الفرق ما بين «قبل انتهاء تاريخ الصلاحية» و«الاستعمال حسب التاريخ»

مواقع إلكترونية في بريطانيا تحارب الغلاء ببيع السلع قبل فوات أوانها بأسعار متهاودة

غلاء أسعار المواد الغذائية يدفع الناس لشراء السلع منتهية الصلاحية ولكنها قابلة للاستهلاك
غلاء أسعار المواد الغذائية يدفع الناس لشراء السلع منتهية الصلاحية ولكنها قابلة للاستهلاك
TT

الفرق ما بين «قبل انتهاء تاريخ الصلاحية» و«الاستعمال حسب التاريخ»

غلاء أسعار المواد الغذائية يدفع الناس لشراء السلع منتهية الصلاحية ولكنها قابلة للاستهلاك
غلاء أسعار المواد الغذائية يدفع الناس لشراء السلع منتهية الصلاحية ولكنها قابلة للاستهلاك

هل سألت نفسك عن الفرق ما بين عبارة «يستحسن تناول السلعة قبل انتهاء تاريخ الصلاحية»، وعبارة أخرى مفادها: «يستحسن الاستعمال حسب التاريخ»؟
الجواب قد يكون: «نعم»، لا سيما إذا كنتَ تشتري المواد الغذائية من محلات السوبرماركت الكبرى الملزمة بوضع إشارة إلى تاريخ انتهاء تناول السلعة.
يمر العالم اليوم بأزمة معيشية كبيرة، لا تقتصر على بلد واحد أو قارة معينة؛ فالعالم كله يعاني من غلاء أسعار المواد الغذائية والأساسيات المعيشية الأخرى، مثل الكهرباء والنفط والغاز، ولكن يبقى الطعام الشيء الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه، مهما بلغ ثمنه. في بريطانيا من الصعب أن نصدق أن بلداً متقدماً مثل هذه البلاد يعاني نسبة كبيرة من سكانه من الفقر، وفي الآونة الأخيرة تبين أن هناك آلاف الأطفال يذهبون إلى المدارس على معدة خاوية بسبب عدم توفر الغذاء لهم وعدم قدرة الأهل على شرائه.
ففي خطوة جديدة من نوعها، هدفها إعالة المحتاجين والباحثين عن أسعار أفضل لغذائهم، وبنفس الوقت حفاظاً على البيئة وتفادي رمي السلع الغذائية المشارفة على انتهاء الصلاحية، قامت عدة محلات لبيع السلع الغذائية على مواقع إلكترونية ببيع تلك السلع بكميات هائلة تبيعها إلكترونياً أو شخصياً في محلاتها بأسعار متهاودة، والسبب هو أن تلك السلع تعدت التاريخ المسجل عليها لتناولها أو على وشك انتهاء صلاحيتها.

تنتشر حاليا في بريطانيا محلات لبيع المواد الغذائية بأسعار تنافسية
وهذه الخطوة جاءت بعدما أكد العلماء أن تخطي التواريخ المدونة على السلع لا تعني أن السلعة ستكون غير قابلة للاستهلاك البشري أو أنها مضرّة بالصحة، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالمعلبات والخضار والفاكهة وشرائح البطاطس «الشيبس»، والمقرمشات الأخرى.
وقامت سلسلة «موريسونز» أخيراً بنزع التاريخ عن حاويات الحليب، في خطوة غير مسبوقة، لتشجيع الناس على استخدام المنطق والفطرة السليمة في أخذ القرار، فيما إذا كان الحليب أو أي سلعة أخرى لا تزال صالحة للأكل إذا حُفظت بطريقة جيدة.
عبارة «الاستعمال بحسب التاريخ»، وُضعت على المواد الغذائية لأغراض لها علاقة بالسلامة. وهذا نوع من التذكير بأن تلك السلعة يمكن تناولها في غضون ذلك التاريخ، وليس بعده، وغالباً ما نرى هذه العبارة على سلع سريعة العطب وقابلة للتلف السريع، مثل اللحم والسلطات الجاهزة، ولكن هناك نقطة مهمة جداً؛ يمكن توفير كثير من المال من خلال وضع اللحم والدجاج والأسماك في الثلاجة وتجميدها، ولو تعدت تاريخ الصلاحية.
أما بالنسبة للاستخدام قبل انتهاء تاريخ الصلاحية، وأحياناً يُختصر بأحرف BBE؛ فهذا يعني النوعية وليس السلامة، وعلى عكس الاستعمال بحسب التاريخ فيمكن تناول سلعة غذائية بعد انتهاء تاريخ صلاحيتها، ولكن نوعيتها قد تكون غير جيدة، ولكنها لا تضر بالصحة ولا تخل بالسلامة، على سبيل المثال المأكولات المثلجة والمأكولات «الناشفة» والمأكولات المعلبة. هذا بالإضافة إلى أنواع «السناك»، مثل «الشيبس»، قد لا تحتاج لوضع تاريخ الصلاحية، وتمشي على خطى الحليب الذي تخلى هو الآخر عن تحديد التاريخ، وبحسب وكالة «مراقبة نوعية الغذاء» البريطانية، فإنه من غير المضر بالصحة تناول طعام يحمل شعارَ «يفضل تناوله قبل هذا التاريخ»، كما أن بيع هذه السلع قانوني مائة في المائة، مما دفع العديد من محلات بيع المواد الغذائية على المواقع الإلكترونية، وأبرزها Maggy’s Discounted Food وApproved Food وClearance XL وFrugalities وBest Before It’s Gone ببيع السلع المنتهية صلاحيتها بأسعار رخيصة جداً، وخلال الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بريطانيا حالياً، هناك إقبال كبير على التبضُّع في هذه المواقع، خاصة أن السلع غير مضرة بالصحة وقانونية، وأسعارها رخيصة بالمقارنة مع محلات السوبرماركت التي تلتزم بتواريخ الصلاحية.
فموقع «Maggy’s Discounted Food» يضم أكثر من 2000 صنف من المواد الغذائية والمشروبات التابعة لماركات كبرى بأسعار رخيصة جداً، واللافت هو أن الموقع يعرض شراء وبيع المواد الغذائية بحيث يقوم المسؤولون عنه بشراء السلع بكميات ضخمة من محلات السوبرماركت الكبرى، مثل «تيسكو» و«ويتروز» و«ساينزبيرز»... وبيعها لاحقاً على مواقعهم. التبضع على هذه الموقع من شأنه توفير مبلغ يتراوح ما بين 60 و70 جنيهاً إسترلينياً في الشهر الواحد على المستهلِك، أي نحو 700 إلى 800 جنيه بالسنة.
هذه الأرقام تتحدث عن التوفير المادي، أما بالنسبة للتوفير على البيئة وحمايتها من تراكم المخلفات فهذا يوفر على المملكة المتحدة مبلغ 17 مليار جنيه من المواد الغذائية المتلفة سنوياً، من بينها 12.5 مليار يرميها المستهلكون بسبب مشكلة تاريخ الصلاحية.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.