تحبس تونس أنفاسها اليوم الاثنين، مع خروج التونسيين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على دستور جديد كان محور جدل كبير في الأسابيع الماضية.
ويثير مشروع الدستور الجديد مخاوف لدى الخبراء بتأسيسه لنظام رئاسي بامتياز يتعارض كلياً مع النظام البرلماني الذي جاء به دستور ما بعد ثورة 2011 في تونس.
وتم وضع نحو 11 ألف مركز اقتراع في جميع أنحاء البلاد ويجرى التصويت في ذكرى مرور عام على التحرك المفاجئ لسعيد ضد البرلمان المنتخب عندما أطاح بالحكومة وفرض حالة الطوارئ وبدأ الحكم بمراسيم.
وشهدت الساعات الأولى من الاستفتاء واقعة ضبط شخص تابع لأحد الأحزاب السياسية يقوم بتوزيع مبالغ ماليّة على عدد من المواطنين بغاية إفشال الاستفتاء والتأثير على نتائجه وحث المواطنين للتصويت بـ«لا»، حسب ما ذكرت وزارة الداخلية التونسية في بيان لها، وذكرت أنه تم القبض عليه وبعد مراجعة النيابة العمومية تمت مداهمة منزله وبتفتيشه تفتيشاً دقيقاً تم العثور على مبالغ مالية وقوائم اسمية مدون بها أسماء 70 شخصاً.
https://www.facebook.com/100064669450520/posts/432951805537131
وأضاف البيان أنه يتم التحقيق معه حالياً بتهمة «تقديم تبرعات نقدية وعينية قصد التأثير على الناخب واستعمال وسائل لحمل ناخب على الإمساك عن التصويت»، حسب أحكام الفقرة الأولى من الفصل 16 من القانون الأساسي التونسي عدد 16 لسنة 2014.
وهو الأمر الذي هاجمه الرئيس التونسي خلال كلمته التي ألقاها للإعلاميين وهو يدلي بصوته برفقة زوجته في مركز اقتراع في حي النصر بالعاصمة تونس، وقال إن معارضيه «يوزعون الأموال» لكي «لا يصوت التونسيون ويعبرون عن إرادتهم»، مؤكداً: «لن نترك تونس فريسة لمن يتربص بها في الداخل والخارج».
https://twitter.com/TnPresidency/status/1551489912679108609?s=20&t=viIHsaa87xWdwZG0GNGksA
وتؤمن قوات من الجيش والشرطة مراكز الاقتراع.
ولم يكن هناك سوى عدد قليل من الناس عندما فتحت صناديق الاقتراع في الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش ولكن في مركز الاقتراع الموجود في شارع مرسيليا بوسط تونس العاصمة كان إلياس مجاهد يقف في أول الطابور، قائلاً إن سعيِد هو الأمل الوحيد. وقال: «أنا هنا في ساعة مبكرة للتصويت بنعم وإنقاذ تونس من سنوات الفشل والفساد»، حسب ما ذكرت وكالة رويترز للأنباء.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أنه تم تسجيل تأخير في افتتاح بعض مراكز ومكاتب الاقتراع شمال البلاد وقبول الناخبين لأسباب لوجيستية. في حين أكدت رئيسة الهيئة الفرعية للانتخابات بمنوبة (شمال تونس) سماح المدوري في تصريحات محلية انطلاق عملية الاقتراع في ظروف عادية، لافتة إلى أنّه تم توزيع جميع المواد الانتخابية على جميع مراكز الاقتراع منذ يوم أمس الأحد. وأشارت إلى أنّ مراكز الاقتراع شهدت خلال الساعة الأولى من فتحها على الساعة السادسة صباحاً توافد الناخبين بنسق بطيء. وتضم دائرة منوبة 95 مركز اقتراع و335 مكتب اقتراع و287 ألف ناخب.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت أنّه تقرّر استثناء بعض مراكز الاقتراع ببعض الدوائر الانتخابيّة بالقصرين وسليانة وجندوبة والكاف وسيدي بوزيد وقفصة بتوقيت خاصّ خلال عمليّة اقتراع الناخبين، حيث ستفتح هذه المراكز على الساعة 07:00 صباحاً وتغلق على الساعة 18:00 مساء بالتوقيت المحلي.
لم يتضح متى سيتم إعلان النتائج بعد انتهاء التصويت في الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش ولكن محللين يتوقعون التصويت بالموافقة مع إقبال منخفض بسبب عدم وجود حماس يذكر على ما يبدو للتصويت بين معظم التونسيين ومقاطعة الأحزاب الرئيسية.
وبينما كان يجلس في مقهى وسط تونس قال سمير سليمان إنه غير مهتم بالتصويت. وأضاف: «لن أصوت، أنا غير مهتم ولا أمل لي... سعيد سيحاول فقط تعزيز صلاحياته ونفوذه». حسب ما ذكرت وكالة رويترز للأنباء.
وبموجب قواعد سعيد للاستفتاء ليس هناك حاجة إلى حد أدنى من مشاركة الناخبين المسجلين في تونس، والذين يقدر عددهم بنحو 9.2 مليون ناخب، لإقرار الدستور الجديد. وتشترط هذه القواعد فقط أن يدخل حيز التنفيذ بمجرد نشر النتائج النهائية ولا تذكر ما سيحدث إذا رفضه الناخبون.
كان الناخبون التونسيون خارج تونس قد بدأوا التصويت منذ أول من أمس، ولم تتعد نسب المشاركة في أقصاها 5.6 في المائة، وقد سجلت في المكاتب المنتشرة في الدول العربية.
وكانت مجموعة تنسيقية من جمعيات المجتمع المدني المعنية قد أعلنت في الأيام الماضية أنه ستقوم بمراقبة الاستفتاء، وتم نشر 4 آلاف مراقب لتغطية مسار الاستفتاء في كامل الدوائر الانتخابية. وتعمل هذه الجمعيات في شكل تنسيقية منذ الانتخابات البلدية عام 2018. وهي جمعية إبصار، ومرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية، وائتلاف أوفياء، وشبكة «مراقبون»، والمنظمة التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والمركز التونسي المتوسطي.