قبل أن يستقل فوج من المهاجرين النظاميين الطائرة من مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة الليبية إلى إيطاليا، كانت السلطة الأمنية المحلية قد ألقت القبض على آخرين كانوا يختبئون بالقرب من الساحل بمدينة صبراتة (67 كيلومتراً غرب طرابلس) لانتهاز الفرصة والفرار عبر البحر المتوسط ليلاً إلى أحد الشواطئ الأوروبية.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساء (الثلاثاء) إنها أجْلت 85 طالب لجوء من الفئات «الأكثر ضعفاً إلى بر الأمان» في إيطاليا، وذلك عبر رحلة جوية، لافتةً إلى أن المجموعة المرحّلة تضمّنت مزيجاً من الجنسيات، وكان ضمنها أشخاص أُطلق سراحهم حديثاً من الاحتجاز بالبلاد.
وفي ظل تواصل زحف مئات المهاجرين غير النظاميين على المدن الليبية القريبة من البحر، قالت المنظمة الدولية للهجرة، إنها ساعدت في ترحيل أكثر من 60 ألف مهاجر من ليبيا إلى بلدانهم خلال السنوات السبع الماضية بطريقة «آمنة وكريمة»، عبر برنامج «العودة الإنسانية الطوعية».
ووصفت المنظمة الدولية هذا البرنامج الطوعي، الذي تم تفعيله منذ عام 2015 بأنه «شريان حياة حاسم» للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل من 46 دولة مختلفة عبر أفريقيا وآسيا، ويرغبون في العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم.
ودائماً ما تقدم المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين معلومات لحماية الراغبين منهم في «العودة الطوعية» من سوء السلوك والاحتيال.
وفيما توجهت المفوضية الأممية بالشكر لداعميها، قالت إنها «تعتمد على المجتمع الدولي لتوفير مزيد من الأماكن، وتوفير مسارات آمنة وقانونية للمهاجرين وطالبي اللجوء إلى خارج ليبيا».
ونقلت المفوضية الأممية قصصاً للمهاجرين تتضمن طرق احتجازهم في ليبيا والإفراج عنهم، من بينهم السودانية سماح (34 عاماً) التي «تعيش في ليبيا منذ عامين. واحتُجزت في البداية من مهربين بأحد المخازن، كما احتُجزت بعد ذلك بمركز عين زارة (بإحدى ضواحي طرابلس)»، وقالت: «شعوري جيّد. الحمد لله. آمل أن تكون الأمور أفضل في إيطاليا. أتمنى أن أكمل دراستي وأن أجد عملاً. وربما أجد شريك حياة».
وقالت سيدة سودانية وهي فاطمة (67 عاماً)، إنه «من الصعب أن تكون بمفردك، من دون أطفال ولا عائلة. أنا أعاني من مرض السكري وضغط الدم. وأتمنى أن أحظى في إيطاليا بصحة جيدة وأمن وأمان».
ولم يختلف الأمر بالنسبة لراضية (18 عاماً) التي تنتمي لدولة إريتريا، والتي قالت إنها «احتُجزت من مهربين بأحد المخازن في بداية الأمر، ثم احتُجزت مرة ثانية لفترة وجيزة في أحد مراكز الإيواء»، وتابعت: «أنا سعيدة جداً بالذهاب إلى إيطاليا. أريد أن أدرس. آمل أن يتمكن (الآخرون هنا) من المغادرة في أسرع وقت ممكن. إنهم جميعاً في ظروف صعبة».
نفس المشاعر نقلها إبراهيم (31 عاماً) الذي ينحدر من دولة السودان، بقوله: «سأسافر إلى إيطاليا. هذا يوم سعيد، وأن مسرور لذلك»، مضيفاً: «لقد مررت بصعوبات خلال هذه السنوات الخمس. حاولت العبور عن طريق البحر عدة مرات. أنصح الشباب السوداني بالتسجيل لدى المفوضية ونسيان أمر العبور بالبحر».
وعلى الرغم من تكرار عمليات (العودة الطوعية) للمهاجرين التي ترعاها المفوضية الأممية، ومنظمة الهجرة الدولية فإن كثيراً من المهاجرين غير النظاميين في ليبيا لا يزالون ينتظرون دورهم للترحيل خارج البلاد، في ظل تكدس مراكز الإيواء بآلاف المهاجرين من جنسيات عدة، وتواصل تدفق المئات منهم يومياً على البلاد عبر الحدود المترامية.
ومطلع الأسبوع الجاري، قالت المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين إن 17 لاجئاً غادروا ليبيا على متن رحلة «إعادة توطين» إلى أوروبا، رأت أنه «بفضل برامج التنمية والحمایة الإقلیمي لشمال أفریقیا فإن هذه فرصة لتغيير الحياة»، مثمنةً دور الدول التي تعمل على توفير فرصة لإعادة توطين اللاجئين، بقصد «مساعدة المستضعفين على أن يحظوا بمستقبل أفضل».
ونوهت المفوضية إلى أنه على مستوى العالم، يتم توطين «أقل من 1 في المائة من اللاجئين نظراً لمحدودية الأماكن»، لكنها قالت إنها «مستمرة في الدعوة إلى إيجاد مزيد من الفرص لمساعدة الناس على العثور على مسارات قانونية للوصول إلى بر الأمان».
وفي واحدة من عمليات تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر البحر، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، مساء أول من أمس، إن إحدى دوريات التحري والقبض التابعة لمراكز الشرطة وقسم البحث الجنائي بمديرية أمن صبراتة تمكنت من إحباط محاولة تهريب مجموعة من المهاجرين عبر البحر.
وأوضحت الوزارة أنه «تم ضبط المهاجرين مختبئين على شاطئ البحر غرب المدينة»، وتمت إحالتهم لديوان المديرية ومباشرة التحقيق لملاحقة الجناة حول هذه الواقعة.
وتشهد ليبيا تدفق أفواج كبيرة من المهاجرين غير النظاميين في عمليات زحف عبر حدودها المترامية، خصوصاً من تشاد والنيجر والسودان، بقصد الانتقال إلى المدن القريبة من الساحل ومن ثم الاتفاق مع سماسرة الهجرة لتسهيل عبورهم من البحر المتوسط إلى الشاطئ الأوروبي.
وفي واحدة من عملية «الاتجار بالبشر»، قال «اللواء 444 قتال» التابع لمنطقة طرابلس العسكرية، إن قواته تمكّنت من «تحرير» 110 مهاجرين مخطوفين ينتمون إلى بنغلاديش، كانوا قد تعرّضوا في وقت سابق «لشتّى صنوف التعذيب والابتزاز»، لافتاً إلى أن العصابة المتورطة في هذه العملية من بنغلاديش أيضاً بالتعاون مع ليبيين اثنين، كانواْ يقومون باستدراج ضحاياهم في أوكار عدة، ثم سجنهم ومساومة أسرهم على دفع مبالغ مالية تصل إلى 25 ألف دينار مقابل إطلاق سراح كل فرد.
وسبق لمجلس النواب الليبي حض دول الجوار، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، على أهمية «التحرك المشترك من أجل تعزيز الأمن على الحدود الليبية ومحاربة شبكات تهريب البشر»، داعياً إلى دعم قدرات الأجهزة الليبية من أجل البحث والإنقاذ، بالإضافة لوضع خطط عاجلة لمساعدة البلدان الأكثر تأثراً بالأزمات العالمية التي حدثت مؤخراً.
إجلاء مئات المهاجرين من ليبيا... و«الزحف يتواصل»
الشرطة تحبط تهريب أفارقة عبر شواطئ صبراتة
إجلاء مئات المهاجرين من ليبيا... و«الزحف يتواصل»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة