أوكرانيا تستأنف صادرات الحبوب للمرة الأولى منذ بداية الحرب

ترحيب دولي بـ«انفراج في أزمة الغذاء»... وتركيا تنتقد «مساعي الغرب لإضعاف روسيا»

السفينة المحمّلة بشحنة الحبوب لدى مغادرتها ميناء أوديسا أمس (رويترز)
السفينة المحمّلة بشحنة الحبوب لدى مغادرتها ميناء أوديسا أمس (رويترز)
TT

أوكرانيا تستأنف صادرات الحبوب للمرة الأولى منذ بداية الحرب

السفينة المحمّلة بشحنة الحبوب لدى مغادرتها ميناء أوديسا أمس (رويترز)
السفينة المحمّلة بشحنة الحبوب لدى مغادرتها ميناء أوديسا أمس (رويترز)

استأنفت أوكرانيا أمس الاثنين صادرات الحبوب للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي قبل ستة أشهر، مع إبحار أول سفينة من ميناء أوديسا بموجب اتفاق دولي سيسمح بالتخفيف من وطأة الأزمة الغذائية العالمية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش «بحرارة» بمغادرة أول سفينة، معرباً عن أمله في أن يحقق استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية «الاستقرار والمساعدة الضروريين للأمن الغذائي العالمي». وأكد أهمية الشحنة، التي قال إنها «ستحقق الاستقرار والمساعدة الضروريين للأمن الغذائي العالمي، خصوصاً في ظل الظروف الإنسانية الهشة جداً».
كذلك، أشار وزير الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا إلى «يوم انفراج بالنسبة للعالم، وخصوصاً بالنسبة لأصدقائنا في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا». وأوضح أن السفن الـ16 الأخرى المحملة بالحبوب «تنتظر دورها» لمغادرة أوديسا، في جنوب أوكرانيا.
ورحب الكرملين أيضاً بإبحار أول سفينة، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين: «بالنسبة لمغادرة أول سفينة، فهذا إيجابي جدا. فرصة جيدة لاختبار فاعلية الآليات التي تم الاتفاق عليها خلال المحادثات في إسطنبول».
ووصفت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إبحار رازوني بأنه «خطوة أولى مهمة». وأضافت: «يجب أن تمر هذه السفن بحرية. لا يمكن استهداف ميناء أوديسا بمزيد من القصف»، في إشارة إلى الضربة الروسية على الميناء الرئيسي في جنوب أوكرانيا في 23 يوليو (تموز)، والتي أثارت مخاوف بشأن تنفيذ الاتفاقية.
كما رحبت الخارجية الألمانية بأول شحنة حبوب أوكرانية منذ الحرب، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستوفر بورغر: «هذه بارقة أمل في أزمة الغذاء المتصاعدة»، مؤكدا ضرورة مواصلة تنفيذ اتفاقية تصدير الحبوب وتمكين المزيد من السفن من الإبحار. وأضاف بورغر في مؤتمر صحافي ببرلين: «في الوقت نفسه نعمل على قدم وساق لإنشاء طرق بديلة، لأن الأشهر القليلة الماضية أظهرت أنه سيكون من الإهمال الاعتماد الأعمى على تعهدات»، موضحا أن مبادرة المفوضية الأوروبية أدت بالفعل إلى زيادة هائلة في الصادرات عبر الطرق والسكك الحديدية إلى أوروبا.
أما الاتحاد الأوروبي فدعا إلى «التنفيذ الكامل» للاتفاق الذي تم التوصل إليه في إسطنبول لاستئناف الصادرات الأوكرانية، حسبما أعلن المتحدث باسم وزير خارجيته جوزيب بوريل. وقال بيتر ستانو: «هذه خطوة أولى مهمة للغاية ومرحب بها، ونتطلع إلى التنفيذ الكامل للاتفاقية واستئناف الصادرات الأوكرانية للعملاء المتأثرين بأزمة الغذاء في جميع أنحاء العالم»، بسبب حصار روسيا للموانئ الأوكرانية.
وشكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ تركيا لـ«دورها المحوري» في إتمام الاتفاق، ودعا بدوره إلى تطبيق كامل للاتفاق.
ويسمح الاتفاق الموقع في إسطنبول في 22 يوليو (تموز) بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، باستئناف الصادرات الأوكرانية تحت إشراف دولي. ووقعت اتفاقية مماثلة تضمن لموسكو تصدير منتجاتها الزراعية والأسمدة، رغم العقوبات الغربية. ويتوقع أن تساعد هاتان الاتفاقيتان في التخفيف من أزمة الغذاء العالمية التي ساهم فيها ارتفاع الأسعار في بعض أفقر دول العالم في ظل إغلاق الموانئ الأوكرانية بسبب الصراع مع روسيا.
وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن خروج سفن الحبوب من موانئ أوكرانيا سيتوالى وفق الآلية ذاتها التي اتبعت في خروج الشحنة الأولى من ميناء أوديسا، أمس الاثنين، وأشار إلى انتظار سفن تحمل مواد غذائية وكيميائية في موانئ روسيا ستكون بلاده ممتنة حال قدمت مساهمة في خروجها. وقال أكار إن السفينة التي انطلقت من ميناء أوديسا حاملة نحو 26 ألف طن من الذرة ستصل إسطنبول، (اليوم) الثلاثاء، وستخضع للتفتيش من قبل فريق مشترك يضم أعضاء من روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة، قبل توجهها إلى لبنان.
وأعلنت أنقرة وكييف مغادرة أول شحنة حبوب أوكرانية ميناء أوديسا، على ظهر سفينة تدعى «روزاني». وقالت وزارة الدفاع التركية إن السفينة تحمل علم سيراليون وتحمل نحو 26 ألف طن من الذرة.
وبحسب المركز المشترك لتنسيق إخراج الحبوب من أوكرانيا، في إسطنبول، ستتوجه السفينة إلى ميناء طرابلس في لبنان بعد خضوعها للفحص والتفتيش في تركيا. وهو إجراء سيطبق على جميع السفن المارة من مضيقي البوسفور والدردنيل في تركيا، ذهابا وإيابا، للتأكد من عدم حمل أسلحة أو معدات عسكرية لأوكرانيا. وأشار المركز إلى أن المزيد من السفن سينطلق تباعا.
واعتبر أكار، في مقابلة مع وكالة «الأناضول» الرسمية التركية أمس الاثنين، أن مسألة تحريك السفن من الموانئ الأوكرانية مسألة إنسانية وذات أهمية كبيرة، لافتا إلى أن روسيا وأوكرانيا تنتجان ثلث احتياجات العالم من الحبوب، وأن هناك كميات كبيرة من الحبوب تنتظر الخروج من الموانئ الأوكرانية، تبلغ أكثر من 25 مليون طن، وأن الاتفاقية الرباعية التي تم التوصل إليها بين روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة ووقعت في إسطنبول في 22 يوليو الماضي، بعد مشاورات طويلة ومكثفة، كانت الحل الأمثل لتحريك سفن الشحن. وأشار إلى وجود مواد غذائية وكيميائية تنتظر الشحن من موانئ روسيا، مضيفا «سنكون سعداء في حال قدمنا مساهمة بهذا الصدد». وحذر أكار من أن أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا، يمكن أن تؤثر في حركة الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا وتركيا.
وعن اتفاقية الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية، الموقعة بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، أكد أكار أنها ستتجدد تلقائيا بعد 120 يوما في حال عدم اعتراض أي من الجهتين المعنيتين بها (روسيا وأوكرانيا).
في سياق متصل، اتهم المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، بعض الدول الغربية بالسعي إلى إضعاف روسيا عسكريا واقتصاديا، من خلال فرض العقوبات عليها، وجعلها دولة متوسطة القوة. وقال كالين، في مقابلة تلفزيونية، إن «الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا تبعث على القلق للجميع... الطرفان سيخسران في هذا الصراع، والعالم سيتأثر سلبا من استمراره».


مقالات ذات صلة

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».