ليبيا: الدبيبة وصنع الله يُصعّدان... والأمم المتحدة تدعو لاستقلالية مؤسسة النفط

صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يصل إلى حقل الشرارة النفطي قرب أوباري الخميس (رويترز)
صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يصل إلى حقل الشرارة النفطي قرب أوباري الخميس (رويترز)
TT

ليبيا: الدبيبة وصنع الله يُصعّدان... والأمم المتحدة تدعو لاستقلالية مؤسسة النفط

صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يصل إلى حقل الشرارة النفطي قرب أوباري الخميس (رويترز)
صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يصل إلى حقل الشرارة النفطي قرب أوباري الخميس (رويترز)

اتهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال، بـ«السب والتشهير والامتناع عن تنفيذ الأوامر»، بينما جادل الأخير باستمرار بقائه في منصبه، وقال إنه «ما زال يتمتع بولاء موظفي المؤسسة».
وقال الدبيبة، في شكوى قدمها مساء أول من أمس إلى النائب العام، إن «صنع الله تعمد الظهور إعلامياً والتجني بتصريحات فجة غير مسؤولة في حقه وبعض المسؤولين الآخرين، ممتنعاً في ذلك عن تنفيذ قرار مجلس الوزراء ومنع لجنة التسليم والتسلم»، موضحاً أن هذه الأعمال والتصرفات «مجرمة قانوناً»، وفقاً لأحكام قانون العقوبات الليبي والقوانين المكملة له.
ولفت الدبيبة إلى «ما جاء على لسان صنع الله، من قدح في ذمة رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط والغاز وطالهما بالسب والتشهير كأفعال مجرمة وأنه عمد إلى التحريض على التمرد في تصريحاته ضد واجبات الوظيفة العامة»، معتبراً أن صنع الله «تعرض بشكل مغرض لعلاقة الدولة الليبية مع الغير، الأمر الذي من شأنه أن يلحق الضرر بمركز دولتنا وعلاقاتها الخارجية سواء مع الدول أو المنظمات الدولية.
لكن صنع الله، الذي تقدم ببلاغ رسمي مماثل للنائب العام لاتخاذ ما يلزم من إجراءات حيال واقعة اقتحام مبنى المقر الرئيسي للمؤسسة، قال في المقابل إن الدبيبة، لم تكن لديه سلطة إقالته لأن ولاية حكومة «الوحدة» الوطنية قد انتهت.
وأبلغ صنع الله، وكالة «رويترز» أن المديرين التنفيذيين والشركات التابعة للمؤسسة ما زالوا يعترفون به كرئيس، ورأى أنه لا يزال في طرابلس ويعمل على ما سماه جهود «التخفيف» لحل الأزمة، دون أن يوضح ماهيتها.
وحذر من أنه من دون ضغوط دولية، يمكن أن تؤدي الأزمة إلى ظهور مؤسسة نفط موازية كما حدث خلال الحرب الأهلية الأخيرة في البلاد، وقال: «ما لم يكن هناك التزام مثل السابق من المجتمع الدولي، فهذا متوقع»، لافتاً إلى أن كل الشركات التابعة للمؤسسة معه.
وأضاف عن موظفي الشركة في الشرق: «ولاؤهم للمؤسسة الوطنية للنفط»، قائلاً إنهم خلال فترات الصراع السابقة لم يعترفوا بسلطة الشركة الموازية.
ومع ذلك، فقد أقر صنع الله بتحويل إيرادات المؤسسة إلى البنك المركزي في وقت سابق من هذا العام لتستخدمها حكومة الدبيبة، وقال إنه أجرى التحويل لضمان استمرار التمويل الحكومي للخدمات العامة.
https://twitter.com/UKinLibya/status/1547571141518118912
ونفت حكومة «الوحدة» صحة رسالة متداولة منسوبة للدبيبة يعلن فيها رفض طلب خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، سحب قرار إقالة صنع الله، باعتباره «أمراً لا يعنيكم وليس في نطاق اختصاصكم»، وقالت إدارة الإعلام والاتصال الحكومية إن الرسالة «غير صحيحة» ودعت جميع وسائل الإعلام لتحري الدقة في نقل الأخبار.
في الشأن ذاته، بدأ فرحات بن قدارة، الرئيس الجديد لمؤسسة النفط، زيارة، أمس، إلى بنغازي شرق البلاد، تمهيداً لإعلان متوقع بشأن رفع «القوة القاهرة» وإعادة استئناف الإنتاج في الحقول والموانئ النفطية المغلقة.
بدورها، دعت الأمم المتحدة إلى «عدم تسييس» مؤسسة النفط الليبية، وأكدت على لسان فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية في مؤتمر صحافي في نيويورك، على أهمية وجود مؤسسات موحدة ومستقلة ومستقرة في البلاد.
وقال إن المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز على اتصال بالأطراف المعنية حول هذا الموضوع، لافتاً إلى أنه من المهم أن توجد في ليبيا مؤسسات موحدة ومستقلة ومستقرة، بما في ذلك مؤسسة النفط، ونحن نسعى معهم إلى التوصل لاتفاق في هذا الصدد.
وتابع: «يجب أن نضع في حسباننا أن الأمم المتحدة تدعم وحدة واستقلالية المؤسسة الوطنية للنفط ونريد من جميع الأطراف الإحجام عن تسييسها وكذلك الإحجام عن أي خطوات أحادية الجانب».
وقالت السفارة البريطانية، في بيان، إنها تشارك آراء وقلق السفارة الأميركية، بشأن ضرورة حماية واحترام استقلالية وسلامة المؤسسة.
واعترفت الولايات المتحدة على لسان سفارتها لدى ليبيا، بقيادة دينيس ساسو نغيسو، رئيس الكونغو برازفيل، وجهوده في البحث عن حل سلمي للأزمة، مشيرة إلى أنه بحث مع السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، في هذا الموضوع الذي يحظى بالاهتمام المشترك بين البلدين.
في غضون ذلك، قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إنه ناقش بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي مع الفريق محمد الحداد رئيس الأركان العامة للقوات الموالية لحكومة «الوحدة»، أوضاع الوحدات العسكرية، وآخر مستجدات توحيد المؤسسة العسكرية، بعيداً عن كل التجاذبات السياسية.
وأكد بيان للمنفي وزعه مكتبه أن الاجتماع الذي تم مساء أول من أمس، بطرابلس، أكد ضرورة التزام الجميع بالمحافظة على وقف إطلاق النار، وعدم تعريض حياة المدنيين للخطر، لأن ذلك يعد من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.
وراجت عقب الاجتماع معلومات غير رسمية نشرتها وسائل إعلام محلية عن اعتزام المنفي ترقية الحداد ومنحه رتبة المشير.
وكان عبد الله اللافي، نائب المنفي، بحث مع أعضاء من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور «لجنة الستين» مبادرة المجلس الرئاسي لصياغة مبادرة وطنية شاملة، لدفع العملية السياسية. وقال اللافي إن الاجتماع الذي يأتي ضمن سلسلة مشاوراته، لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، تناول بعض النصوص الخلافية الواردة قي مشروع الدستور، وسبل تحقيق التوافق حولها بين جميع الأطراف.
من جهة أخرى، أكد وفد من أعيان ومشايخ ونشطاء ومثقفي قبائل السعادي والمرابطين لدى اجتماعه مساء أول من أمس، في مدينة القبة مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، مجدداً على «شرعيته» لقيادة البلاد في هذه المرحلة الحساسة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
TT

أكبر حزب معارض يدعو إلى «وقف التسيير الأحادي لشؤون الجزائر»

يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)
يوسف أوشيش مرشح القوى الاشتراكية رفقة الطاقم القيادي لحزبه (حساب الحزب)

دعا حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض في الجزائر، إلى ما وصفه بـ«وضع حد للتسيير الأمني والأحادي لشؤون البلاد، والانخراط في عملية إصلاحات كبرى، قادرة على ضمان الديمقراطية السياسية، والتنمية الاقتصادية والازدهار الاجتماعي»، حسب ما أورده تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، اليوم السبت. وقال الأمين الوطني الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، يوسف أوشيش، خلال دورة استثنائية للمجلس الوطني، السبت، إنه «بات من الضروري تغيير المقاربات في ظل التغيرات الجيوستراتيجية الكبرى، التي يشهدها العالم»، داعياً إلى «تحديد مشروع وطني واضح وطموح، وإشراك جميع القوى الحية في البلاد فيه».

وأضاف أوشيش موضحاً أن ذلك يتم عبر «تبني وتشجيع الحوار، مع الاستعداد الدائم لتقديم التنازلات، وتشكيل التوافقات من أجل الحفاظ على البلاد، وتعزيز وحدتها وتماسكها». واستطرد ليؤكد أن الاستقرار الحقيقي «لن يتحقق إلا من خلال تسيير سياسي حكيم، يعتمد على بناء إطار ديمقراطي، قادر على بعث الثقة وحماية المصلحة العليا للأمة. فهذا هو الحصن الأقوى ضد كل محاولات تقويض سيادتنا وتهديد وحدتنا الترابية».

يوسف أوشيش خلال حملته للانتخابات الرئاسية (حملة المترشح)

في سياق ذلك، ذكر أوشيش أن التسيير الأمني لشؤون المجتمع، بحجة الحفاظ على النظام العام، لن يؤدي إلا إلى «إضعاف أسس المجتمع الجزائري، وتغذية مناخ الشك، والخوف والانقسام، إذ تعلمنا التجارب أن سياسات الغلق تولد التوترات، التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمات اجتماعية وسياسية أكثر خطورة». وعلق أوشيش، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية التي جرت بتاريخ السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي على الأحداث المتسارعة في سوريا، بالقول: «يجب أن تشكل درساً لنا، وتذكرنا بحقيقة ثابتة غير قابلة للتأويل، وهي أن قوتنا تكمن في وحدتنا، ومدى قدرتنا على بناء منظومة قوية ومستقلة، تمكننا من حماية أنفسنا من هذه التحولات الجيوسياسية الكبرى الماثلة أمام أعيننا»، داعياً مسؤولي البلاد وجميع القوى الحية في المجتمع إلى تعزيز المؤسسات، وتطوير الاستقلالية الاستراتيجية، وضمان الاستقرار والسلم الداخلي من خلال حوكمة عادلة، شاملة ومسؤولة، مع «الانخراط في ورشة كبيرة للسيادة والقدرة الدائمة على التكيف».

وانتقد أوشيش ما وصفه بـ«نقاشات سامة وخبيثة»، مؤكداً أنه «تقع على عاتق السلطة مقاومة كل الإغراءات السلطوية، كما تقع أيضاً على عاتق المجتمع بأسره محاربة شياطين الانقسام والتفرقة»، معتبراً أن إقالة محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، «لا تعد ذا أثر كبير، ما لم تعقبها إعادة نظر في القوانين العضوية، وفي النصوص المؤطرة للحياة السياسية بصفة عامة، وللعملية الانتخابية بصفة خاصة، لإضفاء المصداقية على العملية الانتخابية، ولاستعادة الثقة فيها، وضمان مشاركة مواطناتية فعلية».