علم السرد الكلاسيكي باقٍ ومنه تطورت العلوم الجديدة

تنبأ بموته «بانشيون» في الغرب قبل الشرق

سعيد يقطين - رولان بارت
سعيد يقطين - رولان بارت
TT
20

علم السرد الكلاسيكي باقٍ ومنه تطورت العلوم الجديدة

سعيد يقطين - رولان بارت
سعيد يقطين - رولان بارت

أعتقد أنه بالإمكان القول إنه عندما نعى رولان بارت «المؤلف» لم يتخيل أنه بفعله كان يمهّد الطريق لمن سيأتي بعده، ويحذو حذوه، فَيُمِيتُ هذا المنهج النقدي أو ذاك، أو هذا الجنس الأدبي أو ذاك، كما فعلت الباحثة الفرنسية إيزابيل هوسير، حين تنبأت بموت الرواية واختفائها من الوجود، مثل الملحمة، أو من سيعلن موت النقد الأدبي فيُشَيِّعه إلى «مثواه الأخير»، ليفسح المجال أمام النقد الثقافي، وقد يأتي يومٌ يُعلَنُ فيه موتُ الأخير، مثلما أن البعضُ في المشهد الثقافي العربي قد يُعلن موت علم السرد الكلاسيكي (classical narratology)، إن لم يكن قد أُعلن. كان هذا موضوع تساؤل عالم السرد، الدكتور سعيد يقطين، في مقالة له بـ«اختصاصات السرديات ما بعد الكلاسيكية».
يبدو أن إماتة بارت للمؤلف تسببت في نشوء ظاهرة أود تسميتها بـ«البانشِيَّة أو البانشَوِيَّة - banshyism»، مُتصرفاً بقلب الصائتين «ee» في نهاية الكلمة «banshee»، وبإضافة «ism» في نهايتها. لا أشير هنا إلى مسلسل «الأكشن» الأميركي (Banshee)، إنما إلى الـ«بانشي» في الفلكلور الآيرلندي، «المرأة الجنية» أو «المرأة من تل الجنيات» التي تتنبأ أو تنذر بموت شخص ما (معجم فَنْك وواغنولز للفلكلور والميثولوجيا 111 – ويكيبيديا). ربما لن يكون نعي علم السرد الكلاسيكي هو النعي الأخير، إذ يبدو أن «البانشية - البانشوية» أتت ولن ترحل.
الحقيقة أن نعي علم السرد الكلاسيكي في المشهد الثقافي العربي، إن حدث بالفعل، مسبوق بما حدث في المشهد الأنجلو - أميركي قبل ما يزيد على عقدين؛ فـ«البانشِيُّون-البانشَوِيُون» هناك أعلنوا موت علم السرد الكلاسيكي، كما ذكر عالم السرد الإدراكي، ديفيد هِرمان. وقد عبّر هرمان عن رفضه لفكرة موت الكلاسيكي بتعليقه أنها إشاعات مبالغ فيها كثيراً.
إن رفض هِرمان مهمٌ؛ كونه يأتي ممن صاغ المصطلح «postclassical narratology»، علم السرد ما بعد الكلاسيكي، أو ما يفضل د. يقطين أن يسميه «السرديات ما بعد الكلاسيكية». ببساطة، طرح هرمان المصطلح في مقدمة الكتاب الذي حرره «علوم السرد: وجهات نظر جديدة في التحليل السردي» (1999)، طرَحَهُ غيرَ مصحوبٍ بنعي للعِلْم القديم، فضلاً عن أنه لم يثر ضجيجاً ليلفت الأنظار، خصوصاً إلى المصطلح الذي كان قد طرحه قبل ذلك بعامين (1997)، في مقالته «مخطوطات وسلاسل وقصص: عناصر علم سرد ما بعد كلاسيكي». لقد استخدم جان ألبَر ومونيكا فلودرنِك الفعل «قدّم»، في إشارتهما إلى طرح هرمان للمصطلح في مقدمة الكتاب الذي حرّراه «علم السرد ما بعد الكلاسيكي: مقاربات وتحليلات» (2010)، أما جيرالد برنس فقد اختار الفعل «اقترح» في مقالته «علم السرد الكلاسيكي و/ أو ما بعد الكلاسيكي».
«اقترح/ قدّم» هِرمان المصطلح لِيُشير به إلى العلوم السردية الجديدة؛ اسم مفرد يلم تحته المتعدد والمتنوع الذي يدل عليه عنوان الكتاب: «Narratologies/ علوم السرد». لم يردْ في المقدمة حتى ما يوحي بأن هرمان يقترح «العلم الجديد» بديلاً عن «العلم القديم» لمّا تكشفت له حقيقة انتهاء صلاحية الأخير، وبالتالي وجود حاجة تحتم إرساله إلى المقبرة. كما أنه لم يقل بالقطيعة بين العِلْمَيْن، بل العكس، أوضح أن علوم السرد ما بعد الكلاسيكية ليست سوى نتاج عملية تطور التنظير البنيوي: «... في الواقع تفرّع علم السرد إلى علوم سرد؛ تطور التنظير البنيوي عن القصص إلى مجموعة من النماذج للتحليل السردي. إن هذه النماذج تقف في علاقة انتقادية وانعكاسية إلى درجة ما مع التقليد البنيوي، وتستعير بشكل أو بآخر، وإلى حد بعيد، من التراث التحليلي الذي تسعى إلى تخطيه». ويؤكد أن علوم السرد ما بعد الكلاسيكية امتداد لعلم السرد الكلاسيكي الذي تحتويه في داخلها: «يحتوي علم السرد ما بعد الكلاسيكي (الذي لا يجب الخلط بينه وبين نظريات السرد ما بعد البنيوية) على علم السرد الكلاسيكي، لكونه إحدى (لحظاته)، ولكنه يتميز بوفرة المناهج الجديدة وفرضيات البحث، والنتيجة هي تعددية وجهات النظر الجديدة إلى أشكال ووظائف السرد نفسه».
لا انفصال، ولا قطيعة، بين علم السرد ما بعد الكلاسيكي والكلاسيكي، ولا تنبؤ بموت الأخير، فالأول يحمله في داخله، والبحث السردي في مرحلته ما بعد الكلاسيكية لا يكشف حدود النماذج البنيوية الأقدم فحسب، بل يستغل إمكاناتها أيضاً» (هرمان، علوم السرد/ 3).
ويوضح جيرالد برنس أن علم السرد ما بعد الكلاسيكي لا ينفي ولا يرفض علم السرد الكلاسيكي، إنما هو امتداد وتوسع، وتطوير له. إنه نسخة جديدة من مشروع كان جديداً ذات يوم أيضاً. يطرح نفس الأسئلة التي يطرحها الكلاسيكي، ويضيف إليها أسئلته الجديدة.
في الواقع، فإن علم السرد ما بعد الكلاسيكي ليس نسخة واحدة بل نسخ عديدة، اسم مفرد يشير إلى جمع متعدد ومتنوع، كما ذكرت سابقاً. كل ما في الأمر، إذن، هو أنَّ تَفرعاً من علم السرد الكلاسيكي حدث في اتجاهات عديدة، وكان لكلٍّ من الفروع (العلوم) أسباب نشوئه أو تطوره. ولأنه تصعب الإحاطة بكل الأسباب وراء تطور وتشكل علوم السرد المعاصرة، اكتفى، مختتماً، بالتطرق إلى علم السرد النسوي الذي أعتقد أنه الأسبق في الظهور إلى الوجود.
لقد سبقت النسويات غيرهن في التحرك «لتطوير» علم سرد نسوي منذ ثمانينات القرن العشرين. وكانت سوزان لانسر أول مَن أثار موضوع الحاجة إليه، في مقالتها «نحو علم سرد نسوي»**. منشأ تلك الحاجة في الأساس هو عدم التوافق بين النسوية وعلم السرد الكلاسيكي البنيوي. تعزو لانسر عدم التوافق إلى أسبابٍ عدة، منها: عزل علم السرد الكلاسيكي للنصوص عن السياقات التي تُنتجُ وتُستقبلُ فيها، عدم ثقة النسويات في «التصنيفات والتعارضات التي تحول العالم إلى نماذج مضادة»، يُمثل تجاهل البنيوية للجنوسة مشكلة بالنسبة للناقدات النسويات. وتعرض لانسر جوانب ثلاثة تصفها بالمهمة، تشكل جوهر اختلاف النقد والدراسات السردية النسوية عن علم السرد الكلاسيكي: «دور الجنوسة في تكوين النظرية السردية، وحالة السرد بوصفه محاكاة، أهمية السياق في تحديد المعنى في السرد» (ت. أحمد صبرة، 83). بالتأكيد هذا اختصار انتقائي لمقالة تأسيسية مهمة، اختصار فرضته حدود المساحة.

* ناقد وأكاديمي سعودي


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«الخط الأول» و«الخط السعودي»... من أقدم النقوش الصخرية إلى خطوط جمالية مرقمنة

تتبع خبراء المشروع مسيرة الخط العربي الذي نشأ في الجزيرة العربية وما مرّ به من تحولات (وزارة الثقافة)
تتبع خبراء المشروع مسيرة الخط العربي الذي نشأ في الجزيرة العربية وما مرّ به من تحولات (وزارة الثقافة)
TT
20

«الخط الأول» و«الخط السعودي»... من أقدم النقوش الصخرية إلى خطوط جمالية مرقمنة

تتبع خبراء المشروع مسيرة الخط العربي الذي نشأ في الجزيرة العربية وما مرّ به من تحولات (وزارة الثقافة)
تتبع خبراء المشروع مسيرة الخط العربي الذي نشأ في الجزيرة العربية وما مرّ به من تحولات (وزارة الثقافة)

انطلاقاً من تأصيل تاريخي وعناصر أثرية تمثّل أقدم الكتابات العربية، أطلقت السعودية خطين طباعيين استُلهما من كتابة الحرف العربي كما ظهر في هويته البصرية الأولى في أقدم النقوش الصخرية والمصاحف المبكرة.

ويتيح الخطان لكل من يتحدث العربية التواصل والتعبير بنوعين جديدين من الخطوط، يعكسان العمق التاريخي للسعودية التي تُعدّ أرض الحضارات، وموطناً للخطوط والنقوش المختلفة التي تنوعت ما بين «المسند» و«النبطي» و«الثمودي» وسواها.

وأعلنت وزارة الثقافة السعودية منتصف أبريل (نيسان) الحالي، عن إنشاء الخطين الطباعيين: «الخط الأول» و«الخط السعودي»، بعد إجراء الدراسة والتحليل العلمي والفني للنقوش والمصاحف المبكرة، لاستنباط قواعد كتابية تلهم تطوير خطوط طباعية جديدة، لإحياء هذا التراث الثقافي بطريقة إبداعية جمالية ومرقمنة.

وبدأ العمل في تطوير الخطين بعد استخلاص الخصائص المطبعية الخاصة الموجودة في الأسلوب الخطي للخطوط القديمة؛ إذ ترتكز منهجية الخط على التحليل العميق، والإبداع في التفكير، والتكامل في التخصصات بين علم المخطوطات، وتاريخ الفن، وعلم اللغويات، والتصميم والبرمجة الرقمية.

وتتبع الخبراء المحليون والدوليون في فريق الباحثين المساهمين في المشروع، مسيرة الخط العربي الذي نشأ في الجزيرة العربية، وما مرّ به من مراحل متعددة، متأثراً بالأوضاع الثقافية والسياسية في المنطقة، وما حققه من انتشار مع انتقال العرب أثناء التوسع الإسلامي، مُتِّخذاً أساليبَ وطرقاً متنوعة في الكتابة.

أُعلِن منتصف أبريل الحالي عن إنشاء الخطين الطباعيين «الخط الأول» و«الخط السعودي» (وزارة الثقافة)
أُعلِن منتصف أبريل الحالي عن إنشاء الخطين الطباعيين «الخط الأول» و«الخط السعودي» (وزارة الثقافة)

مصادر استلهام «الخط»

ومثّلت النقوش الأثرية بالنمط العربي القديم، والنقوش الإسلامية المتمثلة في نقوش الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية والأخبار، والتي يعود تاريخها إلى القرن الأول الهجري، ونقشها الصحابة والتابعون وتابعوهم، أبرز مصادر استلهام الخط.

وعملت الدراسة البحثية على تحليل قواعد الكتابة الموجودة في المصاحف المبكرة المحفوظة في المكتبات العالمية، والاستفادة من النقوش الصخرية، مثل نقوش النصوص القرآنية بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأظهرت نتائج دراسة تحليل خطوط المصاحف المبكرة والنقوش الصخرية تشابهاً في الهوية البصرية وأسلوب كتابة الحروف بشكل عام.

وبعد إضافة المزيد من النصوص التي تعود إلى الحقبة الزمنية نفسها بغرض المقارنة، وتوسيع المراجع المعتمدة في تحليل قواعد الكتابة، أشارت النتائج إلى أنه على الرغم من وجود تغييرات فنية في المهارات الفردية في الدراسة، فإن هناك نهجاً منتظماً في الكتابات في النقوش، واتباعها القواعد التشكيلية نفسها.

«الخط» ركيزة وطنية وتراث ثقافي

ويعد «الخطُّ العربي» إلى جانب كونه وسيلة وأداة للتدوين أو التوثيق، ركيزة أساسية للهوية الوطنية والتراث الثقافي في مختلف البلدان العربية.

وفي عام 2022، نجحت مبادرة قادتها السعودية بالتعاون مع 15 دولة ناطقة باللغة العربية، في إدراج الخط العربي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو».

وقبل ذلك بعام، اختارت المملكة أن يكون 2021 عاماً مميزاً للخط العربي تحتفي فيه وزارة الثقافة برمز من رموز هوية السعودية، وبمصدر ألهم العديد من الفنانين والمعماريين محلياً وعالمياً.

وشهد ذلك العام مبادرات نوعية أسهمت في تعزيز حضور الخط العربي بكل القطاعات الحكومية والخاصة والأفراد، إضافة إلى حضوره في المحافل والمؤتمرات المحلية والعالمية، كما أعادت السعودية إحياء مجمع «دار القلم» في المدينة المنورة، ليصبح منصةً عالمية للخط العربي باسم «مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي»، مما يفتح آفاقاً جديدة في التعامل مع الخط العربي عبر نقله من مصدرٍ معرفي إلى أيقونة تمثل الهوية السعودية والفنّ المتجدد والإرث الحضاري.

وقال الفنان والخطاط السعودي عبد الرحمن الشاهد، إن الخط العربي في السعودية يُجسّد رحلة تاريخية عميقة، تبدأ من النقوش الصخرية المبكرة التي سجل بها الإنسان وجوده ووعيه بالعالم من حوله، مروراً بتطور الخط مع انتشار الإسلام، «حتى أصبح اليوم جزءاً حيوياً من هويتنا البصرية والثقافية».

ويشير الشاهد في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنه في ظل الممارسات الرقمية، نشهد كيف استطاع الخط السعودي أن يحافظ على أصالته مع التجدد، ليعبّر عن روح السعودية الحديثة بثقة وإبداع.

وختم بالقول: «بوصفي فناناً خبيراً في فن الخط العربي والعمارة، أرى أن الاهتمام المتزايد اليوم بالخط والحرف العربي في السعودية ظاهرة مبهجة تعكس وعياً متنامياً بأهمية الفن كوعاء للهوية والتاريخ، وهذا الحضور الكبير للخط في المشاريع الثقافية والمعمارية والفنية يعبر عن تقدير متجدد لقيمة الكلمة والحرف في تشكيل الوعي الجمالي والثقافي السعودي».