جوائز «توني» المسرحية.. أفضل ممثلة وأفضل ممثل لبريطانيين

الفائزات أعلى حظًا من المعتاد والأعمال استمدت من الأدب والسينما

 طاقم أفضل مسرحية موسيقية «فان هوم» (رويترز)
طاقم أفضل مسرحية موسيقية «فان هوم» (رويترز)
TT

جوائز «توني» المسرحية.. أفضل ممثلة وأفضل ممثل لبريطانيين

 طاقم أفضل مسرحية موسيقية «فان هوم» (رويترز)
طاقم أفضل مسرحية موسيقية «فان هوم» (رويترز)

كما للسينما جائزتها الأولى المسمّاة بـ«أوسكار» وللتلفزيون الأميركي جائزة موازية باسم «إيمي»، فإن للمسرح الأميركي جائزته الكبرى المعروفة بجائزة «توني» تقام في أول يوم أحد من شهر يونيو (حزيران) من كل عام لإهداء من يستحق في التمثيل والكتابة والإخراج وبقية العناصر المكوّنة للعمل المسرحي.‬
وحازت الممثلة البريطانية الشهيرة هيلين ميرين على جائزة أفضل ممثلة، وذلك عن دورها في مسرحية «ذا أوديانس» (الجمهور) الذي جسدت فيه دور الملكة إليزابيث الثانية.
ووصفت ميرين فوزها بجائزة أفضل ممثلة بأنه «شرف عظيم». وبعد فوزها بالجائزة وهي أرفع جائزة تقدم في برودواي وجائزة «إيمي» وجائزة «الأوسكار»، قالت ميرين إنها تود أن تفوز بجائزة «غرامي» التي تمنح للمواد المسجلة. وقالت مازحة: «ينبغي أن أقرأ كتابًا عن المواد المسموعة».
بينما فازت مسرحية «فان هوم» بجائزة أفضل مسرحية موسيقية، وأفضل ممثل في مسرحية موسيقية لمايكل سيرفيريس في هذه الدورة التاسعة والستين لأرفع جائزة مسرحية أميركية.
وفازت المسرحية البريطانية «ذا كيورياس انسيدنت أوف ذا دوغ إن ذا نايت تايم» عن قصة صبي عبقري في الرياضيات ويعاني من متلازمة اسبرجر بخمس جوائز «توني»، بينها أفضل مسرحية، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل التي كانت من نصيب أليكس شارب.
وتفوق شارب في أول ظهور له على مسارح برودواي على نجم هوليوود برادلي كوبر والممثل المخضرم بيل ناي لينتزع جائزة أفضل ممثل.
وليست هناك جائزة كبرى وحيدة، بل عدّة جوائز تحمل هذه الصفة وعلى نحو طبيعي، فالمسرحيات، كالأفلام، يمكن تقسيمها وتصنيفها حسب أنواعها القصصية والإنتاجية، فهناك المسرحية الدرامية والمسرحية الكوميدية والمسرحية الاستعراضية وبرودواي، كونها ذلك الحي من نيويورك الذي يطمح إليه كل كاتب وفنان مسرحي يشهد في كل عام عروضًا لا تنقطع من مسرحيات في كل هذه الأنواع وفوقها ما يمكن وصفه بالتجريبية. لكن مسرحية «فان هوم» حصلت على نصيب الأسد بين المسرحيات الفائزة بجوائز «توني» هذا العام ولسبب وجيه؛ هي مسرحية استعراضية وافق معظم نقاد المسرح في نيويورك على وصفها بـ«الرائعة» و«المثيرة للإعجاب»، حين انطلقت للعروض في الشهر الثالث من هذا العام. وهي مقتبسة عن رواية وضعتها الكاتبة أليسون بشدل سنة 2006 وتناولت قصّة حياتها الخاصة؛ إذ هي وُلدت لأب مثلي؛ مما نتج عنه غموض علاقتها بأبيها ولاحقًا، باختياراتها من الأصدقاء. وفي حين أن الروايات التي تتحدث عن مثلية أبطالها ليست جديدة في ركن الأدب الأميركي (والغربي عمومًا)، إلا أن تحوّلها إلى المسرح الرئيس اعتبر حدثًا؛ من حيث إنها أول مسرحية تتناول مثلية بطلتها تعرض على منصات برودواي. لكن الوصول إلى هذه المكانة لم يكن سهلاً.
