حمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوة، اليوم (الأربعاء)، على «النموذج الغربي» في إدارة العالم، وقال إنه قام على «نهب ثروات الشعوب»، وفشل في تقديم بدائل للنظام الدولي الحالي. وأعرب عن قناعته بأن العالم يقف على أبواب مرحلة جديدة في تاريخه، لافتاً إلى أن «الدول صاحبة السيادة الحقيقية» سوف تبلور ملامحها وتضع معاييرها.
وخلال مشاركته في منتدى حواري حمل عنوان: «أفكار قوية للعصر الجديد»، حرص الرئيس الروسي على إظهار أن المواجهة القائمة حالياً مع الغرب ليست مرتبطة فقط بالوضع حول أوكرانيا، وأنها صراع بين نموذجين لإدارة العالم. وقال إن تاريخ البشرية «ينتقل إلى مرحلة جديدة، حيث يمكن للدول ذات السيادة الحقيقية فقط إظهار ديناميكيات نمو عالية».
وزاد أنه «مع سعي الغرب وما تسمى النخب فوق الوطنية للحفاظ على النظام الحالي، تحل حقبة جديدة ومرحلة مختلفة نوعياً في تاريخ العالم. وفقط الدول ذات السيادة الحقيقية يمكن أن تضمن ديناميكيات نمو عالية، وأن تصبح مثالاً للآخرين في معايير ونوعية الحياة، وحماية القيم التقليدية والمثل الإنسانية العليا، ونماذج التنمية التي لا يتحول فيها الإنسان إلى وسيلة؛ بل يصبح الهدف الأعلى».
ولفت بوتين إلى أن «التحولات الثورية حقاً تكتسب الزخم والقوة أكثر فأكثر».
وفي إشارة إلى أن بلاده تلعب دوراً أساسياً في التغيرات التي يشهدها العالم، قال الرئيس الروسي إنه «لا رجعة في هذه التغييرات الهائلة. وعلى الصعيدين الوطني والعالمي، يتم تطوير أسس ومبادئ نظام عالمي متناغم وأكثر إنصافاً وبتوجه اجتماعي وآمن، بديلاً للنظام الحالي أو النظام العالمي أحادي القطب الذي كان قائماً حتى الآن، والذي بات بطبيعته عائقاً أمام تطور الحضارة».
وحمل بوتين على الدول الغربية التي وصفها بأنها «وصلت إلى مواقع متقدمة في العالم ليس فقط بفضل منجزاتها، بل وإلى حد كبير بسبب سرقة الشعوب الأخرى».
وأضاف أن «المليار الذهبي، لم يغد ذهبياً بمحض الصدفة. لقد حقق الكثير. ولكنه شغل هذه المواقع ليس فقط بفضل الأفكار؛ بل إلى حد كبير بسبب سرقة الشعوب الأخرى؛ في آسيا وأفريقيا».
وزاد أن «الغرب لا يمكنه ببساطة أن يقدم للعالم نموذجاً للمستقبل، والآن تخشى نخب (المليار الذهبي) بهلع أن تقدم المراكز العالمية الأخرى خيارات التنمية الخاصة بها».
بالتزامن مع الحديث عن «المرحلة العالمية الجديدة» بدا الأربعاء أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دخلت بدورها مرحلة جديدة وفقاً لإعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي تحدث عن توسيع نطاق المعارك لتشمل مناطق أوكرانية جديدة. وقال لافروف إن «الأهداف الجغرافية للعمليات الروسية الخاصة في أوكرانيا تغيرت من لوغانسك ودونيتسك إلى مناطق أخرى». وأوضح أنه إذا سلم الغرب أسلحة طويلة المدى لكييف «فسنطور أهدافنا الجغرافية في أوكرانيا إلى مناطق أوسع».
ووفقاً للوزير الروسي؛ فإن «الرقعة الجغرافية مختلفة الآن. لم تعد تشمل فقط جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين (مناطق انفصالية في شرق أوكرانيا) بل أيضاً منطقتي خيرسون وزابوريجيا (في الجنوب) وسلسلة من الأراضي الأخرى، والعملية متواصلة بحزم». وحذر لافروف الدول الأوروبية بأن «الولايات المتحدة وبريطانيا تقعان على مسافة آمنة بينما يتضرر الاقتصاد الأوروبي وحده». واتهم واشنطن بأنها «تتصرف على نحو غير مسؤول، ولا تريد الحوار».
وتطرق لافروف في حوار تلفزيوني إلى احتمالات اندلاع مواجهة نووية، وقال إنه «لا يوجد منتصر في الحرب النووية، ولا يجوز أن تندلع تلك الحرب أبداً. عقيدتنا توضح بصراحة الحالات التي يتعين فيها اللجوء إلى استخدام القوى النووية».
وتنص العقيدة النووية الروسية على أن موسكو يمكنها أن تشن ضربة استباقية وقائية في حال تعرض الأمن القومي الروسي لتهديد جدي.
وحمل حديث لافروف مضامين مطابقة للعبارات التي أطلقها بوتين حول فشل «النموذج الغربي»، وقال إن النخب السياسية الجديدة في الغرب «محدودة الكفاءة ولا تمتلك الخبرة السياسية وسعة النظر».
كما هاجم القيم الغربية، وقال إنه لا يستطيع «تفسير الترويج لقيم (المثلية) و(التحول الجنسي) في الغرب. ربما يكون السبب هو أن (المليار الذهبي) يقضي بتقليص عدد البشر على كوكب الأرض؛ لأن الموارد لن تكفي جميع الناس». وتطرق إلى العقوبات المفروضة على بلاده، وقال إن الغرب استنفد كل إمكاناته في هذا المجال و«عليهم الآن أن يفكروا فيما اقترفوه».
وطالب بشكل غير مباشر برفع العقوبات المفروضة على حركة السفن والموانئ الروسية، مشيراً إلى أن «المواد الغذائية والأسمدة لا تنطبق عليها رزم العقوبات؛ لكن القيود المفروضة على حركة السفن الروسية تعرقل نقل الإمدادات الغذائية».
ميدانياً؛ نشط وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، جولاته الميدانية على القطاعات العسكرية التي تحارب في أوكرانيا، وكرر أوامره بتوسيع لائحة الأهداف لتشمل منصات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى التي زود الغرب بها أوكرانيا.
تزامن ذلك مع توسيع إطار الهجمات المضادة من جانب أوكرانيا لتشمل مناطق داخل الحدود الروسية؛ إذ تعرضت منطقة كورسك الحدودية إلى هجوم للمرة الثانية خلال أسبوع. وقال محافظ المقاطعة، رومان ستاروفويت، إن قوات أوكرانية قصفت المناطق الحدودية بالمدفعية. في الوقت ذاته؛ أعلنت قيادة قوات دونيتسك أن «الجيش الأوكراني فتح النيران على أراضي الجمهورية 67 مرة خلال الـ24 ساعة الماضية». وأفادت في بيان بأن القوات الأوكرانية أطلقت خلال تلك الفترة 437 قذيفة من مختلف طرازات الأسلحة والعيارات.
في السياق ذاته؛ قال فلاديمير روغوف؛ عضو مجلس رئاسة الإدارة العسكرية - المدنية التي عينتها موسكو في مقاطعة زابوروجيه، إن طائرات قتالية أوكرانية من دون طيار حاولت شن هجوم على محطة الطاقة النووية في المنطقة.
وأوضح أن المهاجمين استخدموا 3 طائرات انتحارية من دون طيار لقصف المحطة التي تعدّ من أكبر المحطات الكهروذرية في أوروبا. استهدفت الضربات ساحة داخل أراضي المحطة ومواقع في محيطها، مؤكداً عدم وقوع أضرار على المستوى الإشعاعي أو على عمل المحطة الكهروذرية.
في المقابل؛ واصلت القوات الانفصالية في لوغانسك بدعم ناري روسي محاولة السيطرة على بلدة سوليدير المجاورة للإقليم الانفصالي.
وقال الناطق العسكري آندريه ماروتشكو إن أجهزة الاستخبارات المحلية رصدت تحركات من الجانب الأوكراني لتعزيز القوات الموجودة في المناطق عبر الدفع بوحدات إضافية من المتطوعين الأجانب. وزاد أن معطيات دلت على وجود مدربين أجانب في منطقة سوليدير وأرتيموفسك في دونباس، وصلوا مع أسلحة قدمها الغرب.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع أن قواتها الجوية دمرت بأسلحة عالية الدقة في منطقة أوساتوفو بمقاطعة أوديسا في جنوب أوكرانيا، منصة إطلاق تابعة لمنظومة الصواريخ «هاربون» أميركية الصنع.
وأفاد الناطق العسكري إيغور كوناشينكوف بأن الضربة جاءت في إطار تحول التكتيكات العسكرية الروسية إلى استهداف الأسلحة الغربية طويلة المدى المسلمة إلى أوكرانيا. وزاد أن القوات الروسية قصفت من البحر نقطة انتشار مؤقتة لـ«اللواء 35 مشاة بحرية» في أوديسا أيضاً، يتمركز فيها عسكريون أوكرانيون، ما أسفر عن مقتل نحو 200 منهم.
وتطرق الناطق إلى حصيلة العمليات في دونباس خلال اليوم الأخير، وقال إن القوات الجوية الروسية استهدفت بأسلحة عالية الدقة مستودعاً أوكرانياً للصواريخ والمدفعية في سوليدير في دونيتسك، ما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 40 مسلحاً وتدمير 19 مدرعة.
وزاد أن الطائرات والقوات الصاروخية والمدفعية الروسية قصفت خلال اليوم الماضي 7 مواقع قيادة، و8 مستودعات للأسلحة والذخائر الصاروخية والمدفعية، إضافة إلى مستودعين للوقود. كما دمر الطيران الروسي في معارك جوية طائرة أوكرانية من طراز «ميغ29» في نيكولايف، وأخرى من طراز «سوخوي25» فوق دونيتسك.
ووفقاً للناطق؛ فقد أسقطت الدفاعات الجوية الروسية 4 طائرات من دون طيار أوكرانية، كما اعترضت 9 قذائف من راجمات صواريخ «أوراغان».
بوتين: مرحلة جديدة في تاريخ العالم والنموذج الغربي فشل
موسكو توسع نطاق عملياتها العسكرية في أوكرانيا وتقصف منصات صاروخية أميركية
بوتين: مرحلة جديدة في تاريخ العالم والنموذج الغربي فشل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة