إيرادات السعودية تقفز 50 % في النصف الأول بفائض 36 مليار دولار

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: مستويات نمو القطاع غير النفطي تعزز دفع ارتفاع العائدات في الميزانية

الميزانية السعودية الفعلية تسجل نمواً 49 في المائة لأدائها عن نصف العام الجاري (الشرق الأوسط)
الميزانية السعودية الفعلية تسجل نمواً 49 في المائة لأدائها عن نصف العام الجاري (الشرق الأوسط)
TT

إيرادات السعودية تقفز 50 % في النصف الأول بفائض 36 مليار دولار

الميزانية السعودية الفعلية تسجل نمواً 49 في المائة لأدائها عن نصف العام الجاري (الشرق الأوسط)
الميزانية السعودية الفعلية تسجل نمواً 49 في المائة لأدائها عن نصف العام الجاري (الشرق الأوسط)

في أداء تخطت به كامل مستهدف فائض الموازنة التقديرية للعام الجاري 2022، أفصحت وزارة المالية السعودية أمس (الخميس)، عن قفزة في أداء أعمال مالية البلاد بزيادة محققة في الإيرادات لامست 50 في المائة خلال النصف الأول للعام الجاري، مشيرة إلى أن عائدات الربع الثاني سجلت نمواً بالنسبة ذاتها تقريباً (49 في المائة) بالمقارنة مع الربع الأول من العام الجاري، وسط دعم واضح من عوائد النفط المتصاعدة في وقت يواصل فيه القطاع غير النفطي المساهمة البارزة في أداء الميزانية.

- نفطي وغير نفطي
وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن أسعار الطاقة والقطاع غير النفطي تمكنت من دعم الميزانية العامة للسعودية، نظراً لنجاح خططها المتركزة في تنويع المصادر والإصلاحات المالية التي تقودها البلاد منذ أعوام، مبينين أن الأرقام تبرهن قوة الاقتصاد السعودي الذي يشهد ارتفاعاً رغم تأثر اقتصادات كبرى بلدان العالم نتيجة للأزمات المتتالية الأخيرة أبرزها جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

- إيرادات ربعية
وشهد أداء الميزانية خلال الربع الثاني من العام الجاري إيرادات تجاوزت الـ370.3 مليار ريال (98.7 مليار دولار) وحجم مصروفات بقيمة 292.4 مليار ريال (77.9 مليار دولار)، في حين شهدت الميزانية لهذه الفترة فائضاً يتجاوز 77.9 مليار ريال (20.7 مليار دولار).

- الأداء النصفي
وبالنسبة لأداء الميزانية السعودية الفعلية عن نصف العام، سجلت العائدات فائض ميزانية قوامه 135.3 مليار ريال (36 مليار دولار)، مع حجم الإيرادات المحققة التي وصلت 648.3 مليار ريال (172.8 مليار دولار) في هذه الفترة، مقابل المصروفات التي تجاوزت 512.9 مليار ريال (136.7 مليار دولار).
ووفقاً للميزانية، فقد بلغت الإيرادات النفطية خلال النصف الأول من العام الحالي 434 مليار ريال (115 مليار دولار) مقارنة بالفترة ذاتها من 2021 الذي وصل فيه إجمالي الإيرادات إلى 248.7 مليار ريال (66.3 مليار دولار)، أي بارتفاع ما نسبته 75 في المائة، في حين وصلت الإيرادات غير النفطية في النصف الأول من العام الجاري إلى 214.2 مليار ريال (57.1 مليار دولار) قياساً بالفترة نفسها من العام المنصرم 204 مليارات ريال (54.4 مليار دولار) بارتفاع يمثل 5 في المائة.

- تجاوز الفائض
وحملت الميزانية النصفية المعلنة أمس، مؤشراً إيجابياً للغاية حول أداء المالية العامة في السعودية، حينما تخطت الفوائض المحققة خلال الشهور الـ6 الأولى من العام الجاري البالغ 36 مليار دولار، كامل التقديرات الحكومية المسبقة عن فائض عام 2022 التي قدرتها بـ24 مليار دولار.
وكانت الحكومة السعودية، قدرت موازنة بإجمالي إيرادات تتجاوز تريليون ريالاً وتحديداً 1.045 تريليون ريال (278.6 مليار دولار)، مقابل إجمالي مصروفات مقدرة بنحو 955 مليار ريال (254.6 مليار دولار)، بفائض مقدر بنحو 90 مليار ريال (24 مليار دولار).

- ضبط المالية
من جانبه، قال الدكتور عبد الله بن ربيعان، الأكاديمي والمستشار الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، إن أداء الميزانية العامة السعودية خلال الربع الثاني والنصف الأول من العام الجاري ممتازة نتيجة للإجراءات المتخذة للحد من الهدر المالي، مبيناً أن هذه النتائج جاءت في وقت يعيش الاقتصاد العالمي أزمة وضعفاً في النمو مما انعكس على أداء تلك البلدان مالياً.
وأوضح الدكتور بن ربيعان، أن القطاع غير النفطي شهد تحركاً جيداً بنسبة ارتفاع 5 في المائة، وهذا يؤكد نجاح المملكة في الإصلاحات الاقتصادية وتنوع مصادر الدخل بحسب ما خطط لها في رؤية 2030.
وأضاف الأكاديمي والمستشار الاقتصادي، أن تسجيل الفائض في الميزانية خلال النصف الأول من العام الحالي لأكثر من 135.3 مليار ريال، يعتبر محفزاً للحكومة لكي تمضي في برامجها الإصلاحية وتحصيل إيرادات تتناسب مع تطلعات البلاد في المرحلة المقبلة.

- الفائض دلالة
من ناحيته، ذكر أحمد الشهري، الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أن ارتفاع فائض الميزانية يؤكد أن الحكومة السعودية نجحت في الإصلاحات المالية التي انعكست على اقتصادها، في وقت يعاني فيه معظم بلدان العالم من الركود في اقتصاداتها.
وتابع أحمد الشهري، أن خطط الحكومة السعودية في تنويع مصادر الدخل انعكست على أداء القطاع غير النفطي الذي شهد ارتفاعاً نسبته 5 في المائة خلال النصف الأول من العام الجاري، رغم الأزمة العالمية في الصناعة وسلاسل الإمداد، إلا أن المملكة استطاعت أن تجد البدائل الجيدة للاستمرار في الاتجاه الصحيح.
وزاد الشهري، أن الحكومة استطاعت تنمية إيراداتها وفي الوقت ذاته رفعت من حجم مصروفاتها الفعلية خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 10 في المائة، وذلك لتنفيذ مشاريعها العملاقة وضمان عدم عرقلتها في المرحلة المقبلة لكي تعود على اقتصاد البلاد وتنفيذ خطط وبرامج رؤيتها 2030.


مقالات ذات صلة

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».