تركيا ترحب بالقرار الأممي «الإنساني» للسوريين

واصلت إرسال تعزيزات عسكرية إلى حلب تمهيداً لعمليتها العسكرية

سوريون يعبرون من بوابة باب السلامة على الحدود مع تركيا في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سوريون يعبرون من بوابة باب السلامة على الحدود مع تركيا في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترحب بالقرار الأممي «الإنساني» للسوريين

سوريون يعبرون من بوابة باب السلامة على الحدود مع تركيا في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
سوريون يعبرون من بوابة باب السلامة على الحدود مع تركيا في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

رحَّبت تركيا بقرار مجلس الأمن الدولي تمديد آلية إيصال المساعدات الأممية إلى شمال غربي سوريا عبر أراضيها لمدة 6 أشهر إضافية، بينما واصلت إرسال التعزيزات العسكرية إلى حلب في إطار استعداداتها لإطلاق عملية عسكرية محتملة، تستهدف مواقع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في منبج وتل رفعت، بحسب ما أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان في مايو (أيار) الماضي. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان الأربعاء، إن آلية نقل المساعدات تلعب دوراً حيوياً في إيصال المساعدات لنحو 4.1 مليون سوري شمال غربي البلاد، مضيفة أنه «لتحقيق استجابة دولية فعالة للأزمة الإنسانية في سوريا، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، يجب أن تواصل آلية الأمم المتحدة وظائفها في إطار مستدام ومن دون انقطاع، وستواصل تركيا جهودها في هذا الاتجاه، بالتعاون مع المجتمع الدولي». وصوتت 12 دولة، ليل الثلاثاء/ الأربعاء، لصالح القرار المشترك الذي أعدته آيرلندا والنرويج بتمديد القرار الخاص بآلية المساعدات الذي انتهى في 10 يوليو (تموز) الحالي، بينما امتنعت 3 دول عن التصويت (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) وذلك من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددهم 15 دولة. وأخفق مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، في اعتماد مشروع القرار النرويجي الآيرلندي المشترك الذي كان يدعو لتمديد التفويض الأممي لعام كامل، بسبب استخدام روسيا حق النقض (الفيتو). ووزعت روسيا مشروع قرار يقضي بتمديد تفويض نقل المساعدات الإنسانية عن طريق معبر «باب الهوى» الحدودي بين تركيا وسوريا لمدة 6 أشهر. والعام الماضي، تمسكت روسيا بتخصيص معبر واحد هو «باب الهوى» لنقل المساعدات، بعدما كانت تنقل من خلال 3 معابر حدودية. وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، قد طالب مجلس الأمن بتمديد تفويض نقل المساعدات الإنسانية عن طريق معبر «باب الهوى»، لمدة عام كامل، حسب مشروع القرار النرويجي الآيرلندي. وحذر من مغبة ازدياد الاحتياجات الإنسانية للمدنيين الذين أصبحوا في أمَس الحاجة إلى هذه المساعدات، معتبراً تمديد التفويض واجباً أخلاقياً.
على صعيد آخر، واصلت تركيا الدفع بتعزيزات عسكرية إلى قواتها المنتشرة في حلب. ودخل رتل عسكري تركي جديد إلى مناطق «درع الفرات» عبر معبر الراعي شمال حلب، تألف من آليات ثقيلة وشاحنات محملة بالأسلحة والذخائر، اتجهت نحو النقاط التركية في المنطقة. وأرسلت تركيا منذ مطلع يوليو الحالي، 10 أرتال من التعزيزات العسكرية، على وقع تهديداتها بشن عملية عسكرية في منبج وتل رفعت، لإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية على حدودها الجنوبية. في غضون ذلك، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن عدداً من الأهالي غادروا مع أمتعتهم مدينتي الدرباسية وأبو راسين الحدوديتين بريفي الحسكة، في ظل المخاوف من إطلاق تركيا عمليتها العسكرية المحتملة بالتزامن مع تحصين قوات الحماية الجوهرية، التابعة لـ«قسد»، مواقع داخل المدن ومحيطها، في خطوة احترازية لحماية الأحياء حال وقوع أي هجوم تركي.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


السوريون يحتفلون بتحقيق حلم «ساحة الأمويين» بعد 13 عاماً

آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (رويترز)
آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (رويترز)
TT

السوريون يحتفلون بتحقيق حلم «ساحة الأمويين» بعد 13 عاماً

آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (رويترز)
آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (رويترز)

أخيراً، وصل السوريون إلى ساحة الأمويين، التي طالما حلم المحتجون عام 2011 بالوصول إليها لتكون مكاناً جامعاً يرابطون فيه حتى إسقاط نظام بشار الأسد، إلا أن هذا الحلم كان ثمنه غالياً جداً، دفع بعشرات الآلاف من ضحايا النظام والمعتقلين في زنازينه، إضافة إلى ملايين النازحين إلى بلاد العالم.