فالرواية تحوّلت إلى مسرحية سنة 2009 وقدّمت منذ ذلك الحين وحتى مطلع الشهر الثالث من هذا العام فوق مجموعة من المسارح الصغيرة بعيدا عن برودوي وحصلت على أفضل عمل مسرحي موسيقي، وبهذا تكون أنهت رحلة طويلة بنجاح تمنته لنفسها أعمال مسرحية كثيرة من النوع نفسه. وكانت بين أربعة أعمال مسرحية قويّة هذا العام تم ترشيحها للجائزة ذاتها وفي صدارتها، حسب نجاحها النقدي والجماهيري معًا، مسرحيتا «أميركي في باريس» (التي كانت فيلمًا نال الأوسكار سنة 1951 والتي فازت هنا بأفضل تصاميم رقص)، و«شيء عفن» التي تدور حول كاتبين مسرحيين في القرن السادس عشر يحاولان منافسة ويليام شكسبير مكانته. المسرحية الرابعة، وعنوانها «الزيارة» لم تحصد ما يذكر وهي مسرحية ألمانية الأصل وضعها سنة 1956 الكاتب فردريك دورنمات.
والجائزة الممنوحة إلى مسرحية يُعاد تقديمها بعد غياب، ذهبت إلى المسرحية الكلاسيكية الشهيرة «الملك وأنا» التي يعود تاريخها على المسرح إلى عام 1951 وهي ذات أصل روائي أيضا؛ إذ نشر العمل في كتاب بعنوان «آنا وملك سيام» سنة 1944.
وككل مجال آخر، هناك جوائز للفنانين أنفسهم بالطبع، ولوحظ هذا العام تعدد الفائزات من الإناث ولم يشمل ذلك الجوائز الأنثوية التقليدية مثل التمثيل. فجائزة أفضل تأليف موسيقي ذهبت إلى جينين تيسوري عن مسرحية «بيت الترفيه»، وجائزة أفضل كتابة مسرحية لليزا كرون (أيضا عن المسرحية ذاتها)، في حين نالت المخرجة المسرحية ماريان إليوت جائزة «توني» (ثاني مرّة) عن مسرحيتها «الحادثة الغريبة لكلب…».
وهناك أربع جوائز تمثيلية أخرى للنساء هي جائزة أفضل أداء نسائي لمسرحية موسيقية وفازت بها كيلي أوهارا عن دورها في «الملك وأنا» وجائزة أفضل أداء لدور بطولي في مسرحية موسيقية ومُنحت لروثي آن مايلز عن المسرحية ذاتها. وفي الجزء الدرامي من هذه الجائزة ذاتها فازت أنالي أشفورد عن دورها في «لا تستطيع أخذها معك» التي تغلّبت على منافسة عنيدة من باتريشا كلارك عن «الرجل الفيل».
و«الرجل الفيل» بدورها كانت فيلمًا سينمائيًا شهيرًا ورشحت هنا في إطار أفضل مسرحية في فئتها، لكنها خسرت المواجهة أمام مسرحية أنتجها سينمائي هو سكوت رودين بعنوان «سكايلايت»، ونافس منتج «سيكون هناك دم» و«جوليا وجوليا» و«لا بلد للمسنين»، علاوة على نحو خمسين فيلمًا آخر، نفسه عبر ترشيح مسرحية ثانية له عنوانها «هذا هو شبابك».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».