كيف تتطوّر إمكانات الأطفال الفكرية؟

الأغذية في السنوات الثلاث الأولى من عمرهم مهمّة جداً للذكاء

كيف تتطوّر إمكانات الأطفال الفكرية؟
TT

كيف تتطوّر إمكانات الأطفال الفكرية؟

كيف تتطوّر إمكانات الأطفال الفكرية؟

قليلةٌ هي الأشياء التي تُشعر الإنسان بالفرحة الاستثنائية، مثل تلك التي يجلبها المولود الجديد. ويثير أولادنا فينا أعمق الأحلام، ويحملون أرفع ما لدينا من الآمال. لذلك يجب أن نعرف أن تطور الإمكانات في الطفولة يحصل غالباً في مراحل النمو المبكّرة، وهذا الأمر ينطبق على الدماغ البشري خصوصاً.

دماغ الأطفال
يولد الأطفال مع مجموعة متكاملة من خلايا الدماغ، تتألّف من نحو 100 مليار خلية عصبية (عصبون). ينمو حجم الدماغ بمعدّل 4 أضعاف، من الولادة حتّى مرحلة البلوغ، ويحصل معظم هذا النموّ في السنوات الأولى من حياة الطفل، إذ يتضاعف حجم الدماغ في السنة الأولى، ثم يصل في سنّ الخامسة إلى 90 في المائة من حجمه الكامل عند البلوغ.
لكن إذا كانت الخلايا العصبية جميعها موجودة أصلاً في الدماغ، فما تفسير هذا النموّ الهائل؟ يعود السبب غالباً إلى الشبكة التي تصل هذه الخلايا العصبية بعضها ببعض، لتتيح للإشارات العصبية الانتقال من خليّة إلى أخرى مجاورة، ومن المشابك العصبية إلى الدوائر. عند الولادة، يبلغ عدد المشابك العصبية synapses 2500 في الخلية الواحدة، ويرتفع إلى 15 ألفاً في السنة الثانية أو الثالثة. ويعتمد النمو المهول للمفاصل الشبكية بين الخلايا العصبية على الانتشار المتسارع للتغصّنات (التشعبات أو الزائدة الشجرية) dendrites، أي المحلاق tendril العصبي الذي يستقبل الموجات من محور خلية عصبية أخرى.
يبدأ تكوّن الخلايا العصبية في الأسبوع السابع من الحمل، وبعد اكتمالها، تهاجر الخلية إلى مكانها في الدماغ، حيث ينمو لها تغصّنات وألياف تبرز من هيكلها الخلوي. يكتمل تكوّن الأعصاب تقريباً عند الولادة، بينما ينشط نمو التغصّنات والألياف بعدها.
وفي طريقة معقّدة لا تزال قيد الدراسة، تشكّل مجموعات من الخلايا العصبية ممرّات ودوائر، مهمّتها تأدية عمل الدماغ. تعتمد هذه المعالجة بشكلٍ كبير على الطاقة التي يتزوّد بها الطفل من محيطه، أي تجاربه المبكرة، ويعدّ التفاعل البشري واحداً من أبرز مصادر هذه الطاقة، ما يعني أنّ العناية الداعمة والتحفيز في السنوات الأولى من حياة الصغار يساهمان حرفياً في تكوين شبكات الدماغ، ويتحمّلان جزءاً كبيراً من مسؤولية نمو التشعّب التغصّني، شرط توفّر الأغذية الضرورية طبعاً.

العناية المبكرة
يُعدّ الأساس الهيكلي والوظيفي الذي تبنيه العناية المبكّرة؛ خصوصاً العلاقة بين الطفل والمسؤول عن العناية به، واحداً من أسباب التأثير طويل الأمد الذي تتركه التجارب على السلوك، وهكذا تمهّد التفاعلات المبكرة الطريق للتفاعلات المستقبلية. ويعجّ النموّ المبكّر للدماغ بالإمكانات، إذ تتكوّن المشابك العصبية بأعداد هائلة، ويُصار إلى التخلّص من غير النشطة منها لاحقاً، فضلاً عن أنّ الدماغ يتخلّص من نصف خلاياه خلال الطفولة والمراهقة.
هذا ما يُعرف بالتخلّق الشبكي Synaptogenesis (خلق المشابك بين الخلايا العصبية)، لكن توجد عملية مبكرة أخرى كامنة خلف القدرات الدماغية اللاحقة، وهي إفراز الميالين (النخاعين) Myelin، المادّة الدهنية التي تغطّي الألياف العصبية وتؤدّي دور المادّة العازلة التي تسرّع انتقال الموجات، وتمنح المادّة البيضاء في الدماغ (التي تتكوّن بجزءٍ كبيرٍ منها من المقذوفات العصبية) شكلها الخارجي.
يولد البشر بنظام عصبي مركزي خالٍ من الميالين. وتحصل عملية فرز هذه المادّة بالتزامن مع نموّ الدوائر الدماغية، وتكون في أوجّ قوّتها في السنوات الأولى من حياة الإنسان. وتبدأ عملية فرز الميالين في الفصوص الجبهية في عمر 6 أشهر، وتستمرّ حتّى المراهقة، وترتبط بشكلٍ مباشر بنموّ المعالجات الإدراكية وسرعات المعالجة الدماغية في الطفولة.

