مهرجان موازين يكرم المطرب المغربي عبد الهادي بلخياط

نبيل شعيل أطرب الجمهور رغم متاعبه الصحية

الفنان نبيل شعيل، و الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط (تصوير: مصطفى حبيس)
الفنان نبيل شعيل، و الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

مهرجان موازين يكرم المطرب المغربي عبد الهادي بلخياط

الفنان نبيل شعيل، و الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط (تصوير: مصطفى حبيس)
الفنان نبيل شعيل، و الفنان المغربي عبد الهادي بلخياط (تصوير: مصطفى حبيس)

بعد غياب طويل، عاد الفنان المغربي المعتزل عبد الهادي بلخياط إلى الغناء من خلال مهرجان «موازين إيقاعات العالم» في الرباط حيث أحيا، مساء أول من أمس حفلا للإنشاد الديني أمام جمهور كبير بمسرح محمد الخامس.
وجاء هذا الحفل بمثابة التفاتة تكريمية من جمعية مغرب الثقافات تجاه أحد أقطاب الأغنية المغربية، الذي بدا متأثرا باستقبال جماهيري حار، تحية للفنان الذي حمل لواء الأغنية العصرية وصب في نهرها أروع القطع.
وقال حسن النفالي، المستشار الفني للمهرجان، في كلمة باسم جمعية مغرب الثقافات إن «السهرة التكريمية لحظة اعتراف وامتنان لمبدع عبقري شرف الطرب المغربي على مدى عقود».
ووسط تصفيق حار، ظهر الحاج عبد الهادي بلخياط أمام الجمهور بعدما احتجب عن الساحة الفنية خلال الفترة الأخيرة مقررا اعتزال الغناء العاطفي والتخصص في الإنشاد الديني. وأدى عددا من القطع الدينية، التراثية منها والعصرية، حلقت بالجمهور إلى آفاق المديح النبوي. من بينها القصيدة التراثية الشهيرة «الفياشية» التي تعد أحد متون التراث الصوفي الفني بالمغرب. وبرفقة كورال عريض تشكل من شباب وفتيان وفرقة موسيقية صغيرة، غنى قطعة في مدح الرسول الكريم خلفها له الزجال الراحل أحمد الطيب العلج ولحنها محمد الزيات.
وشملت القطع التي تفاعل معها الجمهور بشكل لافت أغنية بالعامية المصرية كان أعدها بلخياط قبل زمن بعيد بعنوان «الضمير» وقدم رائعته الشهيرة «يا طالعين الجبال» التي تغنت بموكب الحجاج، وفي ذروة هذه اللحظة الوجدانية الروحية، صدح الصوت الذي لم تنل منه السنين بالأغنية ذات النفس الملحمي «المنفرجة».
من جهته، غرد بلبل الخليج نبيل شعيل بمنصة النهضة في الرباط، في أول لقاء جماهيري له بمحبيه وعشاق فنه في المغرب الذين تحمل لأجلهم عناء السفر وتعب الجسد الناجم عن خضوعه أخيرا لعملية جراحية دقيقة على مستوى الظهر.
ورغم كل ذلك وقف بلبل الخليج مغردا لأزيد من ساعة، وجه فيها التحايا للجماهير الحاضرة بمنتهى الود واللباقة ولبى فيها طلبات معجبيه بكل الرضا والمحبة وشكر من خلالها بكل الامتنان منظمي موازين الذين أتاحوا له فرصة التلاقي مع محبيه ومعجبيه على أرض المغرب.
وغنى شعيل عددا من أشهر أغنياته، على غرار «مولاي» و«يا عسل» و«ما أروعك» و«لا بانساكم» و«منطقي» بمصاحبة عزف فرقته الموسيقية.
ونوه شعيل بالفنانين المغاربة الشباب الذين قدموا في نظره خدمة كبيرة للأغنية المغربية بتصديرها إلى أوسع الجماهير العربية، والخليجية بوجه خاص. وقال في ندوة صحافية، قبيل إحيائه حفله إن أسماء شابة مثل سعد المجرد وأسماء المنور وحاتم عمور وغيرهم من الجيل الجديد من فناني المملكة اشتغلت على تقديم أغان بسيطة وإيقاعية حتى تسافر خارج الحدود، وقد نجحت في ذلك، مبديا رفضه للاتهامات التي توجه إلى هذا الجيل بتقديم أغان تجارية لا تحمل الهوية الفنية المغربية.
وجدد «بلبل الخليج» التعبير عن إعجابه الخاص بالريبرتوار الغنائي المغربي وهو الذي أدى أغاني ببصمة إيقاعية مغربية منذ بداياته مع «يا شمس» وصولا إلى أعماله الأخيرة ومنها «البدر اكتمل». وأضاف أن الإيقاعات المغربية قريبة من نظيرتها الخليجية ولذلك تجد لها جماهيرية واسعة في المنطقة. وخلص الفنان الكويتي، في هذا السياق، إلى التعبير عن أمله في المشاركة في أغنية وطنية يهديها للمغرب والمغاربة، محبة صادقة، لا مجاملة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».