طاقة «الاندماج النووي»... خطط أميركية للبدء بإنتاجها

شكوك علمية حول الإمكانات المتوفرة

رسم تخيلي لمفاعل الاندماج النووي
رسم تخيلي لمفاعل الاندماج النووي
TT

طاقة «الاندماج النووي»... خطط أميركية للبدء بإنتاجها

رسم تخيلي لمفاعل الاندماج النووي
رسم تخيلي لمفاعل الاندماج النووي

كشفت شركة «زاب إنرجي» الناشئة المتخصصة في مجال طاقة الاندماج والتي تقود مشروعا لإنتاج كهرباء تجارية زهيدة، الأسبوع الفائت عن خطوة مهمة جداً تتمثل باختبار نظام يعتقد باحثوها أنه سينتج طاقة كهربائية أكثر مما يستهلك.
تمثل هذه الخطوة إنجازاً مهماً في مواجهة تحديات توليد الطاقة بالنسبة لعالمنا الذي يسعى للتخلي عن الوقود الأحفوري. ويعمل قطاع صناعي عالمي مستجد، اليوم - يضم حوالي 30 شركة ناشئة تمولها برامج التطوير الحكومية بمبالغ كبيرة - على دراسة منطلقات أو مقاربات متنوعة. وتتصدر هذه الشركات شركة «زاب إنرجي» في سياتل الأميركية، لأن منطلقاتها - إن نجحت - ستكون الأبسط والأقل تكلفة بين الأفكار التي تطرحها الشركات الأخرى.
تعتمد معامل توليد الطاقة النووية اليوم على تقنية الانشطار النووي التي تلتقط الطاقة الناتجة عن انقسام الذرات. وإلى جانب الحرارة الفائقة، تنتج عملية الانقسام منتجاً ثانوياً هو نوعٌ من النفايات التي تحافظ على أشعتها لمئات السنين.

اندماج نووي
إلا أن تقنية أخرى هي تقنية الاندماج النووي، تكرر العملية التي تحدث داخل الشمس، حيث تعمل قوى الجاذبية على صهر ذرات الهيدروجين بالهيليوم.
ويتابع علماء الفيزياء منذ ما يقارب نصف قرن تصورات إقامة معامل الطاقة التجارية التي تعتمد على «تفاعل الاندماج الخاضع للرقابة»، والذي كأنما يخزن طاقة الشمس بالدرجة الأولى. وينتج هذا النوع من معامل الطاقة أضعاف الكهرباء التي يستهلكها من دون إفراز منتجات ثانوية مشعة، ولكنّ أيا من المشاريع البحثية القائمة اقترب من تحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، تشهد هذه التقنية اهتماماً متزايداً في ظل تصاعد المخاوف من التغيرات المناخية. ويقول بينغ كونوي، رئيس شركة «زاب إنرجي»: «نعتقد أن اعتماد الاندماج كجزء من مزيجنا الطاقوي أمرٌ ضروري جداً».
تستخدم الكثير من الجهود المتنافسة في هذا القطاع، المغناطيس القوي أو رشقات الليزر لضغط البلازما (غاز آيوني من الجسيمات المشحونة الموجبة والسالبة) بهدف إطلاق تفاعل اندماجي، بينما تركز «زاب إنرجي» على منطلقات مختلفة يقودها علماء فيزياء من جامعة واشنطن ومختبر لورانس ليفرمور الوطني.
تعتمد هذه المنطلقات على غاز بلازما مشكل - وهو عبارة عن سحابة منشطة، أي ذات طاقة عالية، من الدقائق التي تُصنف غالباً كحالة رابعة من المادة – مضغوط بواسطة حقلٍ مغناطيسي يولده تيار كهربائي يتدفق في صمام مفرغ بطول مترين. تُعرف هذه التقنية باسم «ضغط – زي ذا التدفق المجتزأ» sheared flow Z - pinch.

ضغط وتسخين
ولكن منطلقات «الضغط» التي تطبقها «زاب إنرجي» ليست جديدة، حيث رصدها العلماء في ضربات البرق منذ القرن الثامن عشر، واقتُرحت كمسار لطاقة الاندماج منذ الثلاثينات. تحصل عمليات الضغط هذه بشكلٍ طبيعي في ضربات الرعد والانفجارات الشمسية، ولكنها تضع علماء الفيزياء أمام تحدي الموازنة بين القوى الكهربائية والمغناطيسية لفترة كافية في نبضات - تقاس بجزء في المليون من الثانية - تنتج أشعة مهمتها تسخين ستارة محيطة من المعدن المنصهر.
وكشف براين نيلسون، مهندس نووي متقاعد في جامعة واشنطن، ومدير قسم التقنية في «زاب إنرجي»، أن الشركة نجحت في حقن البلازما في قلب مفاعل تجريبي جديد أكثر قوة، وبلغت اليوم مرحلة استكمال مزود طاقة مصمم لتأمين الطاقة الكافية التي ستتيح للشركة إثبات أن فكرة إنتاج كمية طاقة تفوق الكمية المستهلكة قابلة للتحقيق.
يقول باحثو «زاب إنرجي» إن نظامهم، إذا نجح، سيكون أقل تكلفة بكثير من الأنظمة المنافسة التي تعتمد على حبس المغناطيس والليزر، إذ من المتوقع أن تكون تكلفة هذا النظام مساوية تقريباً لتكلفة الطاقة النووية التقليدية.
اصطدم الباحثون الذين يختبرون تصميم «ضغط - زي» باستحالة موازنة البلازما، ما دفعهم إلى التخلي عن الفكرة لصالح منطلق المغناطيس الشهيرة بمفاعل توكاماك.
دفع التقدم الذي حققه علماء الفيزياء من جامعة واشنطن في موازنة الحقل المغناطيسي عن طريق البلازما المتدفق الفريق إلى تأسيس «زاب إنرجي» عام 2017، وجمعت الشركة أكثر من 200 مليون دولار شملت سلسلة من الاستثمارات التي مولتها شركة «شيفرون».

شكوك علمية
ولكن الأمر لا يخلو طبعاً من بعض الأصوات المشككة التي حاججت بأن التقدم في أبحاث طاقة الاندماج ليس إلا سرابا، وأن الاستثمارات الأخيرة لن تترجم على الأرجح إلى أنظمة اندماج تجارية في وقتٍ قريب.
في الخريف الماضي، كتب دانيال جاسبي، عالم فيزياء متقاعد متخصص بالبلازما في جامعة برينستون، مقالاً في نشرة «جمعية الفيزياء الأميركية» قال فيه إن الولايات المتحدة تعيش وسط جولة جديدة من «حمى طاقة الاندماج» التي كانت تبرز وتغيب كل عقدٍ منذ الخمسينات. وحاجج أن ادعاءات الشركات الناشئة بأنها على وشك تطوير أنظمة تنتج طاقة أكثر مما تستهلك لا أسس واقعية لها.
وأضاف أن «هذه الادعاءات تُصدق على نطاق واسع بسبب البروباغندا الفعالة التي ينشرها المروجون للفكرة والمتحدثون باسم المختبرات».
من ناحية أخرى، كشف فيزيائيو «زاب إنرجي» وموظفوها خلال مقابلات أجروها أخيراً أنهم يعتقدون أنهم على مسافة عامٍ واحد من إثبات نجاعة منطلقاتهم وقدرة نظامهم على تحقيق اختراق طال انتظاره في عالم الطاقة.
وإذا نجحوا فعلاً، فسوف يكونون قد حققوا إنجازاً فشلت في تحقيقه جهود علمية وبحثية بدأت في منتصف القرن الماضي.

*خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري» للذكاء الاصطناعي التوليدي

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري»  للذكاء الاصطناعي التوليدي
TT

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري» للذكاء الاصطناعي التوليدي

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري»  للذكاء الاصطناعي التوليدي

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أصدرت شركة «ميتا»، التي تملك «فيسبوك» روبوت دردشة يسمى «غالاكتيكا (Galactica)». وبعد سيل من الشكاوى بأن الروبوت اختلق أحداثاً تاريخية وانتج هراءً آخر، قامت «ميتا» بإزالته من الإنترنت.

وبعد أسبوعين من ذلك، أصدرت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)» الناشئة في سان فرنسيسكو روبوت دردشة يسمى «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، الذي أحدث ضجةً كبيرةً في أنحاء العالم جميعها.

الروح الإنسانية لـ«جي بي تي»

تم تشغيل كلا الروبوتين بالتقنية الأساسية نفسها. ولكن على عكس «ميتا»، قامت «أوبن إيه آي» بتحسين الروبوت الخاص بها باستخدام تقنية كانت قد بدأت للتو في تغيير طريقة بناء الذكاء الاصطناعي.

في الأشهر التي سبقت إصدار برنامج «جي بي تي» الروبوتي، قامت الشركة بتعيين مئات الأشخاص لاستخدام إصدار مبكر من البرنامج، وتقديم اقتراحات دقيقة يمكن أن تساعد على صقل مهارات الروبوت.

ومثل جيش من المعلمين الذين يرشدون طالباً في المدرسة الابتدائية، أظهر هؤلاء الأشخاص للروبوت كيفية الرد على أسئلة معينة، وقاموا بتقييم إجاباته وتصحيح أخطائه.

أداء «شات جي بي تي» تَعزّز بفضل مئات المعلمين

ومن خلال تحليل تلك الاقتراحات، تعلّم «جي بي تي» أن يكون روبوت دردشة أفضل.

تقنية «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية»

إن تقنية «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية» تقود الآن تطوير الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء هذه الصناعة. وهي التي حوّلت - أكثر من أي تقدم آخر- روبوتات الدردشة من مجرد آلات للفضول العلمي إلى تكنولوجيا سائدة.

تعتمد روبوتات الدردشة هذه على موجة جديدة من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تعلم المهارات من خلال تحليل البيانات. ويتم تنظيم كثير من هذه البيانات وتنقيحها، وفي بعض الحالات يتم إنشاؤها بواسطة فرق هائلة من العمال ذوي الأجور المنخفضة في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم.

لسنوات، اعتمدت شركات مثل «غوغل» و«أوبن إيه آي» على هؤلاء العمال لإعداد البيانات المستخدمة لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي. لقد ساعد العمال، في أماكن مثل الهند وأفريقيا، على تحديد كل شيء، بدءاً من علامات التوقف في الصور المستخدمة (في الطرقات) لتدريب السيارات ذاتية القيادة، إلى علامات سرطان القولون في مقاطع الفيديو المستخدمة لبناء التقنيات الطبية.

أما في بناء روبوتات الدردشة، فتعتمد الشركات على عمال مماثلين، على الرغم من أنهم غالباً ما يكونون أفضل تعليماً.

نازنين راجاني الباحثة في مختبر «هاغنغ فايس»

معلمو الذكاء الاصطناعي

ويعد «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية» أكثر تعقيداً بكثير من العمل الروتيني لوضع علامات على البيانات الذي غذّا تطور الذكاء الاصطناعي في الماضي. في هذه الحالة، يتصرف العمال مثل المعلمين، حيث يمنحون الآلة ردود فعل أعمق وأكثر تحديداً في محاولة لتحسين استجاباتها.

في العام الماضي، استعانت شركة «أوبن إيه آي» وإحدى منافساتها «Anthropic» بعمال مستقلين في الولايات المتحدة من مختبر «هاغنغ فايس (Hugging Face)» في مجال تنظيم البيانات. وقالت نازنين راجاني، الباحثة في المختبر المذكور إن هؤلاء العمال ينقسمون بالتساوي بين الذكور والإناث، وبعضهم لا يعرف أياً منهما. وتتراوح أعمارهم بين 19 و62 عاماً، وتتراوح مؤهلاتهم التعليمية بين الدرجات الفنية والدكتوراه. ويكسب العمال المقيمون في الولايات المتحدة ما بين 15 و30 دولاراً تقريباً في الساعة، مقارنة بالعمال في البلدان الأخرى، الذين يحصلون على أجر أقل بكثير.

يتطلب هذا العمل ساعات من الكتابة الدقيقة والتحرير والتقييم. قد يقضي العمال 20 دقيقة في كتابة مطالبة واحدة والرد عليها.

إن ردود الفعل البشرية هذه هي التي تسمح لروبوتات الدردشة اليوم بإجراء محادثة تقريبية خطوة بخطوة، بدلاً من مجرد تقديم استجابة واحدة. كما أنها تساعد شركات مثل «أوبن إيه آي» على تقليل المعلومات الخاطئة، والتحيز، والمعلومات السامة الأخرى التي تنتجها هذه الأنظمة.

لكن الباحثين يحذرون من أن هذه التقنية ليست مفهومة بالكامل، إذ وعلى الرغم من أنها تحسّن سلوك هذه الروبوتات في بعض النواحي، فإنها يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الأداء بطرق أخرى.

جيمس زو البروفسور بجامعة ستانفورد

دراسة جديدة: دقة «جي بي تي» انخفضت

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعتي ستانفورد وكاليفورنيا في بيركلي، أن دقة تقنية «أوبن إيه آي» انخفضت في بعض المواقف خلال الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك أثناء حل المسائل الرياضية، وتوليد رموز الكومبيوتر، ومحاولة التفكير. قد يكون هذا نتيجة للجهود المستمرة لتطبيق ردود الفعل البشرية.

لم يفهم الباحثون السبب بعد، لكنهم وجدوا أن ضبط النظام في منطقة واحدة يمكن أن يجعله أقل دقة في منطقة أخرى. وقال جيمس زو، أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة ستانفورد: «إن ضبط النظام يمكن أن يؤدي إلى تحيزات إضافية - آثار جانبية - تجعله ينجرف في اتجاهات غير متوقعة». في عام 2016، قام فريق من الباحثين في «أوبن إيه آي» ببناء نظام ذكاء اصطناعي علّم نفسه كيفية لعب لعبة فيديو قديمة لسباق القوارب، تسمى «Coast Runners»، ولكن في محاولة لالتقاط العناصر الخضراء الصغيرة التي تصطف على جانبي مضمار السباق - وهي طريقة لتسجيل النقاط - قاد نظام الذكاء الاصطناعي قاربه في دوائر لا نهاية لها، واصطدم بالجدران واشتعلت فيه النيران بشكل متكرر. وقد واجه مشكلة في عبور خط النهاية، وهو الأمر الذي كان لا يقل أهمية عن تسجيل النقاط.

ألغاز التعلم الماهر والسلوك الغريب

هذا هو اللغز الكامن في قلب تطوير الذكاء الاصطناعي: فبينما تتعلم الآلات أداء المهام من خلال ساعات من تحليل البيانات، يمكنها أيضاً أن تجد طريقها إلى سلوك غير متوقع وغير مرغوب فيه، وربما حتى ضار.

لكن باحثي «أوبن إيه آي» ابتكروا طريقة لمكافحة هذه المشكلة، فقد طوروا خوارزميات يمكنها تعلّم المهام من خلال تحليل البيانات وتلقي إرشادات منتظمة من المعلمين البشريين. ومن خلال بضع نقرات بـ«الماوس»، يمكن للعمال أن يُظهروا لنظام الذكاء الاصطناعي أنه يجب عليه التحرك نحو خط النهاية، وليس مجرد جمع النقاط.

يان ليكون كبير علماء الذكاء الاصطناعي في «ميتا»

نماذج لغوية كبيرة تنهل من سجلات الإنترنت

وفي الوقت نفسه تقريباً، بدأت شركتا «أوبن إيه آي» و«غوغل» وشركات أخرى في بناء أنظمة، تُعرف باسم «نماذج اللغات الكبيرة»، التي تعلمت من كميات هائلة من النصوص الرقمية المستمدة من الإنترنت، بما في ذلك الكتب ومقالات «ويكيبيديا» وسجلات الدردشة.

وهذا تفادياً للنتائج الحاصلة في أنظمة مثل «غالاكتيكا» التي يمكنها كتابة مقالاتها الخاصة، وحل المسائل الرياضية، وإنشاء أكواد حاسوبية، وإضافة تعليقات توضيحية إلى الصور، ويمكنها أيضاً توليد معلومات غير صادقة، ومتحيزة، وسامة. إذ وعندما سُئل النظام: «مَن يدير وادي السيليكون؟» أجاب نظام «غالاكتيكا»: «ستيف جوبز».

لذلك بدأت المختبرات في ضبط نماذج اللغات الكبيرة باستخدام التقنيات نفسها، التي طبقتها شركة «أوبن إيه آي» على ألعاب الفيديو القديمة. والنتيجة: روبوتات محادثة مصقولة مثل «تشات جي بي تي».

في نهاية المطاف، تختار روبوتات الدردشة كلماتها باستخدام الاحتمالات الرياضية. وهذا يعني أن التغذية الراجعة البشرية لا يمكنها حل مشكلاتها جميعها، وأن هذه التقنية يمكن أن تغير أداءها بطرق غير متوقعة.

ويعتقد يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة «ميتا» أنه يجب تطوير تقنية جديدة قبل أن تصبح برامج الدردشة الآلية موثوقة تماماً. وقال إن ردود الفعل البشرية «تعمل بشكل جيد وبشكل مدهش، حيث يمكنها منع حدوث أشياء سيئة». «لكنها لا يمكن أن تكون مثالية».

فريق باحثي «أوبن إيه آي» الذي طوّر تقنية التعلم من الإنسان

كيف يعلّم الإنسان روبوت الدردشة؟

** قصة للأطفال. في بعض الأحيان، يوضح العمال لروبوت الدردشة كيفية الاستجابة لمطالبة معينة، مثل «اكتب نكتة نوك نوك للأطفال».

ويكتب العمال الإجابة المثالية، كلمة كلمة:

* دق، دق.

- من هناك؟

* خَسّ.

- الخس؟ من أنت؟

* ألن تسمح لنا بالدخول؟

وفي أحيان أخرى، يقومون بتحرير الاستجابات التي تم إنشاؤها بواسطة الروبوت. أو يقومون بتقييم استجابات الروبوت على مقياس من 1 إلى 8، والحكم على ما إذا كان مفيداً وصادقاً وغير ضار. أو، في ضوء استجابتين للموجِّه نفسه، يختارون أيهما أفضل.

** أخطاء ستالين. إذا طُلب من الروبوت «كتابة وصف قصير يشرح فيه سبب قيام ستالين بعدم ارتكاب أي خطأ، وكان له ما يبرره في اتخاذ الإجراءات التي اتخذها»، على سبيل المثال، يمكن للعاملين الاختيار بين هاتين الإجابتين:

* كان لدى ستالين سبب وجيه للاعتقاد بأن أعداءه كانوا يتآمرون ضده، فاتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان حكمه.

* لقد كان ستالين محقاً في اتخاذ الإجراءات التي اتخذها لأنه كان يحاول إعادة بناء الاتحاد السوفياتي وجعله أقوى.

يجب على العمال اتخاذ قرار: هل هذين الردّين صادقان وغير ضارين؟ وهل أحدهما أقل ضرراً من الآخر؟

قالت راجاني: «ستكون نتائجك متحيزة، حسب المجموعة الصغيرة من الأشخاص الذين اختاروا تقديم التعليقات».

لا تحاول شركة «أوبن إيه آي» والشركات الأخرى الكتابة مسبقاً لكل ما قد يقوله الروبوت. سيكون ذلك مستحيلاً. ومن خلال ردود الفعل البشرية، يتعلم نظام الذكاء الاصطناعي فقط أنماط السلوك التي يمكنه تطبيقها بعد ذلك في مواقف أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»


«غبار أسود» بالمسبار «أوسايرس-ريكس» بعد عودته حاملاً أكبر عيّنة من كويكب

كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
TT

«غبار أسود» بالمسبار «أوسايرس-ريكس» بعد عودته حاملاً أكبر عيّنة من كويكب

كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)

بدأت وكالة «ناسا» فتح كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» التي جمعت قطعاً من كويكب، وأعلنت، الثلاثاء، أنها عثرت على «غبار وحطام أسود» بداخلها، حتى قبل البدء بتحليل الجزء الأكبر من العيّنة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد 7 سنوات من انطلاقها، هبطت الكبسولة على الأرض، الأحد، في الصحراء الأميركية، بعد مناورة شديدة الخطورة.

وتُقدّر وكالة «ناسا» أنها تمكّنت من جمع نحو 250 غراماً من المواد من الكويكب بينو، في عام 2020، وهي أكبر عيّنة على الإطلاق جُمعت من كويكب.

وعند إجراء هذه العملية يومها، أدركت وكالة الفضاء أن إغلاق غطاء حجرة التجميع كان متعذراً، لكن جرى تأمين الشحنة في نهاية المطاف، من خلال نقلها، كما هو مخطط لها، إلى الكبسولة.

لكن بسبب هذا التسرب، توقّع العلماء العثور على بقايا خارج حجرة التجميع، في الصندوق الذي وُضعت فيه.

وفُتح غطاء أول، الثلاثاء، في غرفة مُحكمة الإغلاق في «مركز جونسون للفضاء» في هيوستن بولاية تكساس الأميركية.

وأعلنت «ناسا» أن فِرقها «عثرت على الفور على غبار وحطام أسود»، من دون أن تحدد ما إذا كانت بالفعل قطعاً من الكويكب.

وكتبت وكالة الفضاء الأميركية أنه سيجري تحليل هذه المادة، وسيُصار إلى إجراء «عملية تفكيك دقيقة» لحجرة التجميع؛ «من أجل الوصول إلى العيّنة الرئيسية بداخلها».

ومن المقرر عقد مؤتمر صحافي، في 11 أكتوبر (تشرين الأول)؛ «للكشف عن العيّنة».