أغذية تعزز الدماغ
في البداية، يوفّر حليب الأمّ المكوّنات الغذائية والهرمونية الضرورية للنموّ، وتحضّر عملية الرضاعة الطبيعية الأرضية للانخراط الاجتماعي والتحفيز. * حليب الأم الطبيعي. يعرف بغناه بالأغذية التي تدخل في إنتاج الميالين، إلّا أنّ الأمهات المرضعات قد يفتقرن إلى بعض أنواع الأغذية، في ظلّ تطوّر الحاجات الغذائية المرتبطة بالأعصاب بسرعة عند الأطفال.
* فيتامينات «بي». في البداية، حتّى قبل تكوّن الخلايا العصبية، ينشأ الدماغ على شكل أنبوب عصبي جنيني، ويعدّ «فيتامين بي» غذاءً مهماً جداً لتكوّن هذا الأنبوب، وتحديداً النوعين «بي 9» (حمض الفوليك) و«بي 12» (الكوبالامين). ويمكن للنقص الحاد في «فيتامين بي» على أنواعه خلال الحمل أن يؤدّي إلى تعطّل نمو الدماغ الناشئ، وهذا ما دفع إلى إنتاج حبوبٍ مقوّاة بالفولات. ويُعتقد أيضاً أنّ نقص الأغذية في مرحلة مبكّرة من حياة الإنسان يمكن أن يؤثّر على تشكّل التغصّنات وعملية إنتاج الميالين.
تنطوي التغذية عامةً على أهميّة كبيرة بالنسبة لنمو الدماغ، كما الجسم، لأنّ النموّ غير الصحيح يمكن أن يؤدّي إلى ولادة أطفال بدماغ أصغر، وبمحتوى أقلّ من الحمض النووي والحمض النووي الريبي، وعددٍ أقلّ من الخلايا العصبية والشجيرات الغصنية، ومستويات منخفضة من الناقلات العصبية وعوامل النمو الدماغي.
* أحماض دهنية. يحتاج الدماغ لنموّه لأحماض دهنية متعددة غير مشبعة طويلة السلسلة، وأبرزها حمض الدوكوساهكساينويك وحمض الأراكيدونيك، اللذان يُنشّطان النمو العصبي وتطوّر المادّة البيضاء، ويساهمان بشكلٍ بنيوي في إنتاج الميالين، ويحفّزان نضوج الشبكات العصبية والنقل العصبي بينها.
تتميّز الفصوص الجبهية الأمامية (قواعد النشاطات الإدراكية المهمّة والتنظيم العاطفي) بغناها بحمض الدوكوساهكساينويك، أي أحد أبرز مكوّنات أغشية الخلايا العصبية، والمسهّل بدوره هذا لوظائف الخلايا، وحامي أنسجة الدماغ من الإجهاد التأكسدي. لكن تجدر الإشارة إلى أنّ استهلاك حمض الدوكوساهكساينويك - المتوفّر في الأسماك الدهنية - منخفض لدى الأطفال الصغار، وتبيّن في عددٍ من الدراسات أنّ تناوله على شكل مكمّلات غذائية يحسّن بعض الجوانب الإدراكية والأداء المدرسي.

