عون لا يؤيد فرنجية للرئاسة... ويدعم باسيل

استباقاً لتدخّل «حزب الله»

فرنجية
فرنجية
TT

عون لا يؤيد فرنجية للرئاسة... ويدعم باسيل

فرنجية
فرنجية

يعترف مصدر أمني بارز بأن منسوب الضغوط الدولية لانتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء المهلة الدستورية المحددة لانتخابه بدأ يرتفع، لكن العبرة تبقى في ترجمة الأقوال إلى أفعال لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الذي لا يمكن تحييده عن التطورات الجارية في المنطقة، لأن للعوامل الدولية دوراً فاعلاً في انتخابه، ولا يمكن الالتفاف عليها بذريعة أن هذا الاستحقاق لبناني بامتياز، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يجزم بإتمامه في موعده، وقد يتأخر إلى ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ميشال عون، في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويلفت المصدر الأمني إلى أن احتمال انتخاب الرئيس العتيد في موعده يتساوى مع احتمال ترحيل إنجاز الاستحقاق إلى ما بعد نهاية ولاية عون، ويؤكد أن ترشيح زعيم تيار «المردة»، النائب السابق سليمان فرنجية، لرئاسة الجمهورية، يُعتبر من الخيارات الجدّية، وهو يتقدّم الآن على سواه من المرشحين، رغم أن معظمهم يفضّلون عدم الظهور إلى العلن، لئلا يذهبوا ضحية لعبة حرق الأسماء.
ويرى أن احتمال ترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد انتهاء ولاية عون لم يُسحب من التداول، رغم أن وتيرة الضغوط الدولية الرامية إلى انتخابه في المهلة الدستورية إلى تصاعد، ولا يمكن التلاعب بالموعد الدستوري إلا في حال تبادل الضغوط الدولية والإقليمية بين الناخبين الكبار، ممن لهم اليد الطولى في انتخابه، خصوصاً في ظل التأزّم المسيطر على المنطقة.
ويؤكد المصدر الأمني نفسه أن عدد المرشحين للرئاسة سيزداد، مع احتمال توصّل المفاوضات على المستويين الإقليمي والدولي إلى تسوية تقضي بانتخاب الرئيس في موعده، وعدم تمديد الأزمة، جراء إحداث فراغ في الموقع الرئاسي سيعيق إعادة انتظام المؤسسات الدستورية كشرط لمواصلة التفاوض مع «صندوق النقد الدولي».
ويضيف أن التوافق الدولي والإقليمي على عدم إقحام البلد في فراغ رئاسي من شأنه أن يفتح الباب أمام البحث عن الرئيس العتيد، ويعتقد أن على المرشح للرئاسة ضمان تأييد واحدة من كبرى الكتلتين النيابيتين المسيحيتين، أي حزب «القوات اللبنانية» أو «التيار الوطني الحر».
وفي هذا السياق، يكشف مصدر نيابي أن المفاوضات بين فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، لم تبدأ حتى الساعة، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن جمعهما على طاولة واحدة بدعوة من الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، جاءت في إطار إنهاء القطيعة بينهما، وصولاً إلى توحيد موقفهما، ولو من موقع الاختلاف في مواجهة حزب «القوات اللبنانية».
