واشنطن: «أدلة» على مساعي روسيا لضم مزيد من أراضي أوكرانيا

مساعدات أمنية جديدة لكييف وجهود لتدريب طيارين أوكرانيين على طائرات أميركية

الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن مع السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا (أ.ب)
الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن مع السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا (أ.ب)
TT

واشنطن: «أدلة» على مساعي روسيا لضم مزيد من أراضي أوكرانيا

الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن مع السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا (أ.ب)
الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن مع السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا (أ.ب)

أكدت الولايات المتحدة، أن لديها «أدلة كثيرة» تشير إلى أن روسيا تخطط لضم المزيد من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها. كما عدّت زيارة الرئيس الروسي إلى طهران، دليلاً على مدى العزلة التي تعيشها بلاده جراء حربها على أوكرانيا. جاء ذلك على لسان منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي جون كيربي. وقال كيربي في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، إن المسؤولين الذين عيّنتهم روسيا في بعض المناطق التي تحتلها في أوكرانيا، يخططون لتنظيم «استفتاءات زائفة» بشأن الانضمام إلى روسيا، لاستخدامها كأساس لضم الأراضي الأوكرانية. وشبّه كيربي «دليل الضم»، بضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014؛ مما أدى إلى موجة من العقوبات الدولية. ومع هذا الإعلان الجديد عن تلك الخطط، فقد تعلن الولايات المتحدة المزيد من العقوبات التي تستهدف المتورطين في تلك الجهود، لكن لم تصدر إعلانات فورية عن تلك العقوبات. وقال كيربي، إن الجهود تشمل أيضاً إنشاء بنوك روسية في تلك الأراضي المحتلة، لجعل الروبل الروسي «العملة الافتراضية» لهذه المناطق. وأضاف، أن الجدول الزمني لخطط الضم ليس واضحاً، لكن موسكو قد تبدأ تنفيذه في وقت لاحق من هذا العام، بالتزامن مع الانتخابات الإقليمية. وقال، إن روسيا تستعد لتركيز جهودها على مدينتي خيرسون وزابوريجيا وجميع مناطق دونيتسك ولوهانسك؛ الأمر الذي أكده الأربعاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في معرض رده على تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية أطول مدى. وكانت إدارة بايدن قد رفعت بشكل متكرر السرية عن معلومات استخباراتية حول الخطط الروسية في أوكرانيا، في محاولة لتعطيلها أو ردعها. وأكد كيربي، بأن التقييم الجديد اعتمد على معلومات مفتوحة المصدر في المجال العام والاستخبارات. وعيّنت روسيا بالفعل مسؤولين في المناطق التي تسيطر عليها في أوكرانيا، بما في ذلك في خيرسون وزابوريجيا، مع أحاديث تفيد بأن روسيا يمكن أن تتحرك لضم دونيتسك ولوهانسك، حيث تركز حالياً عملياتها العسكرية. وجاءت المعلومات الجديدة بعد وقت قصير من لقاء الرئيس بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن مع السيدة الأولى لأوكرانيا أولينا زيلينسكا، التي تقوم برحلة نادرة إلى واشنطن. وبعد ترحيبه بها، وصف بايدن في تغريدة على «تويتر» زيلينسكا، بأنها «تجسد روح المثابرة والمرونة نفسها التي تتمتع بها الدولة التي قدمت منها». وكانت زيلينسكا قد التقت أيضاً بعدد من المسؤولين الأميركيين، بينهم وزير الخارجية انتوني بلينكن، وألقت خطاباً الأربعاء أمام المشرّعين الأميركيين، طالبت فيها بزيادة الدعم لبلادها. وقال كيربي، إن إدارة بايدن، تخطط للإعلان عن شريحة أخرى من المساعدات العسكرية لأوكرانيا في وقت لاحق من هذا الأسبوع، والتي ستشمل أنظمة صاروخية إضافية من نوع «هيمارس»، وأنظمة إطلاق صواريخ متعددة أخرى، لم يحددها. وقدمت الولايات المتحدة عدة مليارات من الدولارات كمساعدات أمنية لأوكرانيا لمساعدتها على صد الهجوم الروسي المستمر، وتبادلت معها المعلومات الاستخباراتية.