أهمية الحديد
يُعدّ الحديد من العناصر الغذائية الضرورية أيضاً، ويجب الحصول عليه في الأوقات الصحيحة، لأنّه على قدرٍ بالغٍ من الأهميّة للإنزيم الذي ينظّم انقسام وتكاثر الخلايا في الجهاز العصبي المركزي، ويؤثّر بشكلٍ خاص على نمو الحصين الذي يلعب دوراً بارزاً في التعلّم والذاكرة. ويؤدّي النقص المبكّر في الحديد إلى تقزيم نموّ التغصّنات، واضطراب إنتاج الميالين، وتقليل فاعلية الحصين. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا النقص غير قابل للتعويض لاحقاً. بدورها، تحتاج عملية تكوين الدوبامين وغيره من الناقلات العصبية إلى نسبة محدّدة من الحديد.
يعدّ نقص الحديد المشكلة الغذائية الكبرى في العالم، إذ تشير الإحصاءات إلى أنّه يصيب 30 في المائة من الأطفال في عمر السنة والسنتين. ويحتوي حليب الرضاعة على كمية ضئيلة من الحديد، ما يعرّض الأطفال الذين يتغذّون بالرضاعة الطبيعية لخطر أكبر من غيرهم بالمعاناة من نقص الحديد بعد شهرهم الرابع.
يسير النمو البشري وفقاً لجدولٍ طَبَعي، حيث توجد فترات زمنية دقيقة وحسّاسة لنموّ بُنًى أساسية في الدماغ. ويعتمد النشاط الإدراكي على توفر المستويات الكافية والمناسبة من الأغذية، في وقتها الصحيح من السنوات الأولى لحياة الإنسان.
* «سايكولوجي توداي»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟
TT

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

«لقد عملت في مجال الذكاء الاصطناعي لمدة 13 عاماً، وقابلت كثيراً من الأشخاص الذين يشعرون بالقلق بشأنه»، يقول جورج كايلاس (*) الرئيس التنفيذي لشركة «بروسبيرو إيه آي ProsperoAi». ويضيف: «وفي رأيي، إنهم قلقون بشأن الأمور والجوانب الخاطئة له».

المخاوف من الذكاء الاصطناعي

لكن مخاوفهم تنقسم عموماً إلى فئتين:

1. الروبوتات القاتلة: متى ستكون هنا بالقرب منا؟ وإلى أي مدى ستكون قاتلة؟ هل لدينا فرصة للوقوف ضدها؟

2. الذكاء الفائق: عقل يرى كل شيء، والكاميرات وأي جهاز متصل بالإنترنت من «عيونه وآذانه». ويمكنه إجراء اتصالات وتوقعات تتجاوز فهمنا حرفياً.

وهذا الذكاء الخارق يبدو ملاصقاً في توجهاته للروبوتات القاتلة. على سبيل المثال، كان «Terminator» روبوتاً قاتلاً جرى إرساله إلى الوراء، في الوقت المناسب لقتل شخص بواسطة «Skynet»، وهو برنامج مستقبلي بذكاء فائق. ومثال آخر على الذكاء الفائق في الثقافة الشعبية، يحتوي برنامج «Person of Interest» على كومبيوتر شامل العلم يرى كل شيء ويمكنه التنبؤ بالمستقبل بما يتجاوز فهمنا.

مخاوف غير مبرَّرة

لا أجد أياً من هذه المخاوف ذات أهمية خاصة؛ لأننا لا نملك سبباً لاعتقاد أن الآلات ستكون عدوانية. لماذا نطبق أسوأ سمات البشرية على الآلات؟ إنها بالتأكيد ليست مثلنا.

لكن بخلاف ذلك، لا يمكننا حقاً الاقتراب من فهم كيف يفكر الذكاء الفائق. ربما يكون أقرب إلى ما قد يفكر فيه كثيرون على أنه صنم أعلى (إله اصطناعي)، وليس إنساناً.

مخاوف الذكاء الاصطناعي في إنفاذ القانون

وفي حين أن الذكاء الفائق والروبوتات القاتلة لم يظهرا بعدُ، فإليك ما أعتقد أنه يجب أن تقلق بشأنه الآن.

* التنبؤ بالجرائم المستقبلية. تعتزم الأرجنتين، من بين أمور أخرى، التنبؤ بالجرائم المستقبلية باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي المظهر يبدو هذا رائعاً، إذ تساعدنا أجهزة الكومبيوتر في تحسين الموارد، طوال الوقت.

* نظام رصد إطلاق النار. وفي هذا المجال، استخدمت شركة «بالتيمور تكنولوجيا» نظام «ShotSpotter (راصد الإطلاقات)»، الذي يحدد، على الفور، الموقع الذي يجري إطلاق النار منه، بوصفه جزءاً من نهج حديث للحد من الجريمة.

وهذا تطور إيجابي، لكنني قلِق بشأن مستقبل قريب مظلم وأكثر قتامة.

