أحزاب تونسية تواصل «التشكيك» في نتائج «استفتاء الدستور»

موسي طالبت الرئيس بـ«التبرؤ» منه... ومنظمات دعت إلى إعادة فرز الأصوات

تونسيون يحتفلون بالإعلان عن نجاح التصويت لصالح الدستور الجديد وسط العاصمة (أ.ب)
تونسيون يحتفلون بالإعلان عن نجاح التصويت لصالح الدستور الجديد وسط العاصمة (أ.ب)
TT

أحزاب تونسية تواصل «التشكيك» في نتائج «استفتاء الدستور»

تونسيون يحتفلون بالإعلان عن نجاح التصويت لصالح الدستور الجديد وسط العاصمة (أ.ب)
تونسيون يحتفلون بالإعلان عن نجاح التصويت لصالح الدستور الجديد وسط العاصمة (أ.ب)

على إثر الجدل الذي خلفه الإعلان عن نتائج الاستفتاء على الدستور التونسي الجديد، وما صاحبه من أخطاء دفعت العديد من المنظمات والأحزاب السياسية إلى شن حملة للتشكيك في صدقيتها، قال نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ماهر جديدي، أمس، إنّ الهيئة قرّرت إعفاء رئيس ديوان الهيئة، إضافة إلى المنسّقة الجهوية لولاية بن عروس، وذلك على خلفية الأخطاء التي تسرّبت أول من أمس إلى جدول الأصوات المحتسبة في عملية الاستفتاء.
وقالت رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، عبير موسي، خلال مؤتمر صحافي أمس لموقع (موزاييك إف.إم)، إن الرئيس قيس سعيد مطالب بـ«التبرؤ من الفضائح التي قامت بها هيئة الانتخابات، وأن يعلن عدم اعترافه بنتائج الاستفتاء، وألا ينشر مشروع الدستور بالرائد الرسمي». منتقدة المسار الانتخابي، الذي وصفته بـ«المزور وتوِّج بفضيحة وجريمة في حق الدولة، تم الإقرار بها من قبل هيئة الانتخابات، رغم الإعلان عن أن بعض التونسيين واصلوا التصويت حتى بعد إغلاق مكاتب الاقتراع»، وفق تعبيرها. كما دعت موسي الرئيس سعيد إلى تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها قبل نهاية سبتمبر (أيلول) القادم، وانتخابات تشريعية في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والتبرؤ من نتائج الاستفتاء. وحذّرت من عدم تنظيم الانتخابات التي دعت إليها، معتبرة أن دخول مشروع الدستور الذي تم عرضه على الاستفتاء حيز التنفيذ «سيجعل تونس في حالة خطر داهم، خاصة أمنها القومي».
بدورها، عبرت «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة عن رفضها لنتائج التصويت، بعدما تسرب أخطاء إلى جدول الأصوات الذي نشرته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وسحبته. واعتبر القيادي في الجبهة، جوهر بن مبارك، أن «الأخطر من شبهات التزوير هو أن رئيس الجمهورية يمر بقوة إلى خطوات أخطر، تتمثل في اعتزامه تحضير القانون الانتخابي، وشروع المحكمة الدستورية بشكل انفرادي، وهو أمر ترفضه الجبهة».
من جهتها، طالبت «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات» (عتيد)، الهيئة العليا المستقلة الانتخابات بنشر محاضر تجميع نتائج الاستفتاء حول مشروع الدستور، المتعلقة بجميع الهيئات الفرعية، ونشر أوراق كشف النتائج، وجميع محاضر مراكز الجمع والقرارات التصحيحية الصادرة بشأنها، إضافة إلى نشر محضر المكتب المركزي المكلّف بجمع نتائج الاقتراع. وقالت إنها لاحظت أن الجدول الأول «تضمن أخطاء تتمثل في نسبة نتائج دوائر انتخابية إلى أخرى بلغت 25 دائرة انتخابية، بينما كانت 8 منها متطابقة بين