أصبحت أمراض مثل نزلات البرد والإنفلونزا مستوطنة في البشر، يصاب بها الجميع بين حين وآخر، وسينتقل «كوفيد-19» في النهاية إلى حالة متوطنة مشابهة في مرحلة ما، ولكن متى؟ ربما في غضون عامين، وفقاً لدراسة جديدة في جامعة ييل الأميركية، نُشرت في 5 يوليو (تموز) الجاري، في مجلة «PNAS Nexus».
ولتطوير فهم أفضل لمتى وكيف يمكن أن يصبح «كوفيد-19» متوطناً، لجأ باحثو جامعة ييل إلى الفئران، وهي معرضة مثلنا أيضاً لفيروسات «كورونا»، ومن خلال جمع البيانات حول معدلات إعادة العدوى بالفيروس التاجي بين الفئران، تمكنوا من نمذجة المسار المحتمل لـ«كوفيد-19».
وهناك عديد من أنواع الفيروسات التاجية المختلفة، بما في ذلك «كورونا» المستجد، الفيروس الذي يقف وراء «كوفيد-19»، وعديد من الأنواع التي تسبب نزلات البرد. وتعيش الحيوانات مثل الخنازير والدجاج أيضاً مع فيروسات «كورونا» المستوطنة. والعامل الرئيسي الذي تم تحديده في انتشار فيروسات «كورونا» الحيوانية والبشرية على حد سواء، هو ميلها لاستحضار ما تعرف باسم «المناعة غير المعقمة»، وتعني عدم وجود العدد الكافي من الأجسام المضادة في الجسم، ولكن هناك إمكانية لإنتاج الكمية اللازمة منها بسرعة، بسبب وجود تلامس سابق مع الفيروس أو نتيجة التطعيم، أي أن الشخص سيصاب بالمرض، ولكن بالشكل الخفيف أو المتوسط، إذا لم تكن إصابته بسلالة جديدة من الفيروس.
وقالت كارولين زايس، أستاذة الطب المقارن في كلية الطب بجامعة ييل، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة: «هذا يعني أن هناك مناعة جيدة إلى حد ما في البداية؛ لكن هذا يتضاءل بسرعة نسبياً، وهكذا حتى إذا تم تطعيم حيوان أو شخص أو إصابة، فمن المحتمل أن يصبحوا عرضة للإصابة مرة أخرى».
وعلى مدى العامين الماضيين، توصل العلماء إلى أن «كورونا» المستجد، ينتج مناعة غير معقمة، ولا يزال الأشخاص الذين أصيبوا أو تم تطعيمهم معرضين لخطر الإصابة مرة أخرى، لذلك يتوقع الخبراء أن الفيروس لن يختفي في أي وقت قريب. ولفهم ما قد يفعله بشكل أفضل بمرور الوقت، استخدم العلماء النماذج الرياضية. وبالنظر إلى أوجه التشابه القوية بين فيروسات «كورونا» الحيوانية والإنسانية، فإن جمع البيانات ذات الصلة من الحيوانات تمثل فرصة لفهم أفضل للفيروس، كما تقول زايس. وتضيف: «هناك عديد من الدروس التي يمكن تعلمها من فيروسات (كورونا) الحيوانية».
وفي هذه الدراسة، لاحظت زايس وزملاؤها كيف ينتقل فيروس «كورونا» مشابه للفيروس الذي يسبب نزلات البرد لدى البشر من خلال مجموعات الفئران. ووضع الفريق نموذجاً لسيناريو يشبه التعرض البشري في الولايات المتحدة؛ حيث يتم تطعيم جزء من السكان ضد «كوفيد-19»، مع استمرارهم في مواجهة التعرض الطبيعي للفيروس. وقاموا أيضاً بإعادة إنتاج أنواع مختلفة من التعرض الذي تعرض له الأشخاص في الولايات المتحدة؛ حيث تم تعريض بعض الحيوانات لخطر الإصابة من خلال الاتصال الوثيق بفأر مصاب، وتعريض آخرين من خلال وضعهم في قفص كان يسكنه أحد الجرذان المصابة (خطر منخفض) من العدوى.
تقول زايس: «ما رصدناه هو أنه مع العدوى الطبيعية يطور بعض الأفراد مناعة أفضل من الآخرين. يحتاج الناس أيضاً إلى التطعيم، والذي يتم تقديمه من خلال جرعة محددة، ويولد مناعة يمكن التنبؤ بها. وأظهرت الدراسة أنه مع كل من التطعيم والتعرض الطبيعي، يراكم السكان مناعة واسعة تدفع بالفيروس نحو الاستقرار المتوطن».
ثم استخدمت هي وأعضاء فريقها هذه البيانات لإنتاج النماذج الرياضية، ووجدوا أن متوسط الوقت الذي يمكن أن يستغرقه فيروس «كورونا» المستجد ليصبح مستوطناً في الولايات المتحدة هو 1437 يوماً، (أقل بقليل من 4 سنوات). ووفقاً لهذا النموذج، سيكون 15.4 في المائة من السكان عرضة للإصابة في أي وقت، بعد أن نصل إلى المرحلة المتوطنة. وتقول زايس: «إن الفيروس في طريقه إلى الانتشار باستمرار، لذلك سيكون من المهم وضع الفئات الأكثر ضعفاً في الاعتبار، ولا يمكننا أن نفترض أنه بمجرد أن نصل إلى الحالة المتوطنة، يكون الجميع في أمان». وقالت إن 4 سنوات هي متوسط الوقت الذي تنبأ به النموذج «مر منها حتى الآن عامان منذ بدابة الوباء في 2020». وقد يستغرق الأمر وقتاً أطول للوصول إلى مرحلة التوطن، وهذا لا يأخذ في الاعتبار الطفرات التي يمكن أن تجعل الفيروس أكثر ضرراً. وهناك سابقة لهذا المسار في أواخر القرن التاسع عشر؛ حيث قتلت ما عُرفت باسم «الإنفلونزا الروسية» ما يقرب من مليون شخص حول العالم.
متى يصبح «كورونا» مثل نزلات البرد؟
متى يصبح «كورونا» مثل نزلات البرد؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة