مصر تتوسط لوقف الحرب على غزة

بعد إطلاق إسرائيل غاراتها الحربية على قطاع غزة (بعد ظهر الجمعة)، واغتيالها عشرة مسؤولين عسكريين من حركة «الجهاد الإسلامي»، بينهم قائد القوات في الشمال، تيسير الجعبري، وقائد وحدة الصواريخ، عبد الله قدوم، استأنفت مصر مساعي الوساطة لوقفها.
وفي الوقت نفسه، بعثت إسرائيل برسالة إلى حركة «حماس» في القطاع و«حزب الله» في لبنان، تدعوهما للامتناع عن الانضمام إلى الحرب وهددتهما برد شديد يوسع العمليات الحربية أكثر.
وكان الجيش الإسرائيلي قد انطلق في عمليته الحربية بادعاء أن «الجهاد الإسلامي» كان يستعد لإطلاق صواريخ على البلدات الإسرائيلية بشكل مؤكد، وغالى بمطالبه بأن يتم إطلاق سراح قائد التنظيم في الضفة الغربية، بسام السعدي، وإطلاق سراح أسير مضرب عن الطعام.
وتبين أن إسرائيل كانت تفاوض الوسيط المصري وفي الوقت ذاته تعد لعملية حربية جديدة، وتضع قائمة أهداف تابعة لـ«الجهاد» لضربها. وقررت إطلاق اسم عليها بالعبرية «علوت شاحر» (بزوغ السحر) واسم آخر بالعربية «الفجر الصادق».
وأعربت أوساط في قيادة الجيش الإسرائيلي عن تقديرها بأن هذه العملية ستستغرق من ثلاثة لأربعة أيام، في حال عدم انضمام «حماس» إليها. ولكن الجيش أعلن عن حالة طوارئ في البلدات الإسرائيلية ليوم واحد فقط، حتى مساء السبت.
وبضمن الطوارئ، نصب بطاريات القبة الحديدية المضادة للصواريخ حول مدينة القدس ومدن الوسط، قرب تل أبيب. وفي مطار بن غوريون، تقرر حرف مسار الطائرات الإسرائيلية نحو الشمال والشرق. وأغلقت جميع الشواطئ في الجنوب. وفي بلدات غلاف قطاع غزة، طلبت قوى جبهة الطوارئ من المواطنين البقاء بالقرب من الملاجئ لدخولها في حال إطلاق صواريخ من قطاع غزة، أو مغادرة البلدات إلى مناطق أبعد.
وقالت مصادر إسرائيلية إن «حماس» أبلغت الوسيط المصري بأنها ليست معنية بالانضمام إلى الحرب. لكن تل أبيب تحاول تثبيت هذا الموقف، فهددت «حماس» بالقول إن «لدى القوات الإسرائيلية بنك أهداف واسعاً في قطاع غزة، ولن تتردد في توسيعه أكثر في حال انضمامها لتطال أهداف حماس». وأكد مراقبون أن القرار حول حجم الحرب الآن بيد «حماس». وحسب قول مصدر سياسي رفيع المستوى، للمراسل العسكري للقناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، فإن «إسرائيل تفصل بين حماس والجهاد وتعد حماس مسؤولاً عن القطاع. ولا تمس به. وكل الأهداف التي تمت إصابتها حتى الآن تقتصر على الجهاد. فإذا لم تنضم إليها حماس، فإنها ستكون خارج الأهداف».
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لبيد، ووزير الدفاع، بيني غانتس، يحاولان الإفادة من هذه العملية لأقصى الحدود في معركتهما الانتخابية. ومع أنهما يؤكدان أنهما غير معنيين بحرب، فإن اختيار سياسة تشدد في التعاطي مع موقف «الجهاد» جاء ليصب في رصيدهما السياسي. والأمر مهم لهما، لأن منافسهما بنيامين نتنياهو يدير حملة دعاية ضدهما بأنهما لا يصلحان لقيادة إسرائيل في الملمات. وهذا بالضبط ما يريدان الرد عليه. وقد لوحظ هذا بشكل خاص، عندما حضر كلاهما إلى مقر قيادة أركان الجيش في تل أبيب وترأسا جلسة تقييم للأوضاع. وعادا إلى التهديد بتشديد الضربات وتوسيعها. وسربا إلى الصحافة بأن لبيد لم يجد حاجة لجمع المجلس الوزاري الأمني المصغر (كابينت). واتخذ القرار بنفسه بالتشاور مع الوزير غانتس وقادة الأجهزة الأمنية.
ولكن الخبراء الإسرائيليين يحذرون من تقديرات متفائلة، وربما متغطرسة زيادة على الحد. فيقولون إن هذه العمليات يمكن أن تنعطف إلى اتجاهات مغايرة وتنقلب الأمور ضد لبيد وغانتس. ففي حال وصول صواريخ إلى تل أبيب أو القدس وسقوط قتلى وجرحى، أو في حال انضمام «حزب الله» و«حماس» إلى الحرب، فإن الجيش سيضطر لإعطاء تفسيرات وغانتس ولبيد سيدفعان ثمناً باهظاً.