عضو في «السيادي» السوداني يطلق مبادرة لتفادي «تفاقم الأوضاع»

مجموعة من المعتصمين السودانيين في الخرطوم 5 يوليو (أ.ف.ب)
مجموعة من المعتصمين السودانيين في الخرطوم 5 يوليو (أ.ف.ب)
TT

عضو في «السيادي» السوداني يطلق مبادرة لتفادي «تفاقم الأوضاع»

مجموعة من المعتصمين السودانيين في الخرطوم 5 يوليو (أ.ف.ب)
مجموعة من المعتصمين السودانيين في الخرطوم 5 يوليو (أ.ف.ب)

أطلق عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان، مالك عقار، مبادرة جديدة من 3 مراحل لإيجاد مخرج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ استيلاء الجيش على السلطة بإجراءات عسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وذلك بعد أسابيع من وصفه للاحتجاجات والمظاهرات بأنها عنف ضد الدولة وعمل إرهابي.
وتقوم المبادرة على الاتفاق بين العسكريين وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (المعارضة الرئيسية) وقوى اتفاق سلام جوبا (الجماعات المسلحة سابقاً) من أجل إدارة الفترة الانتقالية، وتكوين حكومة كفاءات وطنية، تنتهي بمرحلة حوار وطني لا يستثني إلا حزب المؤتمر الوطني المعزول.
وفاجأ عقار الأوساط السياسية بتقديم المبادرة العاجلة، وبتراجعه عن رؤيته السابقة للاحتجاجات، ووصفه لما يحدث في السودان بأنه فوضى وإرهاب ضد الدولة، وفقاً لما نقلته عنه قناة «الشرق» منتصف الشهر الماضي، بقوله: «من يخرجون للشارع أطفال عنيفون تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و15 سنة، ولا يملكون هدفاً سياسياً، ومكانهم ميادين اللعب والمدارس».
واختار عقار تقديم مبادرته لسفراء وممثلي البعثات الدولية والأجنبية العاملة في البلاد، وتتضمن 3 مراحل، تبدأ بالحوار بين العسكريين وقوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، ثم تعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة كفاءات، يعقبها الدخول في حوار بين الأطراف السودانية كافة، باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول.
ويشارك عقار في مجلس السيادة الذي عيّنه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بصفته معيناً وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة في عاصمة جنوب السودان جوبا، ممثلاً لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، بيد أن مشاركته في الحكومة التي وصفها في حديث سابق بأنها «انقلاب عسكري» تثير كثيراً من الدهشة والغضب، ولا سيما أن نائبه في قيادة الحركة «ياسر سعيد عرمان»، يقف بالضد من موقفه، ويسعى مع تحالف الحرية والتغيير لإسقاط الحكومة التي يحتل فيها الرجل منصباً رئاسياً.
وحدّد عقار في مبادرته مهام الحكومة الوطنية المستقلة المتوافق عليها، بمعالجة الأزمة الاقتصادية، واستكمال عملية السلام، وإكمال هياكل الحكم الانتقالي، بما في ذلك هياكل السلطة القضائية والعدلية والمفوضيات المستقلة، والاستعداد لعقد انتخابات حرة نزيهة تضمن المشاركة العادلة للجميع بنهاية الفترة الانتقالية، وتقع على رأس أولوياتها الدعوة لحوار وطني شامل يشارك فيه الجميع، باستثناء حزب المؤتمر الوطني «المنحل» الذي أسقطت حكومته بالثورة الشعبية.
وبعد الإجراءات التي اتخذها البرهان في 25 أكتوبر، واعتبرها عقار انقلاباً عسكرياً، دخلت الأزمة السياسية مرحلة معقدة، دفعت كلاً من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لتقديم وساطة أفلحت في جمع العسكريين في مجلس السيادة، والمدنيين الممثلين في قوى الحرية والتغيير، وتوصلت لتقديم رؤية من الطرف المدني لإنهاء الانقلاب.
