انظر إلى الساعة قبل اتخاذ القرارات الحاسمة

نصائح علمية لتعزيز إيقاع الساعة البيولوجية للإنسان

انظر إلى الساعة قبل اتخاذ القرارات الحاسمة
TT

انظر إلى الساعة قبل اتخاذ القرارات الحاسمة

انظر إلى الساعة قبل اتخاذ القرارات الحاسمة

حدد الباحثون طريقة لتعزيز إيجابية إيقاع الساعة البيولوجية لدى الإنسان، بهدف اتخاذ قرارات مهمة وصحيحة في الأعمال والقيادة، وحتى عن التبضع.

- قرارات أفضل
لماذا يميل بعض الناس إلى اتخاذ قرارات أفضل من غيرهم؟ لعلهم يملكون نهجاً خاصاً مثل جيف بيزوس (مالك شركة «أمازون») الذي لا يمضي وقتاً طويلاً في التفكير بإيجابيات وسلبيات القرارات التي يمكن له الارتداد عنها بسهولة، أو أوبرا وينفري (مقدمة البرامج التلفزيونية الشهيرة) التي تركز على الجسور التي تريد عبورها، والأخرى التي تريد إحراقها، أو ستيف جوبز (مؤسس «أبل» الراحل) الذي نصح الناس باتخاذ القرارات عندما يثقون بقدرتهم على إحداث فروقٍ مهمة في حياتهم... أو لعلهم ببساطة يعرفون متى يجب أن يتخذوا القرارات المهمة.
في البداية، لنتحدث قليلاً في خلفية هذا الموضوع. بشكلٍ عام، تتحمل قشرة الفص الجبهي في الدماغ prefrontal cortex مسؤولية سلوكٍ إدراكي معقد، مثل تعبير الإنسان عن شخصيته، وتهدئة سلوكه الاجتماعي، وتقييم الأوضاع قبل اتخاذ القرارات. وكلما ازداد تعقيد القرار، زاد انخراط هذه القشرة في العملية.
وقد وجدت دراسة نُشرت في دورية «كوغنيشن» (المعنية بدراسات الإدراك) أن الإنسان يميل أكثر إلى التفكير ملياً في حالته واتخاذ القرارات الجيدة في الصباح قبل شعور جسده بالتعب وتزايد احتمال وقوعه فريسة لإرهاق القرارات. (والغريب في الأمر أن القرارات السريعة كالفرار من دبور تُتخذ بشكلٍ أفضل في فترة بعد الظهر). وقد كتب الباحثون في دراستهم: «وجدنا إيقاعات نهارية فعالة في النشاط ومناهج اتخاذ القرارات. فخلال فترة الصباح، يتبنى اللاعبون نهج التركيز على الوقاية (يشمل اتخاذ قرارات بطيئة ودقيقة)، ويتحول لاحقاً إلى التركيز على التقدم (يتسم بقرارات سريعة وأقل دقة)، دون حصول تغييرات يومية في الأداء.

- حكمة الصباح والليل
أي، وبلغة بسيطة وبعيدة عن التكلُّف العلمي، احتفظوا بقراراتكم المهمة للصباح... ولكن ماذا عن محبي السهر المتأخر؟
قد يظن البعض أن التحوّل إلى طائر صباحي نشيط مسألة بسيطة تعتمد على قوة الإرادة، ولكن الدراسة وجدت أن حُبّ الاستيقاظ المبكر أو حب السهر حتى وقتٍ متأخر عامل بيولوجي مهيمن، وأن ما يقارب من نصف ساعتكم البيولوجية يخضع للجينات. (لهذا السبب، إذا كنتم من الأشخاص الذين يكرهون الاستيقاظ المبكر صباحاً، كفوا عن محاولة عكس هذه الحقيقة).
وإذا كنتم من محبي السهر المتأخر، اتخذوا القرارات المهمة خلال نسختكم الخاصة من «الصباح». فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2017 في دورية «كرونو بيولوجي إنترناشيونال» أن المناطق المسؤولة عن الإدراك في الدماغ تصل إلى ذروة نشاطها في ساعات الصباح، وتتراجع تدريجياً مع اقتراب الليل.
ولكن عكس هذا الأمر هو الصحيح لدى محبي السهر المتأخر، لأن القشرة الدماغية لديهم تكون في أقصى نشاطها خلال الليل.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن هذا الإطار الزمني يسري على جميع أنواع القرارات. لنأخذ الأعمال على سبيل المثال: يميل محبو الصباح والاستيقاظ المبكر إلى اتخاذ قرارات عقلانية حول المقترحات العالية المخاطر في الصباح. في المقابل، يخاطر محبو السهر المتأخر باتخاذ أسوأ القرارات وأكثرها تسرعاً في الصباح.
وفي حالة التبضع، يميل محبو الصباح الباكر إلى اتخاذ قرارات شراء متهورة في المساء أو حتى لاحقاً خلال الليل. (مجدداً، قد يكون إرهاق القرارات هو السبب خلف هذا الخطأ، ولا شك في أننا جميعاً مررنا بلحظات شعرنا فيها أن التفكير يتطلب مجهوداً كبيراً)، ولكن هذا الأمر معكوس تماماً في حالة محبي السهر المتأخر.
يسري هذا الأمر أيضاً على الأوقات التي نختارها لإلهام الأشخاص الذين نعمل معهم؛ فقد وجدت دراسة نُشرت في دورية «ذا ليدرشيب كوارترلي» أن الأشخاص يميلون إلى التمتع بكاريزما أقل عندما يكونون في مستوى متدنّ من نظمهم اليومي، وبكاريزما أكبر بكثير عندما يكونون في مستوى عالٍ منه.
نعم، يتمتع محبو الصباح بجاذبية أكبر في الصباح، بينما يبدو محبو الليل والسهر أكثر جاذبية في وقتٍ متأخر من اليوم. وفي المحصلة، يمكن القول إن الوقت الذي تحددونه للاجتماع يتمتع بنفس الأهمية التي تولونها للتفكير بما ستقدمونه خلاله.
- موقع «إنك»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.