الأزمة الاقتصادية والعجز عن حلها يسقطان حكم راجاباكسا في سريلانكا

قلة من المراقبين توقعت نجاح الانتفاضة الشعبية

غوتابايا راجاباكسا (رويترز)  -  لحظة اقتحام المتظاهرين في سريلانكا مقر رئيس الوزراء وكسر حاجز القوى الأمنية (إ.ب.أ)
غوتابايا راجاباكسا (رويترز) - لحظة اقتحام المتظاهرين في سريلانكا مقر رئيس الوزراء وكسر حاجز القوى الأمنية (إ.ب.أ)
TT

الأزمة الاقتصادية والعجز عن حلها يسقطان حكم راجاباكسا في سريلانكا

غوتابايا راجاباكسا (رويترز)  -  لحظة اقتحام المتظاهرين في سريلانكا مقر رئيس الوزراء وكسر حاجز القوى الأمنية (إ.ب.أ)
غوتابايا راجاباكسا (رويترز) - لحظة اقتحام المتظاهرين في سريلانكا مقر رئيس الوزراء وكسر حاجز القوى الأمنية (إ.ب.أ)

أحدثت موجة صاخبة غير مسبوقة من الغضب الشعبي الموجّه في القصر الرئاسي السريلانكي، الذي يعود تاريخ إنشائه إلى الحقبة الاستعمارية، صدمة للعالم بأسره خلال نهاية الأسبوع الماضي. ولا تزال التطورات الدراماتيكية تتوالى حتى تاريخ كتابة هذه السطور. ووسط فوضى لم تشهدها البلاد من قبل اقتحم مئات وآلاف من المحتجين السريلانكيين مقرّي الإقامة الرسميين لكل من الرئيس (المستقيل بالأمس) ورئيس الوزراء، وأضرموا النيران في المقرّ الخاص لرانيل ويكريميسينغه، رئيس الوزراء، في حين غضّت قوات الأمن الطرف، ورفضت توجيه السلاح ضد المشاغبين مع انزلاق البلاد نحو حافة الفوضى. لقد اقتحم أفراد غاضبون من الشعب بوابات مقرّ الإقامة الرسمي للرئيس (المستقيل الآن) غوتابايا راجاباكسا في منطقة فورت، وأطلقوا عبارة صادحة باتت صيحة احتجاج شهيرة الآن هي «ارحل يا غوتا»، وذلك من أعلى سطح القصر، الذي كان يقف عليه القناصة منذ وقت ليس بالبعيد، لحراسة المداخل.

أعلن الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا استقالته تحت ضغط الاضطرابات الشعبية الواسعة، كذلك أعلن رئيس الحكومة رانيل ويكريميسينغه أنه سيتنحى عن منصبه. على الجانب الآخر، وفي خضم هذا الوضع المعقد لسريلانكا، بما يشهده من اضطراب مدني، وأزمة اقتصادية، وتخبط سياسي، تشهد الدولة - الجزيرة جموداً ومأزقاً دستورياً غير اعتيادي. فالرئيس هو رأس الدولة والحكومة والجيش في سريلانكا، لكنه يتشارك كثيراً من المسؤوليات التنفيذية مع رئيس الوزراء، الذي يرأس الحزب الحاكم في البرلمان.
قرار القادة السياسيين للبلاد انتخاب رئيس جديد في 20 يوليو (تموز) من خلال تصويت في البرلمان يأتي طبقاً لبنود الدستور، على حد قول ماهيندا يابا أبيوردانا، رئيس البرلمان السريلانكي. إذ قال الأخير: «لقد تم اتخاذ قرار بعقد البرلمان، وإبلاغ المجلس بأن منصب الرئاسة شاغر طبقاً لبنود الدستور. ستصدر الدعوة إلى الترشيحات لمنصب الرئاسة في 19 يوليو، وسننظم التصويت في 20 يوليو لانتخاب رئيس جديد».
وسط الأحداث المتلاحقة، تضاربت لفترة غير قصيرة المعلومات عن مكان وجود رئيس الجمهورية، مع أن رئيس البرلمان قال أول من أمس إنه لم يغادر البلاد، ثم سرت تقارير عن مغادرته إلى جزر المالديف أو أماكن أخرى. ولبعض الوقت انتشرت بعض الأقاويل أثناء الاحتجاجات تشير إلى رسو سفينة في ميناء العاصمة كولومبو حتى تتمكن عائلة راجاباكسا – التي ينتمي إليها رئيس الجمهورية المستقيل وشقيقه الأكبر ماهيندا الرئيس السابق - من الهروب على متنها.