فتلك الساحة تغصّ اليوم بالآلاف فرحاً واحتفاء بالانتصار، بعدما كان أتباع النظام البائد يمنعون المتظاهرين في بداية الثورة من الوصول إليها، إذ كانوا يشغلونها في العام الأول من الاحتجاجات. ساحة الأمويين أكبر ساحات دمشق، حيث مبنى الإذاعة والتلفزيون ودار الأوبرا وقيادة الأركان والمكتبة الوطنية، بتجمعات الموالين ومنصات لإلقاء الخطب الحماسية وحفلات الغناء. وكذلك الأمر في ساحة السبع بحرات، التي تعتبر أصغر، لكنها تتوسط قلب دمشق التجاري، ويقع فيها مبنى مصرف سوريا المركزي، وكانت في تلك الساحات تعقد الدبكات تحت صور الأسد، في الوقت الذي ترتكب فيه المجازر على مداخل دمشق منعاً لتقدم المحتجين إلى ساحاتها، أبرزها مجزرة الزبلطاني 22 - 4 - 2012 ، كما تحوّلت ساحة العباسيين إلى ساحة حرب واشتباكات.

آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

بعد 13 عاماً، تحقق الحلم ووصل السوريون إلى ساحة الأمويين، رافعين شعار «جمعة النصر»، ومعهم أمنيات بالعيش «الكريم» وسحب السلاح ووقف الانتقامات، والتركيز على بناء سوريا، في ساحة اختلط فيها المقاتلون القادمون من إدلب مع القائد أحمد الشرع، والسيارات الأمنية الجوالة، مع المدنيين الذين التفوا حولهم يحاورونهم ويلتقطون الصور معهم، مهللين بالعلم الوطني، والهتاف «حرية... حرية».

صلاة الجمعة

فمنذ الصباح، بدأ آلاف السوريين في التوافد إلى الساحات والميادين العامة في عموم المناطق السورية للاحتفال، بـ«جمعة النصر»، بعد إسقاط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

وتوافد آلاف السوريين إلى باحة الجامع الأموي في دمشق، قبيل صلاة الجمعة التي شارك فيها قائد «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع المكنى «أبو محمد الجولاني»، الذي يقود فصيله السلطة الجديدة في دمشق، ورئيس الحكومة الموقتة محمد البشير.

وللمرة الأولى في تاريخ سوريا، ألقى رئيس الحكومة، خطبة الجمعة في الجامع الأموي ذي المكانة الدينية التاريخية في العاصمة، بحضور أكثر من 60 ألف مُصلٍّ، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية.

وتحدث البشير عن «تغيير الظلم الذي لحق بالسوريين، والدمشقيين تحديداً»، مشدداً على «الوحدة بين مختلف أطياف الشعب السوري».

وبعد الصلاة، تدفق آلاف السوريين إلى الساحات، في دمشق والمدن الرئيسية، للاحتفال بالتخلص من نظام الأسد، تلبية لدعوات رسمية وشعبية، دعت إلى الالتفاف حول العلم السوري، في مشهد جماهيري عارم وغير مسبوق في تاريخ سوريا منذ تسلم حزب البعث السلطة عام 1963 بانقلاب 8 آذار (مارس). ورغم غياب التنظيم عن التحشد في الساحات، فإن انتظام المحتفلين كان واضحاً: «كل مجموعة في حلقة تغني وتهتف وترقص رافعين الأعلام السورية. ولم تسجل في ساحة الأمويين أكبر ساحات دمشق أي حالة تجاوز أو إطلاق نار، رغم وجود أطياف شديدة التنوع والتباين وانتشار العسكريين والأمنيين بين الجموع».

آلاف السوريين في ساحة الأمويين محتفين بسقوط نظام الأسد (أ.ب)

وكان قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، دعا مساء الخميس الشعب السوري إلى النزول إلى الميادين احتفالاً بـ«انتصار الثورة»، وعلى الفور عمّت الاحتفالات المدن السورية في أول جمعة بعد سقوط نظام بشار الأسد. ووجّه الشرع في فيديو بثّته معرفات القيادة العامة على الإنترنت: «أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة، وأدعوهم للنزول إلى الميادين للتعبير عن فرحتهم، دون إطلاق الرصاص وترويع الناس، ثم بعد ذلك لنتجه إلى بناء هذا البلد... وكما قلناها منذ البداية: منصورة بعون الله».

سلفي مع ملثم

مجموعة من العسكريين بوجوه مكشوفة في «هيئة تحرير الشام» كانوا في الساحة التقتهم «الشرق الأوسط»، وسألتهم: «بعد أسبوع، كيف ترون الشام (دمشق)؟ فتوافقوا على جواب واحد، مفاده أنها لا تزال تحتاج إلى جهود كثيرة لتتعافى».

مقاتل ملثم، بدا شاباً في مقتبل العمر، متحمساً جداً، قال: «نحن أمة إسلام، ويجب على النساء أن تحتشم». قال كلامه هذا بينما هو محاط بمجموعة من الفتيات يلتقطن معه السلفي دون أن يعرن انتباهاً لكلامه!! وفي الساحة أقبل الأهالي لالتقاط الصور مع المقاتلين وأسلحتهم وعلى السيارات المموهة بطين المعارك.

وفي الساحة التقت «الشرق الأوسط» ندى عزيز، زوجة عمر عزيز، الذي قتل تحت التعذيب في سجون النظام، فقالت: «تمنيت لو كان عمر حياً وعاش هذا الحلم». وأضافت أنها وزوجها كانا يعيشان في المملكة العربية السعودية، وعام 2011 قرّر عمر ترك عمله والعودة إلى سوريا للمساهمة في الحراك السوري السلمي من أجل مستقبل البلاد، وعمل في تأسيس المجالس المحلية في الغوطة وريف دمشق مع فرق من الشباب، وكان يعمل 20 ساعة، وجرى اعتقاله يوم 20 - 11 - 2012 من قبل المخابرات الجوية، ثم أحيل إلى سجن عدرا بعد 3 أشهر ليموت في السجن. ودعت ندى السوريين جميعاً دون استثناء إلى تحمل مسؤولية بناء بلدهم، وهم لديهم القدرة.

سوري يعبر عن فرحه بطريقته في ساحة الأمويين (الشرق الأوسط)

السيدة أم محمد من حي المزة هنّأت، عبر «الشرق الأوسط»، الشعب السوري بالنصر. وقالت إن سوريا للجميع، متمنية أن «تحمل الأيام المقبلة تعويضاً لهم عن أيام الحرمان».

ياسر من حي الميدان عبّر عن أمله بتحسن الأوضاع، موضحاً أن ما يطلبه الشباب هو «مستقبل جيد». وقال: «نريد أن نبني أنفسنا لنبني سوريا»، رفيقه محمد بدوره تمنى على الشعب السوري «التعاون مع حكومة الإنقاذ، وألا ينجر إلى الفوضى».

فريق عمال النظافة في الساحة أكدوا أن عملهم لم يتوقف منذ اليوم الأول لسقوط النظام، وأن الأهالي يتعاونون معهم في تنظيف الأحياء. أحد عمال النظافة عبّر عن سعادته بعودة ابنه الوحيد الذي اضطر إلى تسفيره للعراق، لأنه «اتهم بتهريب كروز دخان وحكم عليه بالسجن مدة عام».

أحلى نهار

ديما قصار من حي القنوات، قالت بفرح كبير: «هذا أحلى نهار، صبرنا ونلنا. يكفينا (أننا) طلعنا من الظلمات إلى النور، والأيام المقبلة أحلى». أبو محمد رجل، مسنّ كان يرتاح على العشب مع عائلته خلف المتجمهرين، قال: «الحمد الله، الآن عشنا... أنا ولدت من جديد»

وطالب المحتشدون بإعدام بشار الأسد. شاب من درعا أكد بحماس أنهم سيأتون بـ«ابن حافظ الأسد ومحاسبته»، متعهداً بتقديم «المليحي»، وهي أكلة شعبية في الساحات تشتهر بها درعا.

نعيم شاب من حي العمارة عبّر عن سعادته، وأن الشباب يأملون بتحسن واقع العمل، وقال: «نريد أن نعمل فقط... كنا محاربين في كل شيء، حلمي أن أعمر بيتاً دون أن تأتي الحكومة وتهدمه، أن آكل سندويشة شاورما دون أن أدفع ضريبة». ماهر معتقل سابق قال إن الوضع أفضل، وأهم مطلب «سحب السلاح»، فيما طالب محمد بـ«وقف الأعمال الانتقامية والتسامح».