الجدولين». معتبرة هذا الخطأ «يعد خطيرا.. وما تلاه من بيان توضيحي لم يكن دقيقا، بل زاد من حالة الضبابية والشك والريبة». مشيرة إلى أن الندوة الصحافية التي أعلن خلالها عن النتائج الأولية «كانت مقتضبة ولم يسمح فيها للإعلام والحاضرين بطرح الأسئلة لإضفاء شفافيّة أكثر على المسار، وتفاصيل مداولات المجلس بخصوص قرار النتائج الأولية، وخاصة بشأن كيفية ارتفاع عدد المشاركين في الاستفتاء المصرّح بهم إلى حدود الساعة العاشرة ليلا ليوم الاقتراع، من 2458.985 إلى 2830.094 في إعلان النتائج الأولية خلال الندوة الإعلامية بقصر المؤتمرات.
في سياق ذلك، طالبت منظمات معنية بمراقبة الانتخابات، أول من أمس، بإعادة فرز الأصوات، والتدقيق في جميع محاضر ووثائق الهيئات الفرعية ومكاتب الاقتراع، وذلك بعد أن أعلنت هيئة الانتخابات في بلاغ لها عن تسرب «خطأ مادي»، تمثل في إدراج جدول غير محيّن ضمن ملحقات قرار نتائج الاستفتاء بإحدى صفحاته. ومن بين هذه المنظمات منظمة «أنا يقظ» الحقوقية، التي طالبت في بيان لها بتشكيل لجنة تتحلّى بالاستقلالية الحقيقيّة للقيام بعملية فرز وعدّ الأصوات في الاستفتاء من جديد، تضمّ منظمات المجتمع المدني التي قامت بملاحظة عمليّة الاقتراع. بالإضافة إلى جامعيين مختصين في الإحصاء، وقضاة من محكمة المحاسبات ممن لهم الخبرة في مراقبة العمليات الانتخابيّة، حسب قولها.
وأكّدت أنّ ذلك يهدف إلى التثبت من حقيقة نتائج الاستفتاء، بشكل يضمن عدم «تزييف إرادة الناخب»، ويؤكّد شفافية ونزاهة استفتاء الرئيس، مع التأكيد على عدم مشاركة هيئة الانتخابات في عملية التثبت والتدقيق، وفق نصّ البيان.
وفي سياق الجدل الذي تفجر داخل الأوساط السياسية، بعد إقرار هيئة الانتخابات بتسرب أخطاء إلى جدول الأصوات المحتسبة في عملية الاستفتاء، أصدرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري قرارا بتغريم التلفزيون العمومي، بسبب سماحه للرئيس سعيد بخرق الصمت الانتخابي، حيث ظهر في تصريح مطول على القناة الوطنية الأولى الممولة من قبل الدولة، جاوزت مدته 13 دقيقة، بعد مغادرته لمركز اقتراع، إثر مشاركته في الاستفتاء على الدستور. وبدا أن التصريح كان مهيأ له، على الرغم من سريان الصمت الانتخابي بحسب لوائح الاستفتاء. وقد انتقدت المعارضة بشدة هذا الخرق. كما قرّر مجلس الهيئة تغريم الإذاعة الجمعياتية «أمال. إف.إم» قدرها ثلاثة آلاف دينار من أجل خرق التحجير المتعلّق بتجنب بثّ كلّ أشكال الدعاية خلال فترة الصمت الانتخابي.
في المقابل، اعتبر حزب «التحالف من أجل تونس» أن «نجاح الاستفتاء يؤسس لتونس الجديدة، بناء على دستور يعيد السيادة للشعب، ويصحّح وظائف مؤسسات الحكم في دولة ديمقراطية، نظامها السياسي رئاسي محدد بدورتين لا ثالثة لهما، في فصل غير قابل للتعديل في المستقبل».
وأكد الحزب في بيان له أمس «الحاجة إلى دستور يعيد للدولة هيبتها، ويُعلي سلطان القانون على الجميع، ويضمن الحريات الخاصة والعامة، ويحدث مجلسا للجهات والأقاليم، استكمالا وتوسيعا لمجلس نواب الشعب ومهامّه ووظائفه، ويُنهي مرحلة وعشرية من العبث بالدولة ومؤسساتها ومقدّراتها، ليكون أهمّ وأعلى الأسس القانونية للجمهورية الجديدة».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.