- صعود الرئيس وسقوطه
غضب شعب سريلانكا موجّه بالدرجة الأولى ضد حكم راجاباكسا. ومن غير المرجح أن تتمكن العائلة، التي كان أكثر أفرادها جزءاً أساسياً من السلطة الحاكمة، من الفرار من براثن غضبهم.
الرئيس المستقيل غوتابايا راجاباكسا هو - كما سبقت الإشارة - الشقيق الأصغر للرئيس السابق ماهيندا راجاباكسا. وعندما تولى ماهيندا السلطة عام 2005، على خلفية مناهضة للانفصاليين وداعمة للقومية السنهالية، وقرر خوض حرب ضد الانفصاليين من منظمة «نمور التاميل» عام 2006، عاد المقدم المتقاعد في الجيش السريلانكي من الولايات المتحدة لتولي منصب وزير الدفاع. وبعد الانتصار في الحرب أصبح وزير التنمية الحضرية.
خسر ماهيندا الانتخابات الرئاسية عام 2015، لكن لم تظل عائلته على الهامش لفترة طويلة، ففي أغسطس (آب) 2019، أحدثت سلسلة من الهجمات الانتحارية، نفذها إرهابيون إسلاميون، موجة جديدة من التوجه القومي للغالبية السنهالية البوذية، التي تطلبت وجود حاكم قوي، وفاز غوتابايا راجاباكسا باكتساح في الانتخابات.
ومع ذلك، منذ اللحظة التي تولى فيها غوتابا راجاباكسا المنصب، بدأ في إقصاء المسؤولين المدنيين وتعيين مسؤولين عسكريين متقاعدين محلهم في المناصب الرئيسة، ما أدى إلى حدوث فزع في الجهاز المدني. لم يكن غوتابايا يأبه كثيراً بالوزراء وأعضاء البرلمان، لأنه كان يعتقد أن السياسيين المحترفين كُسالى وقليلو الكفاءة وفاسدون. ولذا أقصى الطبقة السياسية بأكملها، بما فيها رجال حزبه، حزب جبهة شعب سريلانكا (المحسوب على يسار الوسط)، ولم يتمكن الأشخاص ذوو الخبرة والمحنكون سياسياً في عائلة راجاباكسا من تخليصه من تلك الأفكار.
كانت الإجراءات الأولى، التي اتخذها غوتابايا، شعبوية، لكن كانت على حساب خزانة الدولة، إذ أعلن خفض الضرائب. الأمر الذي أدى إلى تناقص عائدات الدولة. كذلك عيّن 100 ألف من العاطلين من خريجي الجامعات في وظائف حكومية متواضعة، ما استنزف موارد الدولة. ومع انتشار جائحة «كوفيد 19» في سريلانكا، أمر بتنفيذ عمليات إغلاق كثيرة، فتسبب ذلك بتوقف النشاط الاقتصادي، وانخفاض عائدات التصدير والرسوم الجمركية. أيضاً، تراجع عدد السياح الوافدين إلى البلاد بسبب لوائح الحجر الصحي المكلّفة؛ وتراجعت التحويلات المالية من المواطنين الذين يعملون في الخارج. والأهم من كل ذلك هو فرض غوتابايا حظراً مفاجئاً شاملاً على الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية، ما أثر سلباً على قطاع الزراعة وعلى 70 في المائة من السكان.
وهنا يعلق المحلل السياسي الهندي سوشانت سارين، المتابع للشأن السريلانكي: «لم يعتقد أحد أنه من الممكن هزيمة (غوتابا) راجاباكسا. لقد كانت الغالبية السنهالية البوذية توقر وتبجل كلاً من ماهيندا وغوتابايا راجاباكسا، وكانت السياسة القومية القوية التي يتبنيانها تحظى بشعبية كبيرة على نطاق واسع. قبل بضعة أشهر فقط، لم يكن أحد يتوقع أن يكون لدى الشعب السريلانكي الشجاعة للتصدي لنظام حصل على أغلبية الثلثين في البرلمان، وذي قبضة حديدية، ويجبر رجاله على الرحيل في أقل من سنتين ونصف سنة. لقد أبهر الشعب السريلانكي العالم بفعله المستحيل».