* الإجرام الجنسي. لدينا سِجل للمجرمين الجنسيين لكي يعرفهم الآباء المعنيون. ماذا لو لم يرتكب شخص جريمة بعدُ، لكن برنامج الذكاء الاصطناعي وجد أنه من المرجح بنسبة 80 في المائة أن يكون مجرماً جنسياً؟ هل سيبدأ هذا الشخص فقدان بعض حقوقه الدستورية؟

لا شك في أننا نعيش في عالم مخيف، لكن هل نحن مستعدّون للتعامل مع عواقب المجرمين المحتملين للغاية؟ وقبل أن تجيب بسرعة كبيرة، هل تكون مستعداً لتغيير حياة أحد أحبائك إذا قرر الكومبيوتر أن هناك احتمالاً لقيامه بشيء خاطئ، حتى لو لم يفعل ذلك بعد؟ متى قد نتجه إلى هذا الطريق؟

درجة الأمانة الشخصية

كانت هناك حلقة من مسلسل «المرآة السوداء (Black Mirror)»، حيث كان على امرأة رفع درجتها الاجتماعية للعيش في أفضل الشقق، والحصول على امتيازات الطيران وتأجير السيارات. وجرى تقييم المرأة من قِبل أشخاص آخرين بعد كل تفاعل. تخيل مستقبلاً، حيث تحاول المرور عبر باب آلي إلى متجرك المفضل، ويجري مسحُ وجهك وتكتشف أنه لم يعد يُسمح لك بدخول هذا المتجر.

من المؤسف أن أبلِّغكم بأن هذه ليست مجرد حلقة من ذلك المسلسل، فهناك بالفعل برنامج مماثل في الصين أدانته جماعات حقوق الإنسان. وفي إحدى الحالات، لم يُسمح لمحام بشراء تذكرة طائرة، إذ كانت المحكمة قد قررت أن اعتذاره عن تصرفٍ ما كان «غير صادق».

التزييف العميق للفيديوهات

قد تُشكل مقاطع الفيديو المزيفة أيضاً مشاكل للمجتمع. ففي هونغ كونغ، هرب المحتالون بأكثر من 25 مليون دولار، بعد إنشاء اجتماع افتراضي مزيف بالكامل، حيث كان جميع المشاركين، باستثناء الضحية، عبارة عن صور وأصوات مُفَبركة لأشخاص حقيقيين. واستخدم المحتالون صوراً وصوتاً متاحة للجمهور لإنشاء مقاطع فيديو مزيَّفة للموظفين، بما في ذلك مقطع فيديو مزيف للمدير المالي للشركة.

في المستقبل، قد يصبح الأمر أكثر رعباً. ماذا يحدث إذا تلقيتَ مكالمة من «والدتك» تقول إن هناك حالة طوارئ تتطلب أموالاً، أو تعتقد أنك رأيت أحد الساسة يقول لك شيئاً ما، لكنه كان مقطع فيديو للذكاء الاصطناعي.

كما أن هناك التفاعلات المحتملة مع الروبوتات الحقيقية أو البشر الآليين الذين لم يصلوا إلى الذكاء الفائق، لكن من المؤكد أنهم قد يخدعونك.

قلق من كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي

إن الذكاء الاصطناعي يحوّل عالمنا، بالفعل، بطرق نحتاج إلى الانتباه إليها الآن. في حين أن الخوف من الروبوتات القاتلة والذكاء الفائق يجذب خيالنا، فهذه ليست التهديدات المباشرة التي نواجهها.

إن القلق الحقيقي هو كيف يجري تطبيق الذكاء الاصطناعي، اليوم - التنبؤ بالجرائم قبل حدوثها، وتحديد مَن «المستحق» في نظام الائتمان الاجتماعي، واختلاق واقع افتراضي كامل من خلال التزييف العميق.

أسئلة أخلاقية واجتماعية

تثير هذه التطورات أسئلة أخلاقية ومجتمعية خطيرة. هل نحن مستعدون للعيش في عالم حيث يمكن لدرجات احتمالية الآلة أن تحدد حريتنا، أو مكانتنا الاجتماعية، أو حتى ثقتنا في الواقع؟

مع تقدمنا ​​​​في مجال الذكاء الاصطناعي، من الأهمية بمكان التأكد من كوننا أناسا متأملين ومتمرسين في كيفية استخدامنا تلك التكنولوجيا، وموازنة الابتكار مع القيم والحقوق التي تحددنا بصفتنا مجتمعاً.

لا يتعلق مستقبل الذكاء الاصطناعي بـ«الديستوبيا (المدينة الفاسدة التي تسودها المظالم)» البعيدة، إنه هنا بالفعل، لذا فان اختياراتنا للتنقل فيه هي التي ستشكل العالم الذي نعيش فيه غداً.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».