«إضراب الكرامة» في منبج احتجاجاً على إجراءات «قسد»

انتشار لافت لقوات النظام في الحسكة والقامشلي

TT

«إضراب الكرامة» في منبج احتجاجاً على إجراءات «قسد»

نفذ أهالي مدينة منبج، في ريف حلب الشرقي، أمس (الخميس)، إضراباً عاماً تحت اسم «إضراب الكرامة» وتم إغلاق جميع الأسواق في المدينة احتجاجاً على إجراءات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية» عن سكان في مدينة قولهم: «شهدت جميع أسواق مدينة منبج إغلاقاً تاماً اليوم احتجاجاً على قرارات (قوات سوريا الديمقراطية) ومجلسها العسكري في منطقة منبج من فرض التجنيد الإجباري وملاحقة الشباب لسوقهم إلى الخدمة العسكرية، إضافة إلى نقص المحروقات والمواد الغذائية ومقتل طفلة قبل يومين برصاص عناصر الأسايش (الشرطة المحلية)».
وقالت مصادر مسؤولة في مدينة منبج: «فشلت كل الجهود لإثناء الأهالي عن تنفيذ إضراب عام في المدينة التي تشهد حالة من التوتر بسبب التهديدات التركية بشن عملية عسكرية في المنطقة».
وأضافت المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها: «حاولنا الحوار مع المختصين في المجلس العسكري للتخفيف من الإجراءات وخاصة موضوع التجنيد وتوفير المواد الأولية التي أثقلت على المواطنين في حياتهم اليومية، ولكن هناك إصراراً من المجلس العسكري على الاستمرار بحملة التجنيد التي كان لها أثر بهروب الشباب من المنطقة خوفاً من السوق إلى الخدمة العسكرية».
ومنذ إعلان تركيا نيتها شن عملية عسكرية جديدة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شمال سوريا في 23 مايو (أيار) الفائت؛ يواصل الجيش السوري تعزيز مواقعه وإرسال مزيد من الجنود والأسلحة النوعية والعتاد الثقيل، بعد التوقيع على خطة دفاعية مشتركة مع «قسد» في 11 يونيو (حزيران) الماضي، في استكمال للتفاهم الذي عقد بين الجانبين برعاية روسية وتوافق تركي، أطلق عليها اتفاقية «سوتشي» وقّعت بين هذه الجهات في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وفي محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا، حيث كان يقتصر انتشار الجيش السوري حتى نهاية 2019 على مربعات أمنية محاصرة في مركزي مدينتي الحسكة والقامشلي، وقطع عسكرية صغيرة بقوام وعتاد محدود، عادت هذه القوات للتموضع والانتشار بشكل لافت على طول خطوط التماس بين المناطق الخاضعة لـ«قسد» ومناطق عمليات «نبع السلام» الخاضعة للجيش التركي وفصائل سورية مسلحة موالية لتركيا، إذ انتشرت بأسلحة ثقيلة ضمّت دبابات ومدرعات وراجمات صواريخ ومدافع هاون، في كل من ريف بلدة تل تمر وقرى حوض زركان وناحية أبو راسين حتى الحدود التركية الواقعة أقصى شمال غربي الحسكة.
كما عززت قوات الجيش السوري مواقعها بأسلحة ثقيلة في بلدتي عامودا والدرباسية، شرق مدينة القامشلي، حيث توجد في 3 مواقع رئيسية في ريف هذه البلدات.
ويقول الناطق الرسمي لقوات «قسد» آرام حنا لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الأسلحة الثقيلة والتعزيزات ستدعم الموقف الدفاعي «بشكل يضمن ردع جيش الاحتلال التركي ومرتزقته السوريين الإرهابيين، ومنع احتلال مناطق جديدة، على غرار ما جرى في مراحل سابقة».
وفي ريف حلب الشرقي، انتشر الجيش السوري على طول خطوط التماس والمواجهة بين «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة من جهة، وفصائل سورية مسلحة موالية لتركيا من جهة ثانية؛ حيث تمركزت قواته في قرى ريف مدينة منبج شمالاً وغرباً على طول مجرى نهر الساجور حتى بلدة العريمة المجاورة لريف مدينة الباب، شرق حلب، في إطار استعداداتها لصدّ أي هجوم تركي يستهدف «قسد» التي تسيطر على تلك المناطق.
كما وصلت تعزيزات الجيش السوري إلى مدينة عين العرب (كوباني) مع أسلحة ثقيلة نوعية، بينها دبابات ومدافع هاون وراجمات صواريخ وسيارات عسكرية، بتغطية وتحليق مروحي للطيران الروسي فوق سماء المنطقة لحماية هذه التعزيزات. وقد نشر الجيش السوري بالفعل نحو 300 جندي في ريف مدينة منبج وعين العرب، في حين انتشر 250 جندياً في بلدة عين عيسى وريف مدينة تل أبيض المحاذي للطريق الدولي السريع (إم 4).
غير أن القوات الحكومية تعرضت لهجمات تركية حيث أصيب ضابط بقصف بري في 25 من الشهر الحالي، نفذته المدفعية التركية على قريتي خالد كلو وتل زيوان الواقعتين على بعد نحو 7 كيلومترات، شمال شرقي القامشلي، فيما قُتل جندي من قوات النظام في 24 من هذا الشهر متأثراً بجراحه جراء قصف تركي عنيف على منطقة حوض زركان بريف الحسكة الشمالي.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.