ويؤكد المصدر النيابي أن الملف الرئاسي لم يكن حاضراً، وبقرار من نصر الله، لأنه ليس في وارد حرق المراحل قبل أوانها من جهة، واستباقاً لتواصله مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وللموقف الذي سيتخذه الحزب حيال الاستحقاق الرئاسي، فيما لا يزال موضع تقويم ودراسة داخل القيادة الحزبية، ويستشهد بحرص نصر الله على عدم التطرّق إلى الملف الرئاسي في خطابه الأخير.
ويرى المصدر نفسه أن باسيل لن يتراجع عن شطبه من لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ليس لأنه لا يزال يراهن على تطورات من شأنها أن تعيده إلى السباق، وإنما لأن سحب اسمه من اللائحة سيفقده القدرة على التصرف كأحد الناخبين الكبار، وهو يتناغم مع عون في هذا الخصوص.
ويلفت إلى أن باسيل بالتضامن مع عون ليس في وارد تأييد فرنجية الذي لن يرضخ سلفاً لشروطه لئلا يعيد إحياء التجربة القائمة حالياً منذ انتخاب عون رئيساً الذي أتاح لباسيل بأن يتصرف على أنه رئيس الظل، وكان وراء إخفاق العهد وتعطيل الحكومات، ويقول إنهما يبحثان عن مرشح يؤمّن لعون استمرارية إرثه السياسي، وهذا ما قصده في خطابه في عيد الجيش، وطالب فيه بانتخاب رئيس يتابع تحقيق الإصلاحات ويستمر في مكافحة الفساد.
ويتوقف المصدر النيابي أمام إصرار «التيار الوطني» في بيانه الصادر أمس عن اجتماع مجلسه السياسي على أن يحظى مَن يتولى رئاسة الجمهورية بالتمثيل الشعبي، ويقول إن موقفه هو ترجمة لمطالبة عون بوريث رئاسي يكمل ما بدأه من إصلاحات، ومن ضمنها مكافحته للفساد. ويسأل: «ألا يشكّل موقف التيار محاولة لقطع الطريق على فرنجية؟ أم أنه يتقدم بلائحة شروط لتكون حاضرة على جدول أعمال حليفه (حزب الله) عندما يقرر نصر الله اختيار الوقت المناسب لفتح المعركة الرئاسية؟».
فزعيم «المردة» لا يحبّذ التفاوض مع عون وباسيل لئلا يحرق أوراقه لدى الفريق الآخر، وهو يستعد للانفتاح على بعض القيادات المناوئة لـ«التيار الوطني»، وبالتالي يحيلهما على حليفه «حزب الله»، كونه الأقدر على تدوير الزوايا بين حلفائه، هذا في حال توصّل إلى قرار نهائي بدعم ترشّح فرنجية للرئاسة.
لذلك فإن تقدّم الاستحقاق الرئاسي لا يعني أن المرشحين سيضطرون للخروج إلى العلن ما لم تستقر التطورات المتسارعة في المنطقة على صيغة يمكن التعامل معها على أنها مواتية لـ«تبديد النقزة» حيال احتمال ترحيل الاستحقاق الرئاسي والانصراف إلى التحضير لخوض الانتخابات الرئاسية، لأن الفريقين المتنازعين لديهما القدرة على تبادل تعطيل جلسات الانتخاب، لأنه لا الأكثرية التي كانت وراء التجديد لرئيس البرلمان نبيه بري لولاية سابعة، ولا الأكثريات الأخرى قادرة على تأمين النصاب لانتخاب الرئيس.
وفي المقابل، فإن خصوم محور الممانعة، بقيادة «حزب الله»، لم يرتقوا حتى الساعة إلى التنسيق المطلوب كأساس للتفاهم، بالتعاون مع القوى التغييرية في البرلمان، الذي يؤدي إلى وضع خريطة طريق لخوض المعركة الرئاسية، خصوصاً أن التواصل بين هذه الأطراف لا يزال خجولاً، مع أن الجهود نجحت في تبريد الأجواء بين حزبي «التقدمي الاشتراكي» و«القوات»، بعد أن تلبّدت لبعض الوقت على خلفية التعاطي مع ملف المطران موسى الحاج.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

TT

المشهد الأخير لحرب إسرائيل على لبنان: تصعيد لرسم «صورة النصر»

صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)
صورة للدخان الناجم عن 20 غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

يتسابق كل من «حزب الله» وإسرائيل لرسم صورة الانتصار أمام جمهوره في الساعات الأخيرة للحرب، فيحاول الطرفان تحقيق المكاسب العسكرية والمعنوية أمام جمهوره قبل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار المتوقع، ليبقى السؤال؛ لمن ستكون الطلقة الأخيرة في هذه الحرب التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في لبنان ودمّرت آلاف المنازل وهجّرت أكثر من مليون نازح، معظمهم لا يعرف الوجهة التي سيسلكها بعد وقف آلة الحرب؟!

وكانت الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، التي أعلنها الأخير تحت عنوان «إسناد غزة» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قد اتخذت منحى تصعيدياً في 23 سبتمبر (أيلول) 2024 بقرار من تل أبيب، لتتوسع وتشمل كل الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، أي بشكل أساسي المناطق المحسوبة على «حزب الله» والطائفة الشيعية، واستمرت بالوتيرة نفسها لمدة أكثر من شهرين، قبل أن يبدأ العمل جدياً على وقف إطلاق النار قبل نحو أسبوعين.

تصعيد متدرج وساعات صعبة على اللبنانيين

ومع بدء ملامح التوافق على الحلّ الذي يرتكز بشكل أساسي على قرار مجلس الأمن 1701، رفع الطرفان راية التصعيد في المشهد الأخير للحرب مستفيدين من الساعات الأخيرة «لتحقيق الإنجازات» العسكرية والسياسية.

ومنذ بدء الحديث عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، شهدت المواجهات تصعيداً غير مسبوق، بحيث ارتكبت إسرائيل مجزرة في منطقة البسطة القريبة من وسط بيروت، صباح السبت، أدت إلى مقتل 29 شخصاً، وكانت المواجهات أكثر حدّة يوم الأحد بإطلاق «حزب الله» أكثر من 300 صاروخ باتجاه مستوطنات الشمال حيث سُجل سقوط جرحى، ووصل منها إلى تل أبيب، معيداً بذلك تفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت»، في موازاة الغارات والقصف المتنقل بين الجنوب والبقاع والضاحية التي تعرضت ليلاً لزنار نار عبر استهدافها بأكثر من 11 غارة، ما أدى إلى دمار هائل في المباني.

كذلك، شهدت بلدة الخيام ليلة عنيفة، في استمرارٍ لمحاولة التوغل الإسرائيلية وتفخيخ الجيش للمنازل والأحياء.

وفيما استمر التصعيد يوم الاثنين بارتكاب إسرائيل عدداً من المجازر في البقاع والجنوب، عاش اللبنانيون ساعات صعبة على وقع المعلومات التي تشير إلى تحديد موعد وقف إطلاق النار، وشنّت سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية بعد إصدار أوامر إخلاء هي الأكبر من نوعها منذ بداية الحرب ، بحيث طال زنار نار 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ 20 هدفاً إرهابياً خلال 120 ثانية.

 

الدخان يغطي سماء الضاحية الجنوبية لبيروت التي استهدفت الثلاثاء بأكثر من 20 غارة (رويترز)

وفي الجنوب، حيث تدور مواجهات شرسة في محاولة الجيش الإسرائيلي التوغل إلى بلدة الخيام، نشر المتحدث باسمه صوراً لجنود قال إنها عند «نهر الليطاني»، وأشارت المعلومات إلى أن الجنود وصلوا إلى مجرى النهر من دير ميماس، التي دخلوا إليها قبل أيام .

وعلى وقع هذا التصعيد، بدأ الطرفان بترويج فكرة «الانتصار» أمام جمهورهما، فـ«حزب الله» ربط «التقدم في اتصالات وقف إطلاق النار بالصواريخ التي أطلقها السبت على تل أبيب ومستوطنات الشمال»، فيما يقول المسؤولون الإسرائيليون، في «رسالة طمأنة» لسكان الشمال الذين يتخوفون من وجود «حزب الله» على الحدود، إن الدولة العبرية ستتصرف بحزم عند أي خرق، مثل إعادة تسلح الحزب.

 

تحقيق آخر الأهداف لـ«إعلان النصر»

ويربط أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية، الدكتور عماد سلامة، التصعيد العسكري من قبل إسرائيل بالإسراع بتحقيق الأهداف المؤجلة قبل الإعلان عن وقف إطلاق النار، فيما يحاول «حزب الله» عبر إطلاق الصواريخ أن يثبت أن قدراته العسكرية لا تزال قوية وأنه لم يهزم.

ويقول سلامة لـ«الشرق الأوسط»: «في اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار، يسعى كل طرف إلى إعلان النصر كوسيلة أساسية لتسويق التسوية كمكسب، وليس كتنازل أو هزيمة، وهو يهدف إلى تعزيز شرعية الاتفاق أمام القواعد الشعبية والبيئة السياسية لكل طرف، ومحاولة جس النبض المحلي لقياس ردود الفعل وحجم المعارضة المحتملة»، مضيفاً: «هذه الديناميكية تجعل من إعلان النصر أداة تكتيكية لتهيئة الساحة الداخلية والتعامل مع أي تطورات في اللحظات الأخيرة قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن وقف الحرب».

من هنا، يرى سلامة أن «هذا الأمر يعكس حاجة كل طرف لتعزيز مواقعه داخلياً ولجم الانتقادات والحفاظ على التأييد السياسي»، موضحاً: «بالنسبة لإسرائيل، يمكنها اعتبار إنجازاتها سبباً لإعلان النصر، حيث حققت أهدافاً عسكرية استراتيجية. منها تدمير البنية التحتية العسكرية لـ(حزب الله)، واغتيال قياداته البارزة، ومنعه من الوجود الفاعل على الحدود مع إسرائيل. كما تمكنت من فصل المسار اللبناني عن القضية الفلسطينية، وإعادة المستوطنين إلى مناطقهم الشمالية بأمان، ما يشير إلى تحقيق كامل أهداف حملتها العسكرية بنجاح. هذا الإعلان يعزز موقف الحكومة الإسرائيلية أمام المعارضة الداخلية ويظهر قوة الردع الإسرائيلية».

أما بالنسبة لـ«حزب الله»، فيقول سلامة: «سيصرّ على أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها، حيث لم تتمكن من تدمير قوته العسكرية بالكامل أو وقف الهجمات الصاروخية والمسيرات. كما سيؤكد الحزب أنه نجح في التصدي لأي توغل إسرائيلي في الجنوب، وأجبر إسرائيل على التراجع دون تحقيق أهدافها السياسية أو العسكرية»، مضيفاً: «بالنسبة لـ(حزب الله)، هذا الإعلان ضروري لترسيخ شرعيته أمام بيئته الحاضنة ومؤيديه، وللردّ على الانتقادات التي قد تطوله نتيجة الخسائر التي تكبدها خلال المواجهة»، ويؤكد: «في النهاية، إعلان النصر لكلا الطرفين يعكس أهمية تأطير الأحداث بما يخدم مواقفهما الداخلية والدولية».

الساعات والأيام الأخيرة لحرب «تموز 2006»

يبدو من الواضح أن سيناريو حرب «تموز 2006» يتكرر اليوم، حيث إنه قبيل أيام وساعات من اتفاق وقف إطلاق النار، صعّدت تل أبيب من عملياتها العسكرية، وأطلقت قبل يومين عملية برية حملت عنوان «تغيير اتجاه 11»، وتوغّل الجيش الإسرائيلي عبر إنزال جوي في بلدة الغندورية بقضاء بنت جبيل مقتحماً وادي الحجير، ومنها إلى منطقة جويا (شرق صور)، ما أدى إلى مواجهة شرسة من قبل «حزب الله». وأشارت المعلومات إلى تدمير الحزب 25 دبابة إسرائيلية، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف العسكريين.

كذلك، عمدت إسرائيل إلى رمي القنابل العنقودية قبل انتهاء الحرب بيومين فقط بشكل عشوائي، على أهداف غير محددة، ما حال دون القدرة على الحصول على خرائط دقيقة لإزالتها.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية رمت أكثر من 5 ملايين قنبلة، أدت حتى عام 2020 إلى مقتل نحو 58 مواطناً، وجرح نحو 400 آخرين، أصيب كثير منهم بإعاقات وعمليات بتر لأقدامهم، وغالبيتهم فقدوا عيونهم وهم من المزارعين والرعاة.

وفي الساعات الأخيرة لإعلان وقف إطلاق النار، تكثّف القصف الجوي ليشمل بلدات عدة في الجنوب، مستهدفاً مباني وأحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما أمطرت المقاتلات الحربية الضاحية الجنوبية بوابل من الغارات حيث استهدفت ما يعرف بمجمع الإمام حسن السكني، المؤلف من 8 مبانٍ، بأكثر من 20 غارة خلال أقل من دقيقتين، ما أدى إلى مقتل عائلات بأكملها.

في المقابل، أطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه شمال إسرائيل، مستهدفاً عدداً من المستوطنات، منها حيفا وكريات شمونة ومسكاف عام.