النظام يمنح {مكافأة} 37 دولارا لجنوده على الصفوف الأمامية

المعارضة تطلق معركة على آخر أكبر القواعد العسكرية النظامية بريف درعا الشرقي

النظام يمنح {مكافأة} 37 دولارا لجنوده على الصفوف الأمامية
TT

النظام يمنح {مكافأة} 37 دولارا لجنوده على الصفوف الأمامية

النظام يمنح {مكافأة} 37 دولارا لجنوده على الصفوف الأمامية

قال رئيس الوزراء السوري، أمس الاثنين، إن الحكومة ستصرف مكافأة شهرية مقدارها عشرة آلاف ليرة سورية (37 دولارا) للجنود الذين يقاتلون في الصفوف الأمامية، وهي زيادة كبيرة يمكن أن تعزز الروح المعنوية بعد سلسلة الانتكاسات التي منيت بها القوات المسلحة.
وخسر الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه مساحات كبيرة من الأراضي في الشهرين الأخيرين لصالح المعارضة المسلحة وتنظيم داعش الذي استولى على مدينة تدمر التاريخية بوسط البلاد. ويقول محللون ودبلوماسيون يتابعون التطورات في سوريا إن الجيش يقوم بمهام تفوق طاقته ويحتاج إلى مزيد من المجندين لخوض معارك على عدة جبهات في الصراع.
وقال رئيس الوزراء وائل الحلقي في جلسة للبرلمان أذاعها التلفزيون الرسمي إنه سيتم البدء في صرف المكافآت بداية الشهر القادم وستقدم للجنود الذين يقفون في صفوف القتال الأمامية. وهذا المبلغ يساوي 37 دولارا بالسعر الرسمي للعملة وأقل عدة دولارات عن السعر في السوق السوداء.
وتتراوح رواتب الجنود وأفراد الفصائل المسلحة المتحالفة مع الحكومة بين 14000 و30000 ليرة شهريا وفقا لتقديرات جمعتها «رويترز». ويمكن أن يحصل الضباط من ذوي الرتب العالية على 45000 ليرة أو أكثر كل حسب رتبته. ويحصل الموظفون المدنيون على راتب يتراوح بين 23000 و25000 ليرة.
ورفعت الحكومة رواتب موظفي الدولة والجيش بنسب أصغر عدة مرات منذ بداية الانتفاضة في عام 2011. ويعمل كثير من السوريين في عدة وظائف لزيادة دخلهم الرئيسي.
من جهة أخرى, قال معارضون سوريون لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن قوات المعارضة في جنوب البلاد، أطلقت معركة تمهيدية للسيطرة على مقر اللواء 52 في ريف درعا الشرقي، الذي يعد أكبر القواعد العسكرية النظامية في محافظة درعا، بعد ثلاثة أيام على إجلاء المعارضة جزءًا من المدنيين القاطنين في ثلاث قرى خاضعة لسيطرتها، وسط توقعات باستهداف تلك القرى بقصف عنيف بالتزامن مع المعارك.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، وجود اشتباكات، قائلا: إنها «معارك تمهيدية بدأت بقصف عنيف تمهيدي لمقر اللواء»، مشيرًا إلى أن القرار بالسيطرة عليه «اتخذ من قبل فصائل المعارضة في الجبهة الجنوبية»، لافتًا إلى أن القصف «مؤشر بالغ على اقتراب المعارك من محيطه».
ويقع مقر اللواء على تلة استراتيجية مرتفعة على مقربة من مطار الثعلة العسكري الفاصل بين محافظتي درعا والسويداء، وتنتشر على الطريق الواصل بينهما 4 حواجز للقوات النظامية. ويعتبر واحدًا من كبرى القواعد العسكرية النظامية التي كانت موجودة في درعا، نظرًا إلى وجودها على تماس مع خط معارك محتملة مع إسرائيل، ولا يضاهيه بالحجم إلا اللواء 39 القريب من أوتوستراد الطيبة – خربة غزالة الذي سيطرت عليه قوات المعارضة في وقت سابق.
وفي حال سيطرت قوات المعارضة على المقر، ستتمكن من السيطرة على مطار الثعلة العسكري القريب، وتصل إلى الحدود الإدارية للسويداء، وتقع خطوط الإمداد إلى السويداء عبر أوتوستراد درعا – دمشق الدولي، وذلك بالنظر إلى سيطرة المعارضة على خطوط نقل تصل إلى المحافظة الجنوبية في بصرى الحرير.
وأفاد المرصد السوري أمس، بوقوع اشتباكات في محيط مقر اللواء، إلى جانب اشتباكات أخرى بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة، من جهة أخرى، في محيط بلدة كفرناسج بريف درعا الشمالي الغربي، ما أدى إلى مقتل ضابط برتبة ملازم أول من قوات النظام. وبالتزامن، قصفت القوات النظامية فجر أمس مناطق في بلدتي المليحة الشرقية والصورة، ومناطق في بلدة الكرك الشرقي، وهي مناطق تحيط بمقر اللواء 52. وتسيطر عليها قوات المعارضة منذ العام 2013.
ويعد مقر اللواء 52 من أكبر القواعد العسكرية الباقية تحت سلطة القوات الحكومية في محافظة درعا. ويقول ناشطون إن عددًا كبيرًا من المدرعات والآليات العسكرية النظامية موجودة فيه، وتستخدم القوات الحكومية مرابض المدفعية ومنصات الصواريخ فيه لقصف البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف درعا الشرقي.
وقال مصدر بارز في قوات المعارضة في درعا لـ«الشرق الأوسط» إن قواتها «بدأت بإجلاء المدنيين من قرى الكرك الشرقي، والمليحة الغربية والحراك، منذ يوم الخميس الماضي، تمهيدًا للهجوم، نظرًا إلى توقعات بأن تستهدف القوات النظامية تلك البلدات بالتزامن مع اندلاع المعارك». لكن رامي عبد الرحمن، قال: إن جزءًا من السكان «بدأوا في النزوح بالفعل، على ضوء تكثيف القوات النظامية من وتيرة القصف للبلدات الثلاث المحيطة بمقر اللواء».
وتحيط بالمقر قرية صغيرة تدعى رخم، كان يسكنها مسيحيون وآخرون من البدو في المنطقة، قبل أن ينزح سكانها المدنيون بالكامل قبل فترة طويلة، على ضوء هجمات نفذتها قوات المعارضة على المقر، وردت قوات النظام إثرها بالقصف على محيط القرية.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المعارضة في الجبهة الجنوبية «حضرت مخططًا للسيطرة على المقر، لمنع تكرار هجمات فاشلة في السابق كانت تنفذها فصائل على شكل عمل منفرد»، لافتًا إلى أن الهجمات الجديدة «ستكون أكبر، بمشاركة عدد كبير من الفصائل العسكرية الموجودة في المنطقة وتنسق في غرفة عمليات مشتركة».
بالإجمال، تسيطر قوات المعارضة على معظم أرياف درعا الشمالية والغربية وكبرى مدنها، فيما تسيطر القوات النظامية على جزء كبير من مدينة درعا ودرعا البلد، والطريق الواصل إليها من دمشق، بينما تحكم سيطرتها على الريف الشمالي الغربي من درعا، بدءًا من ازرع باتجاه دمشق، وضاعفت من مناطق نفوذها في تلك المنطقة بعد هجمات واسعة نفذتها بمشاركة مقاتلين من حزب الله اللبناني في فبراير (شباط) الماضي.



غروندبرغ يجدد الدعوة للحوثيين للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة

عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)
عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)
TT

غروندبرغ يجدد الدعوة للحوثيين للإفراج عن موظفي الأمم المتحدة

عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)
عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)

في ظل استمرار التصعيد الحوثي وتهديدات الجماعة بمحاكمة العشرات من موظفي الأمم المتحدة، اختتم المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، جولة إقليمية جديدة شملت السعودية والإمارات، في إطار مساعيه لإحياء مسار السلام اليمني المتعثر، وضمان الإفراج عن العاملين الأمميين المحتجزين لدى الحوثيين.

وذكر بيان صادر عن مكتب المبعوث، الأربعاء، أن غروندبرغ التقى في الرياض وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وعضو مجلس القيادة الرئاسي عبد الله العليمي، حيث ناقش معهما التطورات الأخيرة والجهود الأممية الهادفة إلى الحفاظ على زخم الحوار السياسي وتحقيق سلام مستدام يعكس تطلعات اليمنيين ويعالج الشواغل الإقليمية.

وأكد المبعوث الأممي، خلال اللقاءات، ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن موظفي الأمم المتحدة المحتجزين في صنعاء، محذراً بأن استمرار احتجازهم يقيّد قدرة الأمم المتحدة على إيصال المساعدات الإنسانية، ويقوّض الثقة الضرورية لإنجاح جهود الوساطة.

كما نقل الإعلام اليمني الرسمي أن عضو مجلس القيادة الرئاسي عبد الله العليمي جدد دعم المجلس والحكومة الكامل مساعيَ الأمم المتحدة للوصول إلى سلام عادل وشامل يستند إلى المرجعيات الثلاث، وفي مقدمها قرار مجلس الأمن «2216»، مشدداً على أهمية الضغط الدولي على الجماعة الحوثية لإطلاق سراح المحتجزين ووقف الانتهاكات ضد العاملين الإنسانيين.

وفي السياق ذاته، بحث غروندبرغ مع وزير الخارجية اليمني، شائع الزنداني، مستجدات الجهود الأممية، وأكد الوزير دعم الحكومة المبعوثَ وجهودَه لإنهاء الحرب، داعياً المجتمع الدولي إلى ممارسة مزيد من الضغوط على الحوثيين لتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالأزمة اليمنية، ووقف ممارساتهم القمعية بحق موظفي المنظمات الدولية.

نهج دولي موحد

وفق البيان، التقى المبعوث الأممي غروندبرغ، في الرياض، السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، إلى جانب سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وعدد من ممثلي المجتمع الدولي.

وتركزت المناقشات على أهمية الحفاظ على نهج دولي موحّد لدعم جهود الأمم المتحدة في اليمن، ومنع انهيار مسار التهدئة الذي ما زال هشاً رغم كل الجهود المبذولة.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الله العليمي مجتمعاً في الرياض مع المبعوث الأممي (سبأ)

وفي وقت سابق من الأسبوع، كان غروندبرغ قد أجرى لقاءات في أبوظبي مع كل من أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، ووزير الدولة خليفة شاهين المرر، والسفيرة لانا نسيبة مساعدة الوزير للشؤون السياسية.

وتناولت المحادثات التطورات الراهنة في اليمن والمنطقة، وسبل تعزيز التوافق الإقليمي؛ دعماً للاستقرار واستمرار الحوار السياسي. وفق ما جاء في بيان مكتب المبعوث.

دعوات متجددة

تأتي هذه التحركات بعد أسبوعين من جولة سابقة زار خلالها المبعوث الأممي سلطنة عمان والبحرين، والتقى فيها كبير مفاوضي الحوثيين محمد عبد السلام، ونائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، في إطار جهود إحياء المفاوضات السياسية، وبحث ملف المحتجزين الأمميين لدى الجماعة.

وخلال تلك اللقاءات، شدد غروندبرغ على أن الاحتجاز التعسفي لموظفي الأمم المتحدة يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، داعياً الحوثيين إلى الإفراج عنهم فوراً لضمان استمرار العمل الإنساني في مناطق سيطرتهم.

وأقر المتحدث باسم الحوثيين، محمد عبد السلام، بوجود موظفي الأمم المتحدة قيد الاحتجاز، مدعياً أنهم متورطون في «أنشطة تجسسية تحت غطاء العمل الإنساني»، في اتهامات وصفتها الأمم المتحدة بأنها «واهية وغير قانونية».

وزعم عبد السلام أن جماعته تمتلك «أدلة ووثائق» تثبت تلك المزاعم، غير أنه تحدث عن «الحرص على إيجاد حلول عادلة واستمرار التنسيق مع الأمم المتحدة».

وأكدت الأمم المتحدة، في بيانات سابقة، أن استمرار احتجاز موظفيها يقوّض الثقة بين المنظمة والحوثيين، ويعرقل مسار الوساطة الذي يقوده غروندبرغ منذ أكثر من عامين، محذّرة بأن الممارسات الحوثية قد تطيح فرص استئناف المفاوضات السياسية.


شماعة «التخابر» تفتح شهية الحوثيين لتكثيف أعمال القمع

زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة وتجنيد أكثر من مليون عنصر في مناطق سيطرته خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة وتجنيد أكثر من مليون عنصر في مناطق سيطرته خلال عامين (إ.ب.أ)
TT

شماعة «التخابر» تفتح شهية الحوثيين لتكثيف أعمال القمع

زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة وتجنيد أكثر من مليون عنصر في مناطق سيطرته خلال عامين (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين اعترف بتعبئة وتجنيد أكثر من مليون عنصر في مناطق سيطرته خلال عامين (إ.ب.أ)

اتخذت الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران من تهمة «التخابر» شماعة لتبرير تصعيد جديد في حملات القمع التي تطول المجتمع اليمني في مناطق سيطرتها، إذ تحوّلت هذه التهمة إلى ذريعة جاهزة لاعتقال الموظفين الأمميين وعاملي المنظمات الدولية وإسكات الأصوات المستقلة، وتصفية المعارضين، والتضييق على دعاة السلام والمفكرين والأكاديميين.

وخلال الأسابيع الأخيرة، كثّفت الجماعة من استخدام القضاء والإعلام والأجهزة الأمنية لإخضاع المجتمع تحت مظلة الخوف والترهيب، في مشهدٍ يعكس استمرار نهجها في تحويل القضاء إلى أداة سياسية لإرهاب الخصوم، وتكريس سلطتها المستندة إلى منطق القوة المستمدة من مزاعم حقها الإلهي في الحكم.

وفي أعقاب الاختراق الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل عدد من كبار قادة الجماعة الحوثية بمن فيهم رئيس حكومتها وتسعة من وزرائها ورئيس أركانها، أطلقت الجماعة يد أجهزتها القمعية للبطش بالموظفين الأمميين والعشرات من السكان المدنيين والناشطين في صنعاء وذمار وإب.

وفي أحدث فصول هذا التصعيد، طالبت النيابة العامة التابعة للجماعة في صنعاء بإعدام 21 مواطناً يمنياً، بتهمة التجسس لصالح «جهات خارجية»، في ثاني جلسة من نوعها خلال أقل من ثلاثة أيام، ضمن سلسلة محاكمات توصف بأنها صورية ومعدة مسبقاً.

الجماعة الحوثية شيدت مئات المقابر لقتلاها في مختلف مناطق سيطرتها (إ.ب.أ)

ووفقاً لإعلام الجماعة، فقد عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة جلستين منفصلتين للنظر فيما سمّته «قضايا خلايا التخابر مع دول العدوان»، زاعمة أن المتهمين ضمن شبكة تجسسية تديرها أجهزة مخابرات أجنبية، بينها «الموساد».

وتحدث الإعلام الحوثي عما سماها «اعترافات» للمتهمين وأدلة على ارتباطهم بضباط مخابرات أجانب، متجاهلاً تماماً الإشارة إلى هوية محامي الدفاع أو ظروف الاحتجاز. ويرى حقوقيون أن تلك المحاكمات لا تعدو كونها إجراءات شكلية تهدف إلى تبرير القمع وإرهاب المجتمع عبر القضاء المسيّس.

ويؤكد مراقبون أن القضاء الحوثي تحوّل إلى أداة انتقامية لتصفية الحسابات السياسية والمناطقية، مشيرين إلى أن الجماعة سبق أن أصدرت عشرات أحكام الإعدام بحق معارضين وصحافيين وأكاديميين.

انتهاكات مروعة في ذمار

في موازاة المحاكمات الحوثية الصورية، وثّقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات في تقرير حديث أكثر من 24 ألفاً و827 انتهاكاً ارتكبتها الجماعة الحوثية في محافظة ذمار وحدها، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) 2015 حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، لتؤكد أن العنف أصبح سياسة حوثية ممنهجة.

وأوضح التقرير أن جرائم الحوثيين شملت القتل والإصابة والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات وتفجير المنازل ودور العبادة، إلى جانب تجنيد آلاف الأطفال وزرع الألغام وتشريد الأسر.

وسجّل التقرير مقتل 536 مدنياً بينهم 53 طفلاً و37 امرأة، وإصابة نحو 300 آخرين، فضلاً عن 22 عملية اغتيال استهدفت مشايخ وقيادات سياسية واجتماعية.

الحوثيون اعتقلوا في صنعاء الدكتور حمود العودي أستاذ علم الاجتماع ورفيقيه (إكس)

كما تحدث التقرير عن وجود 689 مختطفاً لا يزالون قيد الاحتجاز في سجون الحوثيين، مشيراً إلى إنشاء 26 سجناً في ذمار ومحيطها، وافتتاح 30 مقبرة جديدة أطلقت عليها الجماعة اسم «روضات الشهداء»، في إشارة رمزية إلى تطبيع ثقافة الموت داخل المجتمع.

الأرقام الأكثر صدمة تمثلت في مجال تجنيد الأطفال، حيث وثّق التقرير 4781 حالة تجنيد لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً، قُتل منهم 2019 طفلاً في جبهات القتال. كما رصد التقرير 274 حالة تعذيب و18 حالة اغتصاب، بينها نساء وأطفال، إلى جانب تفجير 39 منزلاً و6 متاجر ودار لتحفيظ القرآن الكريم.

ويؤكد التقرير أن محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) التي كانت تُعرف تاريخياً بأنها مدينة العلم والمثقفين، تحوّلت في ظل الانقلاب الحوثي إلى «سجن كبير» يخضع لمنظومة أمنية صارمة، تتعامل مع السكان بصفتهم خصوماً محتملين لا بصفتهم مواطنين.

اعتقال رموز السلام

في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، امتد بطش الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران إلى النخب الفكرية والأكاديمية، حيث تأكد قيامها باعتقال البروفسور حمود العودي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء وأحد أبرز المفكرين اليمنيين، وهو ما أثار موجة استياء واسعة في الأوساط السياسية والحقوقية والأكاديمية.

العودي، الذي تجاوز الثمانين من عمره، اعتقل مع رفيقيه عبد الرحمن العلفي (أمين عام تحالف السلم والمصالحة الوطنية) وأنور خالد شعب (سكرتير مركز دال للدراسات الاجتماعية)، بعد استدعائهم من قبل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي في صنعاء.

ويرى ناشطون يمنيون أن سبب الاعتقال يعود إلى ندوة فكرية نظمها مركز «دال» الذي رأسه العودي تناولت قيم الديمقراطية والتعددية، إضافة إلى مقال كتبه العودي انتقد فيه الطائفية السياسية، وامتدح التجارب الديمقراطية في الغرب، وهو ما عدّه الحوثيون «تحريضاً» ضد مشروعهم العقائدي.

وقد أدان سياسيون ومنظمات حقوقية الواقعة، وعدّوها «جريمة فكرية وانتهاكاً صارخاً للدستور اليمني»، مطالبين بالإفراج الفوري عن المعتقلين الثلاثة وضمان سلامتهم.

حتى داخل صفوف الجماعة، برزت أصوات تنتقد الحادثة، كما هي الحال مع القياديين نايف القانص ومحمد المقالح، وصولاً إلى سلطان السامعي، عضو مجلس حكمهم الانقلابي، الذي وصف عملية الاعتقال بأنها «عار»، في إشارة نادرة إلى الانقسام الداخلي المتصاعد داخل الجماعة إزاء تغوّل أجهزتها الأمنية.


تدابير يمنية لإنهاء الازدواج في الوظائف الحكومية

دعم رئاسي يمني مستمر لخطة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية (إعلام حكومي)
دعم رئاسي يمني مستمر لخطة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية (إعلام حكومي)
TT

تدابير يمنية لإنهاء الازدواج في الوظائف الحكومية

دعم رئاسي يمني مستمر لخطة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية (إعلام حكومي)
دعم رئاسي يمني مستمر لخطة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية (إعلام حكومي)

كشفت وزارة الخدمة المدنية والتأمينات اليمنية عن آلاف من الوظائف المزدوجة بين القطاعين المدني والعسكري والأمني، وأوقفت رواتب المشمولين بتلك القوائم إلى حين تصحيح أوضاعهم، وذلك ضمن خطة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية التي بدأت الحكومة المعترف بها دولياً تنفيذها، في إطار مساعيها لحشد الموارد المالية ووقف الجبايات غير القانونية.

ووفقاً لخطاب وجّهته الوزارة إلى مكاتبها في المحافظات، تبيّن وجود آلاف الموظفين العاملين في القطاع المدني لديهم ازدواج أو تشابه وظيفي في بياناتهم مع العاملين في القطاعين العسكري والأمني بثلاث محافظات، ولم يحضروا لاستكمال إجراءات المطابقة أو تصحيح أوضاعهم، رغم الدعوات السابقة لذلك.

وأشارت قائمة الأسماء التي أعلنتها الوزارة إلى أن الدفعة الجديدة من الموظفين المزدوجين تتوزع على محافظات عدن وتعز ومأرب؛ حيث بلغ عدد الأشخاص المشمولين أكثر من 3300 موظف في القطاع المدني، ونحو 1300 موظف في القطاع الأمني، إضافة إلى آخرين في دواوين الوزارات وفروعها في المحافظات الثلاث، إلى جانب وزارة الداخلية.

صورة ضوئية لخطاب وزارة الخدمة المدنية اليمنية (إعلام حكومي)

وأكدت الوزارة أنها بصدد استكمال المراجعة في بقية المحافظات، موضحة أنها ستنشر خلال الأيام المقبلة أسماء الموظفين المتخلّفين عن المطابقة في محافظات لحج والضالع وأبين وشبوة والمهرة وحضرموت (المكلا وسيئون) وسقطرى، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات ذاتها بحقهم.

وبيّنت قائمة الازدواج الوظيفي في القطاع العسكري - بحسب الخدمة المدنية اليمنية - وجود موظفين مزدوجين في رئاسة الجمهورية والأمانة العامة للرئاسة ودواوين الوزارات المدنية وفروعها في مأرب وتعز وعدن، بلغ عددهم 2011 موظفاً.

إجراءات تصحيح

طلبت وزارة الخدمة المدنية اليمنية من جميع المشمولين بالإجراء الحضور إلى مكاتبها لتصحيح أوضاعهم القانونية، مشددة على إلزامهم باستكمال إجراءات المطابقة دون تأخير.

