وسط حالة من الترقب والقلق، أعلنت وزارة التربية والتعليم المصرية، السبت، نتيجة الثانوية العامة، بنسبة نجاح وصلت إلى 75.04 في المائة، حسب الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري، في مؤتمر صحافي.
وصلت أعلى نتائج الثانوية العامة لهذا العام إلى 407 درجات، وحققها طالب في شعبة العلوم الرياضية، بينما حصل الأول على الشعبة العلمية على 402 درجة، أما أعلى نتيجة في الشعبة الأدبية فجاءت بـ387 درجة.
للعام الثالث على التوالي تودع نتيجة الثانوية العامة في مصر مجموع الـ100 في المائة، وقال وزير التربية والتعليم المصري: «لم يحصل أي طالب على 100 في المائة في نتيجة الثانوية العامة لهذا العام، وإن اقتربت بعض النتائج من هذه النسبة». وأضاف أن «الطالب الذي حصل على نتيجة تبدأ من 70 في المائة إلى ما هو أعلى من ذلك، تعتبر نتيجته جيدة جداً».
حديث «شوقي» يعكس استراتيجية اتبعتها وزارة التعليم المصرية، تزامنت مع نظام الثانوية العامة الجديد الذي بدأ تطبيقه منذ ثلاث سنوات، استهدفت قياس مستوى الطالب بطريقة «أكثر واقعية وعدالة»، وشملت هذه الاستراتيجية تغيير نظام الامتحانات، ونماذج الأسئلة، وكذلك تفعيل امتحانات القدرات على نحو أكثر تأثيراً، حتى باتت أساسية لتأهيل الطلاب للالتحاق بالجامعة.
من جانبه يقول الدكتور كمال مغيث، خبير وباحث تربوي، إنه «من غير المنطقي أن يحصل طالب على مجموعة 100 في المائة إلا في حالات استثنائية لا يمكن تضمينها في قاعدة، هذا عهد انتهى في مصر، وأي نظام تعليمي يسمح بذلك هو نظام تعسفي»، ويضيف: «في أوائل الألفية، أدخلت وزارة التربية والتعليم في مصر نظام التحسين، ما يعني إعطاء أكثر من فرصة للطالب لدخول الامتحانات ورفع النتيجة، في تلك الفترة باتت نتيجة الـ100 في المائة مألوفة، بل وتخطى بعض الطلاب هذا الرقم وحصلوا على مجاميع أعلى من المائة في المائة»، وهو ما اعتبره «مشهداً هزلياً لا يعبر عن القدرات الحقيقية للطلاب وقتذاك»، لأن هذه الاستراتيجية وضعت مصر في مقارنات مع دول متقدمة للغاية في النظام التعليمي، على غرار اليابان، ولكن بصورة يمكن وصفها بـ«الخادعة وغير الواقعية، بينما الآن نحن أمام نموذج يتبع طريقة المنحنى الجرسي الذي لا يسمح بنتيجة الـ100 في المائة على الإطلاق»، على حد قوله.
ويشير «مغيث» إلى محور رئيسي دفع إلى تغيير النظام التعليمي في مصر، ويقول: «حصول الطلاب على نتائج مبالغ فيها يسبب ضغطاً غير مُجدٍ على الجامعات، لأن الدولة عليها أن تلتزم بتوفير مكان في الكليات الأكثر طلباً لجميع الطلاب الذين حققوا نتائج مرتفعة، وهذا غير واقعي، بينما النموذج الأفضل هو تنقية الطلاب من خلال امتحانات تتبع النموذج الجرسي، ما يعني أن الراسبين أقلية والمتفوقين أيضاً أقلية، بينما القاعدة العريضة تشمل الطلاب المتوسطين، هكذا تتحقق عدالة قياس القدرات».
كشفت إحصائيات وزارة التربية والتعليم، لنتائج الثانوية العامة للعام الماضي 2020 – 2021 حسب بيان للوزارة نشر في الصحف المصرية منتصف أغسطس (آب) الماضي، أن الحاصلين على مجموع يتراوح بين 95 في المائة إلى أقل من 100 في المائة، لا تتجاوز نسبتهم 0.49 في المائة من مجموع الطلبة، في حين أن الحاصلين على مجموع يتراوح ما بين 85 في المائة إلى أقل من 90 في المائة بلغت نسبتهم 6.86 في المائة، من الطلاب، أما الغالبية العظمى فحصلوا على مجموع يتراوح من 60 في المائة إلى أقل من 65 في المائة.
في مقارنة بالأنظمة الدولية، يرى الدكتور مصطفى النشار، العميد الأسبق لكليتي التربية ورياض الأطفال بجامعة القاهرة، أنه لا يوجد في العالم نظام تربوي يدعم فكر حصول الطلاب على 100 في المائة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من غير المتوقع ألا يخطئ الطالب، ولو حتى لغوياً، وما كان يحدث في السابق هو ما يقع تحت بند الخطأ، كان هناك خلل، إما في وضع الامتحانات، وربما التصحيح».
ويضيف: «النتائج المبالغ فيها تشكل ضغطاً على الطالب، يدفعه لطريقة الحفظ ولا يهتم بالاستيعاب، ولا يوفر مساحة للإبداع والإضافة، مصر بحاجة لمبدعين ومبتكرين». وينصح النشار، أولياء الأمور بأن «يهضموا التغيرات التي نعيشها، فلا ضرورة أن يحصل جميع الطلاب على نتائج مرتفعة، نحن نحتاج إلى تطوير المنظومة التعليمية في مصر، لتسمح بقياس قدرات الطلاب على نحو عادل».
مصر: هل انتهى عهد الـ100 % في الثانوية العامة؟
مصر: هل انتهى عهد الـ100 % في الثانوية العامة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة