تعقد الأزمة الليبية يحيي آمال أنصار «الدستورية الملكية»

سياسيون يستبعدون عودة النظام لحكم البلاد مرة ثانية

جانب من مؤتمر تفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا في طرابلس يونيو الماضي (صفحة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني أشرف بودوارة)
جانب من مؤتمر تفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا في طرابلس يونيو الماضي (صفحة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني أشرف بودوارة)
TT

تعقد الأزمة الليبية يحيي آمال أنصار «الدستورية الملكية»

جانب من مؤتمر تفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا في طرابلس يونيو الماضي (صفحة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني أشرف بودوارة)
جانب من مؤتمر تفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية الدستورية لليبيا في طرابلس يونيو الماضي (صفحة رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني أشرف بودوارة)

كلما تعقدت الأزمة الليبية بعدم التوافق على «مسار دستوري» يتيح إجراء انتخابات عامة، يذهب بعض السياسيين إلى إمكانية تطبيق دستور الاستقلال وعودة الملكية إلى البلاد، لكن هذه الدعوة سرعان ما تصطدم «برفض شديد ومعارضة من قبل تيارات سياسية عديدة».
وتحدث عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، عن «رفض أغلب القوى السياسية والعسكرية الفاعلة في ليبيا اعتماد الدستور الملكي ولو لفترة مؤقتة، وبالتالي رفضهم المطلق لعودة الملكية كنظام حكم في البلاد»، مشيراً إلى «وجود تخوف لدى تلك القوى من وصول شخصية جديدة للسلطة، قد تجري لصالحها تعديلاً للقوانين والتشريعات وتقصي الجميع».
وتوقع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يؤدي دخول الداعين لعودة الملكية على خط الصراع على السلطة بين تيارات عدة مدنية ودينية، فضلا عن الوجود القوى للميليشيات المسلحة لمزيد من تأزم الموقف، وليس للانفراجة»، معتبراً أن «مثل هذه الدعوات محاولة للهروب من الأزمة لا يوجد سعي جدي لحلها».
وعزل الرئيس الراحل معمر القذافي، في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969 الملك محمد إدريس السنوسي عن حكم المملكة الليبية، واستبدل اسمها ليصبح الجمهورية العربية الليبية، قبل أن يغيره إلى «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى». لكن بعض الليبيين يطالبون بـ«إعادة استحقاق ولاية العهد لمحمد الحسن الرضا السنوسي، ليتولى ملك البلاد، وتحمل مسؤولياته الدستورية كاملة».
واعتبرت عضو «المؤتمر الوطني» السابق هاجر القائد، أنه «لا سبيل لعودة نظام الملكية لليبيا في ظل عدم تمتعه بشعبية كبيرة وعدم وجود قوى مسلحة تدعمه»، إلا «أن يتم فرضه من قبل المجتمع الدولي ممثلا بالبعثة الأممية، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يصب لصالح ليبيا».