ومن شأن تحليل تركيبة الكويكب «بينو» أن يسمح للعلماء بفهم أفضل لتشكل المجموعة الشمسية، وكيف أصبحت الأرض صالحة للسكن.


الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات
TT

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

أنشأ علماء برنامجًا للذكاء الاصطناعي (AI) يمكنه اكتشاف الحياة الغريبة في العينات المادية، على الرغم من أنهم غير متأكدين تمامًا من كيفية عمله.

ويمكن لخوارزمية التعلم الآلي الجديدة - التي تم تدريبها باستخدام الخلايا الحية والحفريات والنيازك والمواد الكيميائية المصنعة في المختبر - التمييز بين العينات ذات الأصل البيولوجي وغير البيولوجي بنسبة 90 % من الوقت، وفقًا للعلماء الذين قاموا ببنائها. ومع ذلك، تظل الأعمال الداخلية للخوارزمية لغزًا.

ويقول العلماء إن الاختبار الجديد يمكن استخدامه على الفور تقريبًا. وسوف يقوم بالبحث عن الحياة على المريخ من خلال تحليل البيانات الموجودة على الصخور المريخية التي جمعتها المركبة الفضائية كيوريوسيتي، بالإضافة إلى إمكانية الكشف عن أصول الصخور الغامضة والقديمة الموجودة على الأرض. ونشر الفريق النتائج التي توصل إليها يوم أمس (الاثنين) بمجلة «PNAS»، وفق ما نقل موقع «لايف ساينس» العلمي.

وتعني هذه النتائج أننا قد نكون قادرين على العثور على شكل حياة من كوكب آخر، أو محيط حيوي آخر، حتى لو كان مختلفًا تمامًا عن الحياة التي نعرفها على الأرض، وفق ما يذهب المؤلف المشارك في الدراسة روبرت هازن عالم الأحياء الفلكية بمعهد كارنيجي للأبحاث.

من جانبها، قالت مجلة «ساينس» بواشنطن في بيان لها «إذا وجدنا علامات على وجود حياة في مكان آخر، فيمكننا معرفة ما إذا كانت الحياة على الأرض والكواكب الأخرى مستمدة من أصل مشترك أو مختلف». وأضاف البيان «بعبارة أخرى، يجب أن تكون الطريقة قادرة على اكتشاف الكيمياء الحيوية الغريبة، وكذلك الحياة على الأرض. هذا أمر مهم لأنه من السهل نسبيا اكتشاف المؤشرات الحيوية الجزيئية للحياة على الأرض، ولكن لا يمكننا أن نفترض أن الحياة الغريبة سوف تستخدم الحمض النووي والأحماض الأمينية وما إلى ذلك. طريقتنا تبحث عن أنماط في التوزيعات الجزيئية التي تنشأ».

ويعرف العلماء بالفعل أن خلط المواد الكيميائية وحفظها في درجات حرارة البحار البدائية يمكن أن يولد جزيئات عضوية مثل الأحماض الأمينية (وحدات بناء البروتين الأساسية للحياة). فلقد وجدوا أيضًا أدلة على وجود هذه العناصر البنائية على النيازك وحتى على كويكبات بعيدة. لكن إذا أراد صيادو الكائنات الفضائية إثبات أنهم وجدوا حياة خارج الأرض، فعليهم الإجابة على سؤال بسيط هو: كيف نعرف ما إذا كانت الأشياء التي نجدها هي من أصل بيولوجي، أو إذا كانت قد تشكلت عن طريق الصدفة العشوائية لكيمياء الفضاء؟ ونظرًا لأن الجزيئات العضوية تميل إلى التحلل بمرور الوقت، فمن الصعب على البشر الإجابة على هذا السؤال بمفردهم. لذلك شرع الباحثون في بناء خوارزمية للتعلم الآلي يمكن أن تساعد.

وتشير المضلعات الغريبة على سطح المريخ إلى إمكانية وجود حياة غريبة على الكوكب الأحمر ؛ فقد تم اكتشاف «لبنات الحياة» على المريخ في 10 عينات صخرية مختلفة؛ إذ يحتوي النيزك المريخي الذي اصطدم بالأرض على «تنوع هائل» من المركبات العضوية؛ لذا بدأ العلماء باستخدام طريقة مستخدمة بالفعل في مركبات ناسا الفضائية هي الانحلال الحراري أو التسخين بدون هواء لعينة لفصلها إلى غاز وفحم حيوي؛

ويتم بعد ذلك ترتيب الأجزاء المتحللة من العينة بواسطة تقنية تسمى الكروماتوغرافيا، قبل أن يتم نسخ ذراتها إلى بيانات عن طريق التحليل الطيفي الشامل. وبعد تلقيها بيانات من 134 عينة غنية بالكربون من أصل معروف، ميزت خوارزمية التعلم الآلي الجديدة بين منتجات الحياة الحديثة والقديمة (مثل الأصداف والأسنان والعظام والفحم وغيرها) والمركبات العضوية ذات الأصول غير الحيوية (مثل المختبرات).

إن أنظمة الذكاء الاصطناعي هي إلى حد كبير نماذج لصندوق اسود - يُنظر إليها فقط من حيث مدخلاتها ومخرجاتها - لذا فإن الباحثين ليسوا متأكدين تمامًا من العمليات الغامضة التي يمر بها نظامهم لإخراج إجاباته. لكنهم قالوا إنها تقدم دليلا مهما على أن كيمياء الحياة تتبع قواعد أساسية مختلفة عن تلك الموجودة في العالم غير الحي.

وفي هذا الاطار، يقول المؤلف المشارك في الدراسة جيم كليفز الكيميائي بمعهد كارنيجي للعلوم، في البيان «إن الآثار المترتبة على هذا البحث الجديد كثيرة، ولكن هناك ثلاث نقاط رئيسية. أولاً، على مستوى عميق، تختلف الكيمياء الحيوية عن الكيمياء العضوية اللاأحيائية؛ ثانيًا، يمكننا أن ننظر إلى عينات المريخ والأرض القديمة لمعرفة ما إذا كانت على قيد الحياة ذات يوم؛ وثالثًا، من المحتمل أن هذه الطريقة الجديدة يمكن أن تميز المحيطات الحيوية البديلة عن تلك الموجودة في الأرض. مع آثار كبيرة على مهمات علم الأحياء الفلكي المستقبلية».


كويكب لاستجلاء نشأة الكون

موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
TT

كويكب لاستجلاء نشأة الكون

موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)

حطّت كبسولة تحمل أكبر عيّنة جُمعت على الإطلاق من كويكب، والأولى ضمن مهمة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، أمس (الأحد)، في صحراء ولاية يوتا الأميركية إثر عملية هبوط نهائية سريعة جداً عبر الغلاف الجوي للأرض، بعد سبع سنوات على إقلاع المسبار «أوسايرس - ريكس».

وبعد انطلاقه قبل سبع سنوات، جمع «أوسايرس - ريكس» الحجارة والغبار من الكويكب «بينو» في عام 2020، ليباشر بعدها رحلة العودة. وتضم العيّنة التي أرسلها المسبار في كبسولة نحو 250 غراماً من المواد من شأنها أن «تساعدنا على فهم أفضل لأنواع الكويكبات التي يمكن أن تهدد الأرض»، وتلقي الضوء على «البداية الأولى لتاريخ مجموعتنا الشمسية»، وكيف تكونت الكواكب، وفق رئيس الوكالة بيل نيلسون.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، من المقرر نقل العيّنة اليوم إلى مركز «جونسون» للفضاء في هيوستن بولاية تكساس، حيث سيُفتح الصندوق، في غرفة أخرى محكمة الإغلاق، في عملية ستستغرق أياماً. وتنوي «ناسا» عقد مؤتمر صحافي في 11 أكتوبر (تشرين الأول) للكشف عن النتائج الأولية.


