«ممورابيليا»... زيارة لمقتنيات محمد سلماوي ونازلي مدكور

كتاب جديد يبرز قطعاً ولوحات نادرة لفنانين عالميين ومصريين

سجادة تصور أسطورة هندية قديمة  -  لوحة للفنان الفرنسي كاميل كوروه (الشرق الأوسط)
سجادة تصور أسطورة هندية قديمة - لوحة للفنان الفرنسي كاميل كوروه (الشرق الأوسط)
TT

«ممورابيليا»... زيارة لمقتنيات محمد سلماوي ونازلي مدكور

سجادة تصور أسطورة هندية قديمة  -  لوحة للفنان الفرنسي كاميل كوروه (الشرق الأوسط)
سجادة تصور أسطورة هندية قديمة - لوحة للفنان الفرنسي كاميل كوروه (الشرق الأوسط)

الشغف بالجمال كان وراء حرصهما على اقتناء التحف النادرة؛ فعلى مدى سنوات طويلة قام الكاتب المصري محمد سلماوي وزوجته الفنانة التشكيلية نازلي مدكور، بجمع مقتنيات ذات قيمة فنية ومتحفية كبيرة، شديدة الثراء والتنوع، وفي كتاب صدر حديثاً عن دار «الكرمة» بعنوان «ممورابيليا» يستطيع القارئ خوض رحلة فنية ممتعة مع مختارات من هذه المقتنيات التي قامت بتوثيقها الدكتورة ماجدة سعد الدين، الأستاذة بأكاديمية الفنون، والتقطتها عدسة المصور عماد عبد الهادي، وقدمها الفنان فاروق حسني.
«متحف في كتاب» قد يكون الوصف الدقيق لـ«ممورابيليا»، فإذا كانت المكتبة العربية قد قدمت من قبل كتباً تتضمن مجموعات بعض مشاهير المقتنيين، ومنها كتاب مقتنيات عائلة الدكتور محمد أبو الغار، وعددها نحو 350 لوحة فنية، فإن كتاب «مِمورابيليا» لا يقتصر على استعراض مقتنيات قيمة من الفنون التشكيلية وحدها، إنما يضم إلى جانب ذلك مجموعات من روائع أخرى تمتلكها أسرة سلماوي مثل الوثائق والمخطوطات النادرة التي يزيح بعضها الستار عن حقائق ومعلومات مهمة عن الثقافة والحياة في مصر والعالم، ومنها مخطوطات بخط يد الشاعر الفرنسي الكبير چان كوكتو، بالإضافة لكتابات لنجيب محفوظ، ونجيب سرور، وغيرهم، إضافة إلى مجموعة السجاد والمنسوجات القديمة ذلك إلى جانب ما يتضمنه الكتاب من نماذج رائعة لبعض الفنانين العالميين مثل أوجين فرومنتان وكاميل كوروه ونرسيس دياز ويوهان يونكيند وأوجوست رنوار وغيرهم، بالإضافة إلى أعمال كبار الفنانين التشكيليين المصريين من أمثال عبد الهادي الجزار وآدم حنين وحامد ندا وراغب عياد وجاذبية سري وإنجى أفلاطون وصلاح طاهر وسيف وانلي وغيرهم.
يعكس اتساع مجالات المقتنيات في الكتاب تعلق سلماوي وزوجته بالاقتناء إلى درجة نادرة، يقول سلماوي لـ«الشرق الأوسط»: «حب اقتناء الأشياء واللوحات والتحف يمثل نزعة أصيلة تكون موجودة عند الإنسان خلال زمن طويل؛ فهو لا يقرر بين يوم وليلة أن يصبح مقتنياً، إنما في الغالب يتم ذلك على مدى سنوات طويلة»، ويتابع: «أتذكر أنني في صغري كنت معروفاً بحب الأشياء القديمة والقيمة؛ ولذلك كثيراً ما كانت تخصني العمات والخالات بإهداء أشياء لي من بيت العائلة كي أقتنيها، وكبر هذا الشغف معي وكان جزءاً من طبيعتي المُحبة للفنون، وبالتأكيد تلاقى ذلك مع حب اقتناء اللوحات لدى زوجتي نازلي مدكور باعتبارها فنانة تشكيلية».

غلاف الكتاب يحمل لوحة للفنان المستشرق أوجين فرومنتان -  الكاتب محمد سلماوي -  الفنانة نازلي مدكور (الشرق الأوسط)

لكن ليس حب الاقتناء وحده هو ما أدى إلى هذا التنوع الشديد والذي أشار إليه الفنان الوزير فاروق حسني في مقدمة الكتاب حين وصف المجموعة بأنها: «ذات قيمة فنية ومتحفية متميزة، ليس فقط بالكم، ولكن بالتنوع والتفرد، إذ كان يقف وراءها أيضاً الولع بالجمال، فالمتأمل للصور التي التقطها الفنان عماد عبد الهادي، وهو واحد من أشهر مصوري الأعمال التشكيلية في الوطن العربي، يجد نفسه أمام جمال من نوع خاص، ومن هنا اختار المقتني للكتاب اسم «مِمورابيليا» أو «تذكارات»، إذ تمثل كل قطعة من المقتنيات في حد ذاتها مرآة تعكس خصائص الزمن والحضارة التي أفرزتها. ورداً على سؤال بشأن المعيار الأساسي لاختيار مجموعته: قال «البعض يحرص على اقتناء روائع من الفن العالمي، والبعض الآخر يحتفي بالفن المحلي، وهناك من يتعمد التوازن بينهما، لكني وزوجتي كنا وما زلنا نصبو إلى اقتناء الجمال، سواء كان هذا الجمال متجسداً في تمثال قديم أو في لوحة أو منحوتة مصرية أو أجنبية أو كتاب أو سجادة أو عصا ذات زخارف بديعة، فنحن نجمع الجمال الذي هو في رأيي انعكاس للحضارة التي أنتجته».
بعض مواطن الجمال في الأعمال لا تكمن في شكلها الخارجي الملموس، إنما هناك مقتنيات تكتسب جمالياتها من قيمتها الأدبية أو التراثية أو الثقافية الكبيرة، ففي فصل الوثائق والمستندات في الكتاب الذي يتكون من350 صفحة و10 فصول ونحو 600 صورة؛ هناك على سبيل المثال قصيدتان بخط يد نجيب سرور، كتبهما بالمستشفى الذي توفي فيه، وهما «الخامس عشر من آذار إلى الأبد»، و«تداعيات الشكر والضياع»، وقد يكونان آخر ما كتبه الأديب المعروف إذ أن التاريخ المدون عليهما (سبتمبر/ أيلول 1970)، وقد حصل عليهما سلماوي من شهدي الابن الأكبر لسرور، كما يضم الفصل نفسه، مخطوطا بيد الأديب توفيق الحكيم ويتضمن ثلاث مسرحيات للأطفال، إلى جانب كلمة نجيب محفوظ في احتفالات نوبل أيضا بخط يده.
ويستمتع القارئ بجمال آخر حين يصل إلى الفصل الذي يضم الأعمال الفنية لغير التشكيليين، إذ يجد نفسه أمام قيمة تكامل الفنون، ويستشعر كيف أن الفنان الحقيقي يتوق دوماً إلى الإبداع بشتى صوره، ففي هذا الفصل نتعرف لأول مرة على لوحات ورسوم للفنانين أحمد مظهر وعبد المنعم مدبولي ومعالي زايد وكذلك لوحات للروائي الكبير إدوار الخراط والكاتب الصحافي كامل زهيري والكاتب المسرحي شوقي عبد الحكيم كما يتوقف طويلا ًأمام لوحة زيتية نادرة للفنان صلاح جاهين رسمها لزوجته منى القطان. لم تكن فكرة إصدار الكتاب لسلماوي أو مدكور مخطط لها، إنما هي وليدة المصادفة، عندما قامت دكتورة ماجدة سعد الدين الأستاذة بأكاديمية الفنون المصرية بزيارة منزلهما وشاهدت المقتنيات، يقول الكاتب: «قالت لنا لماذا لا تقيمون متحفاً يضمها، فأجبتها أن الأمر قد يكون مُعقداً لتعدد خطواته العملية» فردت: «إذن فليكن متحفاً في كتاب، وقد كان».
جاء ترحيب سلماوي بالفكرة انطلاقاً من تقديره البالغ لقيمة هذه النوعية من الكتب: «الكتاب حول مقتنياتي من مجموعة خاصة ظلت حبيسة جدران منزلي لسنوات طويلة إلى أعمال يستمتع بها الجمهور في كل مكان، بكل ما تحمله من أعمال نادرة منها على سبيل المثال، تمثال لمحمود مختار من فرط روعته قمت بصبه برونز وأهديته أخيراً لمتحفه».
إلى هذا يساعد الكتاب على نشر ثقافتي الاقتناء والجمال معاً: «يدعو بشكل ضمني إلى الاقتناء، وهو أمر مهم حيث تقوم معظم متاحف العالم على مجموعات شخصية، كما أنه يحفز على نشر الجماليات والإحساس بها».
يتميز الكتاب (قطع 35 x 25 سم) بالطباعة الفاخرة التي تكاد تضع القارئ وجهاً لوجه أمام المقتنيات ويرتبط ذلك بطباعتها في المطبعة الخاصة بالمعهد الفرنسي للآثار.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«ميني مافيا»... برنامج كارين سلامة يُثير جدلاً بين اللبنانيين

برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
TT

«ميني مافيا»... برنامج كارين سلامة يُثير جدلاً بين اللبنانيين

برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)
برنامج «ميني مافيا» يتناول موضوعات خاصة بالأطفال (كارين سلامة)

خطوة جريئة أقدمت عليها الإعلامية كارين سلامة في مجال التقديم التلفزيوني، تمثّلت في برنامجها «ميني مافيا» عبر شاشة تلفزيون «الجديد»؛ تستضيف خلاله مجموعة مواهب من الأطفال، يتحدّثون عن أحلامهم وهواجسهم ومشكلاتهم، ويعبِّرون عن مشاعرهم وعن مواقف تجاوزوها، ومرات يُطلُّون كنجوم في وسائل التواصل الاجتماعي. وتتماهى سلامة مع ضيوفها بأسلوب بسيط وقريب من القلب، وهو ما يُسهم في تفاعلهم مع أسئلتها بعفوية وطبيعية.

تملك كارين سلامة خبرة واسعة في التقديم التلفزيوني يتجاوز عمرها الـ20 عاماً. تنقلت بين برامج سياسية واجتماعية وفنّية، وهو ما زوّدها بخلفية إعلامية مصقولة بالتجارب والتحدّيات. ولكن ماذا عن «ميني مافيا»؟ وكيف تُفسِّر هذه الخطوة في مشوارها الإعلامي؟ توضح لـ«الشرق الأوسط»: «في الحقيقة تعود الفكرة إلى المخرج نضال بكاسيني. وعندما عرضها عليّ تحمسّت للتجربة، لا سيما أنه لم يسبق لي أن خضتها من قبل. ووجدت فيها ملعباً إعلامياً جديداً يتحدّاني ويتمتع بآفاق واسعة، فوافقت من دون التخطيط أو التحضير لها. فجاءت عفوية وتماهيت معها لا شعورياً كأمٍ تتعامل مع أولادها».

الإعلامية اللبنانية كارين سلامة (كارين سلامة)

على الرغم من أن البرنامج محوره البراءة والبساطة لارتكازه على الطفولة، بيد أنه أثار الجدل منذ حلقته الأولى التي تناولت موضوع السياسة. وهُوجمت كارين وانتُقدت إلى حدّ الطلب بإيقاف البرنامج. ولفت منتقدو الحلقة إلى أن التحدث مع الأطفال في موضوعات سياسية يُعدّ استغلالاً لهم. ويومها تضمّنت الحلقة نقاشاً بين ولدَيْن، أحدهما من بيئة «حزب الله»، والثاني من حزب القوات اللبنانية. ولكن في الوقت نفسه أظهر هذا السِّجال مدى تأثر الأطفال ببيئتهم السياسية والاجتماعية.

وتوضح سلامة: «صُدمت بردّ فعل الناس حول الحلقة الأولى من البرنامج. فـ(ميني مافيا) ليس البرنامج التلفزيوني الأول الذي يستضيف الأولاد. وكذلك لست السبّاقة إلى التكلم معهم في موضوعات سياسية. فالاعتراض طال محتوى الحلقة، ومع الأسف عندما تواجهين الإنسان بحقيقة مجتمعه يرفض الإصغاء. من ناحية ثانية ينكبّ على جَلد من أسهم في كشفها. وهناك أمثلة كثيرة عن علماء هُوجموا بسبب نظرياتهم واكتشافاتهم، لتُدرك المجتمعات بعد ذلك أنها صحيحة. ولأن مقدّم البرنامج يكون الحلقة الأضعف، تصيبه أسهم الانتقادات مباشرة».

تعتب كارين على من حوَّل الحلقة الأولى إلى تصفية حسابات وخطة ممنهجة لتشتيت هدف البرنامج. وتعلّق: «هناك أشخاص يستميتون بلغة الجَلد، ولكنني توجهت بالاعتذار إلى الأشخاص الذين وجّهوا الانتقاد بموضوعية».

قد تكون سلامة وضعت الإصبع على الجرح فتسبَّبت بالإزعاج لمن يغض النظر عن هذه المشكلة، وتُشير إلى أنها تلقّت اتصالات كثيرة تؤكد لها أن حوارات مشابهة تجري يومياً بين تلامذة المدارس وفي بيوت اللبنانيين.

تستضيف سلامة في «ميني مافيا» مواهب طفولية مشهورة (كارين سلامة)

موضوعات مختلفة تتناولها كارين في برنامجها بينها فنية واجتماعية وحالات صحية صعبة، فتسلّط الضوء عليها بحوارات مع أصحابها الأطفال بسلاسة ومن دون تصنّع. فلا تتوانى مرات عن توجيه كلمات التَّشجيع والتَّحبُب والإعجاب لهم. كما تُسهم مرات أخرى في فتح باب المساعدة لأطفال يعانون تشوّهات خلقية ويحتاجون إلى عملية جراحية للتخلّص منها. كما أنها استضافت نماذج أطفال مختلفة، من بينهم فتاة لأم إثيوبية تعاني التنمّر بسبب لونها. في حين لامست مشاعر المشاهد عن قرب عندما استضافت طفلة أُصيبت بإعاقة بسبب رصاصة طائشة. وتعلّق: «تخيلي كمية الانتقادات التي تلقيتها في الحلقة الأولى قابلها تجاهل تام فيما يخص مساعدة هذه الطفلة. فأنا أعمل في مجال المساعدات الإنسانية منذ نحو 10 سنوات، لكنني فوجئت بعدم التفاعل مع حالة هذه الطفلة حتى من السياسيين والوزراء والنواب».

وأنت تشاهد كارين سلامة تقدم «ميني مافيا» تذكّرك لا شعورياً بالمقدم الفرنسي الراحل جاك مارتان. فهو حصد شهرة واسعة طالت الشرق والغرب من خلال برنامجه التلفزيوني «مدرسة المعجبين» (L'École des fans) الخاص بالأطفال. وتميّز بأسلوبه اللطيف والسَّلس في حواراته معهم. وكارين تعتمد أسلوباً مشابهاً ينمُّ عن عاطفة كبيرة تكنّها للأطفال. فهل هي متأثرة بالفرنسي مارتان؟ تردّ: «لا شك أنه في اللاوعي عندي تأثرٌ به مثل غيري من أبناء جيلي. فهو شكّل ذكرى لا يمكننا أن ننساها في طفولتنا. بيد أن أسلوبي ينبع من شخصية الأم. فأنا متفانية في تربية أولادي والاهتمام بهم إلى آخر حدٍّ».

ولا تنسى كارين ذكر فريق إعداد البرنامج الذي تصِفه بالقوي والمُلمِّ بثقافة غنية. فتتناقش معهم حول الموضوعات المتناولة وكيفية عرضها. وتضيف إليها جرعات من عاطفة ناضجة تتمتع بها تجاه الأولاد. «محاورة الأطفال لا تحتاج إلى التعمّق والفلسفة. ما أقوم به ينبع من غريزة الأم التي تتفاعل مع طفلها بحبٍّ وعاطفة. وهو ما يُسهم في ملامسة مشاعر المشاهد من دون جهد أو مبالغة».

وعمَّا اكتشفته في أطفال لبنان تقول: «يتمتعون بنسبة عالية من الوعي، بيد أن بعضهم متأثر بمفاهيم أهلهم بشكل كبير. فهم يريدونهم نُسخة عنهم ويسيِّرونهم انطلاقاً من هذا المبدأ. فلا يتركون لهم مساحة من الحرية ليعبِّروا من خلالها عن آرائهم. وأكثر ما طبعني هو هذا الجرح العميق الذي يكسر قلوبهم لا شعورياً. فأطفال لبنان كما أطفال البلدان المجاورة يعانون تعدّيات صارخة على طفولتهم. وهو أمرٌ مؤلمٌ يترك أثره بوضوح على ملامحهم وتفكيرهم».