كومبيوترات عملاقة يمكنها تصور مستقبل الأرض

تستطيع إجراء مليار عملية حسابية في الثانية

مراكز الأبحاث تعمل على تطوير كومبيوترات تنفذ مليار مليار عملية في الثانية
مراكز الأبحاث تعمل على تطوير كومبيوترات تنفذ مليار مليار عملية في الثانية
TT

كومبيوترات عملاقة يمكنها تصور مستقبل الأرض

مراكز الأبحاث تعمل على تطوير كومبيوترات تنفذ مليار مليار عملية في الثانية
مراكز الأبحاث تعمل على تطوير كومبيوترات تنفذ مليار مليار عملية في الثانية

قد يتمثل أكثر التحديات المثيرة للقلق التي يواجهها الخبراء في مجالي المناخ وعلوم الكومبيوتر في تطوير جهاز كومبيوتر عملاق يستطيع تصور مستقبل الأرض من خلال مجموعة من المعادلات، وكذا تصور كيفية تأثير قوى التغير المناخي على مستقبل الأرض.
إنها مهمة تحتاج إلى القيام بمجموعة من الحسابات لعدة أسابيع، ثم إعادة الحساب مرة أخرى، بل ومئات المرات في ظل متغيرات مختلفة. وينبغي أن تكون سرعة تلك الآلات أكبر بمائة مرة من سرعة أقوى أجهزة كومبيوتر متفوقة عملاقة توجد في يومنا هذا، لكن للمفارقة فإن تلك المحاولة الرامية إلى فهم التغير المناخي على نحو أفضل قد تساهم في زيادة في مشكلة الاحتباس الحراري. وإذا تم تصنيع ذلك الكومبيوتر باستخدام التكنولوجيا الموجود حاليا فسوف يستهلك الكومبيوتر المسمى «إكسا سكيل» قدرة كهربائية تعادل القدرة التي يستهلكها 200 ألف منزل، وقد تبلغ تكلفة تشغيله السنوية 20 مليون دولار أو أكثر. لهذا السبب توقف العلماء، الذين يخططون لتصنيع تلك الآلات فائقة السرعة، بانتظار ظهور تقنيات كومبيوتر منخفض الاستهلاك للطاقة من أجل تصنيع كومبيوتر «إكسا سكيل» exascale computer يحتاج إلى طاقة أقل (هذه الكومبيوترات لا تزال في طور الفرضيات تنفذ إكسا (10 18)، أو مليار مليار، عملية في الثانية - المحرر).
مع ذلك ظل ابتكار مثل تلك التقنيات بوجه خاص مثيرا للمشكلات والقلق لأن كل جانب من جوانب تصميم جهاز كومبيوتر أسرع يعني استهلاك طاقة كهربائية أكبر، وإصدار قدر أكبر من الحرارة. ويعتقد مهندسو الكومبيوتر في الوقت الحالي أن في وقت ما بين عامي 2020 - 2023 سيتم اختراع الجيل الجديد من أجهزة الكومبيوتر الخارقة.
و يعتقد كريشنا باليم، عالم الكومبيوتر بجامعة «رايس»، أنه قد اكتشف طريقا مختصرا. وأثار باليم جدلا بين صانعي أجهزة الكومبيوتر بقوله إنه يمكن استخدام طريقة تصميم كومبيوتر منافية للحدس ومخالفة للمنطق السليم، كان قد طرحها من أجل إطالة عمر بطارية الهواتف الذكية، في تصنيع أجهزة كومبيوتر خارقة أقل استهلاكا للطاقة. ويقول باليم إن طريقته تقدم طريقا مباشرا بسيطا يتفادى عنق زجاجة المتمثل في استهلاك الطاقة. ويشير إلى أن خفض الطاقة المطلوبة للقيام بالعمليات الحسابية مع زيادة السرعة سيكون أمرًا ممكنا من خلال إزالة الترانزستورات المستخدمة من أجل زيادة الدقة.
وجذبت مهمته مؤيدين من بين علماء المناخ. وقال باليم: «تتسم الحسابات العلمية مثل حسابات الطقس والمناخ بعدم الدقة. وقد أوضحنا أن استخدام تقنيات حساب غير دقيقة لا ينبغي أن يقلل من مستوى توقعات الطقس والمناخ». وفي نظم نماذج المناخ يتم استخدام مجموعة هائلة من معادلات التفاضل التي تحاكي التفاعلات الفيزيائية وحركة السوائل، والكيمياء. ومن أجل عمل النماذج يحول العلماء العالم إلى شبكة ثلاثية الأبعاد، ويقومون بحساب المعادلات.
وفي نماذج المناخ الحالية المستخدمة مع أجهزة الكومبيوتر الخارقة يبلغ حجم الخلية نحو 100 كيلومتر مما يحاكي المناخ في منطقة ما على سطح الأرض. وسيحتاج توقع تأثير التغير المناخي على المدى الطويل على نحو أكثر دقة تقليص حجم الخلية إلى كيلومتر واحد. وسيحتاج مثل هذا النموذج إلى أكثر من 200 مليون خلية، ونحو ثلاثة أسابيع من أجل حساب نموذج محاكاة واحد للتغير المناخي على مدى قرن.
