أمراض التلوث وسوء التغذية تغزو سوريا... ولا علاجات

هدايا الوافدين مسكنات ومتممات غذائية وفيتامينات

السوريون يفتقرون لكثير من المواد الأساسية
السوريون يفتقرون لكثير من المواد الأساسية
TT

أمراض التلوث وسوء التغذية تغزو سوريا... ولا علاجات

السوريون يفتقرون لكثير من المواد الأساسية
السوريون يفتقرون لكثير من المواد الأساسية

بدت الحقائب الخمس التي حملها السوري سليم معه من كندا إلى دمشق أقرب إلى صيدلية؛ إذ كان أكثر من 50 في المائة من محتوياتها عبارة عن أدوية: مسكنات ومتممات غذائية وفيتامينات. ويقول سليم (45 عاماً): «ذُهلت والدتي بمحتويات الحقيبة، وأصابها الذعر، لظنها أن تلك الأدوية تخصني، ولم تصدق أن تلك الأدوية هدايا من أصدقائي في كندا إلى ذويهم في دمشق». ويضيف: «سابقاً كنتُ أحمل معي من كندا إلى دمشق هدايا وشوكولاته وملابس وإكسسوارات من ماركات شهيرة، ولكن مع بدء الحرب بدأت تتحول إلى أشياء ضرورية، إلا أنها في العامين الماضيين راحت تقتصر على الأدوية والمبالغ النقدية»، مشيراً إلى تزايد الطلب على الفيتامينات المفقودة في سوريا.
أم ريمون تسلمت هدية ابنها المقيم في هامبورغ. أرسلها مع سيدة سورية كانت في زيارة إلى ألمانيا، وتقول إنها انتظرتها بـ«فارغ الصبر»، بعد أن كانت تحصل عليها من صيدلية قريبة تؤمنها من لبنان: «لكن حتى في لبنان لم تعد هذه الأدوية متوفرة». والأدوية التي تسلمتها أم ريمون هي حبوب ضغط وحديد وأمبولات فيتامين «د» و«ب - 12».
طبيب مخبري في دمشق قال لـ«الشرق الأوسط» إن أعداداً كبيرة من المرضى الذين يجرون تحاليل في المخبر الذي يعمل فيه يظهر لديهم نقص في الفيتامينات، لا سيما مجموعة فيتامينات «ب»، وأهمها «ب - 12» اللازم لصحة الأعصاب، وفيتامين «د» اللازم لتوازن المعادن في الجسم وتعزيز المناعة، وكذلك أمراض فقر الدم بسبب نقص الحديد وأمراض هشاشة العظام الناجمة عن نقص الكالسيوم. وأوضح أن النقص في الفيتامينات الأساسية يسبب أمراضاً عدة باتت تنتشر كثيراً، مثل اعتلال الأعصاب وأمراض المعدة والقلب والتهاب المفاصل وهشاشة العظام والتعب والوهن العام. ورأى أن انتشار تلك الأمراض بدأ بالتحول إلى ظاهرة، وقال: «كثيراً ما نطمئن المرضى عندما نسأل عن نتيجة التحليل بترديد عبارة: اطمئن لستَ مصاباً بمرض خطير، كل الناس لديها نقص فيتامين (ب) و (د)».
وأضاف الطبيب أن تلك ليست ظاهرة جديدة، لكنها طفت على السطح بعد تفاقم الأزمات المعيشية، ومن ضمنها أزمة الدواء التي اشتدت قبل عامين بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع تكاليف إنتاج الأدوية إلى مستويات قياسية تفوق القدرة الشرائية بعدة أضعاف، وتراجع الإنتاج المحلي كمّاً ونوعاً، وبعد أن كان يغطي 70 في المائة من الاحتياج وبأسعار زهيدة، لأن معامل الأدوية لم تعد قادرة على تحمل الخسائر الناجمة عن الفجوة الكبيرة بين تكاليف الإنتاج وسعر المبيع الرسمي الذي تحدده وزارة الصحة». والمشكلة، بحسب الطبيب المخبري، أن معظم أمراض الصيف، لا سيما التي تصيب الجهاز الهضمي، تحتاج إلى جانب الأدوية إلى حمية غذائية لم تعد الأسرة السورية قادرة على تأمينها، لارتفاع أسعارها، كالموز والبطاطا واللبن الرائب لحالات الزحار، والسمك وكبدة الخروف والطحال، والأخيرة لتعويض نقص الحديد، والبيض لتعويض نقص الكالسيوم وغيرها. وما عزز تردي الواقع الصحي في البلاد، بحسب الطبيب المخبري، شح المياه وقطع الكهرباء لساعات طويلة وتدهور خدمات النظافة والسلامة البيئية لا سيما في المناطق والأحياء الشعبية، ما ساهم في انتشار الأمراض الوبائية والمعدية، التي تتضاعف خلال موسم الصيف، مثل الزحار والتهاب الكبد والحساسية الجلدية، وغيرها من أمراض.
وفي تقرير لها، كشفت صحيفة «الوطن» المحلية، أمس (الجمعة)، عن تسجيل انتشار إصابات بالتهاب الكبد الوبائي في ريف محافظة حماة. ونقلت عن رئيس المنطقة الصحية في مدينة سلمية، الدكتور رامي رزوق، أنه تم تسجيل العديد من الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي في ناحية السعن بريف سلمية الشمالي، من دون أن يتم تحديد مصدر التلوث بعد. وأوضح رزوق أنه تم تشكيل فريق من عدة جهات رسمية لتقصي أسباب الإصابات وتفشي المرض، وجرى قطف عينات من مصادر مياه الشرب الرئيسية التي تغذي الشبكة العامة، وتبين سلامتها من أي ملوثات وصلاحيتها التامة للشرب، كما تم قطف عينات من مادة البوظة التي تناولها عدد من المصابين، باعتبارها مصدر شك وقد تكون من مسببات الإصابات، بالإضافة إلى قطف عينات من مياه مسبحين، وتبين أن أحدهما «بركة» ملوثة. وتعاني مناطق سيطرة النظام من أزمة مياه شرب حادة، لعدم توفر الكهرباء اللازمة لعمل مضخات توزيع المياه، ما يدفع الأهالي للبحث عن مصادر أخرى، كمياه الصهاريج المعبأة من آبار غير خاضعة للرقابة الصحية، وشهدت مدينتا قطنا وعرطوز وقرى محيطة بهما في ريف دمشق عشرات حالات التسمم جراء تلوث مياه الشرب. وردت مصادر أهلية أسباب تلوث مياه الشرب إلى تهتك في شبكة الأنابيب الناقلة للمياه، وتعرضها لتسرب مياه مالحة من حفر فنية أقيمت بشكل مخالف قريباً من مصادر المياه العذبة.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.