الاقتصاد السعودي يسجل أعلى تقديرات نمو عالمي

التحسن القوي في الأنشطة ومشروعات التنمية الكبرى يدعمان مستهدفات استراتيجية تنويع مصادر الدخل

تقديرات صندوق النقد الدولي تسجل أعلى نمو مقدر للناتج المحلي الإجمالي السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
تقديرات صندوق النقد الدولي تسجل أعلى نمو مقدر للناتج المحلي الإجمالي السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

الاقتصاد السعودي يسجل أعلى تقديرات نمو عالمي

تقديرات صندوق النقد الدولي تسجل أعلى نمو مقدر للناتج المحلي الإجمالي السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)
تقديرات صندوق النقد الدولي تسجل أعلى نمو مقدر للناتج المحلي الإجمالي السعودي للعام الحالي (الشرق الأوسط)

سجلت السعودية وفق توقعات صندوق النقد الدولي المعلنة، أخيرا، أعلى معدل نمو بين الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بنسبة 7.6 في المائة لأداء الناتج المحلي الإجمالي المرشح للعام الجاري 2022، لتتوافق بذلك مع تقديرات الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، المعلنة في مارس (آذار) الماضي، والتي تؤكد أن البلاد ستكون الأسرع نمواً في العالم بفضل ما تمتلكه من مُمكنات قوية.
وكان ولي العهد السعودي أوضح في لقاء سابق مع مجلة «أتلانتك» الأميركية أن المملكة على وشك الوصول إلى المرتبة 17 بين دول مجموعة العشرين، بيد أن الطموح يهدف للوصول إلى مرتبة أعلى من 15 بحلول 2030، وأن الهدف هو نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9 في المائة، ليحقق نسبة 5.6 في المائة خلال العام الماضي. وأفاد الأمير محمد أن ذلك يضع البلاد من بين أسرع الدول نموًّا في العالم، كاشفاً حينها عن توقعاتها لنمو الاقتصاد السعودي بنسبة تقارب 7 في المائة وهو ما يتحقق حالياً بعد تنبأت صندوق النقد الدولي مؤخراً.
- امتصاص الأزمات
وعلى الرغم من النظرة القاتمة التي رسمها صندوق النقد الدولي عن أداء الاقتصاد العالمي، إلا أن تقديرات نسب نمو اقتصاد المملكة جاءت مُخالفة لذلك، نظير التحسن القوي للنشاط الاقتصادي السعودي المدعوم باستراتيجية تنويع مصادر الدخل واحتواء التضخم عند 2.8 في المائة إضافة إلى قوة مركزها الاقتصادي الخارجي.
وكان للإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها المملكة في إطار رؤية 2030 دور بارز في جهود التنويع الاقتصادي من خلال تعزيز نمو الإيرادات غير النفطية، وإطلاق المشاريع الاستراتيجية الكبرى وتفعيل الاستثمار في القطاعات الواعدة، وهو ما كان له بالغ الأثر في امتصاص واحتواء الأزمات المُتلاحقة، وزيادة نسبة نمو الاقتصاد السعودي.
ويعد النمو المتوقع في 2022 هو ثاني أعلى نمو للاقتصاد السعودي خلال 18 عاماً، مدفوعاً بالسياسات المالية المنضبطة وكفاءة الإنفاق وزيادة تعزيز الاستدامة المالية والخارجية لتجنب التقلبات الدورية، حيث تساعد الإصلاحات الهيكلية المخطط لها والجاري عملها على تحقيق تعافٍ قوي وشامل.
- تحسين بيئة الأعمال
وتعكس تقديرات النقد الدولي لنمو الاقتصاد السعودي كأعلى نسبة نمو في العالم، الجهد الكبير المبذول في موضوع الإصلاحات الاقتصادية وتحسين بيئة الأعمال وتبسيط القواعد التنظيمية ورقمنة العمليات الحكومية، إضافة إلى عملها على مجموعة واسعة من المشاريع في عدد من القطاعات من ضمنها البنية التحتية والخدمات اللوجستية والترفيه والسياحة والتعدين والقطاع المالي.
ويؤكد التقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي على قوة الاقتصاد السعودي ومقدرته في الصمود رغم التحديات التي واجهها في الأعوام الماضية، وذلك بفضل الإصلاحات المالية والاقتصادية التي ساهمت في التحسين من بيئة الأعمال وتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل وتعزيز التنافسية.
- التعامل مع الجائحة
وتدعم التقديرات الإيجابية الأخيرة لنمو اقتصاد المملكة ما أصدره الصندوق في بيانه الختامي لبعثة مشاورات المادة الرابعة لعام 2022 الصادر في يونيو (حزيران) السابق، حيث أكد أن السعودية نجحت في التعامل مع جائحة (كوفيد 19)، وفي وضع يمكنها من تجاوز المخاطر الناجمة عن الحرب في أوكرانيا وتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة.
وأوضح الصندوق أن الأنشطة الاقتصادية تشهد انتعاشاً قوياً مدعوماً بارتفاع أسعار النفط والإصلاحات التي تم إطلاقها في ظل رؤية المملكة 2030.
وقد حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا قويا بلغ 3.2 في المائة خلال العام المنصرم، حيث انخفض معدل البطالة بين السعوديين ليصل إلى 11 في المائة، أي بتراجع قدره 1.6 نقطة مئوية عن 2020، نتيجة ارتفاع معدلات توظيف المواطنين السعوديين وبخاصة المرأة في القطاع الخاص.
- احتواء التضخم
وقال البيان حينها إنه على الرغم من ظهور بعض الضغوط التضخمية إلا أن المعدلات يتم احتواؤها، ليبلغ متوسط التضخم 3.1 في المائة في العام الفائت. وذكر البيان أنه في ظل معدل التضخم عند مستوى 2.3 في المائة (على أساس سنوي) في يونيو (حزيران) 2022 ويرجع ذلك لمحدودية انعكاس أسعار الأغذية والسلع الأولية في الأسواق العالمية على الأسعار المحلية، نظراً لتحديد بعض الأسقف السعرية ودعم الأسعار، إلى جانب انخفاض الإيجارات السكنية.
وأفاد البيان أن الآفاق الاقتصادية للمملكة إيجابية في المديين القريب والمتوسط مع استمرار انتعاش معدلات النمو، واحتواء التضخم، وتعزيز قوة المركز الخارجي، في ظل تزايد إنتاج النفط وفقاً للجدول الزمني المحدد من قبل أوبك لاستعادة مستوى الإنتاج والالتزام بالاستمرار في جدول الإصلاحات الهيكلية الطموحة في إطار رؤية 2030، وهو ما يؤدي إلى توقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 7.6 في المائة في 2022.
وتوقع بيان الصندوق أن يؤدي انحسار آثار الجائحة وارتفاع أسعار النفط وزيادة قوة الاقتصاد إلى تحسن في أداء المالية العامة للعام الجاري يفوق توقعات الميزانية.
وتنبأ خبراء الصندوق تحقيق فائض في الميزانية يبلغ 5.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، حتى بعد الأخذ بالاعتبار توصيات الخبراء بشأن الموارد الإضافية لدعم المواد الغذائية ورصد مزيد من المخصصات لمستفيدي الضمان الاجتماعي وبرنامج حساب المواطن، كما توقع الخبراء تراجع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 24.2 في المائة.
- الخروج من العباءة
من جهته، أكد الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية بجازان السعودية، أن إعلان صندوق النقد الدولي بأن اقتصاد السعودية، اعتلى عرش الاقتصاديات العالمية الأكثر نموا لهذا العام بنسبة نمو تصل إلى 7.6 في المائة، ليس فقط شهادة دولية لاقتصاد خرج من عباءة الاقتصاد النفطي فقط، إلى الاقتصاد المتنوع بقدرات كبيرة جعلته أقدر على إخراج كل محاور ارتكاز موارد الاقتصادية المتنوعة إلى أرض الواقع، تغيرت بموجبه المعادلة الاقتصادية السعودية القديمة إلى معادلة اقتصادية أكثر شمولية تتسم بمرونة كافية لتجعله الاقتصاد الأكثر تعددية على مستوى العالم.
ولفت باعشن إلى أن برامج «رؤية 2030»، كانت أحد أهم محاور إنعاش مكامن قوة الاقتصاد السعودي، حيث جمعت بين خطة واضحة المعالم وأدوات تنفيذية قابلة لتجاوز كافة التحديات التي أفرزتها الظروف الجيوسياسية والجيواقتصادية على مستوى كبير من العالم، سخرت ها لها مبادرات جديدة وبرامج دعم متنوعة، في ظل إطلاق مشاريع تم تحويلها إلى مشاريع اقتصادية بامتياز تعرف بالمشاريع الواحدة في مجالات الترفيه والسياحة والآثار والثقافة والحضارة، لم تكن قنوات اقتصادية نشيطة في فترة ما قبل رؤية المملكة 2030.
- مشروعات عملاقة
ويرى باعشن أن حزمة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي انتظمت جميع القطاعات وبيئات العمل كان لها أثر واضح في تصاعد وقوة النمو الاقتصاد السعودي، حيث حفزت دعم الاقتصاد المعرفي والتحول الاقتصادي والتحول الرقمي والاهتمام بقطاعات الذكاء الاصطناعي والتقنية والصناعات الجديدة، وبناء شراكات جديدة مع شركات عالمية في مشاريع عملاقة مثل مشروع نيوم ومشروع ذا لاين، ومشروع القدية ومشروع البحر الأحمر، في ظل إطلاق صناديق تمويلية شملت العقار والتنمية الصناعية والزراعية بجانب السياحة، وإضافة أصول جديدة لصندوق الاستثمارات العامة، مشيرا إلى كل ذلك دفع باقتصاد المملكة بالخروج التي تسببت فيها الجوائح بما فيها جائحة كورونا بأقل الخسائر.
ويلفت، من ناحيته، عضو مجلس الشورى السعودي فضل البوعينين إلى أن تسجيل الاقتصاد السعودية أعلى نمو يأتي في سياق استمرار مشروعات التنمية التي كان آخرها الإعلان عن مشروع نيوم «ذا لاين»، لافتا إلى أن النتائج المحققة في تقارير المنظمات العالمية للاقتصاد السعودي تؤكد نجاح توجهات السعودية وسياسات الإصلاح. ووصف المشروع «ذا لاين» بأنه شبيه بما حدث من قبل في قطاع النفط، وكذلك عملاق صناعة البتروكيماويات «سابك»، ومدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين والتي كانت أحلاما طموحة تحولت إلى واقع محسوس.


مقالات ذات صلة

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة تجمع المسؤولين السعوديين واليابانيين خلال إطلاق صندوق مؤشرات متداولة وإدراجه في بورصة طوكيو (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة السعودي» يستثمر بأكبر صندوق في بورصة طوكيو

أعلنت مجموعة «ميزوهو» المالية، الخميس، إطلاق صندوق مؤشرات متداولة، وإدراجه في بورصة طوكيو.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة).

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد مستثمر يقف أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

قطاعا البنوك والطاقة يعززان السوق السعودية... ومؤشرها إلى مزيد من الارتفاع

أسهمت النتائج المالية الإيجابية والأرباح التي حققها قطاع البنوك وشركات عاملة بقطاع الطاقة في صعود مؤشر الأسهم السعودية وتحقيقه مكاسب مجزية.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال المائدة المستديرة في الرياض (تصوير: مشعل القدير)

مائدة مستديرة في الرياض تشدد على ضرورة «بناء أنظمة طاقة نظيفة ومرنة»

شدد مختصون بالطاقة النظيفة على ضرورة تنويع مصادر الإمداد وتعزيز قدرات التصنيع المحلية لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل وتقليل نقاط الضعف.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«المركزي الأوروبي» يخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام

لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
TT

«المركزي الأوروبي» يخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام

لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)
لافتة أمام مقر البنك المركزي الأوروبي (د.ب.أ)

خفض البنك المركزي الأوروبي، الخميس، أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام، مع إبقاء الباب مفتوحاً لمزيد من التيسير النقدي في المستقبل، مع اقتراب معدلات التضخم من الهدف واستمرار ضعف الاقتصاد.

وخفض «المركزي» للدول العشرين التي تتشارك اليورو معدل الفائدة على الودائع البنكية، والذي يؤثر على ظروف التمويل في المنطقة، إلى 3 في المائة من 3.25 في المائة. وكان المعدل قد وصل إلى مستوى قياسي بلغ 4 فقط في يونيو (حزيران) الماضي، وفق «رويترز».

وأشار البنك إلى إمكانية إجراء تخفيضات إضافية من خلال إزالة الإشارة إلى الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوى «مقيد بشكل كافٍ»، وهو مصطلح اقتصادي يشير إلى مستوى تكاليف الاقتراض الذي يكبح النمو الاقتصادي.

وقال البنك المركزي الأوروبي: «إن ظروف التمويل تتحسن، حيث تعمل تخفيضات أسعار الفائدة الأخيرة التي أجراها مجلس الإدارة على جعل الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأسر تدريجياً. لكنها تظل متشددة لأن السياسة النقدية تظل مقيدة ولا تزال الزيادات السابقة في أسعار الفائدة تنتقل إلى المخزون القائم من الائتمان».

ولا توجد تعريفات عالمية لمستوى الفائدة الذي يعدّ مقيداً، لكن الاقتصاديين يرون عموماً أن المستوى المحايد، الذي لا يعزز النمو ولا يبطئه، يتراوح بين 2 و2.5 في المائة.

وبموجب قرار الخميس، خفض البنك المركزي أيضاً معدل الفائدة الذي يقرض به البنوك لمدة أسبوع إلى 3.15 في المائة ولمدة يوم واحد إلى 3.40 في المائة.

ولم يتم استخدام هذه الآليات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث وفَّر البنك المركزي النظام المصرفي باحتياطيات أكثر من حاجته عبر برامج ضخمة لشراء السندات والقروض طويلة الأجل.

لكنها قد تصبح أكثر أهمية في المستقبل مع انتهاء هذه البرامج. وأكد البنك المركزي الأوروبي، الخميس، أنه سيوقف شراء السندات بموجب برنامجه الطارئ لمواجهة جائحة كورونا هذا الشهر.