تصعيد تركي شمال سوريا يستبق لقاء بوتين ـ إردوغان

بعد مناورات عسكرية مشتركة بين النظام و«قسد»

مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا في بلدة تاديف شمال حلب بمواجهة مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا في بلدة تاديف شمال حلب بمواجهة مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
TT

تصعيد تركي شمال سوريا يستبق لقاء بوتين ـ إردوغان

مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا في بلدة تاديف شمال حلب بمواجهة مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا في بلدة تاديف شمال حلب بمواجهة مناطق سيطرة النظام (أ.ف.ب)

صعدت القوات التركية من قصفها على مناطق وقرى واقعة في مدينتي منبج وتل رفعت اللتين أعلنتهما أنقرة في مايو (أيار) الماضي، هدفا لعملية عسكرية محتملة تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بغرض استكمال مناطق آمنة بعمق 30 كيلومترا في الأراضي السورية وتشكيل حزام أمني على حدودها الجنوبية، وذلك قبل لقاء مرتقب في سوتشي، الجمعة، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان.
وقصفت القوات التركية المتمركزة في قاعدة «شيخ ناصر»، الأربعاء، بأكثر من 15 قذيفة هاون قريتي معيصرة والجقل بريف منبج الغربي، التي تقع ضمن نطاق سيطرة مجلس منبج العسكري التابع لـ«قسد» وقوات النظام.
في الوقت ذاته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات التركية المتمركزة في قاعدة ثلثانة، على أطراف مدينة مارع بريف حلب الشمالي، قصفت بالمدفعية محيط مدينة تل رفعت وبلدة أم الحوش بريف حلب الشمالي وقرية برج القاص في ناحية شيراوا بريف عفرين. كما قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، المتمركزة في المنطقة المعروفة بـ«نبع السلام»، بالمدفعية الثقيلة، محيط قرية الدبس بريف بلدة عين عيسى في شمال الرقة، الخاضعة لسيطرة قسد.
من جانبها، قصفت قوات النظام قريتي كفرتعال وكفرعمة بريف حلب الغربي، إلى جانب مناطق في فليفل وبينين والفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، إثر مقتل أحد جنودها برصاص فصائل غرفة عمليات «الفتح المبين» على محور حرش كفرنبل بريف إدلب.
وجاء التصعيد في الاستهدافات بين القوات التركية وقوات النظام وقسد، قبل 48 ساعة من لقاء مرتقب بين بوتين وإردوغان في سوتشي الجمعة، من المنتظر أن يتناول الملف السوري وموقف روسيا الرافض للعملية العسكرية المحتملة ضد قسد في منبج وتل رفعت، والذي تم التأكيد عليه خلال القمة الثلاثية لقادة الدول الضامنة لمسار آستانة في طهران في 19 يوليو (تموز) الماضي، بمشاركة بوتين وإردوغان والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيث أكدت روسيا وإيران مجددا رفضهما للعملية العسكرية التركية التي حاول إردوغان إقناعهما بتأييدها.
وقبل زيارة إردوغان أجرت قوات النظام السوري مناورات عسكرية مع «قسد» في منبج، السبت، شملت تدريبات للقوات البرية والبحرية، هي الأولى منذ ظهور تحالف قسد في 2015، وذلك تحت إشراف ضباط من القوات الروسية.
وأجرت قوات النظام السوري، خلال المناورات، تمرينا واسع النطاق على عبور الدبابات مياه النهر للوصول إلى الضفة المقابلة، رافقها طيران مروحي روسي وقصف مدفعي من جانب قسد، إضافة إلى تدريب على استهداف منظومة الدفاع الجوي الروسية «بانتسير»، طائرة عسكرية مسيرة حلقت في سماء المنطقة الخاصة بالتدريب.
يذكر أن القوات التركية في شمال سوريا، تستخدم المسيرات المسلحة بفاعلية في المنطقة نفذت بواسطتها عمليات نوعية وقتلت عناصر قيادية في وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قسد، والتي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمة إرهابية، في سوريا.
ونشرت وكالة روسفيسنا الروسية، تسجيلا مصورا للمناورات، وذكرت أنها تأتي في إطار ما سمته «العدوان التركي على شمال سوريا»، داعية تركيا إلى الأخذ بعين الاعتبار أن «سوريا سترد عليها بقسوة في حال بدء العملية العسكرية».
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إنه «بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، العماد عبد الكريم إبراهيم، وقائد القوات الروسية العاملة في سوريا، العماد أول ألكسندر تشايكو، وعدد من كبار ضباط الجيشين السوري والروسي، نفذ أحد تشكيلات قواتنا المسلحة وبالتعاون مع القوات الروسية، مشروعا تكتيكيا بالذخيرة الحية». دون أن تشير إلى مشاركة عناصر «قسد» في هذه التدريبات.
وجاءت المناورات في ظل تفاهمات عسكرية بين النظام وقسد برعاية روسية، حيث أعلنت «قسد» عن انتشار أسلحة ثقيلة وعناصر لقوات النظام قرب خطوط التماس مع القوات التركية. واعتبر مراقبون أن المناورات تحمل رسالة مزدوجة من جانب روسيا والنظام، تتعلق الأولى برفض العملية العسكرية التركية وإعلان تأهب الجيش السوري وقسد لصدها، ورفضا لما أعلنه وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، عن استعداد بلاده لدعم النظام السوري سياسيا، بشكل غير محدود، حال تولى بنفسه محاربة قسد وإخراجهم من شمال سوريا.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


إسرائيل تختبر دفاعات «عاصمة الحدود» اللبنانية

مشيّعون يقرأون الفاتحة على أرواح 16 شخصاً قُتلوا بغارة إسرائيلية على بلدة برجا قُبيل مراسم الجنازة في مدينة صور جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)
مشيّعون يقرأون الفاتحة على أرواح 16 شخصاً قُتلوا بغارة إسرائيلية على بلدة برجا قُبيل مراسم الجنازة في مدينة صور جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تختبر دفاعات «عاصمة الحدود» اللبنانية

مشيّعون يقرأون الفاتحة على أرواح 16 شخصاً قُتلوا بغارة إسرائيلية على بلدة برجا قُبيل مراسم الجنازة في مدينة صور جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)
مشيّعون يقرأون الفاتحة على أرواح 16 شخصاً قُتلوا بغارة إسرائيلية على بلدة برجا قُبيل مراسم الجنازة في مدينة صور جنوب لبنان أمس (إ.ب.أ)

اختبرت القوات الإسرائيلية على مدى الأيام الماضية، دفاعات «حزب الله» في محيط مدينة بنت جبيل التي تعرف بأنها «عاصمة الحدود»، وأكبر المدن الحدودية في جنوب لبنان، في محاولة لنقل المعركة إلى المدينة بعد فشل التوغل في مدينة الخيام خلال اليومين الماضيين، وذلك في ظل مراوحة في العملية البرية، حولتها إلى «حرب استنزاف» وتراشق صاروخي، بعد أربعة أسابيع على انطلاقها.

ونفذت مجموعات إسرائيلية محاولتي تسلل، إحداها سلكت طريقاً بين يارون ومارون الراس من الجهة الشرقية، بينما حاولت الثانية أن تسلك الطريق الممتد في الحدود بين رميش وعين إبل، وصولاً إلى الأطراف الجنوبية لبنت جبيل. وبدت «كمجموعات استطلاع ومناورة، لكنها لم تدخل إلى أحياء بنت جبيل»، حسبما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط».

وجاءت تلك المحاولات في أعقاب مراوحة في المعركة البرية. وقالت المصادر إن المعركة «تحوّلت إلى حرب استنزاف، حيث لم تطرأ أي تغيرات على خريطتها منذ أسبوعين، فيما تدخل القوات الإسرائيلية إلى القرى الحدودية مجموعات هندسة، تفخخ المنازل والأحياء، وتفجرها في اليوم التالي».

وتمضي إسرائيل بمواصلة قصفها الجوي الموسع في العمق اللبناني، الذي أسفر عن خسائر بلغت ضعفي خسائر حرب يوليو (تموز) 2006، لناحية الأعداد البشرية التي فاقت الثلاثة آلاف، والتدمير الذي فاق 35 ألف وحدة سكنية مدمرة بشكل كامل، فضلاً عن خسائر تفوق الـ10 ملايين دولار.