليها الولايات المتحدة بـ26.1 مليون طن، فيما تأتي كندا في المركز الثالث بـ26.1 مليون طن، تليها فرنسا في المركز الرابع بـ19.8 مليون طن، وفي المركز الخامس تحل أوكرانيا بـ18.1 مليون طن، أما المركز السادس فمن نصيب أستراليا بـ10.4 مليون طن، بينما تجيء الأرجنتين في المركز السابع بـ10.2 مليون طن، وتحتل ألمانيا المركز الثامن بنحو 9.3 مليون طن، وفي المركز التاسع تأتي كازاخستان بـ5.1 مليون طن، وفي المركز العاشر بولندا بـ4.6 مليون طن.
وحذر رمضان من أن جائحة مجاعة تهدد دول شمال وشرق أفريقيا بسبب انكشافها المفرط على الصادرات الغذائية المقبلة من روسيا وأوكرانيا؛ الجهتين الفاعلتين الأبرز في إنتاج مواد غذائية أساسية، مشدداً على الدول أن تسعى مع شركائها التجاريين إلى تعزيز القدرة على الصمود عبر ثلاث ركائز، تشمل التخفيف من حدة الاضطرابات التي تواجهها الأسواق الزراعية.
وتشمل أيضاً، وفق رمضان، ضمان حصول البلدان الأكثر تأثراً بتبعات الحرب على المنتجات الزراعية بأسعار معقولة، وتعزيز القدرات الزراعية على نحو مستدام، وهذه تحتاج إلى سياسات إصلاحية مستقبلية في القطاع الزراعي، لافتاً إلى أن ما حدث سلط الضوء على إشكالية إهمال الزراعة على مدار عقود، التي أدت في الأخير إلى عدم تحقيق اكتفاء ذاتي.
من ناحيته، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز «الشروق للدراسات الاقتصادية» بجازان بالسعودية، أن الأزمة الروسية الأوكرانية عقدت المشهد الاقتصادي، وأصبحت ضبابية مستقبله الأكثر رجوحاً، مشيراً إلى أن هناك أزمات سابقة أسهمت في فجوة اقتصادية، أتت في مقدمتها جائحة «كورونا»، التي سبقتها كوارث طبيعية قضت على الكثير من المناطق الزراعية المنتجة للحبوب والقمح.
ولفت باعشن إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية صعبت حركة الصادر من الدول المنتجة للحبوب والمنتجات الغذائية والحبوب، خصوصاً القمح، إلى الدول المستوردة، خصوصاً دول شمال وشرق أفريقيا، فضلاً عن دول أخرى في مناطق متفرقة من العالم، مشيراً إلى أن عدم اليقين بموعد محدد لانتهاء الحرب الروسية الأوكرانية بجانب الكوارث الطبيعية الأخرى في عدد من البلدان، تنذر بوقوع مجاعة عالمية ستمتد إلى رقعة واسعة من العالم.
وشدد باعشن على ضرورة أن تنتبه المنظمات الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة ذات العلاقة بالأمن الغذائي والمساعدات الإنسانية لواقع يرسم صورة قاتمة لحصول فجوة غذائية ستودي بحياة الملايين من البشر، في حال لم يتم احتواء الأزمة الروسية الأوكرانية، مؤكداً على أهمية تبني وإطلاق برامج ومبادرات تؤمن المخزون الاستراتيجي للحبوب والقمح، مع وضع خطط بديلة تعزز التنمية المستدامة.
في المقابل، اتفق باعشن مع رمضان في أن الحكومة السعودية تطرح أفكاراً ومبادرات من شأنها الإسهام بقوة في تعزيز الأمن الغذائي سعودياً وتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث عددا مزايا النموذج السعودي المتميز في تعزيز الأمن الغذائي، الذي انتهج جملة من السياسات الفاعلة، من بينها تنويع مصادر الاستيراد، والاستثمار في تقنيات إنتاج المحاصيل في المناطق الجافة، والاستثمار في القطاع الزراعي في بلدان أخرى مثل السودان وإثيوبيا.
وشددا على أهمية تشجيع المزارعين وتقوية القطاع في محافظات المملكة المختلفة، بهدف بناء احتياطات غذائية لحمايتها من آثار الأزمات المستقبلية، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار النفط مكن السعودية من امتصاص الزيادات الكبيرة في أسعار الغذاء وحماية مواطنيها من خطر انعدام الأمن الغذائي.


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
يوميات الشرق النظام الغذائي النباتي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية (جامعة كولومبيا)

التحول للنظام النباتي يوفر 650 دولاراً للفرد سنوياً

أظهرت دراسة أميركية أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يمكن أن يخفض تكاليف الطعام للفرد بنسبة 19%، أي ما يعادل 1.80 دولار يومياً أو نحو 650 دولاراً سنويا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أفريقيا أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفاد تقرير بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا )

الذهب يتراجع 3 % على خلفية تقارير عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
TT

الذهب يتراجع 3 % على خلفية تقارير عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»

سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)
سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب بسيول لدى كوريا الجنوبية (رويترز)

انخفضت أسعار الذهب بنحو 3 في المائة يوم الاثنين، كاسرةً بذلك موجة صعود استمرّت خمس جلسات إلى أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع؛ إذ أدت التقارير التي أفادت باقتراب إسرائيل من وقف إطلاق النار مع «حزب الله»، إلى جانب ترشيح الرئيس المنتخب دونالد ترمب لسكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية؛ إلى توتر جاذبية المعدن النفيس بوصفه ملاذاً آمناً.

وانخفض الذهب الفوري بنسبة 3 في المائة تقريباً إلى 2634.78 دولار للأونصة بحلول الساعة 10:25 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15:25 بتوقيت غرينتش)، وهو أكبر انخفاض يومي بالنسبة المئوية منذ السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

وبينما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 2.8 في المائة إلى 2636.50 دولار، كانت أسعار الذهب مهيّأة لعمليات بيع بسبب استنفاد عمليات الشراء بعد ارتفاع الأسبوع الماضي.

وقال استراتيجي السلع لدى «تي دي سيكيوريتيز»، دانيال غالي، إن ترشيح سكوت بيسنت وزيراً للخزانة الأميركية قد أزال بعضاً من علاوة المخاطر المرتبطة بالولايات المتحدة. وأضاف: «الأكثر من ذلك، دفعت التقارير التي تفيد بأن إسرائيل ولبنان قد اتفقا على شروط اتفاق لإنهاء الصراع بين إسرائيل و(حزب الله) أسعار الذهب إلى مزيد من الانخفاض».

وقال المحلل في «يو بي إس»، جيوفاني ستاونوفو، إن بعض المتعاملين في السوق يرون أن بيسنت أقل سلبية في حال نشوب حرب تجارية. وسجلت السبائك أعلى مستوى لها منذ 6 نوفمبر في التعاملات الآسيوية المبكرة بعد الارتفاع الأسبوعي الذي سجّلته الأسبوع الماضي بنسبة 6 في المائة تقريباً، وهو أفضل مستوى لها منذ مارس (آذار) 2023، مدفوعة بتصاعد التوترات في الصراع الروسي - الأوكراني.

ويستعد المتداولون أيضاً لأسبوع محوري؛ إذ من المتوقع أن يقدّم محضر اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» في نوفمبر، ومراجعات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وبيانات نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية؛ رؤى حول توقعات سياسة «البنك المركزي». وقال نائب الرئيس، كبير استراتيجيي المعادن في شركة «زانر» للمعادن، بيتر غرانت: «ما زلت أتوقع خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول)، لكن المتحدثين الأخيرين في مجلس (الاحتياطي الفيدرالي) اتخذوا نبرة أكثر حذراً مع اقتراب عام 2025، مما قد يشكّل رياحاً معاكسة للذهب».

وانخفضت الفضة الفورية بنسبة 3.1 في المائة إلى 30.34 دولار للأونصة. وانخفض البلاتين بنسبة 1.8 في المائة إلى 946.40 دولار. كما انخفض البلاديوم بنسبة 2.3 في المائة إلى 985.75 دولار.