موفد فرنسي إلى بيروت في زيارة «سياسية إصلاحية»

TT

موفد فرنسي إلى بيروت في زيارة «سياسية إصلاحية»

عاد منسق المساعدات الدولية للبنان السفير الفرنسي بيار دوكان إلى بيروت مرة جديدة؛ حيث يلتقي عدداً من المسؤولين، في زيارة «تحمل طابعاً سياسياً وإصلاحياً»، بحيث سيجتمع، على خلاف المرات السابقة، مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، إضافة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعدما التقى الهيئات الاقتصادية، ووزير الاقتصاد أمين سلام، ووزير الأشغال علي حمية، يوم أمس.
وتتجه الأنظار إلى ما سيحمله الموفد الفرنسي من رسائل سياسية إلى المسؤولين اللبنانيين، بعدما اعتاد أن تقتصر لقاءاته على المسؤولين المعنيين بالقضايا الاقتصادية والمالية للبحث في مسار الإصلاحات المرتبطة بالمساعدات التي من المقرر أن يحصل عليها لبنان، كما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وفيما يتوقع أن يلتقي يوم غد (الخميس) كلاً من عون وبري، تربط مصادر مطلعة على لقاءاته، زيارته بيروت في هذه المرحلة، بالاستحقاقات السياسية، ولا سيما ملف تأليف الحكومة المتعثر واستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «إضافة إلى تركيزه على الإصلاحات المطلوبة، من الواضح أن الزيارة ترتبط بالحث على أهمية إجراء الاستحقاقات في موعدها، التي من شأنها أن تساهم في تحقيق الإصلاحات المطلوبة التي لا يمكن تنفيذها ما لم تكن هناك حكومة كاملة الصلاحيات، ورئيس للجمهورية، خاصة مع تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يرزح تحتها اللبنانيون».
وبعدما التقى وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، التقى أمس الموفد الفرنسي وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية؛ حيث بحثا الأوضاع في لبنان، والموضوعات التي تعنى بها وزارة الأشغال، كالمرافئ والنقل المشترك وسكك الحديد وإعادة إعمار مرفأ بيروت.
وبعد اللقاء، أشار حمية إلى أنه «منذ تشكيل الحكومة والجانب الفرنسي ينادي بالإصلاحات والاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعتبره ممراً أساسياً لتفعيل عمل المرافق العامة». وقال: «قناعتنا راسخة بأن الإصلاحات هي أساس لنهضة لبنان».
ولفت إلى أن «دوكان أثنى على ما تقوم به الوزارة من إصلاحات على صعيد المرافئ والمرافق التابعة لها»، مشيراً إلى أن «المباحثات تناولت أيضاً موضوع مرفأ بيروت، بحيث تم تشخيص واقعه منذ سنتين حتى الآن، وكانت الوعود من الغرب ومن الشرق كثيرة بإعادة إعماره، وكذلك تشجع الدولة الفرنسية منذ اليوم الأول على إعادة إعماره، باعتباره مرفقاً من المرافق الأساسية للدولة اللبنانية»، مشدداً على «أننا ماضون في هذه العملية حتى النهاية». وأوضح: «لدينا خطوتان بالنسبة للمرافئ، الأولى هي الإطار القانوني الجديد لقطاع المرافئ، الذي سيتم إرساله وفقاً للأصول إلى المجلس النيابي كي يعمل على إقراره، والثانية تعنى بالانتهاء من المخطط التوجيهي لمرفأ بيروت»، مبدياً أمام دوكان «انفتاحه على العمل مع البنك الدولي أو أي مؤسسة دولية أخرى وفقاً لما وعدنا به سابقاً منذ كارثة الانفجار الكبير، هذا إذا كانوا مستعدين لتمويل إعادة إعماره، أما في حال لم تكن هناك رغبة في الاستثمار أو إعادة إعمار لدى هؤلاء فإننا سنعمل من إيرادات المرفأ التي تزداد يوماً بعد يوم على إعادة إعماره».
وأضاف حمية: «تحدثنا أيضاً في مواضيع سكك الحديد والباصات والنقل في لبنان، نظراً لما لها من أهمية»، مشيراً إلى «أننا سنبدأ العمل على إعداد إطار قانوني جديد ينظم الشراكة والعلاقة بين القطاعين العام والخاص حول النقل، ما يعزز دور القطاع الخاص في لبنان حيث تكون الدولة هي المنظم، والقطاع الخاص هو المشغل».
ويوم أول من أمس، عقد دوكان لقاء مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية، برئاسة الوزير السابق محمد شقير، حيث جرى النقاش حول الأوضاع في لبنان بشكل عام والوضع الاقتصادي والاجتماعي وخطة التعافي الاقتصادي والمالي للانتهاء من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وشكرت الهيئات السفير دوكان على الجهود الكبيرة التي يبذلها لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته، متمنية أن تثمر كل الجهود المخلصة لإنقاذ لبنان من أزماته المتعددة في أسرع وقت، كما عرضت الهيئات الاقتصادية الخطوط العريضة لخطتها للتعافي الاقتصادي والمالي، ثم دار نقاش مطول بين السفير دوكان والحاضرين حول القضايا المطروحة، بحسب بيان صادر عن «الهيئات الاقتصادية».
من جهته، شدد السفير دوكان على أنه لا بديل عن التوقيع السريع للغاية على برنامج مع صندوق النقد الدولي، على أساس الاتفاق التقني الذي أبرم، بداية أبريل (نيسان) الماضي، بين الحكومة اللبنانية والصندوق، معتبراً أن ذلك يشكل الوسيلة الواقعية الوحيدة لخروج لبنان من الأزمة، ولإعادة إطلاق الاستثمار والاستهلاك والنمو والحصول على دعم المجتمع الدولي.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تعيد تفعيل استراتيجية «عقيدة الضاحية»

رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعيد تفعيل استراتيجية «عقيدة الضاحية»

رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يتفقد الدمار اللاحق في مبانٍ استهدفها القصف الإسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

يطرح انتقال الجيش الإسرائيلي إلى القصف المكثف للضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعات النهار، بعدما كان يعمد بشكل أساسي خلال المرحلة الماضية إلى القصف ليلاً، كما توسيع عملياته لتشمل مناطق جديدة ضمن الضاحية، علامات استفهام كثيرة حول خلفية هذا الموضوع، وما إذا كان يشكل مؤشراً للانتقال إلى مرحلة جديدة من الحرب أكثر خطورة، باعتبارها قد تكون الأخيرة وتستمر حتى استلام الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب مهامه رسمياً في العشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويرى مطلعون من كثب على عملية تطور الضربات الإسرائيلية أن تل أبيب أعادت في اليومين الماضيين تفعيل ما يُسمى «عقيدة الضاحية»، وهي استراتيجية عسكرية تعتمد على التدمير الواسع واستخدام القوة المفرطة للتأثير على معنويات الخصم وبيئته لإجباره على تقديم التنازلات.

وهذه الاستراتيجية انتهجتها إسرائيل في حربها على لبنان عام 2006 واتخذت اسمها من الضاحية الجنوبية لبيروت التي شهدت تدميراً كبيراً في تلك الحرب ثم اعتمدتها أيضاً في حربها على غزة.

الدمار الناتج من استهداف إسرائيلي للضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أعنف موجة غارات على الضاحية

وبين يومي الثلاثاء والأربعاء، وخلال 24 ساعة فقط، استُهدفت الضاحية بنحو 30 غارة طالت مناطق جديدة كالغبيري والشياح وروضة الشهيدين، واعتُبرت هذه الساعات هي الأعنف على الضاحية منذ اندلاع الحرب.

واستهدفت 6 غارات إسرائيلية على الأقلّ الضاحية الجنوبية لبيروت ظهر الأربعاء، جاءت بعد نحو ساعة من إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً للسكان بالإخلاء. وارتفعت سحب دخان سوداء فوق المناطق المستهدفة وأظهرت مقاطع فيديو شباناً يتجولون على مقربة من مواقع الغارات مذهولين في حين غادر قسم كبير من السكان المواقع التي تم تحديدها بوقت سابق بصفتها مواقع مستهدفة، خصوصاً أن كثيراً من السكان كانوا يعودون في الصباح لتفقّد منازلهم ومتاجرهم.

لحظة استهداف صاروخ إسرائيلي مبنى في منطقة الغبيري بضاحية بيروت الجنوبية (الشرق الأوسط)

استراتيجية الردع

ويعدّ الخبير العسكري والاستراتيجي العميد حسن جوني أن «الإسرائيلي انتقل لنمط نهاري للتدمير بديلاً عن النمط الليلي يهدف من خلاله إلى أن يكون مشهد الدمار أوضح باعتباره يحصل في النهار»، لافتاً إلى أن «ما يريده العدو أن يتم تناقل مشاهد المباني التي تنهار خلال ثوانٍ معدودة لما لذلك من تأثير معنوي ونفسي».

ويشير جوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك استراتيجية أساسية يقوم بها العدو بكل حروبه ويسعى لتكريسها وهي استراتيجية الردع، بدأت معه منذ إنشاء إسرائيل على اعتباره دولة صغيرة في محيط معاد لها لا تستطيع أن تخسر لأن ذلك يعني نهايتها؛ لذلك بنوا هذه الاستراتيجية لمنع أعدائهم من مهاجمتهم، وقد تكرست فعلياً لدى هؤلاء قناعة أن أي مس بالحدود الإسرائيلية أو الجنود الإسرائيليين سيؤدي لدمار واسع وشامل، وقد حماهم ذلك لمدة طويلة حتى عملية (طوفان الأقصى)»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ردة فعل إسرائيل سواء في غزة أو لبنان تدخل في سياق إعادة تكريس معادلة الردع هذه من خلال الزرع في الأدهان أن كل من يفكر لاحقاً في مهاجمتها سيكون الدمار والموت من نصيبه».

لبناني على دراجة نارية قرب موقع غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

تفاوض تحت النار

من جهته، يرى مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، أن «هذه الضربات تندرج تحت العنوان الذي أعلنه الإسرائيلي نفسه، أي التفاوض تحت النار؛ ما يعني مزيداً من الضغط العسكري حتى التوصل إلى اتفاق»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تل أبيب مصرّة على ما تسميه (إنجازات تكتيكية) لتحسين موقعها التفاوضي، ولديها فترة سماح حتى تنصيب ترمب للقيام بذلك من دون أي رادع أميركي».