المياه آخر أسلحة «داعش» في الرمادي

التنظيم يغلق سد الرمادي ويقطع مياه نهر الفرات

المياه آخر أسلحة «داعش» في الرمادي
TT

المياه آخر أسلحة «داعش» في الرمادي

المياه آخر أسلحة «داعش» في الرمادي

يهدد قيام تنظيم "داعش" المتطرف بغلق سد الرمادي وقطع مياه نهر الفرات عن مناطق في محافظة الانبار، بجعل عملية استعادة السيطرة على مدينة الرمادي الاستراتيجية من مسلحي التنظيم أكثر تعقيدا.
وشهدت الحرب التي يشارك فيها تحالف دولي بقيادة واشنطن، خلال الشهر الماضي، تطورات ألقت بظلال من الشك حول استراتيجية التحالف الدولية، فيما أصرت واشنطن على التأكيد بأنها تسير في الاتجاه الصحيح.
وفيما تنفذ القوات العراقية عمليات عسكرية لاستعادة السيطرة على الرمادي، قام التنظيم المتطرف بغلق سد الرمادي لخفض منسوب المياه في نهر الفرات الى الشمال من مدينة الرمادي، ما سيسهل التنقل عبر النهر وعلى جانبيه.
وذكرت مصادر عراقية مسؤولة، أن لجوء المسلحين لهذه الوسيلة يزيد احتمالات تعرض القوات العراقية لهجمات.
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت ان "داعش بدأ يستخدم أسلوب حرب المياه الخبيث، الذي يحاول من خلاله زعزعة الأمن في مناطق الخالدية والحبانية التي تسيطر عليها القوات الامنية ومقاتلي العشائر".
وتفرض قوات امنية عراقية بمساندة فصائل الحشد الشعبي وابناء العشائر، حصارا حول الرمادي انطلاقا من منطقتي الخالدية والحبانية، الواقعتين الى الشرق من الرمادي.
ووصف كرحوت "قطع المياه بأنه أبشع أفعال داعش الذي يحاول من خلاله قتل النساء والاطفال وكبار السن عطشا ودفعهم الى النزوح الى مناطق اخرى ليتمكن بعدها من الدخول الى تلك المناطق".
ويرى اركان خلف الطرموز عضو مجلس محافظة الانبار، ان تنظيم "داعش قد لا يمتلك عددا كافيا من المقاتلين لمواجهة التحالف الدولي حاليا (...) لذلك استخدم المياه كسلاح ضد المناطق التي توجد فيها قواعد عسكرية".
وذكر الانسحاب الفوضوي للقوات العراقية من الرمادي منتصف الشهر الماضي، بما تعرضت له مدينة الموصل كبرى مدن محافظة نينوى في يونيو (حزيران) 2014.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بعد سيطرة المتطرفين على الرمادي مركز محافظة الانبار في 17 من الشهر الماضي، ان قوات بلاده ستستعيدها في غضون ايام، لكن العملية تسير ببطء.
ونفذ المتطرفون موجة هجمات انتحارية مكنت من السيطرة على الرمادي في غضون ثلاثة ايام وعادوا خلال الايام القليلة الماضية لاستخدام السلاح ذاته، والذي أطلق عليه العبادي بـ"قنبلة نووية صغيرة".
ويبنى تنظيم "داعش" الهجوم الانتحاري الذي استهدف الاثنين الماضي، مقرا للشرطة الاتحادية غرب مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد)، وأسفر عن مقتل 48 من عناصر الأمن والحشد الشعبي.
وكشف نائب وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، عن مقتل اكثر من 10 الاف مسلح من التنظيم منذ بدء حملة الغارات الجوية للائتلاف الدولي ضد معاقل التنظيم في سوريا والعراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي وواشنطن مترددين في اشراك قوات الحشد الشعبي، التي تتألف في معظمها من فصائل شيعية، في المعارك التي تدور في الانبار، حيث غالبية السكان من السنة.
لكن سقوط الرمادي بيد المتطرفين، دفع العبادي الى دعوة قوات الحشد الشعبي التي تتلقى دعما مباشرا من ايران، الى الوقوف الى جانب القوات الامنية هناك.
من جانبه، قال الجنرال جون الن قائد قوات التحالف الدولي خلال منتدى عقد في قطر، اليوم (الاربعاء)، ان اشراك الحشد الشعبي لا مفر منه على المدى القصير. مشيرا الى انه "بعدها علينا ان نؤمن حياة الأهالي من قبل شرطة سنية او عشائر سنية، ونحن نسعى الى تقوية كليهما".
ودعت الدول الغربية واخرى مشاركة في التحالف الدولي الذي يجمع 60 بلدا، خلال الاجتماع الذي عقد في باريس يوم أمس، الى تقديم دعم اضافي لحكومة العبادي.
واتهم العبادي التحالف الدولي بـ"الفشل" في مواجهة تنظيم "داعش"، وذلك قبيل عرض استراتيجيته لاستعادة الاراضي العراقية التي احتلها المتطرفون، خلال الاجتماع.
ولا تزال واشنطن متمسكة برفض ارسال قواتها البرية مجددا الى العراق، فيما يؤكد التحالف الدولي نجاح استراتيجية توجيه ضربات جوية وتدريب آلاف المقاتلين العراقيين وتقديم المشورة للجيش العراقي.
وقال بلينكن خلال الاجتماع "لدينا في العراق الآن، استراتيجية صائبة، ضربات جوية وعمليات تدريب وشركاء دوليون يعملون بفاعلية".
وفيما يتعلق بسوريا، حيث تدور الحرب منذ اكثر من اربع سنوات والاوضاع الانسانية تعد اسوأ مما هي عليه في العراق، ترى واشنطن ودول التحالف بأن الحل الأمثل يمر عبر عملية سياسية.
في غضون ذلك، قتل مالا يقل عن 24 شخصا بينهم ثمانية اطفال جراء قصف الطيران الحربي التابع لقوات النظام ببراميل متفجرة في مناطق عدة في شمال وشمال غربي سوريا، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».