أعلنت حكومة الوحدة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة تسلم فرحات بن قدارة منصبه الجديد رسمياً، رئيساً للمؤسسة الوطنية للنفط، بمقرها في العاصمة طرابلس، خلفاً لرئيسها السابق مصطفى صنع الله، الذي رفض الإقرار بهزيمته والقبول بإزاحته من المنصب الذي يتولاه منذ العام 2014.
وتعهد بن قدارة في مؤتمر صحافي عقده اليوم الخميس فور توليه منصبه، بالعمل على عودة تصدير النفط إلى أقصى المستويات الممكنة، وإعادة الإنتاج في الفترة القريبة المقبلة، كما تعهد بالعمل على إعداد فرق بالتعاون مع الشركات المنتجة، سواء محلية أو أجنبية وتوفير التمويل الكافي لصيانة الحقول النفطية المتضررة.
وبعدما لفت إلى الحاجة إلى الشركات الأجنبية لرفع الكفاءة الإنتاجية لها، سعى لطمأنة الشريك الأجنبي عبر تأكيده على صون كل التعهدات والاتفاقات المبرمة. وأبلغ لاحقاً وسائل إعلام محلية، أنه سيعمل على توفير ما وصفه ببيئة آمنة وحلحلة المشاكل الأمنية لضمان عودة الشركات الأجنبية للمساعدة في زيادة الإنتاج، لافتاً إلى اعتزامه نشر الإيرادات المحققة، وقال، إن أي اتفاقيات يجب أن تكون مطابقة لنصوص القانون.
ورغم إعلان مصطفى السمو، وكيل وزارة الاقتصاد في حكومة الدبيبة المكلف رئاسة لجنة التسلم والتسليم بين مجلسي صنع الله وفرحات، استكمال عملية التسلم والتسليم، ادعى صنع الله الذي غادر مقر المؤسسة، اقتحام مجموعة مسلحة وملثمة له بقوة السلاح والاعتداء على بعض الموظفين وإهانتهم والدخول دون تخويل أو إذن؛ ما أدى إلى تعطيل العمل وإرباك المشهد وحالة من الذعر والفوضى وجروح لبعض الموظفين.
واستنكر في بيان وزعه أمس «محاولة البعض التحايل على القانون وتنفيذ أجندات خارجية وصفقات مشبوهة بقوة السلاح»، وقال، إنه يحمّل الدبيبة وبن قدارة وأعضاء لجنة التسليم والتسلم المسؤولية القانونية الكاملة عن ما قد يتعرض له العاملون من أذى، أو ما قد يلحق بأصول ومستندات ومنظومات المؤسسة من عبث.
وكشف النقاب عن تقدمه بشكوى رسمية للنفط للنائب العام بسرعة إنفاذ القانون وشجب القرارات الباطلة وإبعاد أيادي العبث عن مقر المؤسسة، مشيراً إلى أن هذه الأفعال تندرج تحت قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالمؤسسة والتي نصت بوضوح عن كون هذه المؤسسة محايدة.
وسادت حالة من الفوضى مقر مؤسسة النفط بطرابلس، بعد وصول لجنة التسليم والتسلم المكلفة من حكومة الوحدة برفقة عناصر مسلحة، بينما انتشرت قوة مسلحة موالية للدبيبة خارجه؛ تزامناً مع مطالبة خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة للدبيبة، بسحب قرار إقالة صنع الله، وحثه في رسالة رسمية على بذل المجهود الأكبر من التوافق بين وزارة النفط والمؤسسة حتى يزداد الإنتاج ويستقر.
وحذر من أن «مثل هذا القرار في هذا التوقيت المفصلي الذي تمر به البلاد قد يؤدي إلى تفكيك المؤسسة وانقسامها؛ الأمر الذي سيعود بكارثة حقيقية على الاقتصاد الوطني ويزيد من معاناة البلد».
وكان صنع الله قد ظهر مساء أول من أمس برفقة عناصر من الميلشيات المسلحة داخل مقر المؤسسة، بعد ساعات فقط من عودته من أداء مناسك الحج، وقال في كلمة مصورة وجهها للشعب الليبي، إنه باق في المؤسسة ولا أحد يستطيع التعدي على مقرها، لافتاً إلى أنه أعطى تعليمات مشددة بالخصوص، متوعداً «من سيقترب من سور المؤسسة لا يلوم إلا نفسه».
