حيوانات غريبة تظهر في أهوار جنوب العراق مع تفاقم أزمة المياه

بينها ما يسميه السكان المحليون «داعش» بسبب سلوكه العدائي

{داعش الأهوار} يمسك به أحد سكان أهوار الناصرية ({الشرق الأوسط})
{داعش الأهوار} يمسك به أحد سكان أهوار الناصرية ({الشرق الأوسط})
TT

حيوانات غريبة تظهر في أهوار جنوب العراق مع تفاقم أزمة المياه

{داعش الأهوار} يمسك به أحد سكان أهوار الناصرية ({الشرق الأوسط})
{داعش الأهوار} يمسك به أحد سكان أهوار الناصرية ({الشرق الأوسط})

لم يكن في بال فالح حسن، الشاب في العقد الثالث من العمر، أن يلتقي يوما بـ«داعش»، وخصوصا أنه مصاب بإعاقة تمنعه من حمل السلاح والقتال ولكونه أحد سكان أهوار جنوب العراق (في مدينة القرنة شمال البصرة) البعيدة عن أماكن نفوذ هذا التنظيم، لكنها تحت رحمة سدود الأنبار التي يتلاعب التنظيم المتطرف ببعض سدودها.
لكن شاء القدر أن يكون هذا اللقاء في منطقة الأهوار حيث كان خارجا في رحلة صيد حين التقى بأحد عناصر هذا التنظيم. هذا العنصر لم يكن بشرا، وإنما كان حيوانا غريبا ظهر إلى العلن مزعجا الحاضرين بأسلوب عدائي، الأمر الذي دفع أهالي الأهوار إلى تسميته بـ«داعش الأهوار». هذا الحيوان يعرف شعبيا بـ«الراضوع»، وهو يشبه إلى حد ما التمساح لكن بحجم أصغر.
هذا الحيوان وغيره ظهر مؤخرا بعد تراجع الإطلاقات المائية المتوجهة من الأنهر إلى أهوار جنوب العراق، الأمر الذي يهدد بكارثة بيئية، إذ حذر محافظ ذي قار يحيى الناصري، إحدى محافظات جنوب العراق التي تضم الأهوار، من استمرار مشكلة شح المياه وجفاف مناطق الأهوار على مشروع ضم هذه المناطق إلى لائحة التراث العالمي.
وقال الناصري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المحافظة بانتظار وفد من منظمة اليونيسكو نهاية العام الحالي في إطار الإشراف والتقييم لمناطق الأهوار ضمن هذا المشروع العالمي، إلا أن حجم الأضرار التي تتعرض لها هذه المحافظات يهدد المشروع بالكامل، الأمر الذي سيسبب خسارة كبيرة للمحافظة لأن الأهوار من المناطق المعروفة عالميا وتعول عليها المحافظة كثيرا في تطوير القطاع السياحي». وبين أن «المحافظة تعاني زيادة كبيرة في نسبة الأملاح ضمن حوض نهر الفرات المغذي لمناطق الأهوار، ما أدى إلى هلاك خطير في التنوع الأحيائي وتفشي الأمراض الجلدية بين الموطنين».
وكانت مناطق أهوار جنوب العراق في محافظات البصرة وذي قار وميسان خلال العقدين السادس والسابع من القرن الماضي محط أنظار مئات السياح العرب والأجانب، إذ قام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بتأمين المنطقة وشق الطرق إليها ونصب محطات تعقيم المياه وبناء المراكز الصحية والقرى السياحية، إلا أن الواقع السياحي في الأهوار تدهور جراء الحرب العراقية - الإيرانية، لينهار بالكامل خلال عقد التسعينات بعد تجفيف الأهوار، ليستمر الحال حتى يومنا هذا.
بدوره، حذر بديع لبنان، قائمقام قضاء الجبايش التابع لمحافظة ذي قار ويضم أهوار الجبايش، من هلاك أكثر من 27 ألف رأس من الجاموس على خلفية الأزمة المائية التي تتعرض لها الأهوار. وقال لبنان إن «مربي هذه الحيوانات بدأوا بنزوح إلى مناطق أخرى، وخصوصا القريبة من نهر دجلة باتجاه محافظة ميسان بعد شح مياه الفرات». وبين أن «استمرار هذا الأمر يهدد بكارثة بيئة في المنطقة التي عادت إلى الحياة بعد عام 2003، إلا أن قلة المياه قد تجعلها صحراوية مجددا».
يذكر أن مساحة الأهوار (جنوب العراق) كانت تبلغ قبل عام 1991 ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف كيلومتر مربع قبل تجفيفها، لكن مساحتها تقلصت إلى نحو عُشر حجمها السابق، ثم عادت إليها الحياة بعض الشيء بعد عام 2003.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».