مصر: أفريقيا «الأكثر تضرراً» من التغيرات المناخية

طالبت بزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة

الدكتور محمود محيي الدين خلال كلمته بالمنتدى الإقليمي للمناخ بأديس أبابا (حساب محمود محيي الدين على «تويتر»)
الدكتور محمود محيي الدين خلال كلمته بالمنتدى الإقليمي للمناخ بأديس أبابا (حساب محمود محيي الدين على «تويتر»)
TT

مصر: أفريقيا «الأكثر تضرراً» من التغيرات المناخية

الدكتور محمود محيي الدين خلال كلمته بالمنتدى الإقليمي للمناخ بأديس أبابا (حساب محمود محيي الدين على «تويتر»)
الدكتور محمود محيي الدين خلال كلمته بالمنتدى الإقليمي للمناخ بأديس أبابا (حساب محمود محيي الدين على «تويتر»)

أكدت مصر أن قارة أفريقيا هي «الأكثر تضرراً» من التغيرات المناخية، مطالبةً بزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، وتخفيف الانبعاثات الكربونية الضارة، لمواجهة التحديات المناخية في دول القارة السمراء.
ويستضيف منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (كوب 27)، خلال الفترة من 7 - 18 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ «كوب 27»، إنه «على الرغم من إسهام أفريقيا بنسبة ضئيلة في إجمالي الانبعاثات الضارة العالمية، إلا أنها الأكثر تضررا من تداعيات تغير المناخ»، مطالباً بـ«دعم مسار العمل المناخي بأفريقيا مما يسهم في تحقيق الأهداف التنموية والمناخية المرجوة».
وأضاف المسؤول المصري، في كلمته خلال فعاليات منتدى «الطريق إلى مؤتمر الأطراف السابع والعشرين: المنتدى الإقليمي الأفريقي لمبادرات المناخ وتمويل العمل المناخي وأهداف التنمية المستدامة»، الذي يختتم أعماله غداً (الخميس) بأديس أبابا، أن «أفريقيا بحاجة إلى مزيد من الجهود لدفع أجندة العمل المناخي»، لافتاً إلى عدد من المشروعات المحتملة التي من «شأنها أن تسهم في معالجة أزمة المناخ» على حد قوله، مثل تحالف أفريقيا للهيدروجين الأخضر بين (مصر، وموريتانيا، وناميبيا، وكينيا، وجنوب أفريقيا).
وفي إطار التحضير لمؤتمر المناخ، تنظم الرئاسة المصرية 5 موائد إقليمية تحضيرية، تُركز على إتاحة تمويل المناخ وتوجيه الاستثمارات لدعم الجهود الدولية في مجال تغير المناخ، بالإضافة إلى تبني نهج شامل لتحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز على مجالات التحول العادل للطاقة والأمن الغذائي والانتقال إلى اقتصاد دائري، وتستضيف إثيوبيا المنتدى الإقليمي الأول في الفترة من 2 إلى 4 أغسطس (آب) الجاري.
وقال محيي الدين إنه «يتوجب على العالم أن يركز على بناء مجتمع منخفض الانبعاثات، وأكثر صلابة في مواجهة تداعيات تغير المناخ، علاوة على توفير وظائف خضراء جديدة»، محذراً من «تأثر اقتصاد القارة الأفريقية بأنماط المناخ المتطرفة، حيث تعتمد معظم الاقتصادات في القارة على الموارد الطبيعية (المعادن والزراعة والحياة البرية)»، مشيراً إلى أنه «وفقاً للأمم المتحدة، من المتوقع أن ينخفض إجمالي الناتج المحلي للقارة بنسبة 2.25٪ لتصل إلى 12.12٪”.
وأوضح محيي الدين أن «تبعات التغير المناخي تزيد من المخاطر الاقتصادية على القارة الأفريقية، حيث تؤدي إلى تقويض الفوائد الاقتصادية لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية»، مشيراً إلى أن أزمة الطاقة «تعد أكبر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية»، على حد قوله، حيث يؤكد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن «القارة الأفريقية تحتاج إلى استثمارات سنوية تقدر بنحو 25 مليار دولار في مجال الطاقة».
ودعا المسؤول المصري إلى «تبني سياسات لدعم وتمويل وزيادة الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة والمستدامة، وتخفيف الانبعاثات»، وقال إن «التمويل الدولي يمكن أن يلعب دوراً في خلق بيئات أكثر صموداً في مواجهة التغيرات المناخية».
وتعد قضية التمويل من بين القضايا الرئيسية المطروحة على أجندة قمة المناخ «كوب 27»، بهدف إلزام الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها الدولية السابقة في إطار قمم المناخ، بتمويل التكيف مع آثار التغيرات المناخية.
وأكد محيي الدين «ضرورة ألا يؤدي تمويل التكيف مع الأعباء المناخية، إلى زيادة أعباء الديون على دول العالم»، مشدداً على ضرورة توجيه التمويل إلى المشروعات ذات الأولوية.
https://twitter.com/UNenvoyMM/status/1554477767370149890?s=20&t=CuvRgbSSZxUozMyIFVptzA
ومن المقرر أن تستمر المنتديات التحضيرية خلال الفترة المقبلة، حيث يُعقد المنتدى الثاني في بانكوك مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة «آسيا - باسيفيك» في الخامس والعشرين من أغسطس الجاري. وتستضيف سانتياغو، مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأميركا اللاتينية والكاريبي المنتدى الثالث في الأول والثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل. فيما تستضيف بيروت مقر لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) المنتدى الرابع المخصص للدول العربية في الخامس عشر من سبتمبر. وتُختتم المبادرة بعقد المنتدى الخامس في جنيف مقر اللجنة الاقتصادية لأوروبا في العشرين من سبتمبر، على أن يتم عرض نتائج هذه الاجتماعات بمؤتمر المناخ «كوب 27» في شرم الشيخ.
وفي سياق متصل بحثت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية، مع المديرة الإقليمية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، خلال لقائمها في القاهرة اليوم (الأربعاء)، سبل تحفيز التمويل للقطاع الخاص، ومحاور العمل المشترك بشأن قمة المناخ «كوب 27»، وقالت المشاط، في بيان صحافي، إن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من التعاون مع البنك من أجل دفع الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة، بما يقلل الانبعاثات الضارة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، والتوسع في مشروعات الهيدروجين الأخضر»، مشيرةً إلى أنه «تم التباحث بشأن منتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي، والفعاليات المرتقب أن تُعقد خلاله في إطار التعاون المشترك وتنسيق الموقف الأفريقي فيما يتعلق بقمة المناخ».
بدورها أكدت الدكتورة هايكي هارمغارت، المديرة الإقليمية لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، «حرص البنك على تعزيز سبل التعاون المشترك مع الحكومة المصرية لا سيما في ضوء مؤتمر المناخ، بما يدعم التحول الأخضر، ويعزز خطط العمل المناخي، وذلك من خلال التمويلات التنموية والدعم الفني».
جدير بالذكر أن الاستثمارات التي ضخها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في مصر منذ عام 2012 بلغت نحو 8.6 مليار يورو، في 145 مشروعاً.
https://www.facebook.com/EgyptianCabinet/posts/pfbid0d6YnubiGLnE9XjctUG8ajLC8AwqpiQgR19gyGtnZsoKLguTmKFJixnQH2FLWkFZEl


