بيلوسي تبدأ رحلتها الآسيوية... وغموض حول «محطة تايوان»

ترجيح عقد قمة بين بايدن وشي على هامش «العشرين»

بيلوسي عقدت مؤتمراً صحافياً في الكابيتول أمس (رويترز)
بيلوسي عقدت مؤتمراً صحافياً في الكابيتول أمس (رويترز)
TT

بيلوسي تبدأ رحلتها الآسيوية... وغموض حول «محطة تايوان»

بيلوسي عقدت مؤتمراً صحافياً في الكابيتول أمس (رويترز)
بيلوسي عقدت مؤتمراً صحافياً في الكابيتول أمس (رويترز)

تبدأ رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، نهاية هذا الأسبوع، رحلة آسيوية تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة، فيما لم يتّضح بعد ما إذا كانت الزيارة ستشمل تايوان.
وتأتي رحلة بيلوسي الدبلوماسية غداة اتصال بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ، استمر أكثر من ساعتين، وتطرّق إلى مجموعة من القضايا الشائكة، كان الموقف الأميركي من تايوان أبرزها. وأشارت مسؤولة أميركية رفيعة، مساء الخميس، إلى احتمال عقد قمة بين الرئيسين، ورجّحت مصادر أن تنعقد على هامش اجتماعات مجموعة العشرين التي تستضيفها إندونيسيا في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

- محادثات صريحة
ووصفت بكين المحادثات الهاتفية بين الرئيسين بأنها «صريحة ومعمقة»، مؤكدة أن الرئيس الصيني حذّر نظيره الأميركي من «اللعب بالنار» بشأن تايوان. في المقابل، أكد بايدن، وفق بيان البيت الأبيض، أن الموقف الأميركي «لم يتغير» بشأن الجزيرة. وقال شي لبايدن، كما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة، أن «من يلعبون بالنار سيحرقون أنفسهم»، فيما تهدد بكين منذ أيام عدة بـ«عواقب» في حال مضت بيلوسي في مشروعها لزيارة تايوان. وأضاف شي: «آمل أن يدرك الجانب الأميركي هذا الأمر». وأضافت الوكالة الصينية أن «الرئيسين اعتبرا أن حديثهما الهاتفي كان صريحاً وعميقاً».
من جانبه، أكد البيت الأبيض، في بيانه، أنه «على صعيد تايوان، شدد الرئيس بايدن على أن سياسة الولايات المتحدة لم تتغير، وأنها تعارض بقوة الجهود الأحادية لتغيير الوضع القائم أو تقويض السلام والاستقرار في مضيق تايوان». وقلّلت المسؤولة الأميركية الرفيعة، في تصريحاتها للصحافيين، من مخاطر زيارة بيلوسي لتايوان، وشددت على الطبيعة الإيجابية للنقاشات التي جرت بين الزعيمين. وقالت إن المحادثات تطرّقت إلى التغير المناخي، والأمن الصحي، ومكافحة المخدرات، وقضية المواطنين الأميركيين المحتجزين ظلماً في الصين، وملف حقوق الإنسان، كما تبادل الزعيمان وجهات النظر حول الحرب الروسية في أوكرانيا، وتداعياتها العالمية.

- تحذيرات جادّة
ركّزت وسائل إعلام صينية، غداة اتصال بايدن وشي، على جدّية التحذيرات الصينية من زيارة بيلوسي، معتبرة إياها «تجاوزاً لخطوط بكين الحمراء». وقال هو شيجين، المحرّر بصحيفة «غلوبال تايمز» في نسختها الإنجليزية: «أعتقد أن الصين ستتخذ كل الإجراءات لتقويض زيارة بيلوسي، وسيتم فرض منطقة حظر طيران فوق تايوان، أو ستتم إعاقتها بطائرة من طائرات جيش التحرير الشعبي الصيني. كل شيء ممكن إذا لم تمنع واشنطن بيلوسي من زيارة تايوان». وأضاف أن «على الولايات المتحدة أن تستعد لنزاع عسكري مع الصين، وزيارة بيلوسي قد تسرع المواجهة العسكرية».
ويقول مراقبون إن اللغة الحاسمة التي اعتمدها شي تشير إلى أن القادة الصينيين يعتقدون أن واشنطن لم تدرك جدية التحذيرات بشأن تايوان. وقالت جين هارمان، الرئيسة السابقة لمعهد
«وودرو ولسون» وعضو مجلس النواب السابقة، إنها قلقة للغاية من تأثير زيارة بيلوسي إلى تايوان، باعتبارها الثالثة في تراتبية الرئاسة. ونصحت هارمان، رئيسة مجلس النواب بتوخي الحرص في قرارها، خصوصاً أنه سيؤثّر في توجهات دول أخرى مثل كوريا الجنوبية التي سترفض لقاء بيلوسي إذا زارت تايوان، تجنّباً لتأجيج التوترات مع الصين. وقالت هارمان لشبكة «سي إن إن»: «لا أعتقد أن أي شخص يريد إشعال التوترات، والمكالمة بين بايدن وشي ركزت على خفض التوترات والتعاون، وهذا هو المهم».

