ألمانيا تحفز القطاع الصناعي على ترشيد استهلاك الغاز عبر مزادات

برلين لا ترى الطاقة النووية حلاً لمواجهة نقص الوقود

من المقرر دخول نظام مزادات الغاز حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل (رويترز)
من المقرر دخول نظام مزادات الغاز حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل (رويترز)
TT

ألمانيا تحفز القطاع الصناعي على ترشيد استهلاك الغاز عبر مزادات

من المقرر دخول نظام مزادات الغاز حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل (رويترز)
من المقرر دخول نظام مزادات الغاز حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر المقبل (رويترز)

أعلنت الوكالة الاتحادية الألمانية للشبكات أمس السبت، أن من المقرر إطلاق نموذج المزادات المقرر لترشيد استهلاك الغاز في القطاع الصناعي اعتباراً من الخريف المقبل.
وقال رئيس الوكالة، كلاوس مولر، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «من المقرر افتتاح العرض في 15 سبتمبر (أيلول)، ليدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».
ومن شأن هذا النموذج أن يحفز مستهلكي الغاز من شركات الصناعة القادرة على الاستغناء عن الغاز، بحيث تقوم هذه الشركات بترشيد استهلاكها مقابل الحصول على رسوم يتم تمويلها من السوق، على أن توفر هذه الشركات كميات من الغاز يمكن تخزينها.
ورغم انخفاض إمدادات الغاز الروسي، تحاول ألمانيا ملء مرافق تخزين الغاز الخاصة بها بسرعة قبل بدء موسم التدفئة.
وقال مولر إن نموذج المزاد هو عرض منخفض العتبة، وأضاف: «لكنه بالطبع ليس حلاً سحرياً لأنه لا يقصد منه تحفيز خفض الاستهلاك على المستوى الهيكلي»، موضحاً في المقابل أن هذا النموذج يمكن أن يساعد في تقليل تبعات الأزمة قبل أن تتدخل الدولة أو وكالة الشبكات.
وبحسب مولر، لا يوجد سبب لافتراض نقص قصير الأجل في الغاز لأننا لا نزال في فصل الصيف وهناك أدوات أخرى يجب تفعيلها الآن، أما نموذج المزادات فلا يزال أمامه وقت للتطبيق، وقال: «علينا أن نجتاز فصلين شتويين. لدينا مشكلة غاز حتى صيف 2024».
وفي ظل أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا، أبدى القطاع الاقتصادي في ألمانيا استعداداً لاتخاذ إجراءات لترشيد استهلاك الطاقة، وطالب الحكومة الألمانية، في الوقت نفسه، بوضع أطر قانونية لتحقيق هذا الهدف.
وقال المدير التنفيذي للاتحاد الألماني لأرباب العمل، شتيفن كامبيتر، وفق وكالة الأنباء الألمانية، إن اللوائح والقواعد المتعلقة بالسلامة المهنية يجب أن تتكيف مع الوضع الجديد على الفور، وأوضح أن هذا ينطبق بشكل خاص على الأسئلة المتعلقة بدرجة حرارة الغرفة في الشتاء، وكذلك عندما يتعلق الأمر بالتبريد في الصيف.
وقال كامبيتر: «يمكن هنا توفير الكثير من الطاقة - وهذا لا يعني بالطبع أن موظفينا سيعملون قريباً في الصقيع»، مطالباً بتبسيط وتسريع التصاريح الخاصة بالإجراءات الجديدة. وكان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك قد أعلن يوم الخميس الماضي حزمة أخرى من الإجراءات لتأمين إمدادات الطاقة. وفي هذا السياق، من المقرر إجراء محادثات مع أرباب العمل وممثلي النقابات العمالية حول إمكانية خفض استهلاك الطاقة في أماكن العمل والمصانع.
وقال كامبيتر: «يسعد أرباب العمل بمواصلة المشاركة في المحادثات مع الحكومة الألمانية... يجب أن نعمل معاً لضمان عدم تعرض أي شركة للخطر بسبب نقص الطاقة - وعدم فقدان أي وظائف». ويوفر قانون العمل المعمول به حالياً قيماً إرشادية لدرجات الحرارة في أماكن العمل. ووفقاً لهذه القواعد، يجب أن تتراوح القيم الدنيا لدرجة حرارة الهواء بين 12 و20 درجة مئوية وفقاً لشدة النشاط البدني المبذول، إذ تنطبق درجة حرارة ابتداءً من 12 درجة على العمل البدني الشاق، أما بالنسبة للعمل الذي يتطلب نشاطاً بدنياً أقل فتتراوح الحرارة من 17 إلى 20 درجة.
وفي ضوء توجه ألمانيا لتنويع مصادر الطاقة، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنها لا ترى سبباً في الوقت الحالي لتمديد تشغيل آخر ثلاث محطات للطاقة النووية في ألمانيا.
وقالت الوزيرة، التي تنتمي لحزب الخضر، مساء يوم الجمعة خلال فعالية «الأسئلة الصحيحة» التي نظمتها صحيفة «بيلد» الألمانية إنها تعتقد أن الخروج النهائي من الطاقة النووية بحلول نهاية هذا العام أمر صائب بناءً على «الحقائق التي أعرفها الآن وبالنظر إلى ماهية التحدي الذي نواجهه».
وفي ضوء الحرب الروسية ضد أوكرانيا وأزمة الطاقة التي تلوح في الأفق، أوضحت الوزيرة أن التحدي لا يتمثل في إمدادات الكهرباء، بل في الغاز، وقالت: «لا أرى الطاقة النووية حلاً».
ووفقاً للقانون الحالي، يتعين إغلاق محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في ألمانيا بحلول نهاية هذا العام على أقصى تقدير. وتشكل المحطات الثلاث حصة تبلغ 6 في المائة من إجمالي الكهرباء التي يتم توليدها في ألمانيا. وحتى الآن يُجرى توليد نحو 10 في المائة من الكهرباء في ألمانيا بالغاز الطبيعي. وتتعالى الأصوات المطالبة بتمديد تشغيل محطات الطاقة النووية في ألمانيا لتعويض نقص إمدادات الغاز من روسيا. وأكد وزير الاقتصاد الألماني، الذي ينتمي لحزب الخضر أيضاً، روبرت هابيك، أكثر من مرة أن النقص الرئيسي ليس في الكهرباء، ولكن في الغاز والتدفئة بالنسبة للقطاع الصناعي، ولا يمكن لمحطات الطاقة النووية معالجة ذلك.
كان المستشار الألماني أولاف شولتس، قد أكد ضرورة الإسراع في توسيع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، في ضوء انخفاض واردات الغاز من روسيا، معرباً في المقابل عن شكوكه بشأن مقترحات بتمديد تشغيل محطات الطاقة النووية التي لا تزال قيد الاستخدام في ألمانيا إلى ما بعد نهاية هذا العام.
في المقابل، يرى زعيم المعارضة في ألمانيا، أن محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في البلاد يجب أن تظل قيد التشغيل لفترة أطول من المخطط لها لتعويض خفض واردات الغاز الروسي عبر خط أنابيب «نورد ستريم 1».