من جهة أخرى، اعتبر كيربي أن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإيران، تظهر مدى العزلة التي تعيشها روسيا. وقال، إن «لديه ثلاث نقاط بشأن هذه الزيارة»: أولاً، تظهر مدى عزلة بوتين وروسيا؛ مما اضطره إلى التوجه لإيران طلباً للمساعدة. والنقطة الثانية هي أن صناعة الدفاع الروسية تواجه صعوبات، وأنها غير قادرة على تلبية احتياجات الحرب في أوكرانيا. والنقطة الثالثة هي أن هذه الرحلة هي علامة على أن فلاديمير بوتين ليس لديه نية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، ولا يريد الدخول في مفاوضات بحسن نية للوصول إلى اتفاق مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقال كيربي، إن المعدات العسكرية الروسية بما في ذلك الدبابات والطائرات، تواجه مشكلات في مجال الإصابة الدقيقة لأهدافها، وروسيا تعاني نقصاً في المكونات الإلكترونية الدقيقة، ولا يمكنها استيرادها بسبب العقوبات. وأضاف قائلاً «في المقابل سيشتري (بوتين) مئات الطائرات من دون طيار من إيران، ليواصل قتل الأوكرانيين». وكانت واشنطن قد كشفت في وقت سابق، أن روسيا تحاول شراء طائرات مسيرة إيرانية بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في هذا المجال.
وطرحت مساعي روسيا للحصول على المسيرات الإيرانية، أسئلة حول حقيقة وضع الآلة العسكرية الروسية، وعمّا إذا كانت الأسلحة الإيرانية متطورة ويعتد بها في ميدان المعركة. إذ بعد مضي ما يقارب 6 أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا، أشارت تقارير عسكرية غربية إلى أن روسيا فقدت عدداً كبيراً من دبابات «تي - 90» و«تي - 80» و«تي - 72»، حيث تواجه نقصاً في تصنيعها بسبب العقوبات الغربية على الرقائق الإلكترونية؛ الأمر الذي أجبرها على استخدام دباباتها القديمة المتقاعدة «تي - 62». كما تواجه نقصاً في الصواريخ الهجومية الدقيقة؛ الأمر الذي أكده مسؤولون في البنتاغون، قائلين، إن روسيا بدأت تستخدم صواريخ باليستية قديمة و«غبية»، وحتى استخدام صواريخ مخصصة للدفاع الجوي، مثل «إس - 300» في هجمات على أهداف أرضية، وكذلك صواريخ بحرية مضادة للسفن على أهداف أرضية. وبالنسبة إلى الطائرات المسيرة الروسية، وهي تقنية اكتسبتها روسيا من إسرائيل، فقد خسرت موسكو أكثر من 100 طائرة؛ مما دفعها إلى استخدام مسيرات مدنية وأخرى مخصصة للشرطة وحرس الحدود والإطفاء والطوارئ. ومع تزايد الهجمات الأوكرانية التي باتت تمتلك صواريخ «هيمارس» الدقيقة، ونمو سلاح المسيّرات الأوكرانية، الذي أمر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أمس، بالتركيز على مواجهتها، بات الجيش الروسي في حاجة ماسة إلى المزيد من المسيرات، التي تصنع إيران منها أنواعاً قتالية واستكشافية وانتحارية، بغض النظر عن مدى دقتها. على أن تقوم روسيا بمحاولة تطويرها من مصادر مختلفة، رغم العقوبات التي تمنعها من الحصول على الإلكترونيات الدقيقة الخاصة بها.
وبالنسبة إلى سلاح الجو الروسي، ورغم أن خسائره محدودة، غير أن فشله في تأمين سيطرة جوية للعمليات البرية، طرح تساؤلات عدة عن حقيقة «تطور» هذا السلاح، في مواجهة الأسلحة الدفاعية التي باتت تمتلكها أوكرانيا من الغرب والتي مكنتها من منع روسيا من استخدام قوتها الجوية الأكثر تقدما لفرض هيمنتها في السماء منذ بدأ الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط). لا، بل إن مساعي كييف لتغيير اعتمادها على الطائرات «السوفياتية» يزيد من صعوبة مهمة سلاح الجو الروسي في مواكبة «العملية» العسكرية الروسية المستمرة. وفي هذا السياق، نقلت وكالة «رويترز» عن قائد القوات الجوية الأميركية الجنرال تشارلز براون، قوله، إن الولايات المتحدة وحلفاءها، بدأوا دراسة إمكانية تدريب الطيارين الأوكرانيين في إطار جهود طويلة الأمد لمساعدة كييف في بناء قوة جوية مستقبلية. وتسعى أوكرانيا أيضاً إلى تقليل اعتمادها على الطائرات الروسية من خلال الحصول على مقاتلات أميركية وتدريب طياريها على قيادتها. وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية عن آمالها في الحصول على طائرات «إف - 15» و«إف - 16». وقال براون في ندوة أمنية، إن المناقشات بين الجيش الأميركي وحلفائه جارية. وأضاف «نريد خطة طويلة الأمد تتعلق بكيفية بناء قواتهم الجوية والقوات الجوية التي سيحتاجونها في المستقبل»، دون أن يؤكد أي قرارات في هذا الشأن. وجاءت تعليقات براون بعد أيام من تحرك لأعضاء في مجلس النواب الأميركي، سيسمح بتوفير 100 مليون دولار لتدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات المقاتلة الأميركية. ولم يعلق براون على هذه الخطوة، كما رفض التكهن بالجداول الزمنية أو أنواع الطائرات الغربية التي قد تكون الأنسب لأوكرانيا.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».