يعمل مسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة بهدوء لإقناع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، بالمخاطر التي قد تشكّلها رحلتها المحتملة إلى تايوان خلال فترة حساسة للغاية بين الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والصين.
وتقول مصادر مطلعة على برنامج بيلوسي إنها تخطط لزيارة تايوان في الأسابيع المقبلة كجزء من رحلة أوسع إلى آسيا، ودعت الديمقراطيين والجمهوريين لمرافقتها. إذا ذهبت، ستكون أول رئيسة لمجلس النواب تزور الجزيرة منذ ربع قرن، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن».
وتسلط الرحلة المحتملة الضوء على المخاوف داخل إدارة الرئيس جو بايدن بشأن خطط الصين المرتبطة بتايوان، حيث كثفت بكين خطابها وأفعالها العدوانية تجاه الجزيرة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك إرسال طائرات حربية إلى منطقة تحديد الدفاع الجوي التي أعلنتها تايوان عدة مرات.
وأعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم من أن هذه التحركات قد تكون مقدمة لخطوات أكثر عدوانية من جانب الصين في الأشهر المقبلة تهدف إلى تأكيد سلطتها على الجزيرة.
وأدت الحرب في أوكرانيا إلى تكثيف تلك المخاوف، حيث يراقب بايدن وغيره من كبار المسؤولين بقلق لمعرفة الدروس التي قد تستخلصها الصين من الرد الغربي على العدوان الروسي.
وفي الوقت نفسه، يُعتقد أن الرئيس الصيني شي جينبينغ -الذي يُتوقع أن يتحدث بايدن معه هذا الأسبوع- يضع الأساس لولاية ثالثة غير مسبوقة كرئيس في الخريف، مما يسهم في التوترات الجيوسياسية في المنطقة. وأشار مسؤولون إلى أن مكالمة بايدن مع شي كانت قيد الإعداد قبل أن تصبح زيارة بيلوسي المحتملة لتايوان علنية.
وشارك مسؤولو الإدارة مخاوفهم ليس فقط بشأن أمن بيلوسي في أثناء الرحلة، ولكن أيضاً بشأن كيفية استجابة الصين لمثل هذه الزيارة رفيعة المستوى.
وقال كثير من المسؤولين لشبكة «سي إن إن» إنه مع إعلان الصين مؤخراً عن أسوأ أداء اقتصادي لها منذ عامين، يجد شي نفسه في مكان حساس سياسياً قبل اجتماع مهم بشأن تمديد فترة حكمه ويمكن أن يحقق مكاسب سياسية.
في حين أن مساعدي بايدن لديهم أفكار حول كيفية رده المحتمل، فهم غير متأكدين من الاتجاه الذي سيختاره الزعيم الصيني.
وفي ظل هذه الخلفية المشحونة للغاية، اقترحت بيلوسي زيارة تايوان مع وفد من الكونغرس، وهي رحلة رفضت حتى الآن تأكيدها علناً. لكنّ هذا لم يمنع الصين من انتقادها، قائلة إن الزيارة ستنتهك السياسة الأميركية تجاه الجزيرة.
وقالت وزارة الدفاع الوطني الصينية أمس (الثلاثاء)، إنه ينبغي إلغاء رحلة بيلوسي، محذرةً من أن الجيش الصيني «سيدافع بحزم عن السيادة الوطنية» إذا واجه «قوى خارجية» تشجع استقلال تايوان.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الدفاع تان كيفي، رداً على أسئلة حول زيارة بيلوسي إلى تايبيه: «تطالب الصين الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات ملموسة للوفاء بالتزامها بعدم دعم استقلال تايوان وعدم الترتيب لزيارة بيلوسي».
وأضاف: «إذا أصرت الولايات المتحدة على اتخاذ مسارها الخاص، فلن يقف الجيش الصيني مكتوف الأيدي، وسيتخذ بالتأكيد إجراءات قوية لإحباط أي تدخل لقوة خارجية ومخططات انفصالية لـ(استقلال تايوان)، والدفاع بحزم عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي».
من جهته، قال البيت الأبيض إن بيلوسي في خط الخلافة الرئاسي، فإن الإدارة تهتم بشكل أكبر بأمنها عندما تسافر إلى الخارج.
ويشمل ذلك إنشاء بصمة على الأرض بناءً على الموقع والبيئة، باستخدام الموارد العسكرية أحياناً، وفقاً لجون كيربي، منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي.
وقال كيربي: «نحن نأخذ هذه الالتزامات على محمل الجد»، حتى مع التأكيد على أن بيلوسي لم تعلن عن أي خطط سفر لزيارة تايوان.
* إبراز المخاطر
خلف الكواليس، يعمل مسؤولو إدارة بايدن على توضيح المخاطر المحتملة للزيارة في اجتماعات مع بيلوسي وفريقها.
وأطلع مسؤولو البنتاغون رئيسة مجلس النواب، الأسبوع الماضي، على التطورات في تايوان والتوترات المتصاعدة في المنطقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. وحضر الإحاطة مسؤولون من البيت الأبيض.
وكان بايدن قد صرح الأسبوع الماضي بأن الجيش الأميركي يعارض زيارة بيلوسي لتايوان الآن، لكنّ البيت الأبيض رفض التوسع في تصريحاته. حتى بيلوسي قالت خلال مؤتمر صحافي إنها لم تكن متأكدة بالضبط مما يعنيه بايدن. وقالت: «أعتقد أن ما قاله الرئيس هو أنه ربما كان الجيش خائفاً من إسقاط طائرتي أو شيء من هذا القبيل. لا أعرف بالضبط».
وأكد البيت الأبيض أنه زوّد بيلوسي بمعلومات عن سفرها المحتمل.
وأوضح كيربي: «سأترك بيلوسي تتحدث عن خطط سفرها. مهمتنا هي، بالطبع، التأكد من أن لديها كل السياق والمعلومات قبل أن تسافر إلى أي مكان. لكنّ هذا النوع من الخطاب الصادر من الجانب الصيني غير مفيد بشكل واضح». وأضاف: «لا توجد دعوة لهذا النوع من التصعيد الخطابي... مرة أخرى، يجب ألا يتحول أي من هذا إلى صراع. لم يتغير شيء في سياساتنا فيما يتعلق بالصين الواحدة أو دعم قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها. لذلك، ليس هناك سبب لتصعيد كهذا، حتى في الخطاب فقط».