تتلون سماء بيروت، هذه الأيام، بحفلات غنائية وموسيقية تزخر بأسماء معروفة، مما وجه إليها الأنظار من جديد. هذه العروض الفنية شاركت فيها فرق عالمية كـ«أدرياتيك» وأخرى أحياها نجوم عرب ككاظم الساهر. وفي 27 يوليو (تموز) الجاري، بيروت على موعد مع حفل موسيقي من نوع آخر بعنوان «كولوراتورا» (السمفونية الكهربائية). يحيي هذا الحفل كل من الموسيقي ميشال فاضل والـ«دي جي» رودج، فيتشاركان لأول مرة في بيروت، لتقديم أداءٍ موسيقي ذي مستوى عالمي، سبق وقدماه في عدد من الدول العربية. هذا الحدث من إنتاج شركتي «ICE Events» و«Mix Productions».
وتضم مشهدية «Coloratura» أكثر من 100 موسيقي ومغنٍ على خشبة المسرح، ويُعزف ويُمرر تسجيلات لنحو 200 أغنية عربية وإنجليزية وفرنسية في إطار فنّي وإخراجي وإنتاجي جديد، يواكبها إضاءة ومرئيات ومؤثرات سمعية وبصرية على مدى ساعتين ونصف، ويتخلّلها عروض فنيّة وموسيقيّة.
وفي مؤتمر صحافي عقد في فندق «أرت هاوس» في الأشرفية، أعلنت الشركة المنظمة (أيس) ويمثلها كل من شادي فياض ونتالي رحال، وبحضور نجمي الحفل عن تفاصيل هذا الحدث. علماً بأن جميع عائدات الحفلة الموسيقيّة ستعود إلى 7 جمعيات غير ربحيّة تُعنى بقضايا صحيّة واجتماعيّة متعدّدة وهي: مركز سرطان الأطفال (CCCL)، «برايفهارت»، «SOS» وبسمة، وEnfants de lumière، وأصدقاء مرضى التصلّب اللويحي في الجامعة الأميركية في بيروت، Operation Full Fridge و«مينتور أرابيا».
وكانت كلمة لممثلين عن الجمعيات الخيرية المستفيدة من ريع هذا الحفل، اختصرت معاناتهم لأكثر من سنتين، في سبيل جمع التبرعات. فالأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد أسهمت في تراجع برامج المساعدات، مما انعكس سلباً على حالات إنسانية كثيرة.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أشار الموسيقي ميشال فاضل إلى أن الحفل سيضم 50 شخصاً من الكورال، يقابلهم 50 آخرين من الموسيقيين. ويتابع: «إنه الحفل السادس لنا معاً، وسبق وقدمناه في بلدان عديدة بينها مصر والسعودية وفي إمارة دبي. ولقد فكرنا بإقامته في لبنان اليوم، كي ننشر الفرح بالموسيقى بين أهالينا».
ويرى فاضل أن الموسيقى اليوم تلعب دوراً بارزاً في العالم أجمع، للتخفيف من معاناة الناس بعد حجر فرض عليهم بسبب الجائحة. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «إنه السلاح الذي نستطيع أن نحارب به كل الأخطاء والفساد والحروب التي تواجهنا».
وعن الحفلات الموسيقية والغنائية التي تقام على التوالي في بيروت أخيراً، يعلق فاضل: «إنها مشهدية تزودنا بالأكسجين وتوفر لنا متنفساً نحتاجه، بعيداً عن الهموم والمشكلات التي نواجهها. فاللبنانيون اليوم يشعرون بالاختناق ونحن نحاول التخفيف من أوجاعهم بالموسيقى».
بحماس يتحدث فاضل عن هذا الحفل، سيما أنه يتطلب إرادة ورغبة قويتين لكي يفكرا في تقديمه في لبنان في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة. ويعلق ميشال: «رودج وأنا نملك القلب الصلب الذي لا يخاف من المغامرة. فنحن نحارب ونقاوم على طريقتنا. وهذا ما تعلمناه منذ صغرنا في بلد شهد ويلات وحروب وخضات سياسية وغيرها. لذلك قررنا أن نهجم ونترك كل المآسي خلفنا لنخوض مشواراً مرصعاً بالأمل والفرح تكلله الموسيقى بامتياز».
الحفل سيقام على الواجهة البحرية لبيروت وهي مساحة كبيرة تتسع لنحو 4000 شخص، سبق وأحيا فيها كاظم الساهر حفله الغنائي لمناسبة عيد الأضحى. أما أسعار البطاقات التي سيعود ريعها للجمعيات الإنسانية فتتراوح ما بين 30 و60 دولاراً للشخص الواحد.
ومن ناحيته، يشير شادي فياض أحد ممثلي شركة «أيس برودكشن» المنظمة للحفل، بأن الشركة لم تتردد يوماً في القيام بخطوات تخدم لبنان الفن والثقافة.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل كل ما نمر به من معاناة وعلى جميع أصعدة، تمسكنا بإقامة هذا الحفل لأنه فسحة الأمل الوحيدة التي نوفرها لأهالينا في هذا الوقت. شعرنا أنه من الضروري إقامة حفل موسيقي بهذه الضخامة كي نقول للعالم أجمع أننا صامدون ولن نستسلم. فالشعب اللبناني لا يكف عن التفكير بالأجمل متعلقاً بحبال الرجاء. نحن كشركة منظمة لهذا النوع من الحفلات، لم نتردد يوماً في تلوين لبنان بهذه المشهديات الحلوة.
وعكس ما يعتقده كثيرون فإن ما نمر به من مصاعب حفزنا بصورة أكبر لإقامة مشروع من هذا النوع. فنحن نرفض تغيير صورة لبنان التي تعودنا عليها، لبنان الثقافة والفن والفرح والموسيقى».
يتضمن حفل «كلوراتورا» نحو 200 أغنية عربية وأجنبية
ويؤكد فياض أن لا صعوبات تذكر صادفتهم لإقامة الحفل، وأن كل ما يطلبه اليوم من اللبنانيين هو أن يتفهموا الفكرة الأساسية التي يقام على أساسها. «نعرف تماماً أن هناك ضائقة مادية تحيط بنا، وهموم كثيرة تشغلنا، ولكن هذا لا يمنع تنظيم حفل لمساعدة الجمعيات الإنسانية التي تقدم المساعدات لجميع اللبنانيين من دون تفرقة». ويأتي دعم هذه الجمعيات في وقت استثنائي يمرّ به لبنان، حيث يشهد مشكلات كبيرة على مستوى تأمين الأدوية للأمراض المزمنة، والغذاء، وغير ذلك من القضايا المعيشية الأساسية.
أما رودج فقال: «إن شراء ولو بطاقة واحدة، من شأنها أن تحدث الفرق لدى هذه الجمعيات الإنسانية، فتوفر لها طاقة لمساعدة المرضى والفقراء. ونعد الجمهور أنه سيمضي وقتاً ممتعاً مع الموسيقى، بحيث ستحفر هذه الأمسية في ذاكرته، ونشير إلى أن مفاجأة تنتظر الجميع في بداية الحفل».