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

هل وصلت العلاقات الجزائرية - الفرنسية لنقطة «اللاعودة»؟

الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

تشهد العلاقات المضطربة على مرّ التاريخ بين فرنسا والجزائر خضّات جديدة، إثر توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا، بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف كاتب جزائري - فرنسي في العاصمة الجزائرية، وهو ما يجعل البعض يرى أن العلاقة بين البلدين وصلت فعلاً إلى «نقطة اللاعودة».

سلطات فرنسا شنت حملة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق بسبب رسائل كراهية نشروها (أ.ب)

وأوقفت السلطات في باريس مؤخراً ثلاثة مؤثرين جزائريين للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب، ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري. أحدهم أوقف الجمعة في ضواحي غرونوبل، بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.

وزير الداخلية الفرنسية برونو ريتايو (أ.ب)

ونشر هذا الرجل: «أنا معك يا زازو»، مخاطباً مؤثراً جزائرياً آخر، يدعى يوسف أ، المعروف باسم «زازو يوسف»، كان قد أوقف قبل ساعات قليلة بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد «معارضي النظام الحالي في الجزائر»، بحسب القضاء الفرنسي. ونشر الشخص الثالث، الذي تم اعتقاله على تطبيق «تيك توك»: «اقتلوه، دعوه يتعذب»، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. وفتح القضاء أيضاً تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين، بسبب فيديوهات تنشر الكراهية. وقال المعارض الجزائري، شوقي بن زهرة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «العشرات» من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين، أو مزدوجي الجنسية «نشروا محتوى معادياً على الإنترنت».

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

كان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق «تيك توك»، وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.

* اتهام الجزائر بالتحريض

اتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه «الظاهرة»، والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، «يستقبل أيضاً مؤثرين» جزائريين. وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات «التشهيرية»، التي أدلى بها «مدون مغمور»، واعتبرتها جزءاً من «حملة افتراء غير محتملة»، لكنها أكدت على «دورها البناء في العلاقات بين البلدين». وحسب العديد من المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا، الذين التقتهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن غيرت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، موقفها من قضية الصحراء، التي كانت مسرحاً لنصف قرن من الصراع بين المغرب وجبهة «البوليساريو»، المدعومة من الجزائر. ففي نهاية يوليو (تموز) الماضي انحاز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية، معتبراً أن مستقبل الصحراء يكمن «في إطار السيادة المغربية»، وساعد ذلك في التقارب مع الرباط، واندلاع أزمة جديدة مع الجزائر، التي لم تعد تقيم علاقات دبلوماسية مع جارتها منذ أغسطس (آب) 2021.

الجزائر اعتبرت موقف الرئيس ماكرون من الصحراء المغربية «خيانة» لها (أ.ف.ب)

في صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة «للتقارب» مع الجزائر بشأن «قضايا الذاكرة»، ومسألة «الماضي الاستعماري»، المرتبطة بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن موقفه من الصحراء اعتبرته الجزائر «خيانة»، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية. سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي - الجزائري، بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

* امتعاض جزائري

بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها الكاتب صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفاً مغربياً يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة، في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن «الجزائر التي نحبها كثيراً، والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج»، مطالباً بالإفراج عن الكاتب المحتجز «بطريقة تعسفية تماماً».

الروائي المسجون في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

ومباشرة بعد ذلك، عبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من «التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة». ووصفتها بـ«التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي». في هذا السياق، أشار مدير «مركز الدراسات العربية والمتوسطية» في جنيف، حسني عبيدي، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى «نقطة اللاعودة». وأعرب عن أسفه لأن «تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة» من شأنها «تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين، وتكشف عن فشل الرئيس (الفرنسي) في سياسته حيال الجزائر». أما كريمة ديراش، الباحثة في «المركز الوطني الفرنسي» للبحث العلمي في باريس، فقد اعتبرت أننا «أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف»، و«يترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد»، وأمام سلطة جزائرية «حساسة جداً تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية». وشدّدت على أنه رغم هذه «المناوشات» المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية - الجزائرية «متينة» من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن فرنسا والجزائر «ثنائي يتنازع بانتظام».