- خطوة إلى الأمام
قال محللو مجموعة «أوراسيا»، في تقرير، إن «المكالمة جاءت إيجابية إلى حد ما، وتظهر أن كلا الزعيمين يريدان الحفاظ على أرضية (حوار) في ظل العلاقات الثنائية المتدهورة، وإن أي وقف مستقبلي للحوار رفيع المستوى بين الولايات المتحدة والصين سيكون علامة سلبية للاستقرار العالمي». وأضاف التقرير أن «شي لم يصعّد تهديدات الصين، لكن يبدو أنه حذّر بشكل غير مباشر من أن رحلة بيلوسي قد تؤجج القومية الصينية».
ويرى سكوت كينيدي، كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن الاتصال الهاتفي يمثل «خطوة إلى الأمام في مناقشة الأمور الحساسة بطريقة عملية». وأضاف: «لم تكن هناك أي فرصة على الإطلاق لأن تنتهك الولايات المتحدة سياستها الخاصة بصين واحدة. حتى زيارة بيلوسي لن تغير ذلك».
ويشدد المحلّلون على أن الإدارة الأميركية تكافح لإيجاد طرق للتعامل مع الصين كقوة عالمية صاعدة، ووضع استراتيجيات لاحتواء نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا خاصة.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«تقويض إيران» مقابل «تمدد المتطرفين»... أميركا أمام التطورات السورية

مسلحون من «هيئة تحرير الشام» في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
مسلحون من «هيئة تحرير الشام» في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

«تقويض إيران» مقابل «تمدد المتطرفين»... أميركا أمام التطورات السورية

مسلحون من «هيئة تحرير الشام» في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)
مسلحون من «هيئة تحرير الشام» في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

أثار انسحاب الجيش السوري أمام الهجوم الذي شنته فصائل سورية مسلحة منها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى بعضها مدعوم من تركيا على مدينة حلب، أسئلة عدة؛ بيد أن الإجابة عنها باتت مرهونة بصورة كبيرة بالموقف الأميركي.

وفرضت عطلة «عيد الشكر» صمتاً في واشنطن عدَّه البعض فرصة مواتية لتحقيق أكبر قدر من الأهداف، بينما لم يظهر من موقف واشنطن سوى تصريح نقله موقع «أكسيوس»، عن مسؤول أميركي أن الهجوم «فاجأ إدارة الرئيس جو بايدن»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة لم تكن متورطة في الهجوم».

وفي ظل استمرار وتوسع الهجوم ليشمل نطاقات أوسع في سوريا، أضيفت تساؤلات أميركية جديدة عن خيارات إدارة بايدن الراحلة بعد قليل أو إدارة ترمب المقبلة، وما إذا كان يهم إذا كانت حلب تحت حكم الرئيس بشار الأسد بتحالف مع إيران و«حزب الله» وروسيا، أو بعهدة تنظيمات المتشددين المسلحين.

إيران مقابل المتشددين

يقول الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي إن الموقف الأميركي أساسي لمعرفة إلى أين تتجه الأمور. وحتى الآن لم تصدر سوى تعليقات خجولة على منصة «إكس» تندد بالنظام وبدوره، لكنها لا تضيف شيئاً. وأضاف بربندي في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «ما جرى قد يكون له أوجه إيجابية، بمعزل عن تقييم أهداف الجهة التي قامت بالهجوم؛ فالسيطرة على حلب ومناطقها قد تفيد في إعادة أكثر من 300 ألف عائلة سورية هجرت منها، بدلاً من الخيام والتشرد والضغوط والمضايقات التي يعيشونها في تركيا».

واستدرك: «كما أن التطورات تعني إنهاء وتقويض الوجود الإيراني، ليس فقط في حلب، بل قد يكون مقدمة لإنهاء هذا الوجود في كل سوريا، وينهي عملياً مشروعها الإقليمي».

وبالنسبة إلى الأخطار، يقول بربندي إن «المشكلة تتمثل في أن القوى التي دخلت المدينة، هي قوى متطرفة وليست معتدلة، وهو ما قد يعيد إلى الاذهان الخوف على التنوع في المدينة، والأخطار التي يمكن أن تحدق مجدداً بالنسيج الاجتماعي والطائفي والعِرقي في حلب».

تمهيد إسرائيلي

يقول بسام إسحاق ممثل «مجلس سوريا الديمقراطية» في واشنطن (مسد)، الذي يمثل الأقلية السريانية، لـ«الشرق الأوسط» إن «المناقشات الرسمية في (مسد) لا تزال بانتظار الموقف الأميركي»، لكنه يعتقد بشكل شخصي «أن ما جرى لم يكن حركة اعتباطية؛ فالحرب الإسرائيلية ضد (حزب الله) في لبنان، والهجمات الإسرائيلية المستمرة في سوريا ضد إيران، واستغلال الضعف الإيراني، والتحذيرات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للرئيس الأسد، كلها عوامل مهدت الطريق أمام ما جرى».

وبالنسبة إلى مستقبل القوات الأميركية في سوريا، يقول بسام إسحاق إنه لا يتوقع سحبها من قبل إدارة ترمب.

ويقول إسحاق إن ما نسمعه من مستشاري ترمب يؤكد أنه يريد مواصلة الضغط على إيران وليس الانسحاب، وعلى الأقل سيبقى في الحد الأدنى نحو 400 جندي أميركي، ولن يتم التخلي عن «قسد»، وانتشار القوات الكردية في حلب دليل على أن هناك توافقاً على عدم حدوث مواجهات.