لحظة اقتحام المتظاهرين في سريلانكا مقر رئيس الوزراء وكسر حاجز القوى الأمنية (إ.ب.أ)

- ثورة شعبية
لقد عانت سريلانكا، الدولة - الجزيرة، الواقعة جنوب الهند، التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون شخص، منذ أشهر من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، كما عانت من نقص حاد في الغذاء والوقود، وتضخم متسارع في خضم كساد اقتصادي يعدّ هو الأضخم والأكثر إيلاماً في تاريخها. وخلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت البلاد احتجاجات عنيفة جامحة ومطالبات باستقالة الرئيس غوتابايا، في أعقاب تحميل حكومته مسؤولية سوء إدارة مزمن للموارد المالية للبلاد.
وهنا يقول الصحافي السريلانكي كاميثي ويكريميسينغه، موضحاً: «كان اقتحام المحتجين لمقرات الإقامة الرسمية بمثابة ذروة أشهر متراكمة من احتجاجات أناس غاضبين بسبب أزمة اقتصادية غير مسبوقة في الجزيرة وفساد عائلة راجاباكسا وانعدام كفاءتها في الإدارة». ويضيف: «عندما انتشرت دعوة المواطنين كافة إلى التجمع في حديقة (غال فيس غرين) العامة في 9 يوليو، ظن كثيرون أن الأمر لن ينجح في ظل فرض حظر تجول الليلة التي تسبقه. مع ذلك، ومع استمرار الحكومة في اختبار صبر شعبها، وتزايد طول صفوف الانتظار أمام محطات الوقود، ونقص غاز الطهي، وانقطاع التيار الكهربائي، أدرك الناس أنه إما أن يفعلوا ذلك الآن أو لن يحدث إطلاقاً. لقد كانوا عازمين على دعم الاحتجاج رغم حظر التجول. وبالفعل، جرى تشجيع الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع دعوة كثير من الأحزاب السياسية والاتحادات العمالية للناس إلى الانضمام ومطالبة الحكومة بالاستقالة. ومن ثم، عشية يوم 8 يوليو لم ينجح فيض من قوات الجيش والشرطة باستخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية في منع آلاف من الاندفاع نحو كولومبو متكدّسين في القطارات، ومتلفحين بأعلام الاحتجاج، ومعتلين حافلات قليلة، وهي التي لا تزال قادرة على الحركة بمخزون قليل ثمين من الوقود».
ويتابع الصحافي السريلانكي سرده ليقول: «كان صباح يوم 9 يوليو حافلاً بالإثارة مع بدء توافد الحشود منذ الصباح الباكر. كان رجال الشرطة قد أقاموا الحواجز والمتاريس لمنع الوصول إلى القصر الرئاسي، وبدأوا في إطلاق الغاز المسيل للدموع، واستخدام مياه ذات ضغط عالي ضد الناس. وعند الساعة 12:30 تقريباً انتشرت أنباء عن سيطرة المحتجين على القصر الرئاسي وانسحاب القوات. وبعد ذلك بساعة، شوهد المحتجون وهم يركضون باتجاه القصر الرئاسي وسط تهليلات صادحة. رغم شعور الناس بالإثارة والحماسة والغضب والارتباك بفعل فرصة الاستيلاء على المباني، كانوا دائماً ما يتذكرون ضرورة الإحجام عن تدمير الممتلكات العامة». ثم يختتم: «لقد تكلّم الشعب أخيراً، وكانت رسالته صادحة وواضحة. الذين اختبروا صبره وسرقوا أمواله وأهانوا ذكاءه وأفسدوا مستقبل أبنائه كانوا يبحثون عن المتاعب. سوف يلقى السياسيون، الذين كوّنوا ثرواتهم بالاحتيال، ونكثوا عهودهم، وتسببوا في معاناة الشعب على نحو لا يمكن احتماله، مصير عائلة راجاباكسا».