ويعتقد باليم أن هذا النهج غير الدقيق مناسب أكثر لعمل نماذج الطقس والمناخ لأنه يمكن بواسطته حساب شبكات الخلايا المتسعة، التي تحسب التأثيرات المحلية مثل تكون السحب، والرياح، والضغط، وغيرها من المتغيرات بشكل منفصل، دون دقة كبيرة. وأوضح تيم بالمر، وهو عالم فيزياء المناخ في جامعة أكسفورد قائلا: «أرى أن تلك وسيلة ضرورية نحتاج إليها الآن من أجل تحقيق تقدم علمي. ولا يمكن إجراء تجربة مختبرية على المناخ. وعلينا الاعتماد على تلك النماذج، التي تحاول وضع الرموز للمناخ المعقد. ونحن حاليًا مقيدون بحجم أجهزة الكومبيوتر».
ويقول باليم إن التكنولوجيا المستخدمة في تصنيع أجهزة كومبيوتر خارقة سوف تكون مكلفة للغاية في تصنيع جهاز كومبيوتر قادر على القيام بمليار مليار عملية حسابية في الثانية. وأشار إلى إمكانية حساب معدل الاحتباس الحراري باستخدام نوع جديد من أجهزة الكومبيوتر، التي تستخدم رقائق متخصصة قليلة الاستهلاك للطاقة، في حل جزء من المشكلة. ووصف نهجه بأنه طريقة «غير دقيقة» للحساب. وأضاف قائلا: «إنها طريقة قليلة الاستهلاك للطاقة للقيام بالعمليات الحسابية».
والهدف الذي حدده المهندسون الذين يحاولون تصميم جهاز كومبيوتر «إكسا سكيل» هو البقاء ضمن حدود الطاقة التي تبلغ 30 ميغاواط. مع ذلك أشار أندرو بيكتولشيم، مصمم أجهزة كومبيوتر فائقة الأداء وشبكات، إلى أنه استنادا إلى التكنولوجيا الحالية، سيحتاج الأمر إلى تطور في أكثر التصميمات الحالية فعالية بمقدار عشرة أمثال. ويطلب باليم حاليا من عالم أجهزة الكومبيوتر التخلي عن رومانسيته ويلتزم بالدقة على مدى أكثر من عقد. وقد كون حلفاء كثيرين له بين صفوف علماء المناخ مثل بالمر، الذي طالب في دورية «نتشر» مؤخرًا العاملين في مجال المناخ بحشد الجهود الدولية من أجل تصنيع آلة سريعة بدرجة تكفي حل المسائل الأساسية بشأن معدل الاحتباس الحراري. وكتب: «لطالما رأى علماء فيزياء الطاقة العالية، وعلماء الفضاء، أن التعاون الدولي مهم من أجل عمل بنية تحتية لازمة من أجل التقدم العلمي. وقد حان وقت الاعتراف بأن توقعات المناخ جزء مهم من العلوم».
وحظيت محاولة باليم ببعض الدعم خلال الشهر الماضي حيث حصل على زمالة «غويغينهيم» من أجل دعم أبحاثه الخاصة بالعمليات الحسابية الخاصة بالطاقة المنخفضة المستخدمة في نماذج الطقس والمناخ.
مع ذلك لا يقتنع الجميع بأن أفكاره الخاصة بتصميم حسابات الكومبيوتر قابلة للتطبيق. وقال جون شالف، رئيس قسم علوم الكومبيوتر في معمل «لورانس بيركلي» القومي: «تناسب حسابات الكومبيوتر غير الدقيقة تطبيقات الهاتف التي تكون فيها عواقب الاختيار الخاطئ متدنية. أما بالنسبة إلى المشكلات الكبيرة، التي يمكن أن تتسبب فيها عدم دقة النتائج في خطأ في التصميم أو في الاستنتاجات الخاصة بآليات المناخ، ففي تلك الحالة تمثل عدم الدقة إشكالية كبيرة».
ويحاول كل من باليم وبالمر تجاوز تلك الاعتراضات، ففي بداية العالم الحالي خلال مؤتمر لحسابات الكومبيوتر الفنية في أوروبا، قدما ورقة بحثية تزعم قدرتهما على الحد من احتياجات الطاقة بشكل كبير دون أن يؤثر ذلك على دقة المحاكاة. وقال بالمر إن الاستثمار المطلوب ينبغي أن يكون أمرًا مقطوعًا بصحته. وأضاف قائلا: «إذا فكرت في التأثير المناخي الذي يكلف تريليونات الدولارات فستجد أنه مقدار تافه من المال. إنها مسألة وجود، فإذا كانت على أحد طرفي الطيف الممتد فيمكننا التأقلم والتعديل، لكن إذا كانت على الطرف الآخر فلن نستطيع تجاوز الأزمة إلا إذا نجحنا في خفض ملوثات الجو على مدى العقد المقبل».

* خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.