وتابعت: «فترة حكم القذافي امتدت لمدة 42 عاماً تشكلت خلالها كتل وشرائح سياسية وأجيال إما لا تعلم شيئا عن الملكية، وإما لديها فكرة سلبية عنها». ورأت أن «من ينادي بعودة هذا النظام يمكن حصرهم في أبناء وأحفاد الطبقة التي عملت مع الملك إدريس السنوسي وتحلم باستعادة نفوذها الواسع في المجتمع»، مضيفة «هم طبقة غير مؤثرة فلا يملكون سلاحاً ولا وجودا نافذا بالمعترك السياسي، وإن وجدت شخصيات منهم تحت قبة البرلمان».
وأشارت القائد إلى عدم طرح الداعمين لعودة الملكية «أي برامج أو مخططات وضعت من قبل قياداته تبرهن كفاءة هذا النظام وقدرته على التعاطي وأزمات ليبيا الراهنة».
وفيما قالت عضو المؤتمر «الوطني السابق» إن دور الملك الراحل إدريس السنوسي في تاريخ البلاد كان معروفاً»، ولكن ماذا عن الأدوار القيادية والنضالية التي لعبها ولي العهد أو أي من أفراد أسرته في الوقت الحالي لصالح ليبيا وشعبها؟ وماذا يملكون من إنجازات وخبرات تؤكد أنهم شخصيات قيادية قادرة على التعامل مع الوضع الحالي بكل تحدياته؟
واستكملت «هم لا يطرحون غير دستور 1951 والبعض يختلف حوله وبالتالي هذا ليس كافياً»، و«استقدام شخصية وفرضها فرضا دون أن يعرفها الجميع يعد انتحارا للدولة».
وسلط الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف»، جلال حرشاوي، الضوء على ما وصفه بـ«أكبر نقاط الضعف بدستور 1951»، وقال: «لا يقدم حلاً لمشكلة توزيع الثروة النفطية بين الشرق والغرب والجنوب كونه كتب بالأساس قبل اكتشاف النفط في ليبيا».
ورأى حرشاوي لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم مؤيدي هذا الدستور لا يريدون ملكا قويا، هم يتخيلون ملكا بلا سلطة، ولذا قد يريدون تعديل هذا الدستور»، قال إن محمد الرضا يحاول أن يكون حذرا إزاء تلك الآراء والتفسيرات المختلفة، خاصة أنه لا يحظى بأي دعم مسلح على الأرض يمكنه من المزاحمة على السلطة».
في مقابل ذلك، رأى أشرف بودوارة، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لتفعيل دستور الاستقلال وعودة الملكية، أن الدعوة لعودة الملكية «تواصل حصد المؤيدين مع استمرار عجز الموجودين بالسلطة منذ أكثر من عقد على إخراج ليبيا من أزماتها».
وقدر عدد المؤيدين للملكية بما يتراوح ما بين 700 ألف إلى 900 ألف مواطن، دون ذكر الكيفية التي استند عليها للوصول إلى هذا العدد، مقللا مما يثار حول «عدم امتلاك أنصار الملكية دعم أي تشكيل مسلح».
وتابع «نحن على تواصل جيد مع مكونات سياسية وعسكرية وقبلية في ليبيا وهو ما ترجم في الحضور الواسع لما تم تنظيمه من مؤتمرات، فضلا عن لقاءات عقدت أيضا مع قيادات أهالي مدن عدة وظهر خلالها تنسيق بالمواقف وخاصة فيما يتعلق بالدعوة لإلقاء السلاح».
واستبعد بودوارة «وجود أي ردود فعل مناهضة من أي قوى أو تيار سياسي بما في ذلك أنصار النظام السابق»، وقال: «نحن نعمل من 2013 وأعلنا من البداية أن مشروعنا هو مظلة لكل الليبيين بلا تفرقة، وأن من أخطأ بحق ليبيا وأهلها يجب إحالته للقضاء».
ودفاع عن دستور الاستقلال، وقال: «ليبيا حُكِمت به 18 عاما والجميع يشهدون أنها كانت فترة مزدهرة، لذا تعد العودة للملكية خطوة نحو الاستقرار والحياة الديمقراطية لا خطوة إلى الوراء».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
TT

حمدوك يحذر من إبادة جماعية على غرار ما شهدته رواندا

رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)
رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (غيتي)

أطلق رئيس وزراء السودان السابق، عبد الله حمدوك، تحذيراً من انزلاق الوضع في السودان إلى ما هو أسوأ من الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في تسعينات القرن الماضي، مرجعاً ذلك إلى تعدد الجيوش وأمراء الحرب، وتحشيد وتجنيد المدنيين، وتنامي خطاب الكراهية والاصطفاف العرقي والجهوي.

وأعرب حمدوك الذي يرأس تحالف «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، عن تخوفه من أن يتمزق السودان إلى كيانات عديدة تصبح بؤراً جاذبة لجماعات التطرف والإرهاب.

وقالت «تنسيقية تقدم» في بيان، إن حمدوك شارك في الفترة من 3 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) في اجتماع مجلس «مؤسسة مو إبراهيم» التي تعنى بالحكم الرشيد في أفريقيا، وتسلط الضوء على نماذج لقيادات ناجحة، ومجلس «مؤسسة أفريقيا وأوروبا»، وهو منتدى مستقل يعنى بالتعاون بين الجانبين تأسس عام 2020. وحضر الاجتماع عدد من الرؤساء الأفارقة والأوروبيين السابقين، إلى جانب قيادة الاتحاد الأوروبي ومنظمات إقليمية ودولية.

تحذير من موجة نزوح الى أوروبا

وقال حمدوك إن الحرب تسببت في قتل أكثر من 150 ألف مواطن، وتشريد 12 مليوناً، نزوحاً ولجوءاً، وتدمير قطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية والقطاعات الإنتاجية. وأضاف: «إن الكارثة الإنسانية الكبرى ما يتعرض له المدنيون من أهوال ومخاطر في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، في مقابل القصور البين من المجتمع الدولي والأمم المتحدة».

الدكتور عبد الله حمدوك خلال ندوة في لندن الأربعاء 30 أكتوبر (موقع «تقدم» على فيسبوك)

وحذر رئيس الوزراء السابق، من أن استمرار الأوضاع كما هي عليه الآن، سيفاجئ الجميع بأكبر أزمة لجوء لم يشهدها العالم من قبل، وعلى أوروبا الاستعداد من الآن لاستقبال الملايين الذين سيطرقون أبوابها عبر البحر الأبيض المتوسط.

وطالب حمدوك المجتمع الدولي باتخاذ تدابير وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين، عبر تفعيل قرار الجمعية العمومية المعني بمبدأ مسؤولية الحماية.

وكرر دعوته إلى إنشاء مناطق آمنة، ونشر قوات حماية، والبدء في عملية إنسانية موسعة عبر دول الجوار وخطوط المواجهة كافة دون عوائق، ومحاسبة من يعوقون العون الإنساني المنقذ للحياة.

وطالب مجدداً بفرض حظر الطيران الحربي فوق كل السودان، من أجل حماية المدنيين العزل من القصف الجوي، بما في ذلك المسيّرات.

وقالت «تنسيقية تقدم» في البيان إن المشاركين في الاجتماعات أبدوا اهتماماً وتوافقوا على ضرورة التحرك العاجل لوقف الحرب في السودان.

وذكر البيان أن حمدوك التقى على هامش الاجتماعات بالممثل السامي للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوزيف بوريل، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل.

تجدد المعارك

ودارت اشتباكات عنيفة الجمعة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منطقة الحلفايا شمال مدينة الخرطوم بحري، استخدما فيها المدفعية الثقيلة والمسيّرات، وهز دوي الانفجارات القوية ضواحي مدن العاصمة الخرطوم.

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

وقال سكان في بحري إنهم «شاهدوا تصاعد أعمدة الدخان في سماء المنطقة، مع سماع أصوات الأسلحة الثقيلة وتحليق مكثف لطيران الجيش».

وأفادت مصادر محلية بأن قوات الجيش نفذت فجر الجمعة هجوماً واسعاً على دفاعات «قوات الدعم السريع» في منطقة السامراب.

في المقابل، قالت «الدعم السريع» إنها شنت هجوماً مباغتاً على قوات الجيش المتمركزة في محور الحلفايا، ودمرت عدداً من السيارات القتالية.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكن الجيش السوداني من عبور جسر الحلفايا الذي يربط بين مدينتي أم درمان وبحري، والوصول إلى عمق المناطق التي كانت تسيطر عليها «الدعم السريع».

من جهة ثانية، قالت كتلة منظمات المجتمع المدني بدارفور إن الطيران الحربي للجيش السوداني قصف مدينة الكومة شمال غربي الإقليم بـ6 صواريخ استهدف مدرسة لإيواء النازحين، أسفر عن مقتل عدد من الأطفال وتدمير مصدر المياه، وعدد من المنازل السكنية.

واستنكر التجمع في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه تكرار القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين، مطالباً المجتمع الدولي باتخاذ التدابير كافة لحظر الطيران الحربي.