إجراءات استثنائية بمساجد مصر في رمضان تفاديًا لأي تجمعات «إخوانية»

تتضمن شروطًا محددة للاعتكاف وقصره على الجوامع الكبيرة

إجراءات استثنائية بمساجد مصر في رمضان تفاديًا لأي تجمعات «إخوانية»
TT

إجراءات استثنائية بمساجد مصر في رمضان تفاديًا لأي تجمعات «إخوانية»

إجراءات استثنائية بمساجد مصر في رمضان تفاديًا لأي تجمعات «إخوانية»

شرعت الحكومة المصرية في وضع إجراءات استثنائية على جميع المساجد خلال شهر رمضان، تفاديًا لأي تجمعات من قبل عناصر جماعة الإخوان المسلمين في المناطق التي تشهد حشدًا إخوانيًا في العاصمة وبعض المحافظات، بينما عده مراقبون أنه «ضروري لضبط السيطرة على منابر مساجد جمعيات الإسلاميين، التي من المرجح أن تشكل تهديدًا خلال الأيام المقبلة، للتحريض ضد سلطات البلاد».
وقالت مصادر مسؤولة في وزارة الأوقاف، إن «الوزارة وضعت شروطًا لمنع دخول عناصر الإخوان والجماعات الإرهابية المتشددة للمساجد وعقد اللقاءات، خاصة خلال فترة قبل الإفطار وعقب صلاة التراويح». وأضافت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط»، أنه «سيتم أيضًا منع مشايخ حزب النور (الذي يضم دعاة غير رسميين) وعناصر الجماعة الإسلامية الموالية للإخوان، من استخدام مساجد الأوقاف في إلقاء الدروس الدينية (التي اعتادوا عليها الأعوام الماضية) أو إمامة المصلين في صلاة التراويح، وسيتم تحرير محاضر فورية للمخالفين»، لافتة إلى أنه «سيطلب من كل مصلٍ إظهار بطاقة هويته خلال الاعتكاف وفي صلاة التراويح، خاصة للعناصر المعروفة بتشددها وبفكرها المتطرف في المنطقة المحيطة بالمسجد أو التي يشك فيها مسؤولو المسجد».
في حين، هاجم مشايخ في الجماعة الإسلامية، قرارات الأوقاف في شهر رمضان، مؤكدين أنها «تفتقد للدقة والموضوعية.. والوزارة لن تستطيع تطبيقها على جميع المساجد».
وفرضت الحكومة سيطرتها على المساجد التابعة لتيار الإسلام السياسي، التي كانت أرضًا خصبة لدعاة التحريض منذ عزل محمد مرسي عن الحكم صيف العام قبل الماضي، ووحدت موضوع خطبة الجمعة في جميع المساجد، وقصرت صعود المنابر على الأزهريين، ومنعت أي تبرعات بالمساجد، خاصة التابعة للجمعية الشرعية (التي تضم دعاة غير رسميين).
وبينما أكدت المصادر المسؤولة في الأوقاف، أنه «تم التأكيد على جميع العاملين بالمساجد بشكل غير رسمي بضرورة الاطلاع على بطاقة الهوية الخاصة بكل مصلٍ يدخل للمسجد، خاصة من الوجوه المتعارف عليها أنها تنتمي لجماعة الإخوان أو من الدعاة المتشددين»، لافتة إلى أن «بعض المشايخ المتشددين يدخلون المساجد ويصرون على إمامة المصلين في صلاة التراويح وإلقاء الخطب، رغم وجود إمام الوزارة داخل المسجد، خاصة في المناطق الشعبية التي تحظى هذه المشايخ فيها بشعبية كبيرة».
لكن رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، الشيخ محمد عبد الرازق، نفى ذلك، مؤكدًا أن «دخول المسجد لصلاة التراويح متاح للجميع.. ولن يتم الكشف عن هوية المصلين».
وأضافت المصادر نفسها في الأوقاف، أن «الوزارة تلقت بالفعل خطابات أمنية تفيد منع الاعتكاف بعدد من المساجد في ربوع البلاد في محافظات أسيوط والشرقية والفيوم، وحلوان والمعادي (جنوب القاهرة)، والمطرية وعين شمس والمرج ومدينة نصر (شرق القاهرة)، ومناطق الجيزة والهرم، التي يكثر بها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية».
وأعلنت الحكومة جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا، وحملتها جميع أحداث العنف التي شهدتها البلاد منذ عزل مرسي، والتي أسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى.
ووضعت وزارة الأوقاف شروطًا جديدة للاعتكاف بالمساجد هذا العام من أهمها، أن يكون الاعتكاف في المساجد الكبيرة وتحت إشراف أئمة الأوقاف، وأن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد جغرافيًا المعروفين لإدارة المسجد، وأن يقوم المشرف على الاعتكاف بتسجيل الراغبين في الاعتكاف وفق سعة المكان وقبل بداية الاعتكاف بأسبوع على الأقل.. وأن أي مسجد يخالف ذلك سوف تعتبره الوزارة مخالفًا وتعده اجتماعًا خارج إطار القانون، ويتم وفق ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
وقالت المصادر المسؤولة في الوزارة إن «وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، لن يتراجع عن تطبيق القرارات وتجنب الخوض في الأمور السياسية داخل المساجد»، مشددًا على أن «الوزارة لن تتهاون مع العاملين بالمساجد المخالفين لقراراتها، وسيجري تحويل أي خطيب للتحقيق الفوري في حال ثبوت أنه لم يلتزم بالضوابط الموضوعة».
في السياق ذاته، هاجمت الجماعة الإسلامية قرارات الأوقاف، واصفة إياها بأنها تفتقد إلى الدقة. وقالت مصادر داخل الجماعة، إنها «متحفظة على هذه القرارات.. ولن تلتفت إليها وأنها سوف تحيي رمضان بالطريقة التي تعودت عليها منذ سنوات».
بينما رحب حزب النور بالشروط التي وضعتها الأوقاف بخصوص الاعتكاف. وقال قيادي في النور، أكبر الأحزاب الدينية في مصر، إن «حزبه يتفق تمامًا مع شروط الأوقاف ولا توجد أي مشكلة بخصوصها».
في غضون ذلك، رجح مصدر أمني مسؤول في قسم عين شمس (شرق القاهرة) عن أن «جماعة الإخوان ستقوم خلال شهر رمضان بتكثيف الترويج بوجود حرب ضد الإسلام من الدولة بسبب إغلاق كثير من المساجد الصغيرة والزوايا وعدم إقامة صلاة التراويح فيها»، لافتًا إلى أن الجماعة الإرهابية ستستغل رمضان لزيادة تحفيز وتجنيد الشباب للقيام بعمليات إرهابية خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن «السلطات الأمنية وضعت خططًا كثيرة لإفشال مخطط الإخوان في استغلال رمضان لإثارة الفتن والدعوة للتخريب والقتل».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم