أثارت واقعة قيام طفل لم يتجاوز الـ13 من عمره، بالاعتداء جنسياً على طفلة عمرها 5 سنوات، جدلاً واسعاً في مصر، تطور إلى نقاشات اتسعت إلى المستوى الإقليمي، واستدعت وقائع مماثلة في دول أخرى شكّلت صدمة للشارع العربي، خصوصاً مع تكرار وقائع العنف التي يرتكبها أطفال خلال السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من رفض علماء الاجتماع اعتبار هذه الوقائع «ظاهرة» طبقاً للقياس العلمي، فإنهم حذّروا من اتساعها، ودعوا إلى دراستها في السياق الاجتماعي العام، وما وصفوها بـ«المخاطر» التي تهدد منظومة القيم الاجتماعية والأخلاقية العربية.
تطورات الواقعة في مصر تضمنت صدور أمر من النيابة العامة المصرية بإيداع الطفل المتهم إحدى دور الرعاية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي لمدة أسبوع وندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها لبيان ما بها من إصابات، وكيفية حدوثها، استجابةً لبلاغ تلقته في الخامس عشر من شهر يوليو (تموز) الجاري بتعدي طفل في الثالثة عشرة من عمره، على طفلة في الخامسة من العمر، بمنطقة لألعاب الأطفال بأسيوط، وفقاً لبيان النيابة.
ويعد قرار إيداع الطفل المتهم إحدى دور الرعاية قراراً تمهيدياً، وفق المحامي الحقوقي أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال، والذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية ستُنقل فيما بعد إلى محكمة الطفل، وهي المحكمة المختصة بجرائم الأطفال وفقاً لقوانين الطفل المصرية، والمتوقع أن يتم تمديد قرار إيداع الطفل في إحدى دور الرعاية لفترة أخرى لدراسة حالته نفسياً واجتماعياً»، مشيراً إلى أن «القوانين المصرية وضعت قواعد متنوعة لضمان حقوق الأطفال أقل من 18 عاماً، منها عدم محاكمته أمام محاكم الجنايات، وعدم إصدار أحكام بالإعدام في حقهم».
ويستعرض مصيلحي السيناريو القانوني المتعارف عليه في مثل هذه القضايا، «حيث تتولى محكمة الطفل القضية، وتُصدر حكمها بإيداع مرتكب الواقعة في إحدى دور الرعاية، على أن تتسلم تقريراً من خبراء الاجتماع وعلم النفس المتابعين لحالته كل ثلاثة أشهر، يتم على أساسه تحديد مسار القضية، في حين تتولى لجنة الاختصاصيين الاجتماعيين في دار الرعاية وضع برنامج لتقويم مرتكب الواقعة، بالتعاون مع أسرته التي ستظل على تواصل معه، وفي حال قررت اللجنة أن الطفل أصبح سويَّ السلوك يتم إطلاق سراحه»، مشيراً إلى أن «الحكم قد يتضمن إلزام الطفل المتهم بالقيام بخدمات اجتماعية، دون سجنه، ففلسفة قوانين الطفل تستند إلى تقويم سلوك الأطفال مرتكبي الجرائم، كي لا يرتكبوا جرائم أخرى، وليس عقابهم بشكل يحوّلهم إلى مجرمين في المستقبل».
وشهدت السنوات الأخيرة جرائم عنف كثيرة في مصر، ودول عربية ارتكبها أطفال في عمر البراءة، مما أصاب الشارع العربي بصدمة كبيرة، ففي مصر قام طفل، 8 سنوات، بقتل شقيقه الأصغر، 5 سنوات، بمنطقة الهرم في محافظة الجيزة خلال جلسة مزاح، وفي مدينة نصر (شرق القاهرة) قامت طفلة بقتل شقيقها ذي الأعوام الثمانية بـ«مفك» بسبب التشاجر على ريموت التلفزيون.
وفي منطقة ماركا بالعاصمة الأردنية عمان، لقي طفل، 9 سنوات، مصرعه على يد طفل آخر يكبره بعامين، قام بضربه على رأسه بحجر أمام منزله، وفي أبريل (نيسان) الماضي بمحافظة جدة بالمملكة العربية السعودية، قام طفل عمره 15 عاماً بقتل زميله بالمدرسة، في نفس عمره، خلال مشاجرة بينهما.
وعلى الرغم من مأساوية وتكرار وقائع الجرائم التي يرتكبها أطفال، فإن علماء الاجتماع «يرفضون عدّها ظاهرة، حسب القياس العلمي»، غير أن السوشيال ميديا تطل مجدداً بوصفها «متهماً» بالترويج للعنف، وفق الدكتورة سامية خضر، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار وقائع العنف التي يرتكبها أطفال لا يعني أن نعدّها ظاهرة، فاعتبارها كذلك يحتاج إلى مزيد من الدراسات والقياسات العلمية، لكن الأمر خطير بالطبع، فثمة تطورات تسببت في الترويج للعنف على رأسها السوشيال ميديا، وأيضاً المواد التي تُبثّ على التلفزيون، والتي جعلت الجميع يعتاد منظر الدماء والعنف ويسهل عليه ارتكابها».
وتشير خضر إلى أنه «يجب أن نواجه مسببات العنف ببرامج الأطفال الجادة، وتوعية الأمهات والأسر، والعودة إلى وسائل التربية السليمة».
جرائم الأطفال تصدم الشارع العربي
رموز البراءة داخل «قفص الاتهام»
جرائم الأطفال تصدم الشارع العربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة