أزمة توظيف «مركبة» في بريطانيا

ذكرت شركات توظيف في بريطانيا أن معدلات التوظيف في البلاد تراجعت إلى أدنى معدلاتها خلال 17 شهراً، مع اتجاه أصحاب الأعمال إلى توخي الحذر بشأن الآفاق الاقتصادية.
وذكر اتحاد التوظيف والعمل وشركة «كيه بي إم جي» للاستشارات الإدارية، أن معدلات الطلب على العمالة الدائمة والمؤقتة استمرت في التباطؤ، وتراجعت فرص العمل الجديدة إلى أدنى معدلاتها خلال 16 شهراً. وفي ظل التوقعات بشأن ارتفاع التضخم إلى أكثر من 10 في المائة في وقت لاحق هذا العام، تشعر الشركات بقلق متزايد بشأن المستقبل، كما أن ارتفاع التكاليف يلقي بظلاله على سلوكيات المستهلكين، ويرفع مخاطر الركود الاقتصادي خلال العام الجاري.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن كلير وارنرز، رئيس قسم التعليم والمهارات والإنتاجية لدى شركة «كيه بي إم جي»، قولها إنه «بالنظر إلى تحديات الآفاق الاقتصادية، فإن أصحاب العمل يشعرون بالتردد حيال خطط التوظيف». وأضافت أن «نقص المرشحين المناسبين لشغل الوظائف وتراجع المهارات في معظم القطاعات بشكل عام يؤدي إلى ارتفاع الرواتب المبدئية».
وفي غضون ذلك، أعرب محافظ البنك المركزي البريطاني أندرو بايلي، يوم الجمعة، عن مخاوفه من أن معدل التضخم في البلاد يرتفع لأن الشركات تجد صعوبة في توظيف العمالة التي تحتاج إليها وتشعر بضرورة رفع الأسعار.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لتوضيح أسباب قيام بنك إنجلترا برفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى معدلاتها خلال 27 عاماً، قال بايلي إنه يتعين على صناع السياسة العمل لمنع دوامة الزيادة في الرواتب والأسعار من تأجيج التضخم، الذي ينمو بأسرع معدلاته خلال أربعة عقود، ومن المتوقع أن يرتفع بأكثر من 13 في المائة في وقت لاحق هذا العام.
ونقلت «بلومبرغ» عن بايلي قوله: «الخطر الحقيقي الذي نتعامل معه هو أن التضخم قد ترسخ، ولا ينخفض بالشكل الذي نتوقعه». وأضاف: «نشهد انكماشاً في قوة العمل، وأتحدث كثيراً إلى الشركات، وأول شيء تريد الحديث بشأنه هو صعوبة التوظيف، وهذه المشكلة ما زالت مستمرة، وتقول الشركات أيضاً إنها في الواقع لا تجد صعوبة في الوقت الحالي في رفع الأسعار... ولا يمكن لهذا الأمر أن يستمر».
وارتفع عدد الشركات البريطانية التي تواجه خطر الانهيار بأكثر من الثلث خلال الربع الثالث من العام الحالي، مع استمرار تآكل هوامش الأرباح نتيجة ارتفاع معدل التضخم.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن تقرير اقتصادي، القول إن نحو 2000 شركة تواجه أوضاعاً مالية حرجة، حتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، بزيادة نسبتها 37 في المائة على الفترة نفسها من العام الماضي، مضيفة أن هذه الزيادة تعود أيضاً إلى تلاشي تأثيرات برامج الدعم الحكومي بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، في الوقت الذي تتزايد فيه قضايا الإفلاس التي تنظرها المحاكم.
كما ارتفع عدد الشركات التي قدمت طلبات إشهار إفلاس في إنجلترا وويلز خلال الربع الثاني من العام الحالي، إلى أعلى مستوياته منذ عام 2009، بحسب بيانات هيئة الإفلاس البريطانية الصادرة يوم الثلاثاء الماضي. ومن المتوقع استمرار تدهور الموقف في ظل توقعات بنك إنجلترا المركزي دخول الاقتصاد البريطاني دائرة الركود خلال الربع الأخير من العام الحالي مع وصول معدل التضخم إلى أكثر من 13 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
أما على مستوى المستهلكين، فقد تجاوزت تقديرات سقف أسعار الطاقة للأسر في بريطانيا 4 آلاف جنيه إسترليني (4860 دولاراً)، للمرة الأولى؛ حيث حذر بنك إنجلترا المركزي من أن البلاد تمضي نحو أكثر من عام من الركود تحت وطأة تصاعد حدة التضخم.
وذكرت «بلومبرغ» يوم الخميس، نقلاً عن مصرف «انفستيك بنك»، أن سقف رسوم الطاقة غير المسددة، يمكن أن يقفز إلى 4210 جنيهات إسترلينية في السنة، في يناير (كانون الثاني) المقبل، أي أكثر من ضعف المستوى الآن.
وتمثل هذه التوقعات قراءة متشائمة للكثير من الأسر التي تكافح بالفعل من أجل سداد فواتير قياسية، ولم تدخل في أجواء البرد بعد. وقالت هيئة تنظيم الطاقة «أوفجيم»، إن سقف الأسعار سيتم تعديله فصلياً بدلاً من مرتين في العام من أجل التكيف بشكل أفضل لتقلبات السوق.