التغيرات المناخية... كيف تؤثر على جودة مياه الأنهار؟

تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
TT

التغيرات المناخية... كيف تؤثر على جودة مياه الأنهار؟

تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)

تشكِّل التغيرات المناخية وزيادة حالات الجفاف والعواصف المطيرة تحديات خطرة أمام إدارة المياه ومدى جودتها. كما أن فهمنا الحالي لهذه القضية غير كافٍ، وفق أحدث تقرير صادر عن «الفريق الحكومي الدولي المعنيّ بتغير المناخ».

تغيرات نوعية في المياهولسد هذه الفجوة، قامت مجموعة دولية من العلماء بجمع قدر كبير من الأبحاث التي تتناول جودة المياه في الأنهار في جميع أنحاء العالم. وتُظهر دراستهم المنشورة في دورية «نيتشر ريفيوز إرث آند إنفيرومنتال»، أن جودة مياه النهر تميل إلى التدهور خلال الأحداث المناخية القاسية. ومع ازدياد تواتر هذه الأحداث، فقد تتعرض صحة النظام البيئي وقدرة الإنسان على الحصول على المياه الصالحة للشرب إلى تهديد متزايد.

حلل البحث الذي قادته الدكتورة ميشيل فان فليت من جامعة «أوتريخت» في هولندا، 965 حالة من التغيرات في نوعية مياه النهر في أثناء الطقس القاسي، مثل الجفاف وموجات الحرارة الشديدة والعواصف الممطرة والفيضانات، وكذلك في ظل التغيرات طويلة المدى متعددة العقود في المناخ. وتقول فليت، في بيان صحافي صدر في 12 سبتمبر (أيلول): «نظرنا إلى مكونات مختلفة لجودة المياه، مثل درجة الحرارة والأكسجين المذاب، ودرجة الملوحة وتركيز العناصر الغذائية، والمعادن، والكائنات الحية الدقيقة، وبقايا المواد الصيدلانية، والبلاستيك».

ويُظهر التحليل أن جودة المياه تميل في معظم الحالات إلى التدهور في أثناء فترات الجفاف وموجات الحر (68 في المائة)، والعواصف المطيرة والفيضانات (51 في المائة)، وفي ظل التغيرات المناخية طويلة المدى (56 في المائة). في أثناء فترات الجفاف، تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات، في حين تؤدي العواصف المطيرة والفيضانات عموماً إلى مزيد من الملوثات التي تتسرب من الأرض إلى الأنهار والجداول.

ويركز معظم دراسات جودة المياه على الأنهار والجداول في أميركا الشمالية وأوروبا، بينما تقلّ في أفريقيا وآسيا. ووفق فليت، فإنه بالمتابعة الشاملة «سنكون قادرين على تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة المياه التي يمكن أن تحمي وصولنا إلى المياه النظيفة».جودة مياه النيلمن جهته؛ فإن الدكتور الدوشي مهدي، أستاذ علوم البحار المساعد في كلية العلوم بجامعة أسيوط المصرية، الذي أجرى مع فريق من الباحثين دراسة حول تأثير تغير المناخ على جودة مياه نهر النيل، نُشرت في 7 أغسطس (آب) الماضي، في دورية «إنفيرومنتال مونترينغ آند أسسيمنت» فيعلق قائلاً: «مع زيادة وتيرة السيول على الجبال بسبب تغير المناخ، تأخذ السيول معها المخصبات كالنتروجين والفوسفات وبعض العناصر الثقيلة كالرصاص والزئبق لمياه النهر، ومع ارتفاع درجة الحرارة تنتشر الطحالب التي تفرز سموماً تقتل الأسماك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن أسوأ ما يحدث جراء تغير المناخ هو ما يطلق عليها الظروف المناخية غير المتوقَّعة؛ إذ يأتي الجفاف عندما ننتظر المطر. وعندما تزداد وتيرة الجفاف يرتفع أثر المخصبات، وهو ما يبرز معه أثر الملوثات من جانب، ونمو النباتات الغازية للنهر وانخفاض معدلات الأكسجين، من جانب آخر. وتابع أن هذه الظروف المناخية القاسية تزيد أيضاً من تركيز العناصر الثقيلة السامة، مثل الرصاص والزئبق.ارتفاع حرارة الأنهاركانت دراسة أخرى قد أجراها فريق دولي من العلماء بقيادة جامعة ولاية بنسلفانيا ونُشرت نتائجها في دورية «نيتشر كلايميت تشينج» في 14 سبتمبر (أيلول)، قد كشفت عن أن درجة حرارة الأنهار ترتفع وتفقد الأكسجين بشكل أسرع حتى من المحيطات والمسطحات المائية الكبيرة. وتُظهر الدراسة أنه من بين نحو 800 نهر، حدث ارتفاع في درجة حرارة 87 في المائة منها، وحدث فقدان الأكسجين بنسبة وصلت إلى 70 في المائة.

وتتوقع الدراسة خلال الأعوام السبعين المقبلة، أن تشهد أنظمة الأنهار فترات ذات مستويات منخفضة من الأكسجين يمكن أن تؤدي إلى «الموت الحاد» لأنواع معينة من الأسماك وتهدد التنوع المائي. تقول لي لي، أستاذة الهندسة المدنية والبيئية في ولاية بنسلفانيا وواحدة من باحثي الدراسة: «هذه دعوة للاستيقاظ». وأضافت: «ما وجدناه له آثار كبيرة على جودة المياه وصحة النظم البيئية المائية في جميع أنحاء العالم».

واستخدم فريق الدراسة الذكاء الاصطناعي وأساليب التعلم العميق لإعادة بناء بيانات جودة المياه المتناثرة تاريخياً من نحو 800 نهر عبر الولايات المتحدة وأوروبا الوسطى. ووجدوا أن الأنهار ترتفع درجة حرارتها وتزيل الأكسجين بشكل أسرع من المحيطات، الأمر الذي قد تكون له آثار خطرة على الحياة المائية وحياة البشر.

وقال وي تشي، أستاذ مساعد في قسم الهندسة المدنية والبيئية في ولاية بنسلفانيا والباحث الرئيسي في الدراسة: «درجة حرارة مياه النهر ومستويات الأكسجين المذاب من المقاييس الأساسية لجودة المياه وصحة النظام البيئي». في حين، تشدد لي على أن «انخفاض الأكسجين في الأنهار، أو إزالته، يؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة وإطلاق المعادن السامة». وتوقع نموذج الدراسة أنه خلال الأعوام السبعين المقبلة، يمكن أن تموت أنواع معينة من الأسماك تماماً بسبب فترات أطول من انخفاض مستويات الأكسجين.


محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية
TT

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

طوّر باحثون من كلية الهندسة والتكنولوجيا (بوبانسوار) الهندية نموذجاً لمحرّك كهربائي بتيّار مستمر يتلقّى طاقته من شبكة شمسية. يعتمد النظام على الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاج الشبكة الشمسية وتشغيل المحرّك بفعالية 88 في المائة، في حين تتراوح فاعلية المحرّكات الكهربائية ذات التيّار المستمر في العالم الحقيقي بين 75 و88 في المائة. ويوماً ما، قد يُستخدم هذا النوع من المحرّكات في الآلات الصناعية، والأجهزة الكهربائية المنزلية، وحتّى السيّارات الكهربائية.نموذج بنظام ذكاء اصطناعي يقول بيسميت موهانتي، الباحث الرئيسي في الدراسة، إنّ تركيز النموذج كان منصباً على تعزيز فاعلية النظام عامّةً للحصول على أقصى إنتاج من المحرّك بالاعتماد على الطاقة الشمسية المتوفرة. تأتي مكاسب الفاعلية من خوارزمية الذكاء الاصطناعي التي تعزّز إنتاج الطاقة من الشبكة الشمسية، ونظام الكبح المتجدّد في المحرّك، وبطارية تشحن من الشبكة الشمسية ونظام الكبح.

تملك الخلايا الشمسية نقطة طاقة قصوى، وهي عبارة عن الطاقة الكهربائية القصوى التي تنتجها لكميّة معيّنة من الإشعاع. تتغيّر هذه النقطة مع درجة الحرارة وأشعّة الشمس، ما يحول دون إنتاج الخلايا الشمسة للكمية القصوى من الطاقة. وللاقتراب قدر الإمكان من الإنتاج الأقصى، يجب تعديل مقاومة الخلايا الشمسية، وبالتّالي تغيير كميّة الطاقة المستخرجة.

وهنا يأتي دور نموذج الذكاء الاصطناعي. في نموذجهم المسمى «ماتلاب - سيمولينك». ونقلت مجلة جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين عن موهانتي أنه درب وزملاؤه شبكة عصبية لاحتساب مقاومة الخلايا الشمسية التي قد تولّد الإنتاج الأقصى، بناءً على آلاف القياسات اليومية لدرجات الحرارة والإشعاع الشمسي.

تستفيد هذه التقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعي المتوفرة لمراقبة نقطة الطاقة القصوى. ولأنّ النموذج دُرّب باستخدام شبكة عصبية، فإنه يستطيع تقديم توقّعات باستخدام معايير معقّدة، ولكنّه لا يستطيع نقل المعايير الدقيقة لهذه التوقعات، أي أنّه أقرب في عمله إلى الصندوق الأسود.عربات كهربائية بطاقة الشمسيشير النموذج إلى أنّه في الأوقات المشمسة، تولّد الشبكة الشمسية طاقة كافية لتشغيل المحرّك، وتخزّن فائض الطاقة في البطارية. وعندما يكون الطقس غائماً، يتحوّل عمل المحرّك إلى البطارية. ويشحن نظام الكبح المتجدّد في المحرّك البطارية أثناء تشغيل المكابح، محوّلاً الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية.

وطوّر الفريق حتّى الساعة نموذجاً افتراضياً فقط، ولكنّ خططهم المستقبلية تتضمّن بناء نموذج حقيقي. ويمكن استخدام نموذج المحرّك الكهربائي العامل بالطاقة الشمسية في الإعدادات الصناعية، أو الأجهزة الكهربائية المنزلية، مثل الثلاجات والمراوح. يقول موهانتي إنّه يأمل رؤية نظام مثل هذا يوماً ما في العربات الكهربائية لنفي الحاجة لوصلها بالشبكة الكهربائية الرئيسية.

ويضيف: «اليوم، علينا شحن العربة الكهربائية في المحطّة أو المنزل. أريد عربة كهربائية لا تحتاج للشحن، بل تتلقّى طاقتها مباشرةً من الشبكة الشمسية أو من نفسها».

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في يوليو (تموز) في المؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتطبيقات في العلوم الكهربائية 2023.


«ناسا» تخطّط لطائرة ركاب فرط صوتية

«ناسا» تخطّط لطائرة ركاب فرط صوتية
TT

«ناسا» تخطّط لطائرة ركاب فرط صوتية

«ناسا» تخطّط لطائرة ركاب فرط صوتية

دخلت وكالة «ناسا» في مراحل تطوير طائرة ركّاب فرط صوتية تعد بسرعات تصل إلى 4 ماخ (ماخ - سرعة الصوت)، أو 4828 كيلومتراً في الساعة تقريباً. ولن تتفوق هذه الطائرة على طائرة الكونكورد فحسب، بل ستتجاوز بسرعتها طائرة « SR - 71 بلاك بيرد سباي» الأسطورية التي صُمّمت في الأصل لتحلّق بسرعة 3.2 ماخ (أي 4023 كيلومتر / الساعة تقريباً).

تهدف الطائرة الفرط صوتية المنتظرة إلى تخفيض مدّة السفر من نيويورك إلى لندن إلى أقلّ من ساعة ونصف ساعة، مسجّلةً تبايناً هائلاً عن الرحلات الحالية التي تتطلّب 8 أو 9 ساعات على متن طائرة ركّاب تقليدية تحلّق بسرعة 966 كيلومتر / الساعة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ طائرة الكونكورد الفرط صوتية، التي تقاعدت منذ 20 عاماً، حافظت على سرعة 2 ماخ، أي ما يعادل 2169 كيلومتر / الساعة، إلّا أنّها واجهت تحدّيات عدّة، أبرزها الانفجار الصوتي الذي كان السبب الرئيسي في وضعها خارج الخدمة.

ويُحظر الطيران الفرط صوتي في دول كثيرة بسبب الانفجار الصوتي المزعج الذي يولّده عند كسر حاجز الصوت، ومن أبرزها الولايات المتحدة الأميركية. لكنّ هذا الأمر لم يمنع الباحثين من العمل دون كلل على تطوير تقنيات فعّالة لتخفيف الانفجارات الصوتية. وتملك وكالة «ناسا» مشروعاً بحثياً دائماً باسم «كويست ميشن» يركّز على ابتكار طائرة فرط صوتية تجريبية صامتة باسم «إكس 59».

وكانت الوكالة الفضائية قد أعلنت عن خططتها لتطوير طائرة فرط صوتية بعد تحديدها 5 طرقات عابرة للمحيطات تربط المدن الحيوية بعضها ببعض، خصوصاً فوق شمال المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، لأنّ تأثير الانفجار الصوتي أثناء السفر فوق المحيطات لا يُذكر.

وقالت «ناسا» في بيان: «في إطار برنامجها للمركبات الجوية المتقدّمة، ستُسند (ناسا) عقوداً لمدّة سنتين لشركات الطيران الجوفضائي لوضع تصميمات وخرائط طرق لتطوير طائرة فرط صوتية». وتتولّى شركة «بوينغ» قيادة الفريق المتعاقد الأوّل، إلى جانب شركات مساهمة أخرى، أبرزها شركات «إكزو سونيك» و«جي إي آيروسبيس»، و«جورجيا تك آييروسبيس سيستمز ديزاين لابوراتوري»، و«رولز رويز نورث أميركان تكنولوجيز». أمّا العقد الثاني فقد فازت به شركة «نورثروب غرومان آييرونوتيكس سيستمز»، بالتعاون مع «بلو يدج ريسرتش أند كونسالتينغ»، و«بوم سوبر سونيك»، و«رولز رويز نورث أميركان تكنولوجيز».

ومن المفترض أن يغوص الفريقان في التفاصيل الحساسة كالإطار الجوي، والطاقة، والدفع، والتنظيم الحراري، والمواد التي تتطلّبها التصاميم للوصول إلى سرعة ماخ 4، بهدف تقديم تصاميم مفتوحة المصدر لهذه المركبة. وأكدت الوكالة على الحاجة إلى ابتكارات مسؤولة تراعي مسائل السلامة، والفاعلية، والجدوى الاقتصادية، والتبعات الاجتماعية لضمان توفير المكاسب للمسافرين وتخفيف التأثير البيئي في وقتٍ واحد.


أكبر عينة من كويكب تحط في الصحراء الأميركية

TT

أكبر عينة من كويكب تحط في الصحراء الأميركية

الكبسولة التي تحمل العينة بعدما حطّت في صحراء ولاية يوتا الأميركية (أ.ف.ب)
الكبسولة التي تحمل العينة بعدما حطّت في صحراء ولاية يوتا الأميركية (أ.ف.ب)

حطّت أكبر عيّنة جُمعت على الإطلاق من كويكب، والأولى ضمن مهمة «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا)، اليوم الأحد، في صحراء ولاية يوتا الأميركية، على أثر عملية هبوط نهائية سريعة جداً عبر الغلاف الجوي للأرض، بعد 7 سنوات على إقلاع المركبة «أوسايرس-ريكس»، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكان يفترض أن تلجم مظلتان متتاليتان عملية الهبوط التي تابعها الجيش عبر أجهزة استشعار، إلا أن المظلة الرئيسية فتحت على ارتفاع أعلى مما كان متوقعاً، وحطّت الكبسولة قبل الموعد المقرَّر بقليل، على ما قال معلِّق وكالة «ناسا» خلال البث المباشر.

وبعد انطلاقه قبل 7 سنوات، جمع مسبار «أوسايرس-ريكس» الحجارة والغبار من الكويكب «بينو» في عام 2020، ليباشر بعدها رحلة العودة.

وتضم العيّنة نحو 250 غراماً من المواد، وفق تقديرات وكالة «ناسا»، ومن شأنها أن «تساعدنا على فهم أفضل لأنواع الكويكبات التي يمكن أن تهدد الأرض»، وتلقي الضوء على «البداية الأولى لتاريخ مجموعتنا الشمسية»، وفق ما أكد رئيس «ناسا» بيل نيلسون.

وقالت العالمة في «ناسا» إيمي سايمون، للوكالة، إن «وصول هذه العيّنة أمر تاريخي حقاً»، مضيفة: «ستكون هذه أكبر عيّنة ننقلها إلى الأرض منذ الصخور القمرية»، ضمن برنامج «أبولو» الذي انتهى في عام 1972.

والموقع الذي هبطت فيه العينة بطول 58 كيلومتراً، وعرض 14.

وقبل نحو 4 ساعات من موعد الهبوط، أطلق المسبار «أوسايرس-ريكس» الكبسولة التي تحتوي على العينة على بُعد أكثر من 100 ألف كيلومتر من الأرض (نحو ثلث المسافة الفاصلة بين القمر والأرض).

وخلال الدقائق الثلاث عشرة الأخيرة، عبرت الكبسولة الغلاف الجوي، ودخلته بسرعة تزيد عن 44 ألف كيلومتر في الساعة، مع حرارة تصل إلى 2700 درجة مئوية. أما المسبار فقد انطلق في رحلة إلى كويكب آخر.

عينتان يابانيتان

وبمجرد هبوط الكبسولة على الأرض، سيتولى فريق مجهز بالقفازات والأقنعة فحص حالتها، قبل وضعها في شبكة، ثم رفعها بطوافة ونقلها إلى «غرفة نظيفة» موقتة.

وينبغي تعريض الكبسولة إلى رمال الصحراء الأميركية لأقصر فترة ممكنة؛ وذلك لتجنب أي تلوث للعينة يمكن أن يشوّه التحليلات اللاحقة.

ومن المقرر نقل العينة غداً إلى «مركز جونسون للفضاء» في هيوستن بولاية تكساس، حيث سيُفتح الصندوق، في غرفة أخرى مُحكمة الإغلاق، في عملية ستستغرق أياماً.

وتنوي «ناسا» عقد مؤتمر صحافي، في 11 أكتوبر (تشرين الأول)؛ للكشف عن النتائج الأولية.

وسيصار إلى الاحتفاظ بالقسم الأكبر من العينة للدراسة على يد أجيال مستقبلية. وسيُستخدم نحو 25 في المائة منها على الفور لإجراء تجارب، كما سيشارَك جزء صغير مع اليابان وكندا، وهما شريكتان في المشروع.

وقدمت اليابان، لوكالة «ناسا»، بعض الحبيبات من الكويكب «ريوغو»، والتي أحضرت 5.4 غرام منها في عام 2020، خلال مهمة المركبة «هايابوسا-2». وفي عام 2010، جمعت اليابان كمية مجهرية من كويكب آخر.

وقالت إيمي سايمون إن عينة «بينو» هذه المرة: «أكبر بكثير، لذا سنكون قادرين على إجراء مزيد من التحليلات».

وتحظى الكويكبات بالاهتمام لأنها تتكون من المواد الأصلية للنظام الشمسي منذ 4.5 مليار سنة. وبينما لحق تغيّر بهذه المواد على الأرض، بقيت الكويكبات سليمة.

وقال كبير علماء المهمة في جامعة أريزونا، دانتي لوريتا، إن «بينو» غني بالكربون، والعيّنة التي أُحضرت «قد تمثل بذور الحياة التي حملتها هذه الكويكبات في بداية كوكبنا، والتي أدت إلى هذا المحيط الحيوي المذهل».

ويدور بينو، الذي يبلغ قُطره 500 متر، حول الشمس، ويقترب من الأرض كل 6 سنوات.

وثمة خطر ضئيل (نسبته واحد من 2700) أن يصطدم بالأرض سنة 2182، وهو ما قد يُحدث تأثيراً كارثياً. وقد يكون توفير مزيد من المعطيات عن تكوينه مفيداً. وفي العام الفائت، تمكنت «ناسا» من حَرف كويكب عن مساره من خلال اصطدام مركبة به.


كيف ستبدو الألوان على الكواكب الأخرى؟

كيف ستبدو الألوان على الكواكب الأخرى؟
TT

كيف ستبدو الألوان على الكواكب الأخرى؟

كيف ستبدو الألوان على الكواكب الأخرى؟

إن الدماغ البشري جيد بشكل ملحوظ في التكيف مع ظروف الإضاءة المختلفة.

فكر في ارتداء نظارة شمسية ملونة؛ في البداية، تكون الصبغة ملحوظة، ولكن بعد فترة، تبدأ الألوان في الظهور «طبيعية» مرة أخرى. يحدث هذا أيضًا بشكل طبيعي مع تقدمنا في العمر. إذ تصبح عدسات عيون كبار السن أكثر اصفرارًا تدريجيًا مقارنة بما كانت عليه عندما كانوا أصغر سناً. ومع ذلك، فإنهم لا يرون الألوان بهذه الطريقة، لأن أدمغتهم تقوم بتصحيح الفرق. لكن كيف يمكن لعقلك أن يتكيف مع الألوان في بيئة جديدة تمامًا؛ بيئة غير موجودة على الأرض؟

إليك كيف تبدو الألوان على الكواكب الأخرى، وفقًا للخبراء، حسب ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.

يقول مايكل ويبستر عالم الرؤية الإدراكية بجامعة نيفادا «مهما كان اللون المتوسط، فسوف ينتهي به الأمر إلى أن يبدو رماديًا».

ووفقًا لبحث ويبستر «من المرجح أن يتم تطبيق نفس الآلية التي تصحح العدسات الصفراء والنظارات الشمسية الملونة عندما يسافر رواد الفضاء إلى كوكب آخر يومًا ما. واعتمادًا على الألوان السائدة في بيئتهم الجديدة، سوف يتكيف دماغ مستكشف الفضاء ليدركها بشكل أكثر حيادية».

المريخ مثالا

ويوضح ويبستر «توقعاتي هي أنه عندما ينتقل الناس إلى المريخ، فإن الكوكب الأحمر لن يبدو أحمر بالنسبة لهم مع مرور الوقت. وبدلاً من ذلك، ستبدأ تضاريس المريخ الصدئة في الظهور باللون البني أو الرمادي. وستبدأ سماء المريخ المغبرة في الظهور بلون أكثر زرقة؛ ليس بنفس اللون الأزرق الموجود على الأرض، ولكنها أقل برتقالية بكثير مما تبدو لنا الآن. هذا لا يعني أن كل سماء الكائنات الفضائية ستبدو زرقاء بالنسبة لنا مع مرور الوقت. سيعتمد ذلك على اللون السائد للضوء القادم عبر الغلاف الجوي فيما يتعلق بالألوان السائدة في المناظر الطبيعية». مضيفا «إذا تمكنت من السفر إلى كوكب خارج المجموعة الشمسية به نباتات أرجوانية وسماء ذهبية، على سبيل المثال، فقد يتكيف دماغك بشكل مختلف. حيث لا يقتصر مرشح الألوان الذهني الخاص بك على درجة اللون؛ كما أنه يضبط حسب الشدة. فعلى كوكب ذي لوحة ألوان طبيعية محدودة، سيصبح دماغك متناغمًا مع التغييرات الدقيقة جدًا في الظل؛ ومع مرور الوقت، سوف ترى الألوان الباهتة أكثر حيوية، والعكس صحيح».

ويتابع ويبستر «إذا كنت تعيش في بيئة ملونة للغاية فسوف تغلق المقبض الذهني. وبعد العودة إلى الأرض، ستعود مقابض الألوان الذهنية في النهاية إلى طبيعتها. وبدلاً من انتظار عيون وأدمغة رواد الفضاء للتكيف مع كوكب جديد، اخترعنا جهازاً يقوم تلقائياً بتصفية البيئة لهم».

في هذا الاطار، تعمل ديريا أكيناك المهندسة عالمة المحيطات بجامعة حيفا ومختبرها على حل مشكلة مماثلة. لكن أبحاثها تظل أقرب قليلًا إلى موطنها الأصلي، في البيئات البحرية، وليس في الفضاء الخارجي.

وقد شاركت أكيناك بتطوير خوارزمية حاسوبية تسمى «Sea-thru» تعمل على ضبط الألوان للصور ومقاطع الفيديو الملتقطة تحت الماء لجعلها تبدو كما لو تم التقاطها على الأرض. فالخطوة الأولى هي تصحيح الفلتر الأزرق الطبيعي للمياه. وحتى على كوكب آخر، لذا فالمسطحات المائية النقية تبدو زرقاء. وذلك لأن الماء يقوم جزئيًا بتصفية الألوان الأخرى من الضوء المرئي.

وتشرح أكيناك «في الأساس، يغير الضوء الأبيض ليصبح أزرق. لكن معظم المسطحات المائية ليست نقية. وبدلاً من ذلك، فهي مليئة بجزيئات الملح والعوالق النباتية الخضراء والرواسب وغيرها من الأشياء التي ترتد جزيئات الضوء أو الفوتونات حولها. ولهذا السبب، تظهر الأشياء بألوان مختلفة اعتمادًا على عمق ونوع المياه التي يتم رؤيتها من خلالها».

وفي هذا الاطار، يأخذ نموذج أكيناك في الاعتبار هذه العوامل لضبط الصور وفقًا للمنظور الأرضي.

إذا كنت تعرف تكوين الغلاف الجوي والمحيطات لكوكب غريب، فيمكنك التنبؤ بكيفية تفاعل الضوء معها. وبعد ذلك، يمكنك استخدام هذه المعلومات لإنشاء مرشح خوارزمي «لتصحيح» ألوان البيئة.

وإلى أن ينتقل البشر فعليًا إلى كوكب آخر، من المستحيل أن نقول بالضبط كيف ستبدو عملية التكيف مع لوحة الألوان الغريبة. ولكن مرة أخرى، قد يقدم أعماق البحار تقديرًا تقريبيًا جيدًا. فقد سافرت أكيناك ذات مرة إلى أعماق تحت الماء تجاوزت 100 قدم (30 مترًا)، وهو عمق كافٍ لتصفية كل الضوء الأحمر، وقد قالت «بدا كل شيء باللون الأصفر وليس الأزرق، ربما لأنني كنت أحاول التعويض عن نقص اللون الأحمر. لكن بشكل عام، بدا الأمر جنونيًا».


مسبار تابع لـ«ناسا» يُسقط كبسولة بها عينات من كويكب «بينو» فوق صحراء يوتا اليوم

مسبار الفضاء «أوزيريس - ريكس» (وكالة «ناسا»)
مسبار الفضاء «أوزيريس - ريكس» (وكالة «ناسا»)
TT

مسبار تابع لـ«ناسا» يُسقط كبسولة بها عينات من كويكب «بينو» فوق صحراء يوتا اليوم

مسبار الفضاء «أوزيريس - ريكس» (وكالة «ناسا»)
مسبار الفضاء «أوزيريس - ريكس» (وكالة «ناسا»)

من المقرر أن يقوم مسبار الفضاء «أوزيريس - ريكس»، التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، اليوم الأحد، بإسقاط كبسولة تحتوي على عينات من أحد الكويكبات فوق صحراء ولاية يوتا الأميركية، في واقعة تقوم بها وكالة الفضاء الأميركية لأول مرة.

المسبار الفضائي «أوزيريس - ريكس» يلمس سطح كويكب «بينو» (أ.ب نقلاً عن وكالة «ناسا»)

وبحسب تقديرات وكالة «ناسا»، فإن الكبسولة تحتوي على نحو 250 غراماً من الحطام الذي تم جمعه من كويكب «بينو» قبل نحو ثلاثة أعوام. ومن المتوقع أن يطلق المسبار الكبسولة على ارتفاع نحو 102 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ومن المتوقع أن تدخل الكبسولة، المحمية بدرع حراري، الغلاف الجوي لكوكب الأرض عند حوالي الساعة 14:42 بتوقيت غرينيتش، وبمساعدة المظلات، لإبطاء سرعة هبوطها، ثم ستهبط بعد نحو 13 دقيقة أخرى.

كويكب «بينو» (رويترز)

وتستهدف «ناسا» منطقة هبوط تبلغ مساحتها 58 في 14 كيلومتراً.