قمة ماكرون ـ السيسي تتناول قضايا إقليمية ودولية

فرنسا تحتاج إلى مصر في الموضوع الفلسطيني وتوفير إمدادات الغاز

ماكرون والسيسي في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
ماكرون والسيسي في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
TT

قمة ماكرون ـ السيسي تتناول قضايا إقليمية ودولية

ماكرون والسيسي في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)
ماكرون والسيسي في الإليزيه أمس (إ.ب.أ)

احتلت ملفات الشرق الأوسط خلال الأسبوع المنتهي حيزاً بارزاً في اهتمامات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدبلوماسية والسياسة الخارجية. فقد استضاف ما بين الاثنين والجمعة ثلاثة رؤساء دول، هم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة (في زيارة دولة)، والرئيس الفلسطيني (زيارة عمل رسمية)، وأمس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (زيارة رسمية) والذي لم تعلَن زيارته إلى العاصمة الفرنسية رسمياً إلا مساء الخميس من خلال بين صادر عن قصر الإليزيه.
وتشكّل باريس المحطة الثالثة في جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي (بعد ألمانيا وصربيا)، وتأتي في ظل سياق إقليمي ودولي متوتر سمته الرئيسية تواصُل الحرب الروسية على أوكرانيا التي أنهت شهرها الخامس، فيما لا تبدو في الأفق أي مؤشرات تدل على قرب انتهائها أو على الأقل وقف لإطلاق النار. وفي هذا السياق، تبدو زيارة الرئيس السيسي بالغة الأهمية بالنظر لتأثر مصر بأزمة توقف صادرات الحبوب الروسية والأوكرانية واعتمادها الكبير على مشترياتها من هذين المصدرين. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي أطلق في وقت مبكر المبادرة «FARM» لمساعدة البلدان الأفريقية على وجه الخصوص على مواجهة أزمة نقص الحبوب من الأسواق العالمية.
تندرج زيارة الرئيس المصري في سياق التشاور بين بلدين تربطهما علاقات وثيقة سياسياً ودفاعياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً وعلمياً. فخلال العامين الماضيين، التقى الرئيسان خمس مرات وجاء عبد الفتاح السيسي إلى باريس مرتين العام الماضي (مايو-أيار ونوفمبر-تشرين الثاني) للمشاركة في مؤتمرات جدولية حول السودان وليبيا والمحيطات. وآخر مرة جاء إلى فرنسا (مدينة بريست، غربي البلاد)، كانت في فبراير (شباط) الماضي للمشاركة في قمة المحيطات.
وأشارت مصادر رسمية في باريس إلى أن فرنسا «مهتمة جداً بالتشاور مع الجانب المصري ومع الرئيس السيسي تحديداً نظراً للدور المهم الذي تلعبه القاهرة في عدد من الأزمات»، مشيرةً بشكل خاص إلى رغبة فرنسية للتعاون مع القاهرة في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي.
ويكمن وجه الأهمية في أن الرئيس الفرنسي التزم للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما استقبله الأربعاء الماضي في قصر الإليزيه، بالعمل من أجل إعادة إحياء مسار المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية المتوقفة منذ العام 2014.
وكان ماكرون قد التقى في باريس رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الذي تقوم معه علاقة صداقة قديمة تعود للعام 2016 عندما كان الاثنان يشغلان حقيبة الاقتصاد في فرنسا وإسرائيل. وتشترك فرنسا مع ألمانيا ومصر والأردن في صيغة رباعية تهدف إلى تسهيل عودة المفاوضات، بينما لم تُحدث زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية أي تقدم على هذا الصعيد، ما يترك الباب مفتوحاً أمام المساعي التي قد يريد ماكرون القيام بها.
من هذا المنظور، فإن التشاور مع الرئيس السيسي يبدو مهماً فضلاً عن كون مصر جهة فاعلة لتبريد الجبهة الإسرائيلية مع غزة والدور الذي تقوم به في عملية إعادة إعمار القطاع.
وكان لافتاً الاستقبال الحار الذي خصصه ماكرون لضيفه، إذ عانقه في باحة قصر الإليزيه على وقع الموسيقى العسكرية للحرس الجمهوري وتبادل معه الحديث مطولاً قبل الدخول إلى القصر من أجل اجتماع وصفه الناطق باسم الرئاسة المصرية بـ«المغلق».
وفي سياق الحرب الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة والخوف الأوروبي من تناقص كميات الغاز التي تبيعها روسيا لدول الاتحاد، ومساعي المسؤولين الأوروبيين لإيجاد بدائل عنه، تبدو مصر، في هذا الإطار، لاعباً مهماً بفضل إمكانياتها في تسييل الغاز الطبيعي وتسهيل إيصاله بالناقلات إلى الموانئ الأوروبية.
وثمة توافق بين الخبراء والمحللين على أن ملف الطاقة الذي يرتبط به غلاء الكهرباء والمشتقات النفطية وأسعار السلع الرئيسية والتضخم، يمكن أن يتحول إلى ملف متفجر ما يدفع الحكومة الفرنسية وبقية الحكومات الأوروبية إلى إيجاد الوسائل لمساعدة الشرائح الشعبية الأكثر هشاشة مخافة اندلاع أعمال احتجاجية وأزمات اجتماعية.
ثمة ثلاثة ملفات رئيسية تعمل باريس والقاهرة بشأنها معاً، وهي الملفات الليبية والسورية واللبنانية فضلاً عن المساعي المشتركة لتوثيق العلاقات الثنائية ودفعها إلى آفاق جديدة.
وعكست تصريحات الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي بعض المواقف التي عبّر عنها الرئيسان السيسي وماكرون.
وقال المتحدث المصري إن «القمة المصرية - الفرنسية تناولت عدداً من الملفات الإقليمية، خصوصاً مستجدات القضية الفلسطينية، وسبل إحياء عملية السلام، حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن تقدير بلاده البالغ للجهود المصرية في هذا الاتجاه، فيما أكد الرئيس المصري موقف بلاده الثابت بضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية».
وتناولت المباحثات تطورات الأوضاع في كلٍّ من شرق المتوسط وليبيا وسوريا ولبنان، وأكد الرئيس المصري أنه «لا سبيل لتسوية تلك الأزمات إلا من خلال الحلول السياسية، بما يحافظ على وحدة أراضيها وسلامة مؤسساتها الوطنية، ويوفر الأساس الأمني لمكافحة التنظيمات الإرهابية ومحاصرة عناصرها للحيلولة دون انتقالهم إلى دول أخرى بالمنطقة»، بدوره «أعرب الرئيس الفرنسي عن تطلع بلاده لتكثيف التنسيق المشترك مع مصر حول قضايا الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الثقل السياسي المصري في محيطها الإقليمي»، وفقاً للمتحدث المصري.
ليبيا ولبنان وسوريا
ويبدو الملف الليبي بتشعباته الداخلية والخارجية الأكثر إثارة للقلق. إذ ترى المصادر الفرنسية أن «الجهود المبذولة على أكثر من مستوى والوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة تراوح مكانها وكل خطوة إلى الأمام تتبعها خطوة إلى الوراء.
وتعزو باريس الأسباب للعبة السياسية الداخلية ورغبة التيارات والجهات المتحاربة المتحكمة بالوضع راهناً في الإبقاء عليه على حاله لأنه يصب في مصلحتها.
أما الملف اللبناني الذي حاز اهتمام قمة جده الخليجية - العربية - الأميركية فلا يبدو أقل تعقيداً. ووفق مصادر فرنسية رسمية، فإن باريس تدفع باتجاه تصويت مجلس النواب اللبناني على عدة مشاريع قوانين ضرورية لمنع الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني وللوضع بكليته، فيما المعركة مستعرة إن بالنسبة لتشكيل الحكومة المتعثرة أو بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية.
وتتخوف العاصمتان من الفراغ المؤسساتي في حال تعذر حصول الانتخابات الرئاسية، ما سيزيد الفوضى ويسرع في انهيار الوضع.
أما بالنسبة للملف السوري، فإن الموقف الفرنسي يركز على أن تطبيع الوضع مع دمشق لا يتعين أن يكون مجانياً ويُفترض بالدول المطبّعة أن تحصل على «مقابل» من دمشق في ملف الذهاب إلى حلول سياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة وإطلاق سراح المعتقلين وجلاء حالات مجهولي المصير.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر: انتشال 4 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يُسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يُسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
TT

مصر: انتشال 4 جثث بعد غرق مركب سياحي في البحر الأحمر

عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يُسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)
عناصر من رجال الإسعاف والإنقاذ المصري يُسعفون أحد الناجين من ركاب المركب (المتحدث العسكري المصري - «فيسبوك»)

قال محافظ البحر الأحمر عمرو حنفي، اليوم (الثلاثاء)، إن عناصر الإنقاذ انتشلوا 4 جثث و3 ناجين غداة غرق مركب سياحي قبالة السواحل المصرية، فيما لا يزال 9 في عداد المفقودين.

وأعلن حنفي في بيان: «نجاح الجهود التي تُجريها الجهات المعنية كافة وعلى رأسها رجال القوات البحرية في العثور على 7 أشخاص منهم 3 أحياء (2 منهم يحملون الجنسية البلجيكية وآخر مصري)، فيما جرى انتشال 4 جثث ما زالوا مجهولي الهوية». وأشار إلى أنه «حتى الآن إجمالي من جرى إنقاذهم بلغ 31 شخصاً».

ووقع الحادث في الساعات الأولى من صباح أمس (الاثنين)، بشحوط اللانش «سي ستوري» خلال رحلة غوص وسفاري، إذ كان يقلّ 31 سائحاً من جنسيات أجنبية مختلفة، بالإضافة إلى طاقمه المكون من 14 فرداً من بحارة وغطاسين. وحتى مساء أمس (الاثنين)، أنقذت الفرق المعنية 28 شخصاً، فيما استمرت عمليات البحث عن 17 مفقوداً.

وأعلن محافظ البحر الأحمر، في بيان، أن الناجين الذين تم إنقاذهم يتلقون الرعاية الطبية اللازمة، مع تكثيف الجهود للعثور على باقي المفقودين.

من جانبه، قال المتحدث العسكري المصري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن القيادة العامة للقوات المسلحة، كلَّفت قيادة القوات البحرية بدفع عدد من القطع البحرية وطائرات مركز البحث والإنقاذ فور تلقي بلاغ استغاثة يفيد بتعرض المركب السياحي «سي ستوري» للغرق في أثناء تنفيذ أعمال الغطس جنوب مدينة مرسى علم بنحو (35) كم، للمشاركة في أعمال البحث عن المفقودين والناجين، وذلك في ظل سوء الأحوال الجوية واتساع نطاق الحادث.

وذكر في البيان: «وقد أسفرت الجهود عن إنقاذ 28 فرداً بالتعاون مع إحدى السفن السياحية التي تَصادف وجودها في منطقة الحادث، كما تم تقديم الرعاية الطبية والإدارية اللازمة للناجين ونقل الحالات التي تستدعي رعاية طبية عاجلة إلى المستشفيات القريبة من موقع الحادث بالتعاون مع الأجهزة التنفيذية لمحافظة البحر الأحمر، كما أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها للقوات البحرية بتكثيف جهودها لمواصلة عمليات البحث عن باقي المفقودين والناجين».