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

ترمب يتعهد زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية والكندية والمكسيكية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يتعهد زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية والكندية والمكسيكية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، يوم الاثنين، أنّه سيفرض منذ اليوم الأول لتسلّمه السلطة في 20 يناير (كانون الثاني) رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة على كل واردات الولايات المتحدة من المكسيك وكندا، وسيزيد بنسبة 10 في المائة الرسوم المفروضة على وارداتها من الصين، وذلك لإرغام الدول الثلاث على «وقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات» لبلاده.

وفي سلسلة تصريحات نشرها على حسابه في منصّته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي، كتب ترمب: «في 20 يناير، وفي أحد أوائل الأوامر التنفيذية الكثيرة التي سأصدرها، سأوقّع كلّ الوثائق اللازمة لفرض رسوم جمركية على المكسيك وكندا بنسبة 25% على كلّ منتجاتهما الآتية إلى الولايات المتحدة وحدودها المفتوحة السخيفة».

وأضاف: «ستظل هذه الرسوم سارية إلى أن يتوقف غزو المخدرات، وبخاصة الفنتانيل، وجميع المهاجرين غير الشرعيين لبلدنا!»، من دون أن يذكر اتفاقية التجارة الحرة المُبرمة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي تصريح ثان نشره بعد لحظات، قال الرئيس السابق والمقبل إنّه سيفرض أيضاً على الصين رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة، «تُزاد إلى أيّ رسوم إضافية»، وذلك على كل واردات بلاده من المنتجات الصينية، وذلك عقاباً لبكين على ما يعتبره عدم مكافحتها كما ينبغي تهريب المخدّرات إلى الولايات المتّحدة.

ورداً على إعلان ترمب، حذّرت الصين من أنّ «لا أحد سينتصر في حرب تجارية». وقال ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، في رسالة عبر البريد الإلكتروني تلقّتها وكالة الصحافة الفرنسية إنّ «الصين تعتقد أنّ التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة مفيد للطرفين بطبيعته».

بدورها، ذكّرت كندا الرئيس الأميركي المنتخب بدورها «الأساسي لإمدادات الطاقة» للولايات المتّحدة. وقالت نائبة رئيس الوزراء الكندي كريستيا فريلاند في بيان إنّ «علاقتنا متوازنة ومتبادلة المنفعة، بخاصة بالنسبة للعمّال الأميركيين»، مؤكدة أن أوتاوا ستواصل «مناقشة هذه القضايا مع الإدارة الأميركية الجديدة».

وتشكّل الرسوم الجمركية أحد الأسلحة الأساسية في ترسانة ترمب لتنفيذ أجندته الاقتصادية.

وخلال حملته الانتخابية التي توّجت بفوزه بالانتخابات التي جرت في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، تعهّد الرئيس الجمهوري المنتخب فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على العديد من حلفاء بلاده وخصومها على حد سواء.

ويحذّر العديد من الخبراء الاقتصاديين من أنّ زيادة الرسوم الجمركية ستضرّ بالنمو وستزيد معدلات التضخّم، إذ إنّ هذه التكاليف الإضافية سيتحمّلها في البداية مستوردو هذه البضائع الذين غالباً ما سيحملونها لاحقاً إلى المستهلكين.

لكنّ المقربين من الرئيس المنتخب يؤكّدون أنّ الرسوم الجمركية هي ورقة مساومة مفيدة تستخدمها الولايات المتحدة لإرغام شركائها التجاريين على الرضوخ لشروطها.