يشهد مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، إقامة معرض (21.39) (فن جدة) بنسخته التاسعة بعنوان «أماكن»، والذي يتيح لزواره القيام برحلة استكشاف للابتكارات الفنية الجمالية التي تختبئ وراء 70 عملاً فنياً، شارك بها 28 فناناً من جميع أنحاء العالم.
والمعرض يُلهم خيال الزائرين ويثري فكرهم من خلال الأعمال التي تتنوع فيها التيارات الفنية بأشكالها وطرائقها باستخدام وسائط مختلفة، شملت الألوان، والألياف، والرسومات، والكتب الفنية والأفلام والمنحوتات.
الفنان السعودي عبد الرحمن السليمان، يصف أعماله المشاركة بأنها بمثابة مذكراته وحقائق من حياته، وهي من تجتمع فيها الإشارات المتفرقة لترسم ذاكرة الأمكنة التي ترتبط ضمناً بحقبة زمنية غائرة في وجدانه ليعبّر عنها بلوحة التسعينات التي تعدّ من مجموعة المنصورية، والتي ترك للمشاهد مهمة فهمها واستيعاب مضامينها المتعددة.
جانب من معرض «أماكن» بمركز «إثراء»
ويقول السليمان «لا أنوي أن أكون مباشراً»، مشيراً إلى أن على المشاهد أن يفسر ما يراه ويدخل عالمه.
تستحضر المجموعة التي شارك بها الفنان السليمان في المعرض؛ الفترة الزمنية من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تحديداً الضرر الكبير الذي لحق ببيئة الساحل وحياة الطيور في أعقاب حرب الخليج عام 1990، عندما أضرمت النيران في آبار النفط في الكويت وصبّ الزيت في الخليج العربي.
عبد الرحمن السليمان الذي يقيم في المنطقة الشرقية، وهي منطقة شاسعة تضم بداخلها الواحات الخصبة وبساتين النخيل الشهيرة في الأحساء، وغالباً ما تعكس لوحاته البيئة الخصبة والمتنوعة في هذه المنطقة كما في عموم البلاد والخليج.
ومن خلال لوحات، إحداها داكنة وطبقاتها اللونية كثيفة، يعبّر السليمان بهذه اللوحات الغاضبة عن مدى تأثير حرب الخليج على الحياة الفطرية والناس، وذلك من خلال سواد الدخان والنفط الذي يكسو البحر ويضيء الرماد من الانفجارات، أما السماء وعلى الرغم من أنها رسمت بعد فترة طويلة من تلك الأحداث الفعلية، إلا أنها بمثابة تذكير لما حدث. يجوب السليمان أماكن متعددة في مدينته الأحساء التي ولد فيها عام 1954، يستخلص من واحاتها الغنّاء وبساتينها الوارفة ألواناً متعددة يرسم بريشته لوحات محفورة بذاكرة الفن التشكيلي السعودي، يثري بها الساحة الفنية ويفتح للمشاهد آفاقاً متنوعة من تنمية التذوق الفني.
يقول السليمان «الفن هو المساحة الأكثر حرية ورحابة للتعبير عن جملة الأفكار والأحاسيس التي تختلج الفنان، وأنا من الأشخاص الذين يعبّرون عن روح الشيء بطريقتي التي تختلف عن الآخرين؛ وهو ما يساعدني على أن أبرزها بشكل جمالي».
يصف السليمان ذلك بحالة من حالات التصور للفن والذي أخذ مسارات فنية متعددة، بدءاً من الكلاسيكية والانطباعية والواقعية، مروراً بمدارس الفن الحديث والتجريد، وصولاً إلى الفنون المعاصرة، وكل هذا تصور في مجال الفنون البصرية.
جدير بالذكر، أن المعرض يحط رحاله للمرة الأولى خارج مدينة جدة، وتحديداً في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالظهران، ويستمر حتى 30 سبتمبر (أيلول) المقبل، تحت إشراف المجلس الفني السعودي (ساك) وبتنسيق من القيّمة الفنية فينيشيا بورتر.