حراك ثقافي وأدبي واعد تستضيفه مقاهي السعودية

جانب من الفعاليات الثقافية التي انطلقت في المقاهي العامة بالسعودية (الشرق الأوسط)
جانب من الفعاليات الثقافية التي انطلقت في المقاهي العامة بالسعودية (الشرق الأوسط)
TT

حراك ثقافي وأدبي واعد تستضيفه مقاهي السعودية

جانب من الفعاليات الثقافية التي انطلقت في المقاهي العامة بالسعودية (الشرق الأوسط)
جانب من الفعاليات الثقافية التي انطلقت في المقاهي العامة بالسعودية (الشرق الأوسط)

مع هذا الحراك الثقافي المفعم في السعودية، بدأت المقاهي العامة تطوّر دُوراً لاحتضان المناسبات الفكرية والأدبية، كمنصات تصنع فضاءات مغايرة للحوار والطرح الثقافي.
بدأت بعض الفعاليات الثقافية تنطلق وتُنظَّم في المقاهي العامة، التي وضعت إمكاناتها لخدمة حاجات المجتمع الثقافية، تماماً كما ازدهر هذا النوع من النشاط التعبيري في ستينات وسبعينات القرن الماضي، عندما مثّلت المقاهي الثقافية في العالم العربي عنصراً مهماً في الحياة الثقافية والفكرية، واحتضنت الكتّاب والأمسيات والنقاشات والموسيقى والفنون.
وتعود المقاهي مجدداً، إلى إعادة تعريف دورها في الحيز العام، عبر عدد من المبادرات الشابة الواعدة، لا تتوقف عند رفوف الكتب المهملة في طرف قَصي من المقهى، بل كفضاء حيوي تتسرب منه إشعاعات الفكر والثقافة إلى المواهب التي تتلمس طريقها إلى الريادة الثقافية والفنية، وفي ظل سعي من وزارة الثقافة في السعودية لتشجيع هذا النوع من الأنشطة، عبر مبادرة «الشريك الأدبي»، الذي اختتم موسمه الأول، الشهر الماضي.
نظّم عثمان الشقيفي، في وقت سابق، لقاءات إثرائية جوّالة بين مقاهي مدينته، وتحت اسم «مساء الناجحين»، فتح نوافذ إلى الثقافة والفكر والأدب وقصص الإنجاز، وكان يؤم تلك المجالس الثقافية الكثير من الأجيال الشابة والمتطلعة، لكنه توقف بسبب تراجع الحماس وقلّة التمويل.
يقول، إن المقاهي توفر الأرضية المؤهلة لاستضافة هذه الفعاليات، وهي تركيبة مناسبة لاستدامة الفعل الثقافي، وتبادل المنفعة بين المقهى المتطلع للعملاء، والنشاط الثقافي الباحث عن دعم ورعاية بتكلفة أقل، ويمكن أن تولد من تلك المساحات الواعدة لحظة ثقافية تكتسب الذيوع والديمومة؛ لأن الفعل الثقافي والمعرفي عموماً، يتطلب مناخاً حيوياً من النقاش وتبادل الأفكار وصقلها بالاكتشاف والحوار والتجربة.
ويقول علي الحضريتي، طالب ماجستير في اللغة العربية، وأحد مرتادي المواعيد الثقافية المتعددة في مقاهي مدينة جدة، إن التردد إليها يكسبه فرصة لإعادة تجديد صِلته بالمجتمع الثقافي، والحوارات المفتوحة التي تنعش وعيه بالحراك الفكري، سيما أنه يقضي الكثير من الوقت والجهد والطاقة في إنجاز متطلباته الدراسية، وهذه المناسبات الثقافية تأتي بمثابة مساحات للراحة والتجدد.
يشير الحضريتي، إلى أن الصالونات الثقافية وليس المقاهي، كانت هي شكل الفضاءات الاجتماعية التقليدية التي عرفتها السعودية لاحتضان المناسبات الثقافية، وكانت واحدة من ملامح حقبة ثقافية مهمة شهدتها السعودية، وهي وإن كانت نخبوية إلى حد ما، لكنها أسهمت وكانت عنصراً فاعلاً ومؤثراً في الحركة الفكرية السعودية، واستقطبت الكثير من رموز الثقافة العربية، وقرّبتهم إلى الجمهور السعودي، وقد تراجعت بعد ذلك إلى حد ما، مثل كل الأشياء الحيوية التي فقدت بريقها مع إزاحة الفضاءات التفاعلية الحيّة، لصالح المنصات الافتراضية التباعدية.
من جهتها، تمثّل مبادرة «الشريك الأدبي» التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة السعودية، منصة تنافسية تسعى إلى عقد شراكات أدبية مع المقاهي، التي تسهم في ترويج الأعمال الأدبية بشكل مبتكر وأقرب لمتناول المجتمع؛ مما يساهم في رفع الوعي الثقافي بشكل مباشر؛ وقد بلغ مجموع الجوائز فيها مليون ريال.
وعملت مبادرة الشريك الأدبي في دورتها الأولى، إلى استهداف جمهور المقاهي بعمل أكثر من 500 فعالية ومساهمة أدبية وثقافية، تثري زيارتهم للمقهى، وتجعل منها تجربة ثقافية مختلفة عن المعتاد تمكن الجمهور من التفاعل مع القطاع الثقافي، بوصف الثقافة أسلوب حياة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.