بعد 40 عاماً... شعرة واحدة تحل لغز جريمة قتل طفلة أميركية

نيك بورخيس من قسم شرطة سيسايد (الثاني من اليمين) يقف إلى جانب صورة آن في مدرسة هايلاند الابتدائية (أ.ب)
نيك بورخيس من قسم شرطة سيسايد (الثاني من اليمين) يقف إلى جانب صورة آن في مدرسة هايلاند الابتدائية (أ.ب)
TT

بعد 40 عاماً... شعرة واحدة تحل لغز جريمة قتل طفلة أميركية

نيك بورخيس من قسم شرطة سيسايد (الثاني من اليمين) يقف إلى جانب صورة آن في مدرسة هايلاند الابتدائية (أ.ب)
نيك بورخيس من قسم شرطة سيسايد (الثاني من اليمين) يقف إلى جانب صورة آن في مدرسة هايلاند الابتدائية (أ.ب)

قال مسؤولون إن تحليل الحمض النووي في خصلة واحدة من الشعر الخالي من الجذور من مسرح جريمة وقعت عام 1982 ساعد في دفع السلطات للقبض على روبرت ج. لانوي، البالغ من العمر 70 عاماً، والمتهم بارتكاب جرائم جنسية، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
في يوم خميس ممطر في يناير (كانون الثاني) عام 1982، كانت آن فام تستعد للذهاب إلى روضة الأطفال في منزل عائلتها في سيسايد بولاية كاليفورنيا. بعد أن طورت خطاً مستقلاً كواحدة من أشقائها العشرة، ناشدت الفتاة البالغة من العمر 5 سنوات، والدتها وأخوها الأكبر، بنجاح، للسماح لها بالسير على مسافة مبنيين للوصول إلى المدرسة بنفسها.
لكن لا أحد في محل بقالة مزدحم على طول الطريق رأى آن، ولم تظهر في المدرسة أيضاً.
لم تلاحظ عائلتها الكبيرة غيابها إلا في وقت العشاء. لمدة يومين، لم يكن هناك أي أثر لها. ثم، في بعض الشجيرات على بُعد أقل من ميلين، تم اكتشاف جسدها بالصدفة. لقد تم الاعتداء عليها جنسياً وخنقها حتى الموت.
لم يكشف قسم شرطة الخاص بالمنطقة ومكتب التحقيقات الفيدرالي مطلقاً عن أي مشتبه به - حتى هذا العام.
مع العزم الأخير على فحص الحالات التي لم يتم حلها، وبشعرة واحدة غامضة، وبمساعدة علم الأنساب الجيني - الذي تم استخدامه لحل القضايا التي لم يتم حلها في جميع أنحاء البلاد في السنوات الأخيرة - تمكنت السلطات في مقاطعة مونتيري من التعرف على روبرت ج لانوي (70 سنة) من رينو - نيفادا، كمشتبه به واتهامه بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى.

وقالت جينين ب. باشيوني، محامية مقاطعة مونتيري، إنه محتجز حالياً في نيفادا بانتظار تسليمه إلى كاليفورنيا.
كان لانوي يبلغ من العمر 29 عاماً وقت القتل في 21 يناير 1982، وعاش على بعد مبنى واحد فقط. كان رقيباً في فورت أورد، ثم قاعدة للجيش بالقرب من البحر.
في عام 1998، أدين لانوي بحيازة وإنتاج مواد إباحية عن الأطفال والاعتداء على طفل دون سن 16 عاماً في ولاية نيفادا، حيث تم تسجيله معتدياً جنسياً. قال نيك بورخيس، رئيس قسم شرطة سيسايد، في مقابلة، إنه أمضى حوالي عقدين في السجن.
لم تذكر السجلات العامة محامي لانوي، وقال ماثيو لوريوكس، نائب المدعي العام في مقاطعة مونتيري، إنه لا يعرف ما إذا كان لانوي لديه محام.
وقال بورخيس إنه لم يكن على علم بالاتهامات الجنائية السابقة ضد لانوي، لكنه أضاف أنه «قلق للغاية».
وتابع: «لا أعتقد أنك تستيقظ يوماً ما وتفكر: (سأقتل طفلاً - سأغتصب طفلاً)، وبعد ذلك سأنتقل وأكون مواطناً رائعاً».
أشار بورخيس إلى أن عائلة آن، مثل كثيرين آخرين، هربت من فيتنام بالقوارب في أعقاب الحرب وانتهى بها الأمر في الولايات المتحدة. وتحدث عن انطباعهم عن الولايات المتحدة: «لقد كانت تشبه الجنة مقارنة بما شاهدته هذه العائلة في حرب فيتنام. لم يعتقدوا أبداً أن المجيء إلى هنا سيكون سبب وفاة ابنتهم».
https://twitter.com/City_of_Seaside/status/1545178561832800256?s=20&t=aqFKopcEPdL8i3SH5z8DGQ
وصادف بورخيس القضية في عام 2009 أثناء مروره بصندوق مليء بمواد من عدة قضايا لم يتم حلها. وقال إنه «اشمئز» من حالة الأدلة في قضية آن، وتعهد بفعل شيء حيال ذلك.
قبل عامين، سأله محقق ينظر في القضايا الباردة عن تلك التي كانت «معقدة للغاية وحساسة»، كما يتذكر بورخيس. وتابع: «بدون تردد، قلت: آني فام».
تم فتح القضية بفضل قطعة واحدة من الأدلة المتبقية من التحقيق الأصلي - شعرة يبلغ طولها سنتيمتراً بلا جذور. ولم يتضح في البداية ما إذا كانت الشعرة تخص ذكراً أم أنثى.
قالت كيلي هاركينز، الرئيسة التنفيذية لشركة «أستريا فورانزيكس»، في مقابلة، إن مختبرها كان قادراً على استخراج الحمض النووي من الشعر وتسلسله. قالت سيسي موري، عالمة الأنساب الجينية، إنها تمكنت بعد ذلك من إنشاء «شبكة جينية» ظل فيها اللقب نفسه غير المعتاد يتكرر - لانوي.
وأضافت: «قد حالفنا الحظ في هذه الحالة، لأن اللقب الرئيسي الذي تم تحديده من خلال الشبكة الجينية التي تمكنت من إنشائها انتهى به الأمر إلى أن يكون اسم عائلة المشتبه به». واكتشف أحد المحققين أن روبرت لانوي كان أحد جيران آن، وكشف التحقيق الإضافي أنه مصدر الشعرة، على حد قول بورخيس، رغم أنه رفض تحديد طريقة رصد السلطات لذلك.
والخميس، اليوم الذي تم فيه الإعلان عن الاتهامات، اتصل بورخيس بفريقه، وقال: «سنأخذ آن إلى المدرسة اليوم». كان يهتم بصورتها بعناية في سيارته ولم يرغب بوضعها في الصندوق، لأنه قال إن هذا هو المكان الذي من المحتمل أنها وضعت فيه عندما قُتلت. توجه هو ومجموعة من المحققين إلى مدرسة هايلاند الابتدائية، مدرسة آن القديمة. أوضح بورخيس: «لم تصل إلى المدرسة في ذلك اليوم، ولكن في اليوم الذي رفعت فيه هذه القضية، يوم اعتقال المشتبه به، فعلت ذلك».


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».