وأكدت الوزارة في بيان صادر من العاصمة المؤقتة عدن أن مرتبات جميع الموظفين الذين ثبت وجود ازدواج أو تشابه في بياناتهم، ولم يحضروا للمطابقة أو لتقديم استقالاتهم، قد تم إيقافها اعتباراً من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. كما هددت بإيقاف صرف رواتبهم نهائياً ابتداءً من الشهر المقبل إذا لم يستكملوا إجراءات التصحيح.

منظر من طائرة من دون طيار لقلعة صيرة المطلة على ميناء عدن القديم (رويترز)

ودعت وزارة الخدمة المدنية والتأمينات جميع الموظفين المشمولين بقوائم الازدواج إلى مراجعة مكاتبها في المحافظات المحررة، كلٌّ بحسب وحدته الإدارية، لاستكمال الإجراءات المطلوبة لتصحيح أوضاعهم بشكلٍ عاجل، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الحكومية لضمان شفافية الإدارة العامة وترشيد الإنفاق وتحقيق العدالة الوظيفية.

تأتي هذه التحركات الحكومية في إطار خطة إصلاحات اقتصادية وإدارية شاملة تهدف إلى وقف الهدر المالي، وتعزيز الشفافية في القطاع العام، واستعادة الثقة الدولية بقدرة المؤسسات اليمنية على إدارة الموارد والمساعدات بفاعلية، في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية تعدّ من بين الأسوأ في العالم.

خطة استجابة إنسانية

نبهت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة إلى ضرورة إعداد خطة استجابة جديدة للاحتياجات الإنسانية والتنموية في البلاد، وبلورة وسائل عملية لسد الفجوة التمويلية التي أدَّت إلى خفض أعداد المستفيدين من المساعدات الأممية خلال الأشهر الأخيرة.

وخلال لقاء جمع نائب وزير الخارجية اليمني مصطفى نعمان مع مدير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في عدن، سعيد حرسي، جرى استعراض أولويات المرحلة المقبلة، بما في ذلك دعم المناطق المتضررة، وتحسين آليات التنسيق الميداني، ووضع خطة مشتركة لتنفيذ مشاريع إنسانية وتنموية تضمن الاستدامة وتعزز استقرار المجتمعات المحلية.

وبحسب المصادر الرسمية، ناقش الجانبان سبل تطوير التعاون وتعزيز الدعم الإنساني، مع التركيز على تداعيات إغلاق جماعة الحوثيين مكاتب الأمم المتحدة في مناطق سيطرتها، واختطاف عدد من موظفيها؛ الأمر الذي أدى إلى توقف إيصال المساعدات إلى ملايين المحتاجين.

نائب وزير الخارجية اليمني في عدن مع مدير مكتب الأمم المتحدة (إعلام حكومي)

وأكد المسؤول اليمني خلال اللقاء حرص الحكومة على تسهيل عمل المنظمات الدولية وتوفير بيئة آمنة تمكّنها من الوصول الفعّال إلى الفئات الأشد احتياجاً في مختلف المحافظات. كما شدد على أهمية التنسيق المستمر بين الحكومة ومكتب «أوتشا»، داعياً إلى اعتماد آليات رقابة ومتابعة شفافة تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها دون تدخلات أو عراقيل.

من جانبه، عبّر مدير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عن تقديره لتعاون الحكومة وتسهيلها لعمل المكتب وشركائه، مؤكداً الحرص على تعزيز الشراكة مع الجهات الحكومية لتطوير برامج الاستجابة الإنسانية ومواجهة التحديات القائمة، لا سيما في مجالات الغذاء والصحة والمياه.

وأوضح حرسي أن الأمم المتحدة تعمل حالياً على إعادة تقييم الاحتياجات الميدانية في ضوء المتغيرات الراهنة، مؤكداً استمرار الجهود الدولية لتخفيف معاناة اليمنيين، رغم الصعوبات التمويلية والقيود المفروضة على أنشطة المنظمات في مناطق سيطرة الحوثيين.