- طريق صعب يلوح في الأفق
لا جدال في أن الطريق أمام سريلانكا صعب، فالأمر لا يحتاج إلى تخفيف الأزمة الاقتصادية فحسب، بل هناك حاجة أيضاً إلى إعادة بناء نفسها طوبة طوبة. وهنا يذكر فيشال باندي، وهو صحافي هندي يغطي الوضع والأحداث في سريلانكا: «يمثل اقتحام المقرات الرسمية للرئيس ورئيس الوزراء دروساً قاسية من التاريخ تستدعي وتستحضر إلى الذهن ما حدث في العراق عام 2003. بعد فترة قصيرة من غزو القوات الأميركية للبلاد. مع اقتحام مواطنين عراقيين لكثير من القصور الرئاسية ونهب محتوياتها». ويستطرد: «كان هناك ذلك الشعور نفسه من العجب والانبهار في نفوس الرجال الغاضبين الذين اقتحموا تلك الأماكن المميزة... لقد شعرت بصدمة من مشاهدة عملية اقتحام مماثلة، باستثناء أن شعب سريلانكا لم ينهب أي شيء، بل فقط استمتع بلحظات من الرفاهية».
يقول خبراء في الاقتصاد إن أصل الأزمة ينبع من عوامل داخلية مثل سنوات من سوء الإدارة والفساد. من بين تلك الأمور، تظل السياسات الاقتصادية الرعناء المستهترة لعائلة راجاباكسا هي العامل الأبرز الذي أدى إلى تردي الوضع الاقتصادي في سريلانكا. في أعقاب الحرب الأهلية (2009 - 2015) كان الاقتصاد السريلانكي يعاني من عجز كبير في الموازنة. القرار السياسي الاستبدادي خلال الحرب الأهلية، وما تبعه من عدم استقرار سياسي، أو الافتقار إلى توافق سياسي يوحد البلاد منع النظام الحاكم من إجراء إصلاحات سياسية لتصحيح الأوضاع والمسار. وأشار ناندالال وييراسينغه، رئيس البنك المركزي السريلانكي، إلى أن اقتصاد البلاد سوف «ينهار بشكل لا يمكن علاجه أو تداركه» ما لم يتم تعيين حكومة جديدة في غضون أيام، وقيل إنه يفكر في الاستقالة إذا لم يتحقق استقرار سياسي في غضون أسبوعين. ويحدث ذلك في ظل اضطرار جيش البلاد لتفنيد تقارير عن انقلاب وشيك وعودة الجيش لتصدّر مشهد الأزمة السياسية والاقتصادية التي تتفاقم بوتيرة سريعة.

- أسباب التأزم الاقتصادي
لقد بلغ حجم الدين الخارجي لسريلانكا 51 مليار دولار أميركي. وتفيد سلطات كولومبو أن عليها سداد 8.6 مليار دولار من الدين الخارجي عام 2022. لكن نتيجة نفاد العملة الأجنبية في البلاد في مايو (أيار)، لم تتمكن من سداد المستحق عليها من الديون للمرة الأولى.
منذ ذلك الحين، توقفت كل الواردات وحدث نقص كبير في الوقود والغذاء والسلع المعيشية. وعندما لجأت سلطات كولومبو إلى صندوق النقد الدولي، كانت سريلانكا قد وصلت إلى الحضيض، وتعيش على منح ومساعدات مقدّمة من الهند، بلغت خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) 3.5 مليار دولار. هذا، ولم تتمكن سلطاتها، التي كانت تعتمد بالكامل على القروض الهندية، من تلبية الاحتياجات الأساسية للشعب من وقود للمركبات، وغذاء على الموائد، وعقاقير في المستشفيات الحكومية، وبلغ تضخم السلع الغذائية 56 في المائة.
الجانب الآخر من قصة سوء الإدارة الاقتصادية المتفاقم هذه هو دور الصين في هذه الأزمة. ولقد كان على كولومبو التوقف عن سداد ديونها الخارجية بسبب العجز عن دفع قيمة خدمة الدين المستحق للصين، التي موّلت به مشروعات بنى تحتية عديمة الجدوى. واستغلت بكين صداقتها لماهيندا راجاباكسا لتوقيع اتفاق لبناء ميناء هامبانتوتا والمطار المجاور له في ماتالا خلال فترة حكمه. وللعلم، تولى مايتريبالا سيريسينا، الذي خلف ماهيندا، السلطة وهو راغب في الحد من اعتماد سريلانكا على الصين، غير أن الحال انتهى به وهو يمنح ميناء هامبانتوتا عقد انتفاع مدته 99 سنة، بل يضيف بنداً يمنحها حق تمديد العقد 99 سنة أخرى.


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.