بيد أن البرهان في 4 يوليو (تموز) الحالي أعاد وضع العربة أمام الحصان بإعلان انسحاب الجيش من الحوار مع المدنيين، الذي تسهله إلى جانب الوساطة الأميركية السعودية، الآلية الأممية الثلاثية، وعزم الجيش على الانسحاب من السياسة وتكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة مكون من الجيش والدعم السريع، وترك المجال أمام المدنيين لاختيار حكومة كفاءات وطنية مستقلة، وهو ما اعتبرته المعارضة هروباً إلى الأمام و«مراوغة وتكتيكاً لإحكام سيطرة الجيش على السلطة».
وجاء في مبادرة عقار أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، الذي اقترحه قائد الجيش لا يختلف كثيراً عن الرؤية المقدمة من قوى الحرية والتغيير وأطراف السلام، بشأن العلاقة بين العسكريين والمدنيين خلال الفترة الانتقالية، ودعا لتحديد صلاحياته وصلاحيات أجهزة الدولة كافة بدقة.
ووعد عقار بتقديم «ورقة مبدئية» على المكونين العسكري والمكون المدني وشركاء السلام للاتفاق على تحديد هذه الصلاحيات والمهام، مع تكوين لجنة قانونية فنية من قانونين خبراء وطنيين، وخبرات دولية تساهم بها بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) من أجل صياغة هذه الواجبات والمهام في نصوص دستورية، لتلافي الالتباس الذي صاحب تفسير نصوص الوثيقة الدستورية السابقة.
وفي كلمته للدبلوماسيين الأجانب، وصف عقار الأوضاع التي أعقبت استيلاء العسكريين على السلطة في البلاد بأنها «معقدة للغاية، وكلفت البلاد الكثير»، متجنباً تعريفه السابق لاستيلاء العسكريين على السلطة بأنه «انقلاب عسكري»، وكان قد أكد في تصريحات سابقة أن ما حدث في 25 أكتوبر 2021 «انقلاب عسكري» بقوله: «السلطة العسكرية أخذت السلطة، وهذا الإجراء بالمنطق والعرف العسكري يسمى انقلاباً على السلطة المعينة، لكن له مسبباته، فمن وجهة نظر السلطة العسكرية يسمونه ثورة تصحيحية»، وتابع: «هناك تغيير في السلطة أسميه انقلاباً عسكرياً، لكن التسمية ليست المهمة».
وعلى صعيد متصل، انتقد تحالف المعارضة الرئيس «الحرية والتغيير» مرسوماً أصدره قائد الجيش، عيّن بموجبه 5 من كبار الضباط المتقاعدين سفراء بوزارة الخارجية، واعتبره عسكرة للوظائف المدنية.
وذكر التحالف، في بيان، الأربعاء، أن القرار يكشف النوايا الحقيقية لقائد الجيش التي تستبطن الهيمنة العسكرية على مناحي الحياة كافة، وعسكرة الوظائف المدنية، بما في ذلك العلاقات الخارجية التي تعتبر من صميم مهام الحكومة التنفيذية، واعتبره استمراراً لنهج التمكين الذي اتبعه نظام الإسلاميين، ولا يستند إلى أي معايير في تولي الوظائف الرفيعة.
وأبدت «الحرية والتغيير» قلقها إزاء هذا التوجه، ووصفته بأنه يرجح العمل الأمني والعسكري على حساب قواعد العمل الدبلوماسي، ويعيد البلاد مجدداً لدائرة الصراعات الإقليمية والخارجية، وأكدت أن خطورته تكمن في أن بعض العناصر المرتبطة بزعزعة استقرار الإقليم لا تزال نافذة وحاضرة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «سودان تريبيون»، اليوم (الجمعة)، بأن «قوات الدعم السريع» أعلنت تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم.

ونقلت الصحيفة عن بيان لـ«الدعم السريع» أن «مجلس التأسيس المدني بولاية الخرطوم انتخب في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل رئيساً للمجلس، وعبد اللطيف الأمين الحسن رئيساً للإدارة المدنية بالولاية».

وبعد اندلاع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش السوداني، في أبريل (نيسان) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على مناطق كبيرة من ولاية الخرطوم، لكن الجيش حقّق انتصارات في الآونة الأخيرة، واستعاد سيطرته على بعض مناطق شمال الخرطوم بحري والمقرن وأم درمان.