وخاطب الدبيبة قائلاً «الزم حدودك واحترم نفسك واحترم العهد»، واتهمه «بتوزيع أموال النفط على القنوات الإعلامية وترك الشعب الليبي بلا عمل ولا خبز»، لافتاً إلى أنه لا توجد وزارة خارجية والدبيبة ترك الكفاءات وعيّن أبناء أخته وأقاربه وجيرانه سفراء.
وقال «سننسق مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، ولن يكون هناك أي تواصل مع الدبيبة»، واعتبر أن قرار تشكيل مجلس إدارة جديد لمؤسسة النفط، باطل وغير شرعي، وأنها محمية بالقانون الوطني والدولي.
في المقابل، أعربت وزارة النفط بحكومة الوحدة عن أسفها لما وصفته بـ«الأسلوب المنحط» الذي ظهر به صنع الله أمس، واعتبرت أن ذلك ليس بالجديد عليه في تعاملاته مع الجميع، مشيرة إلى معاناة كل العاملين في هذا القطاع من هذه الممارسات والتعاملات السيئة من طرفه.
وقالت في بيان لها، إن قطاع النفط كان يدار منذ تأسيسيه بنخبة من الكوادر الوطنية، ثم أصبح إلى وقت قريب تحت هذه الإدارة التي اتضح أمام كل الليبيين مستواها المتدني المهني والسلوكي المنعكس على ممارستها الإدارية العشوائية والتعسفية لهذا القطاع الهام، مشيرة إلى أنه تعاقب على رئاسة هذه المؤسسة 8 رؤساء، ولم يخطر ببال أحد أن هذا القطاع العريق سيبتلى في يوم ما بهذا السقوط السلوكي والمهني، على حد قولها.
بدوره، قال السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، نتابع بقلق بالغ التطورات المحيطة بالمؤسسة والتي تعتبر حيوية لاستقرار ليبيا وازدهارها، وظلت مستقلة سياسيا وكفوءة تقنياً تحت قيادة مصطفى صنع الله، لافتاً إلى أنه يجوز الطعن في قرار استبدال مجلس إدارة المؤسسة في المحكمة ولكن يجب ألا يصبح موضوع مواجهة مسلحة.
وأوضح، أن الإشكاليات الرئيسية الخاصة بالسياسة العامة لليبيا تتجسد فيما إذا كان سيتم استعادة إنتاج النفط والغاز بالفعل من أجل معالجة القضايا الملحة التي تؤثر على حياة كل ليبي، وخاصة نقص الكهرباء، بالإضافة إلى تساؤلات حول وجود آلية ليبية معمول بها لإدارة ومراقبة الإيرادات بشفافية.
وتساءل نورند «هل سيدرك القادة الليبيون من جميع الأطراف أن هذه التطورات تظهر مرة أخرى الحاجة الملحة للإرادة السياسية للتوصل إلى حل وسط وتهيئة المرحلة الفورية للمصالحة والانتخابات؟».
من جهتها، أكدت لجنة الطاقة في مجلس النواب شرعية مجلس الإدارة الحالي لمؤسسة النفط، وقالت في بيان لها، إن قرارات حكومة الدبيبة «لا يعتد بها، باعتبارها صادرة عن جهة غير ذي صفة»، واعتبرت أن كل المحاولات التي تقوم بها صفقات سياسية مشبوهة لخلط الأوراق وتأزيم الوضع السياسي والاقتصادي للدولة الليبية، وأوضحت أن قرارات هذه الحكومة «لن تؤدي إلا إلى الانقسام في أهم القطاعات الحيوية».
«الوحدة الليبية» تعلن رسمياً تولي بن قدارة رئاسة «مؤسسة النفط»
صنع الله هدد بـ«استخدام القوة» وسط قلق أميركي
«الوحدة الليبية» تعلن رسمياً تولي بن قدارة رئاسة «مؤسسة النفط»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة