الفلسطينيون يطلبون عضوية كاملة في الأمم المتحدة

ضمن تحركات للرد على فشل دفع آفاق السلام للأمام

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يمين) والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (وفا)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يمين) والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (وفا)
TT

الفلسطينيون يطلبون عضوية كاملة في الأمم المتحدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يمين) والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (وفا)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (يمين) والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (وفا)

بدأت القيادة الفلسطينية تحركاً مكثفاً من أجل الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، في خطوة جاءت كما يبدو رداً أولياً على فشل الأميركيين في دفع آفاق السلام للأمام.
وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، رياض منصور، إن «اتصالات تجريها القيادة على أعلى المستويات برئاسة الرئيس محمود عباس، بهدف المطالبة بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وذلك حفاظاً على حل الدولتين».
وأكد منصور للإذاعة الفلسطينية، اليوم (الخميس)، أن هذه التحركات التي يجريها عباس تتم مع رؤساء الدول ومنهم الرئيس الأميركي جو بايدن، والفرنسي إيمانويل ماكرون، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأعضاء مجلس الأمن، تمت خلالها المطالبة بعضوية دولة فلسطين الكاملة «كي لا نبقى رهينة لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي»، بحسب تعبيره.
وطرح منصور فعلاً، في كلمته أمس (الأربعاء)، في مجلس الأمن، الطلب الفلسطيني. وقال مراقب فلسطين في كلمته، إنه منذ سنوات، اعتمدت الجمعية العامة قراراً تاريخياً منح فلسطين صفة الدولة المراقبة في الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الحين وفلسطين تبدي قدرتها على أن تكون طرفاً فاعلاً وقوياً في المجتمع الدولي، معتبراً أن «لنا كل الحق في أن نكون عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة، ولا يوجد مبرر لتأخير النظر في هذا الأمر». منصور نبّه إلى أن حق الفلسطينيين في تقرير المصير وسلامة الأراضي، منصوص عليه في الأمم المتحدة، وأن قرار مجلس الأمن رقم القرار 2334، مسار واضح في إنهاء الاحتلال، مشدداً على أن «المسؤولية تقع على عاتق مجلس الأمن لضمان سيرنا على هذا الطريق».
https://twitter.com/Palestine_UN/status/1551950570478510080?s=20&t=WwsIjBo3265bqIRXA5i1NA
ويحظى الفلسطينيون بصفة عضو مراقب في الهيئة الأممية، منذ 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، لكن بحسب ميثاق الأمم المتحدة، يتطلب الحصول على العضوية الكاملة قراراً من مجلس الأمن بموافقة تسع دول أعضاء، شرط عدم اعتراض أي من «دول الفيتو»، وهي الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين.
وقال منصور إن الطلب الفلسطيني تجري دراسته من قبل أعضاء المجلس، على أن يكون هناك رد عليه في الفترة المقبلة.
يشار إلى أن خيار طلب العضوية الكاملة، تم تفعيله ضمن خطة فلسطينية للرد على الجمود السياسي الحالي، وهي خطوة تنسجم مع توصيات سابقة للمجلس المركزي الفلسطيني، هدّد عباس باللجوء إليها إذا فشلت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة للمنطقة.
وطلب عباس من بايدن، وقف الإجراءات الأحادية لفتح المجال أمام استئناف المفاوضات، ودفع عملية السلام إلى الأمام، وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، ورفع المنظمة عن قائمة الإرهاب، إلى جانب طلبات أخرى متعلقة بإسرائيل.
كما أبلغه أنه ماضٍ في تطبيق قرارات الهيئات القيادية الفلسطينية، في ظل استمرار الوضع الحالي كما هو. ويشير في ذلك إلى قرارات المجلس المركزي التي اشتملت على تعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، والاستمرار في الانتقال من مرحلة السلطة إلى الدولة، وإنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بكل الاتفاقيات مع سلطة الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة، وتحديد ركائز عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة ذات السيادة.
وتفعيل طلب الانضمام للأمم المتحدة بعضوية كاملة، يبدو الخطوة الأولى، وهي الأقل تكلفة بالنسبة لردة الفعل الإسرائيلية والأميركية قياساً بتفعيل خيارات أخرى.
وقد شدّد عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، أحمد مجدلاني، على الأهمية الكبيرة لخطوة الاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية، لإنقاذ حلّ الدّولتين. وقال إنها تعزز المركز القانوني للدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وتضع المجتمع الدولي والدول الأعضاء أمام مسؤولياتهم لحفظ الأمن والسّلام في المنطقة. وتابع أن «الاعتراف مهم لاحترام الشرعيّة الدّولية والقانون الدولي، ومسؤولية الأعضاء في الأمم المتحدة تجاه دولة فلسطين، رغم تنصل البعض من مسؤولياته».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».