جفاف حقول الأرز في «المثلث الذهبي» الإيطالي

نتيجة التغيرات المناخية

إيطاليا تمر بأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً (أ.ب)
إيطاليا تمر بأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً (أ.ب)
TT

جفاف حقول الأرز في «المثلث الذهبي» الإيطالي

إيطاليا تمر بأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً (أ.ب)
إيطاليا تمر بأسوأ موجة جفاف منذ 70 عاماً (أ.ب)

يخرق هدير محرك دراجة داريو فيتسيني النارية الصمت في حقول مزرعة «ستيلا» للأرز التي يملكها بينما يتفقد حجم الضرر الذي لحق بها بسبب الجفاف الذي حولها إلى خراب، وحيث بدأ التلف يصيب البراعم.
ويوضح فيتسيني: «في الأوقات العادية، ما كنت لأعبر الحقل بالدراجة النارية. في هذه الفترة من السنة كان يفترض أن يبلغ ارتفاع النباتات مستوى الركبة وأن تغمر المياه حقول الأرز. حالياً هي صغيرة جداً والمياه اللازمة لريها لم تأت أبداً».
وتقع مزرعة «ستيلا» في قرية زيمي التي يحتضنها سهل بو الواقع على بعد 70 كلم إلى جنوب غربي ميلانو، وتعد جزءاً من «المثلث الذهبي» لحقول الأرز الإيطالية الذي يمتد من بافيا في إقليم لومبارديا إلى فيرتسيلي ونوفارا في بيمونتي، والذي يعد أكبر منطقة لإنتاج الأرز في أوروبا.
ويقول مزارع الأرز البالغ 58 عاماً إن «آخر هطول للأمطار جدير بهذه التسمية يعود إلى ديسمبر (كانون الأول) ولم نشهد سوى القليل من الثلوج على الجبال»، مشيراً إلى أن هذا الأمر مرده التغير المناخي. وبحسب تقديراته، تراجع مدخول فيتسيني بنسبة «80 إلى 90 في المائة».
ويقول إنريكو سيدينو وهو مالك مزرعة للأرز مجاورة: «إن لم تعد هناك مياه، قد أخسر 100 في المائة من إيراداتي».
وتظهر التشققات على الأرضية الجافة فيما بدأ التلف يصيب براعم الأرز المغطاة بطبقة من الغبار. وقنوات الري الصغيرة التي تمتد على طول الحقول جفت أو على وشك أن تجف. ومياه نهر بو في أدنى مستوى لها على الإطلاق، وتصل بالقطارة.
ويقول رئيس بلدية زيمي ماسيمو ساروني وهو بدوره مزارع للأرز منذ 30 عاماً: «ليس الحصاد وحده من تلقى نكسة، النظام البيئي بكامله يحتضر».
وفي الماضي، بحسب ساروني، كانت تصدح في حقول الأرز أصوات الزيزان ونقيق الضفادع وكانت أسراب اليعسوب تملؤها. وكانت طيور مالك الحزين الرمادي وطائر أبو منجل الأبيض تقتات فيها الحشرات.
ويضيف: «حالياً بات التواجد في الريف وسط صمت مطبق محبطاً، يخيل لك أنك على القمر!».
وترتوي حقول فيتسيني البالغة مساحتها 50 هكتاراً من قناة كافور لجر المياه من نهر بو، فيما ترتوي حقول أرز أخرى في إقليم بافيا من البحيرة الكبرى أو بحيرة كومو.
لكن سلطات إقليم لومبارديا حذرت من أن مخزون المياه قد يستنفد بنهاية يوليو (تموز).
وفي مواجهة أسوأ جفاف منذ 70 عاماً، أعلنت روما في مطلع يوليو حالة الطوارئ في خمسة أقاليم هي إيمياليا - رومانيا وفريولي - فينيتسيا - جوليا ولومبارديا وفينيتسيا وبيمونتي، علماً بأن مياه نهر بو تروي أربعة من هذه الأقاليم.
وأعرب ساروني عن أسفه لكون «الزراعة مجبرة على التضحية ببعض الحقول لصالح أخرى، تماماً كالطبيب الذي كان يختار معالجة أولئك الذين حظوظ إنقاذهم أكبر إبان جائحة (كوفيد - 19)».
على بعد 60 كيلومتراً إلى الشرق من زيمي، عند ملتقى نهري بو وتيتسينو، القوارب البيضاء والزرقاء متروكة عند الضفاف الترابية وسط برك من المياه الراكدة.
ووسط الحرارة الخانقة يغامر بعض السباحين بالنزول إلى مياه النهر القليلة الملوحة والتي انخفض منسوبها بمقدار 3.3 متر عن المستوى الاعتيادي في هذا الموقع.
وتمتد حقول الأرز في إيطاليا على مساحة 220 ألف هكتار موزعة على أكثر من أربعة آلاف منشأة زراعية.
وتنتج البلاد سنوياً 1.5 مليون طن من الأرز، يتم تصدير 60 في المائة منها. ومن بين أكثر من مائتي صنف تعد كارنارولي وأربوربو وروما وبالدو، الأشهر، ولا غنى عنها في تحضير أطباق ريزوتو التقليدية.
وفي بلاد «الباستا»، ازداد استهلاك الأرز خلال فترات الإغلاق التي فرضت لاحتواء الجائحة. ويحذر رئيس نقابة المزارعين في بافيا ستيفانو غريبي من «خطر شح الأرز في إيطاليا».
ويعرب هذا المزارع عن أسفه لما آلت إليه الأمور ويحذر من وضع يصل إلى حد «الميؤوس منه» بسبب «النقص الحاد في المياه اللازمة لري حقول الأرز».
ويقول إن «الأضرار الاقتصادية لا يمكن إحصاؤها»، متحدثاً عن خسائر بـ«ملايين الملايين من اليورو»، ومحذراً من أن «شركات عدة قد تغلق أبوابها أو قد تفلس» من جراء الأضرار اللاحقة بالمحاصيل.


مقالات ذات صلة

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

يوميات الشرق تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
خاص يحمل الأطفال الفلسطينيون الأواني في طابور لتلقي الطعام من مطبخ خيري في رفح (رويترز)

خاص الجوع في العالم... تحدٍّ أخلاقي يتطلب حلاً مستداماً

يمثل الجوع وانعدام الأمن الغذائي تحديات أخلاقية وإنسانية تؤثر على الملايين حول العالم، ما يفرض مسؤولية أخلاقية تجاه المتضررين.

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)

«الفاو»: تفاقم الجوع في 16 منطقة ساخنة بسبب الصراعات وظاهرة النينا

حذَّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن انعدام الأمن الغذائي الحاد من المتوقع أن يتفاقم في 16 نقطة جوع ساخنة.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد أحد فروع «لولو ماركت» (إكس)

مجموعة «اللولو» لجمع 1.43 مليار دولار من أكبر طرح أولي بالإمارات العام الحالي

تسعى مجموعة «اللولو» للبيع بالتجزئة إلى جمع ما يصل إلى 1.43 مليار دولار في طرح عام أولي من المتوقع أن يكون الأكبر في الإمارات هذا العام.

«الشرق الأوسط» (دبي)

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية أكثر من التوقعات

صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)
صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)
TT

ارتفاع مخزونات الخام والبنزين الأميركية أكثر من التوقعات

صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)
صهاريج لتخزين النفط الخام في مركز كاشينغ النفطي بولاية أوكلاهوما الأميركية (رويترز)

قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، اليوم (الأربعاء)، إن مخزونات النفط الخام والبنزين والمقطرات في الولايات المتحدة ارتفعت خلال الأسبوع الماضي.

وقالت الإدارة إن مخزونات الخام ارتفعت 2.1 مليون برميل إلى 427.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع أجرته «رويترز» بزيادة قدرها 1.1 مليون برميل. كما ارتفعت مخزونات الخام في مركز التسليم في كوشينغ بولاية أوكلاهوما 522 ألف برميل في الأسبوع.

وصعدت أسعار النفط الأميركية عقب صدور التقرير، وجرى تداول العقود الآجلة لخام برنت عند نحو 75.66 دولار للبرميل، بارتفاع 13 سنتاً بحلول الساعة 10:45 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15:45 بتوقيت غرينتش). وارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط نحو 40 سنتاً إلى 72.37 دولار للبرميل.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن استهلاك الخام في المصافي ارتفع بمقدار 281 ألف برميل يومياً خلال الأسبوع. كما ارتفعت معدلات تشغيل المصافي بنسبة 1.4 في المائة إلى 90.5 في المائة من إجمالي الطاقة.

وأضافت الإدارة أن مخزونات البنزين ارتفعت بمقدار 412 ألف برميل خلال الأسبوع إلى 211.3 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 878 ألف برميل.

وأظهرت البيانات أن مخزونات المقطرات، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، ارتفعت بمقدار 2.9 مليون برميل خلال الأسبوع إلى 115.8 مليون برميل، مقابل توقعات بانخفاض قدره 1.1 مليون برميل. وارتفع صافي واردات الخام الأميركية بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً.